سلسلة القبائل العربية في العراق (11) قبيلة كعب

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 1 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
سلسلة القبائل العربية في العراق (11)ـ
قبيلة كعب
عبدالهادي الربيعي
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 2 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 3 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
أما بعد، فهذا الكتاب يتناول تاريخ قبيلة من أعرق القبائل العربية وأكثرها شهرة قديما وحديثا، ألا وهي قبيلة كعب بن ربيعة العامرية، وقد رتبنا الكتاب وفق الترتيب الآتي:
الفصل الأول: ذكرنا فيه نسب القبيلة وأهم بطونها وديارها القديمة. الفصل الثاني: تناولنا فيه نبذة من تاريخها القديم. الفصل الثالث: استعرضنا فيه أهم بطون كعب المعاصرة، والفصل الرابع: خصص لتاريخ كعب المعاصر وإمارتاها في خوزستان. الفصل الخامس: ترجمنا فيه للصحابة من كعب. والفصل السادس: ترجمنا لأصحاب الأئمة، وحملة لواء علوم آل البيت عليهم السلام وأدباء مدرستهم من الكعبيين. أما الفصل السابع: فخصصناها لبعض مشاهير كعب.
وفي الختام أتقدم بالشكر والعرفان بالجميل لسماحة الشيخ الكوراني لرعايته لهذا الجهد، أدامه الله ذخرا للأمة.
عبد الهادي الربيعي
9/ربيع الثاني/1433
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 4 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

الفصل الأول : نسب القبيلة

1- نسب القبيلة
قبيلة كعب قبيلة كبيرة، وأبناؤها معروفون بالنجدة والشجاعة والرئاسة، وقد تمكنوا من تأسيس عدة دويلات في أنحاء مختلفة من البلاد الإسلامية، في العراق، وإيران، والشام، والبحرين، قال القلقشندي في نهاية الأرب ص406: ((بنو كعب: بطن من عامر بن صعصعة، والى كعب هذا العدة والعدد)).
وتنسب هذه قبيلة العربية الكريمة الى كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر. (جمهرة النسب: ابن الكلبي:332، جمهرة أنساب العرب: ابن حزم:271، الأنساب: السمعاني:5/79).
2- بطون كعب القديمة
تتفرع قبيلة كعب الى ست بطون رئيسية كبيرة، وهم:
أولا: بنو عقيل بن كعب
وقد أفردنا لعشائر عقيل بحوثا خاصة في هذه السلسلة.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 5 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ثانيا: بنو حبيب بن كعب
قال ابن الكلبي في جمهرة النسب ص360، وابن جزم في جمهرة أنساب العرب ص288: أنهم هاجروا الى خراسان، وهم قليل، ولم أعثر على أحد في المشاهير والأعلام من ينسب الى هذا البطن.
ثالثا: بنو الحريش بن كعب
واسمه معاوية، والحَرِيش من الحرش، وهو أن يجيء الرجل الى جحر ضب فيضرب بيده على جحره، فيحسبه الضب أفعى، فيخرج إليه مذنَّبا فيأخذ الرجل بذنبه. (الاشتقاق:ابن دريد:298)، وفي تاج العروس:9/86، ((الحريش: دويبة أكبر من الدودة على قدر الإصبع، بأرجل كثيرة، أو هي التي تسمى دخال الأذن، وتعرف عند العامة بأم أربعة وأربعين))، وعن القلقشندي ص51، الحريش: الحيوان المسمى (الكركدن)، والنسبة إليه: الحَرَشي (الأنساب: السمعاني:2/202). ومن بطون بني الحريش:
1- بنو ربيعة بن الحريش: منهم: زرارة بن أوفى قاضي البصرة أيام عثمان. (جمهرة النسب:358)، ومنهم: ليلى بنت مهدي بن سعيد التي كان يتشبب بها قيس بن الملوح العامري. (جمهرة أنساب العرب:288)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 6 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
2- بنو شَكِل: وهم بنو شكل بن كعب ابن الحريش بن كعب (المقتضب: ياقوت الحموي:116)، منهم: ربيعة بن شكل بن كعب بن الحريش، الذي عقد الحلف بين بني عامر وبني عبس، ومنهم: عامر بن مالك بن الأسلع، سيد بني عامر في زمانه. (جمهرة النسب:356)
3- بنو المجَّر بن الحريش: وهم: خالد، وخويلد، وخلدة، ومعاوية، وحرام، والحريش، منهم: ضرار بن عبس من بني خالد بن المجر، كان فارس قيس بخراسان أيام عبد الله بن خازم السلمي. (المصدر السابق:358)
4- بنو وقدان بن الحريش: منهم: عبد الله بن الشخير الصحابي، نزل البصرة وبنوه بها (المصدر السابق)، وقال الطبري في تاريخه:2/422: ((كانت القصواء -ناقة النبي صلى الله عليه وآله - من نعم بني الحريش، فكانت عنده حتى نفقت، وهي التي هاجر عليها)) أي من مكة الى المدينة.
رابعا: بنو عبد الله بن كعب
وهم بطنان: 1- بنو العجلان بن عبد الله: وهي قبيلة ضخمة (جمهرة أنساب العرب:288)، ((وكان بنو العجلان يفخرون بهذا الاسم، إذ كان عبد الله بن كعب جدهم إنما سمي العجلان لتعجيله القري للضيفان،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 7 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وذلك أن حيا من طيء نزلوا به، فبعث إليهم بقراهم عبدا له، وقال له: أعجل عليهم، ففعل العبد فأعتقه لعجلته، فقال القوم: ما ينبغي أن يسمى إلا العجلان)) (خزانة الأدب:1/321)
ومن فروعهم: حنيف بن العجلان، وبنو دثار بن حنيف، وبنو عوف بن حنيف، ومن بني عوف: تميم بن مقبل الشاعر، وبنو ربيعة بن العجلان، وبنو عمرو بن العجلان. (جمهرة النسب:359)
2- بنو نُهَم (عمرو) بن عبد الله بن كعب (مؤتلف القبائل ومختلفها:26)، أو نَهِم: وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لهم: ((نهم: شيطان، أنتم بنو عبد الله)) (جمهرة أنساب العرب:288، المقتضب:116)، ومن فروعهم: بنو ربيعة بن نهم بن عبد الله.
خامسا: بنو جعدة بن كعب
قال ابن دريد في الاشتقاق ص170: ((الجعد: ضرب من النبت، أو واحد الجُعُد: وهي النعجة في لغة اليمن، ولهذا كنَّوا الذئب أبا جعدة))، والنسبة إليه: جعدي.(الأنساب:2/66)، وبنو جعدة ينقسمون الى فروع كثيرة، قال ابن العديم في بغية الطلب ص550 مختصرا: ((وولد جعدة بن كعب بن ربيعة ست قبائل: زهير، وربيعة، وعبد الله
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 8 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وهو اللبوة، والطحناء، ومعاوية، ومرداس، وبرقان، فولد ربيعة بن جعدة تسع بطون: عمرو، وحيان، وعبد الله، وحرب، وعامر، وعوف، وحصن، وعدس، وقرة، ومن هذه البطون تشعبت بطون جعدة وأفخاذها))، ومن بطونهم أيضا:
1- بنو ربيعة بن جعدة: وقد ولد له أولاد كثر كما مر: عمرو، وحيان، وعبد الله (المجنون)، وجزء، والحارث (المحمس)، وحصن، وعامر، وعُدس، وقردة.
2- بنو عمرو بن ربيعة بن جعدة: منهم: الرقاد بن عمرو الذي قتل شراحيل بن أصهب الجعفي وكان ملكا عليهم، وفيه يقول النابغة الجعدي:
أرحنا معدَّا من شراحيل بعدما * أراهم مع الصبح الكواكب مظهرا
وسنذكر الخبر كاملا في فصل لاحق.
3- بنو الأشهب بن ورد بن عمرو بن جعدة: منهم: عبد الله بن الحشرج الذي استولى على بلاد فارس أيام حكومة ابن الزبير، وفيهم يقول النابغة:
أبعد الفوارس يوم الشريف * أأسى وبعد بني الأشهب
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 9 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
4- بنو عدس بن ربيعة بن جعدة: منهم: النابغة الجعدي.
5- بنو عبد الله بن جعدة: ويسمون بنو المجنون، منهم: مالك بن عبد الله بن جعدة، الذي أجار قيس بن زهير العبسي، واخوته: قيس، وعامر، وكعب، والمصفح الشاعر كل واحد منهم بطن. (صفة جزيرة العرب:175)
6- بنو الحارث بن جعدة (جمهرة النسب:355، جمهرة أنساب العرب:289)، وسنذكر لهم بطونا أخرى في الفصل المتعلق بمنازل بني كعب.
سادسا: بنو قشير بن كعب
والقشير شدة الشقرة (الاشتقاق:170)، والنسب إليه: قشيري، وهي قبيلة كبيرة، سكن بعضهم البصرة، وبعضهم الشام، وبعضهم بالأندلس، ومنهم في خراسان، ومن بطون هذه القبيلة:
1- بنو الأعور بن قشير: واسمه ربيعة، سكنت ذريته الشام.
2- بنو ثور بن عبد الله بن سلمة الخير.
3- بنو حيدة بن بن معاوية بن قشير: منهم: حيدة بن معاوية له صحبة.
4- بنو زرارة بن عقبة بن عمرو بن سمير: وكان لهم قدر وشرف
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 10 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
في نيسابور، ومن مواليهم هناك: الإمام مسلم النيسابوري صاحب الصحيح.
5- بنو سلمة الخير بن قشير: منهم: قرة بن هبيرة، وفد على النبي صلى الله عليه وآله فولاه صدقات قومه، ومنهم: ذو الرقيبة الذي أسر حاجب بن زرارة التميمي يوم شعب جبلة.
6- بنو سمير بن سلمة الخير: منهم: زرارة بن عقبة ولي خراسان وله ذرية في نيسابور، ومنهم: سوَّار بن أوفى بن سلمة الشاعر.
7- بنو معاوية بن قشير. (أنظر: جمهرة النسب:342 وما بعدها).
8- بنو بريك بن قرط بن سلمة: منهم: عبد الله بن سهيل بن الربيع الذي طعن عمرو بن منقذ الأسدي بين كتفيه حتى اثبت السنان في الأرض. (المصدر السابق:351)
3- منازل قبيلة كعب القديمة
كانت منازل بني كعب بن ربيعة جنوب نجد، وهي المنطقة التي تعرف اليوم بالأفلاج جنوب الرياض 300 كم، وسمّيت بهذا الاسم بسبب عيون الماء المنفلجة (أي المنبثقة) في أراضيها منذ القدم، قال الحموي في معجم البلدان:4/271، مختصرا: ((وفلج: مدينة بأرض اليمامة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 11 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
لبني جعدة وقشير وكعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة...ويقال لها: فلج الأفلاج، ما بين العارض ومطلع الشمس تصب فيه أودية العارض وتنتهي إليه سيولها، وهي أربعة فراسخ طولا وعرضا مستديرة، إنما سمي فلج الأفلاج لأنها أفلاج كثيرة وأعظمها هذا الفلج؛ لأنه أكثرها نخلا ومزارع وسيوحا جارية، وكل ما يجري سيحا من عين فهو فلج، وكل جدول شق من عين على وجه الأرض فهو فلج. قال النابغة:
نحن بنو جعدة أرباب الفلج * نحن منعنا سيله حتى اعتلج))
ومن مواضع ديارهم وجبالهم وقراهم هناك:
1- أكمة: اسم قرية باليمامة بها منبر وسوق لجعدة، وقشير تنزل أعلاها. (المصدر السابق:1/241)، وقال الهمدني في صفة جزيرة العرب/264: فيه بنو عبد الله بن جعدة، وقال ص273: ((سائر بني جعدة ببلد يقال له: أكمة، وباقي بني جعدة ببلد يقال له: الغيل)).
2- أطلحاء: ماء لبني جعدة في وادي أطلحاء. (معجم البلدان:1/219)
3- حائل: من أرض اليمامة لبني قشير، وهو واد أصله من الدهناء. (المصدر السابق:2/210).
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 12 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
4- الريب: ناحية باليمامة فيها قرى ومزارع لبنى قشير.
5- الريث: جبل لبني قشير على سمت حائل والمروة بين مرأة والفلج، إذا خرجت من مرأة معترضا في ديار بني كعب، وبالريث منبر. (المصدر السابق:3/111)
6- الزرنوق: موضع فيه زروع وأطواء كثيرة وهو فلج من الأفلاج، لبني جعدة وفيها لبني قشير، والحريش موضع. (المصدر السابق:4/271)
7- شعبعب: شعبت الشىء إذا فرقته، والتكرير للمبالغة، وهو ماء للصمة بن عبد الله بن قرة بن هبيرة بن سلمة بن قشير. (المصدر السابق:3/348)
8- الشطبتان وحرم: أودية لبني الحريش بن كعب بأرض اليمامة بها نخل وزرع. (المصدر السابق:3/343)
9- الصدارة: قرية بأرض اليمامة لبني جعدة. (المصدر السابق:3/397)
10- العقيق: ماء لبني جعدة وجرم، تخاصموا فيه الى النبي صلى الله عليه وآله فقضى به لبني جرم. (المصدر السابق:4/193)
11- عماية: جبل بنجد في بلاد بني كعب للحريش والعجلان وقشير وعقيل، وإنما سمي عماية لأنه لا يدخل فيه شئ إلا عمي ذكره
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 13 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وأثره. (المصدر السابق:4/251)
12- عنان: واد في ديار بني عامر معترض في بلادهم أعلاه لبني جعدة، وأسفله لبني قشير. (المصدر السابق:4/161)
13- الغيل: واد لبني جعدة في جوف العارض يسير في الفلج وبينهما مسيرة يوم وليلة، وباعلاه نفر من بني قشير (المصدر السابق:4/222)
14- قرن: قرية في فلج من أرض اليمامة لبني قشير بن كعب. (المصدر السابق:4/333)
15- مخمر: وادي لبني قشير. (المصدر السابق:5/73)
16- مذراع بني قشير: لبني عبد الله بن سلمة، وصدي بن عياض من الحريش. (صفة جزيرة العرب:265)
17- الهدار: قال الهمداني:264: ((هدار بني الحريش، أول جزع فيه، القطينة: لبني خلدة من الحريش، ثم الأقطان: لبني خالد، ثم الفرعة: لبني ربيعة، والحشرج: لبني المجِّر))، ثم أطال في ص272 وما بعدها في تعداد القرى والمواضع والحصون في بلاد بني كعب والبطون التي تسكنها منهم فراجع.
ودخل بنو جعدة في حلف مع قبيلة حمير اليمانية، فنزلوا أراضيهم هناك، قال الهمداني ص172، وهو يعدد مواضع سرو حمير: ((أرض أحلافهم من بني جعدة من الأودية...: الضباب: للأعضود من
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 14 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
جعدة، حضر: للأعضود من جعدة، شرعة: لبني أعهاد من جعدة، الحنكة: للأعضود، الجعدية: لبني المهاجر من جعدة، والثمرى: للأعضود، عمق: للأحروث، سمح: للأعضود، وحرير وجبلها حضر: للأعضود، وادي بخال: للأكنوس من بني المهاجر...، اسحم: للسكاسكة من جعدة. ثم قال ص173: وبنو جعدة فيما يقال الى بعض بطون رعين، وهم اليوم يقولون: أنهم من بني جعدة بن كعب)).
هاجر الكعبيون مع موجة الفتح الإسلامي الى الديار المفتوحة، ((فنزل بنو الحريش بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة البصرة، ومنها تفرقوا)) (السمعاني:2/202)، وكذلك نزلها منهم بنو قشير بن كعب وكانت منازلهم فيها الى جوار منزل أبي الأسود الدؤلي الشاعر، وكانوا أصهاره (ديوان أبي الأسود:153)، وأغلب الصحابة من قشير سكنوا البصرة وعدادهم فيها كما سيأتي في تراجمهم.
ومنهم من سكن خراسان والأندلس وكانت لهم فيها إمارة، قال ابن خلدون: ((ومن بنى قشير بخراسان أعيان، منهم: أبو القاسم القشيري صاحب الرسالة، ومنهم عريسة الأندلس بنو رشيق ملكها منهم عبد الرحمن بن رشيق، وأخرج منها ابن عمارة)) (تاريخ ابن خلدون:2 ق1/312)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 15 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وسكن بعض من جعدة وقشير أصفهان وكانوا متجاورين، وذلك ما دعا النابغة الجعدي الى اللحاق بقومه فمات هناك. (الأغاني:5/12)
وسكنت بيوتات من الحريش الري، قال البلاذري في الفتوح:2/392: ((وبالري أهل بيت يقال لهم بنو الحريش، نزلوا بعد بناء المدينة))
وسكنت أعداد غفيرة من جعدة وقشير بلاد الشام وأعالي الفرات، قال ابن العديم ص550: ((من جعدة بطن بمنبج، بأخليط والصيادة وما والاها))، وقال ص551، وهو يعدد القبائل التي سكنت الشام: ((ثم قبائل الأعور بن قشير: بنو عبد الله بن الأعور، بنو حصن، بنو قرط، بنو عامر، بنو مسلح، بنو بيهس، بنو عاصم بن عامر، آل زياد من بني بيهس، وهؤلاء يقطنون بشط الفرات ويعرفون بالشطيين...ولهم بخراسان ونيسابور وسرخس خلق كثير، وهم ولد زيد بن عبد الرحمان بن عبد الله بن هبيرة...ولهم بأرض العرب خلق كثير...وبافريقية وهم ولد كلثوم بن عياض بن وحوح... ولهم بأرض الشام خلق بحلب وحمص، ومنهم متفرقون بأرض الجزيرة)).
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 16 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

الفصل الثاني : نبذة من تاريخ كعب القديم

نبذة من تاريخ كعب القديم
يشبه تاريخ قبيلة كعب تاريخ القبيلة الأم عامر بن صعصعة من حيث الوقائع وخوض غمار الحروب، فقد خاضوا الكثير من المعارك بعضها مشاركة مع بني عامر، وبعضها تحملت أعبائها كعب خاصة، بل كانت كعب من بين قبائل العرب سباقة في صناعة المعدات الحربية، فعبد الله بن جعدة بن كعب أول من صنع الدبابة، وهي: آلة من الجلود والخشب يدخل فيها الرجال لتحميهم يقربونها من الحصن فينقبونه. (الأغاني:5/18)
وهذه بعض الوقائع التي نص المؤرخون على مشاركة كعب، أو أحد بطونها فيها على نحو الإيجاز:
1- يوم وادي نساح: وهو وادٍ في اليمامة، وفيه أغار علقمة الجعفي ومعه مذحج على بني عقيل، فأصاب منهم إبلا كثيرة وانصرف، فلحقه بنو كعب فقتلوه واسترجعوا منه الأموال. (المصدر السابق:5/14)
2- يوم شراحيل: وهو يوم تفتخر به مضر كلها، وذلك عندما أغار
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 17 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
شراحيل بن الأصهب الجعفي في جمع عظيم من اليمن، وكان قد صالح بني عامر على أن يمر ببلادهم فلا يعرضوا له، فعاد من أحد غزواته فنزل في بني جعدة بن كعب، فأكرموه وأحسنوا قراه، لكن بعض أصحابه عدى على إبل لجعدة فذبحها، فشكى الجعديون من فعل جنوده، فلم يعبأ بشكواهم، فأنفوا الضيم، فتآمروا عليه فقتلوه وجلَّ أصحابه. (المصدر السابق:5/15)
3- غارة الطماح الحنفي: وأغار الطماح الحنفي ومعه حنيفة وبني قيس بن ثعلبة، على بني الحريش بن كعب وعبادة بن عقيل، فنهضت جعدة وبنو أبي بكر بن كلاب بن ربيعة، فأدركوه واستعادوا منه المنهوبات. (المصدر السابق:5/16)
4- يوم رحرحان الثاني: شهد الكعبيون هذه الوقعة مع سائر بني عامر، قال أبو الفرج في الأغاني:11/88، وننقله ملخصا: ((بعد أن قتل الحارث بن ظالم المري سيد بني عامر خالد بن جعفر، التجأ الى زرارة بن عدس سيد تميم فأجاره، فخرجت عامر تطلب ثأر سيدها، وكان على قبائل كعب عبد الله بن جعدة، فالتقوا في رحرحان، وأسر يومئذ معبد بن زرارة التميمي))، وفيه يقول النابغة الجعدي:
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 18 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
نحن الفوارس يومي رحرحان وقد * ظنت هوازن أن العز قد زالا
ويوم مكة إذ ماجدتموا نفرا * حاموا على عقد الأحساب أزوالا
إذ تستحبون عند الخذل أن لكم * من آل جعدة أعماما وأخوالا
ويظهر من الأبيات أنهم اشتركوا في يوم رحرحان الأول أيضا. (ديوان النابغة:127)
5- يوم شعب جبلة: وكان سبب هذه المعركة كما عن الأغاني:11/92: ((أن بني عبس نزلوا على ربيعة بن شكل بن كعب بن الحريش واستنجدوا به على تميم وضبة، وكانت رئاسة عامر في بني جعفر بن كلاب، والعقد -أي عقد التحالفات مع القبائل- الى كعب بن ربيعة، وجاءت تميم بأحلافها فالتقوا في شعب جبلة، فهزمت تميم شر هزيمة، وقد ذكرنا الخبر في تاريخ بني كلاب، فراجع.
6- يوم الشريف: ذكر هذه الوقعة البكري في معجم ما استعجم في مادة أكلب:1/183، والشريف ماء لبني نمير بن عامر بن صعصعة، وقال النابغة:
أبعد فوارس يوم الشريف * آسى، وبعد بني الأشهب
وبعد أبيهم وبعد الرقاد * يوم تركناه بالأكلب
(ديوان النابغة:43)
7- يوم بسيان: وهو موضع فيه برك وأنهار، وكانت فيه وقعة لبني
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 19 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
قشير بن كعب على بني أسد، قال دريد بن الصمة:
رددنا الحي من أسد بضرب * وطعن يترك الابطال زورا
تركنا منهم سبعين صرعى * ببسيان وأبرأنا الصدورا
(معجم ما استعجم:1/250)
8- يوم المروت: وفيه غزى بنو قشير من كعب بني العنبر بن عمرو من تميم، فثبتوا لهم فكانت الهزيمة على قشير. (العقد الفريد:1227)
9- يوم الجفار: وهي وقعة بين تميم وعامر تلت وقعة النسار، قال ابن الأثير:1/619: ((لما كان على رأس الحول من يوم النسار اجتمع من العرب من كان شهد النسار، وكان رؤساؤهم بالجفار الرؤساء الذين كانوا يوم النسار، إلا أن بني عامر كان رئيسهم بالجفار عبد الله بن جعدة بن كعب بن ربيعة فالتقوا بالجفار، واقتتلوا وصبرت تميم فعظم فيها القتل، وخاصة في بني عمرو بن تميم))
10- غارة المنتشر الباهلي على جعدة: وأغار المنتشر الباهلي على اليمن فظفر، فلما عاد وجد أن جعدة قتلت ابنه سيدان، فأغار على بني السبيع، وهم بطن من جعدة فقتل منهم ثلاثة، ثم استجار بعقال بن خويلد العقيلي فأجاره، ورضيت جعدة بدية القتلى. (الأغاني:5/23 مختصرا)
11- يوم صفوان: وهو موضع معروف غرب البصرة، وهو
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 20 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
لجعدة، وقشير على النعمان بن المنذر، ولخم، ولم أعثر على تفاصيل لهذه المعركة فيما بين يدي من الكتب (أنظر: معجم قبائل العرب:3/955)، إلا أن ابن حزم في الجمهرة ص289، ذكر بني سلمة الخير بن قشير، وقال: إن منهم: ((هبيرة بن عامر بن سلمة، أسر المتجردة امرأة النعمان بن المنذر، فلما عرفها أطلقها)). أقول: لعله أسرها في يوم صفوان هذا، إذ لم تقع حرب بين النعمان وكعب غيرها.
وفود كعب الى النبي
لما أشرق نور الإسلام على الجزيرة العربية، وانكسرت شوكة قريش والمشركين، أخذت وفود قبائل العرب تترى على رسول الله صلى الله عليه وآله معلنين إسلامهم وطاعتهم للنبي صلى الله عليه وآله ، وقد بعث الكعبيون أربعة وفود الى النبي صلى الله عليه وآله ، الأول: وفد عقيل، وسنذكره في الكتاب الخاص بهم.
الثاني: وفد جعدة بن كعب، ورئيسهم الرقاد بن عمرو بن ربيعة بن جعدة بن كعب، وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وآله بالفلج ضيعة وكتب له كتابا. (الطبقات:1/303)
الثالث: وفد قشير بن كعب، ووفد على رسول الله صلى الله عليه وآله نفر من
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 21 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
قشير، فيهم ثور بن عروة بن عبد الله بن سلمة بن قشير فأسلم، فأقطعه رسول الله صلى الله عليه وآله قطيعة وكتب له بها كتابا، وكان من الوافدين: حيدة بن معاوية بن قشير، وذلك قبل حجة الوداع وبعد حنين، وقرة بن هبيرة بن سلمة الخير بن قشير فأسلم، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وآله وكساه بردا وأمره أن يتصدق على قومه أي يلي الصدقة. (المصدر السابق)
الرابع: وفد بني عبد الله بن كعب، وهم بنو العجلان، وبنو نهم، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وآله عن الانتساب الى نهم، وقال: أنتم بنو عبد الله. (جمهرة أنساب العرب:288).
كعب في صفوف المعارضة
بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله استولى أبو بكر على منصب الخلافة في مؤتمر السقيفة المعروف، وقد اعترض على هذا الانقلاب على وصية النبي صلى الله عليه وآله جموع غفيرة من المسلمين أفرادا وجماعات، فاستخدمت السلطة اسلوب العنف المفرط في مواجهة المعترضين حتى اضطر الناس الى السكوت والرضا بالأمر الواقع، كما ساهمت وسائل الدعاية الرسمية في تشويه صورة المعارضين للخليفة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 22 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فوصمتهم بالارتداد.
وقد ذكرنا في قبيلة كلاب بن ربيعة: أن بني عامر لزموا الصمت إزاء ما يجري من أحداث. لكن يظهر من الفتوح أن موقف بني عمهم قبائل كعب بن ربيعة كان يختلف عن موقف بني كلاب حيث اعلنوا عن عدم رضاهم بتولي أبي بكر للخلافة، قال ابن أعثم في الفتوح: 1/11، وهو يروي مسير خالد بن الوليد الى نجد لقمع المعارضة: ((ثم أقبل قرة بن هبيرة القشيري على بني عامر بن صعصعة، فقال: يا بني عامر، هذا خالد بن الوليد قد أظلكم في المهاجرين والأنصار، وقد تقارب من أرضكم فلو صاح بخيله صيحة لصبحكم، فاتقوا الله ربكم وارجعوا عن هذا الذي أنتم عليه فإنكم قتلتم بالأمس المنذر بن عمرو الساعدي -يعني حادثة بئر معونة- وكان من خيار أصحاب محمد صلى الله عليه وآله ، ثم إنكم حفرتم ذمة أبي بكر، ورددتم عامر بن الطفيل عن دين الإسلام، وإني خائف على طليحة بن خويلد أن...1خالد غدا قد هلك وهلكنا معه. قال: فأبى قومه أن يطيعوه، ثم قالوا: لا نعطي الدنية في ديننا أبدا، ونحن أحق...من ابن أبي قحافة))، قال محقق
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 23 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
كتاب الفتوح الدكتور علي شيري في الهامش: بالأصل مطموس كلمة، ولعله: نحن أحق بالخلافة، وفي هذا الضوء فالخلاف بينهم وبين السلطة خلاف سياسي لا ديني، كما أن قولهم: (لا نعطي الدنية في ديننا أبدا) يدل على أنهم كانوا باقين على إيمانهم برسالة النبي صلى الله عليه وآله .
ثم اشتركوا في الفتوح الإسلامية بعد ذلك في العراق والشام ومصر، وشهد بنو قشير الذين سكنوا البصرة وقعة الجمل الى جانب الناكثين بسبب التضليل الاعلامي، وحملة الترويع التي قام بها الناكثون في البصرة، أما بنو جعدة فقد قاتلوا الى جانب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، خصوصا في وقعة صفين كما سيأتي ذلك في ترجمة النابغة الجعدي.
وقعة الخوارج ببني كعب
ذكر ابن الأثير في حوادث سنة 65 هـ، إن نجدة بن عويمر الحنفي الخارجي: ((سار في جمع إلى بني كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة فلقيهم بذي المجاز، فهزمهم وقتلهم قتلا ذريعا، وصبر كلاب وعطيف ابنا قرة بن هبيرة القشيريان وقاتلا حتى قتلا، وانهزم قيس بن الرقاد الجعدي)). (الكامل:4/202)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 24 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
حروبهم القبلية في الإسلام
خاض بنو كعب سلسلة من المعارك مع عدوهم التقليدي بني حنيفة، الذين كانوا يشاطرونهم السكنى في منطقة الأفلاج، ومن هذه الوقائع:
1- يوم فلج الأول: قال ابن الأثير في الكامل في حوادث سنة126هـ: ((وتأمر المهير على اليمامة، ثم إنه مات واستخلف على اليمامة عبد الله بن النعمان أحد بني قيس بن ثعلبة بن الدؤل، فاستعمل عبد الله بن النعمان المندلث بن إدريس الحنفي على الفلج، وهي قرية من قرى بني عامر بن صعصعة، فجمع له بنو كعب بن ربيعة بن عامر ومعهم بنو عقيل وأبو الفلج المندلث، وقاتلهم فقتل المندلث وأكثر أصحابه، ولم يقتل من أصحاب بني عامر كثير، وقتل يومئذ يزيد بن الطثرية الشاعر))
2- يوم الفلج الثاني: ((وفيه غرت بنو حنيفة وعليهم عبد الله بن النعمان كعبا -عقيل وقشير وجعدة- في الفلج، فكانت الدائرة على بني كعب، قال الشاعر:
سمونا لكعب بالصفائح والقنا * وبالخيل شعثا تحني في الشكائم
بضرب يزيل الهام عن سكناته * وطعن كأفواه المزاد الثواجم
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 25 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
3- يوم معدن الصحراء: ((ثم إن بني عقيل وقشيرا وجعدة ونميرا تجمعوا وعليهم أبو سهلة النميري، فقتلوا من لقوا من بني حنيفة بمعدن الصحراء وسلبوا نساءهم، وكفت بنو نمير عن النساء)) (المصدر السابق)
4- يوم النشاش: ((ثم إن عمر بن الوازع الحنفي لما رأى ما فعل عبد الله بن النعمان يوم الفلج الثاني، قال: لست بدون عبد الله وغيره ممن يغير، وهذه فترة يؤمن فيها عقوبة السلطان، فجمع خيله وأتى الشريف، وبث خيله فأغارت وغار هو فملئت يداه من الغنائم، وأقبل ومن معه حتى أتى النشاش، وأقبلت بنو عامر وقد حشدت فلم يشعر عمر بن الوازع إلا برعاء الإبل، فجمع النساء في فسطاط وجعل عليهن حرسا، ولقي القوم فقاتلهم فانهزم هو ومن معه، وهرب عمر الوازع فلحق باليمامة، وتساقط من بني حنيفة خلق كثير في القُلُب من العطش وشدة الحر، ورجعت بنو عامر بالأسرى والنساء)) (المصدر السابق)
5- يوم حلبان: وهو ماء لبني قشير بن كعب، وفيه أغار عبيد الله بن مسلم الحنفي على قشير ثأرا بيوم النشاش، فقال الشاعر:
لقد لاقت قشير يوم لاقت * عبيد الله إحدى المنكرات
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 26 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
لقد لاقت على حلبان ليثا * هزبرا لا ينام عن الترات
(المصدر السابق)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 27 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

الفصل الثالث : قبائل كعب المعاصرة

قبائل كعب المعاصرة
تمهيد
في العرب عدة قبائل وبطون يعرفون ببني كعب، أنهاها الدكتور عمر كحالة في الجزء الثالث من معجم قبائل العرب الى خمس وعشرين قبيلة وبطن، نذكر المشهور منها:
1- بنو كعب بن لؤي بن غالب بن فهر (قريش): أحد أجداد النبي صلى الله عليه وآله . (معجم قبائل العرب:3/987)
2- بنو كعب بن عوف بن أنعم بن مراد: من بني سعد العشيرة.
3- بنو كعب بن عمرو: بطن من خزاعة. (الأنساب:5/79)، وهم الذين قال رسول الله صلى الله عليه وآله فيهم: ((لا نصرت إن لم أنصر بني كعب، فيما أنصر منه نفسي)) يعني خزاعة. (شرح نهج البلاغة:17/262)
4- بنو كعب بن خفاجة بن عمرو بن عقيل: وقيل: كان له ولدان اسمهما كعب: كعب الأكبر ولقبه نويرة، وكعب الأصغر ولقبه ذو القرح. (جمهرة النسب:336، معجم قبائل العرب:3/1203)، ونسب الباحث أحمد
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 28 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
خسروي قبائل كعب المعاصرة الى هذا البطن، فقد نقل يوسف الطرفي عن كتابه (500 سنة من تاريخ خوزستان): أن كعب فرع من خفاجة، وأن خفاجة تنقسم الى بطنين هما: حزن، وكعب. (القبائل والعشائر في خوزستان:82)
5- كعب بن يشكر بن بكر بن وائل: بطن كبير من يشكر، وقد نسب صاحب سبائك الذهب كعبا المعاصرة الى هذه القبيلة، وتبعه على ذلك الشيخ أحمد العامري في القاموس العشائري العراقي:2/ص145.
6- كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة: وقد اتفق أغلب الباحثين في الأنساب على أن قبائل كعب المعاصرة والتي يسكن معظمهم إقليم خوزستان والعراق، يرجعون في نسبهم الى كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. (الأحواز:علي نعمة الحلو: 4/145، القبائل والعشائر العربية في خوزستان: يوسف الطرفي:82، أنساب القبائل العربية في خوزستان: السبهاني:205، عشائر العراق: العزاوي:4/184، قبائل كعب: عقيل الكعبي:75، نهاية الأرب:406)، وذكر يوسف القناعي في صفحات من تاريخ الكويت: أنهم يرجعون الى قبيلة السبيع ولم يزد شيئا على ذلك، وقال العزاوي في عشائر العراق:4/187، في معرض كلامه عن الدريس: ((وتحققت من
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 29 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
نفس العشيرة أنهم من السبيع العشيرة المعروفة في نجد)).
أقول: من غير المعقول أن يكون الفرع أعظم من الأصل، فكعب توازي عشر قبائل من السبيع، ثم أن السبيع بطن من همدان، وكعب من القبائل العدنانية.
ولعل أبناء القبيلة الذين أخبروا العزاوي بأنهم من سبيع، يقصدون بطنا من بني جعدة بن كعب يسمى السبيع، ذكره ابو الفرج في الاغاني ج5 ص23 عند حديثه عن غارة المنتشر الباهلي على بني جعدة، ويرجح رأينا هذا ما ذكره الكعبي في قبائل كعب ص76، حيث قال: ((ومعظم القبائل والعشائر التي تفرعت من كعب بن ربيعة فيما بعد أخذت تسمى بأسماء أجدادها مستغنية عن جدها كعب، ما عدا جعدة بن كعب بن ربيعة التي بقيت محافظة على اسمها القديم كعب))، إلا أن ما يؤسف له أنه لم يذكر مصدر قوله بوراثة جعدة لاسم القبيلة الأصل، ومع ذلك فالقول الثاني أقرب الى الواقع، وعليه: فقبيلة كعب المعاصرة: إما أنها نفس قبيلة جعدة بن كعب، أو أنها من فرع السبيع منها، ثم انضم إليها ما تبقى من أبناء كعب بن ربيعة.
وتعتبر كعب اليوم عمارة لكثرة القبائل التي تفرعت منها، وإليك
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 30 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أهم بطونها وفروعها باختصار:
1- قبائل كعب في خوزستان
1- عشيرة إدريس (الدريس): وهم بنو محمد بن إدريس الكعبي، وهي من القبائل العربية الكبيرة، حيث تنقسم الى ثلاثة وثلاثين بطنا (أنساب القبائل في خوزستان:154)، ويسكن أغلبهم في القرى الواقعة على ضفاف شط العرب بين عبادان والقصبة (الگصبة). (القبائل العربية في خوزستان:24)
2- عشيرة البريهة: وهم فرع من المجدم من كعب، يسكنون قرية الطبر وما حولها في الحويزة، وفي ناحية الشهلة في الأهواز. (القبائل العربية في خوزستان:29)، وسموا البريهة نسبة الى محلة كانوا يسكنونها في البصرة تحمل ذات الاسم. (الاحواز:4/39)
3- البعيجات: ويسكنون نواحي البسيتين. (المصدر السابق:41)
4- الجواسب (الچواسب): وهم فرقة من كعب يسكنون الفلاحية. (المصدر السابق:57)
5- آل حاجي: أصلهم من كعب العمارة، ثم هاجروا الى خوزستان منذ 200 سنة، وينقسمون الى أربع بطون، يتبع كل بطن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 31 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
منها فروع كثيرة. (المصدر السابق، القبائل العربية في خوزستان:36)
6- الحزبة: ويسكنون الفلاحية، ويسكن بعضهم في السبيليات في قضاء أبي الخصيب. (أنساب القبائل في خوزستان:135)
7- الخنافرة: وهم ذرية خنفر بن ناصر بن محمد، وينقسمون الى ست فرق، ويسكنون اليوم عبادان والحويزة والمحمرة، ونزح قسم منهم الى العراق والكويت وقطر والبحرين. (المصدر السابق:149، والقبائل العربية في خوزستان:47)
8- الدبات: وهم فرع من كعب عمير (بيت منان) هاجروا من العمارة الى الأهواز. (القبائل العربية في خوزستان:48)
9- الدبيس: هاجروا من العمارة الى الأهواز، ويسكنون على ضفاف نهر الكرخة والدِز، وهم ثلاث فرق. (المصدر السابق)
10- الديالم: بطن من كعب هاجروا من العمارة الى الحويزة، وهم ثلاث فروع. (أنساب القبائل في خوزستان:156)
11- ركاض: بطن من الدريس، أو من آل حسن، ينقسمون الى ثلاث فروع. (المصدر السابق:160 ، القبائل العربية في خوزستان:51)
12- الصبيح: فرع من كعب الدريس، ويسكنون الفلاحية (أنساب القبائل في خوزستان:180)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 32 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
13- العساكرة (العساچرة): أصلهم من كعب وحالفوا ربيعة. (الاحواز:4/129، القبائل العربية في خوزستان:68)
14- عرب مارد: خليط من عشائر المحيسن، يسكنون على ضفاف نهر المارد المتفرع من الكارون. (القبائل العربية في خوزستان:68)
15- عرب الجراحي: مجموعة عشائر من كعب يسكنون ضفاف نهر الجراحي، وهم تسع فرق. (القبائل العربية في خوزستان:70)
16- بيت غانم: فرع من الدريس، يسكنون ضفتي شط العرب الشرقية والغربية، وينقسمون الى ثمان فروع. (أنساب القبائل في خوزستان:201)
17- آل غبيش: فرع من النصار، يسكنون المحمرة وبعض الجزر في شط العرب. (المصدر السابق:202، القبائل العربية في خوزستان:73)
18- البو غضبان: وهم من ذرية الشيخ غضبان بن محمد، أحد أمراء كعب في الفلاحية. (المصدرين السابقين)
19- الفيصلية: فرع من المحيسن، يسكنون كوت الشيخ في المحمرة. (القبائل العربية في خوزستان:77)
20- البو كاسب (چاسب): بطن من المحيسن، منهم آل الشيخ مرداو الذين أسسوا إمارة كعب في المحمرة. (المصدر السابق:78)، وسنتناول نبذة من تاريخ هذه الإمارة في الفصل القادم.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 33 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
21- كعب عمير (بيت منان): وهم قسمان: بيت علي، وبيت حمود، ويضم كل بطن منهم فروع كثيرة. (الاحواز:4/154)
22- كعب الحائي: ويسكنون قرب الأهواز، وهم عدة فروع. (الاحواز:4/156)
23- كعب فرج الله: وهم أبناء فرج الله بن مبادر بن الشيخ غضبان، وينقسمون الى ست فروع. (الاحواز:4/157)
24- كعب كرم الله: وهم بنو كرم الله أخو فرج الله، وينقسمون الى ثمان فروع. (الاحواز:4/158)
25- المحيسن: أصل لعدة بطون من كعب ذكرنا بعضا منها.
26- البو محمود: فرع من الدريس. (أنساب القبائل في خوزستان:287)
27- المجدم: بطن كبير من كعب الفلاحية، ينقسمون الى تسع فرق. (المصدر السابق:318)
28- النصار: بطن كبير من كعب، سكنوا قصبة النصار (الگصبة) والمنيوحي على الضفة الشرقية لشط العرب قبالة قضاء الفاو. (المصدر السابق:321)
29- الهلالات: وهم من بني هلال بن عامر بن صعصعة اندمجوا مع بني عمومتهم، وهم سكان المحمرة الأصليين، ويشكلون الآن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 34 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
العمود الفقري للمحيسن. (القبائل العربية في خوزستان:107)
وثمة عشائر اختلف في كونها من كعب أو من غيرها منهم:
1- البغلانية: قيل أنهم من كعب، وقيل أنهم من ربيعة. (أنساب القبائل في خوزستان:119، القبائل العربية في خوزستان:29)
2- البكاكرة (البچاچرة): مختلف في كونهم من كعب أو من بني أسد. (أنساب القبائل في خوزستان:117، القبائل العربية في خوزستان:27)
3- آل ذكير: اختلف في كونهم من تميم أو من كعب. (أنساب القبائل في خوزستان:157)
4- زغيب: فرع من الخنافرة، يسكنون ضفتي نهر الدِز (الاحواز:4/99، القبائل العربية في خوزستان:53)، وقيل أن أصلهم من بهثة من سليم بن منصور. (أنساب القبائل في خوزستان:163)
5- الزويدات: قيل هم فرع من المحيسن (الاحواز:4/100، القبائل العربية في خوزستان:53)، وقيل هم من تميم. (أنساب القبائل في خوزستان:165)
6- العطب: نسبتها الكتب التي بين يدي الى كعب، لكن الحقيقة أنهم من بني رياح من تميم.
7- العنافجة: بطن من كعب، يسكنون ضفاف نهر الكارون. (الاحواز:4/133، أنساب القبائل في خوزستان:199)، وقيل هم من آل كثير. (القبائل العربية في خوزستان:74)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 35 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
8- المطور: قيل هم بطن من كعب، وقيل هم من طيء. (أنساب القبائل في خوزستان:310)
وثمة قبائل تحالفت مع كعب واختلطت بها حتى عدت منها، وهي كثيرة، منهم على سبيل المثال:
1- الجبيرات أو الجبارات، أصلهم من بني سعيد -من عشائر المنتفق-، ثم صاروا من المحيسن. (أنساب القبائل في خوزستان:128)
2- الخواجات: أصلهم من ربيعة، وهم الآن في عداد المحيسن. (المصدر السابق:150)
3- آل ضجير: متحالفين مع كعب. (القبائل العربية في خوزستان:63)
2- قبائل كعب في العراق
تتركز عشائر كعب في العراق في محافظتي ميسان وواسط وجنوب البصرة بشكل خاص، كما ينتشرون في مناطق أخرى كبغداد وذي قار والنجف وغماس وغيرها من المناطق. ومن عشائر كعب في العراق.
1- عشيرة بيت عزيز: ويسكنون محافظة ميسان، وهم ينحدرون من قبيلة النصار (تاريخ العمارة: النداوي:93)، ويتفرعون الى ست وعشرين فخذا. (موسوعة عشائر العراق: الروضان:2/267)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 36 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
2- عشيرة آل حسن: ومساكنهم البصرة وميسان وواسط، ويتفرعون الى ست وعشرين فرعا أيضا. (المصدر السابق)
3- عشيرة البو ناصر: وهم بيت الرئاسة لعشائر كعب، وتتوزع مساكنهم في قضاء أبي الخصيب، وقرية باب سليمان فيها، وناحية البحار في قضاء الفاو، ولهم أربع فروع. (المصدر السابق:2/269)
4- عشيرة البو محيسن: وتتوزع مساكنهم في الحلة والكوفة والنجف والقادسية، وهم ست فروع. (المصدر السابق:2/270)
5- عشيرة آل شمخي: ويسكنون العمارة وعلي الغربي وبغداد، وهم ست فروع. (المصدر السابق)
7- عشيرة البو غبيش: ويسكنون جنوب البصرة، وهم أربع فروع. (المصدر السابق:2/271)
8- عشيرة كعب عمير: ويسكنون ميسان وبغداد، وهم بيتان. (المصدر السابق)
9- عشيرة المجدم: وينتشرون في الفاو وأبي الخصيب، ومنهم في العمارة، وتتبعهم خمس فروع. (المصدر السابق:2/272)
10- عشيرة الحزبة: وتتوزع مساكنهم في البصرة وأبي الخصيب والزبير، وينقسمون الى ثمانية عشر فخذا. (المصدر السابق:2/273)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 37 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
11- عشيرة الساير: وتتركز مساكنهم في بابل، وهم ست فروع. (المصدر السابق)
12- عشيرة الجبشة: ومساكنهم ضواحي غماس والشامية، وينضوي تحت العشيرة ثلاثة عشر فرعا. (المصدر السابق:2/274)، ونسب الشيخ أحمد النصري في القاموس العشائري:2/145 هذه العشيرة الى كعب خزاعة.
13- عشائر كعب ذي قار: ومساكنهم سوق الشيوخ والناصرية والشطرة وغيرها من مناطق المحافظة، وينقسمون الى تسعة عشر فرعا. (المصدر السابق:2/275)
14- عشائر كعب النجف: سكنوا النجف منذ قرنين من الزمن، وهم اثنا عشر فرعا. (المصدر السابق:2/276)
15- عشيرة العصافرة: ويسكنون بين الكوت والنعمانية، وهم تسع فروع. (المصدر السابق)
ولو أردنا تتبع كل فرق كعب وتفرعاتها لطال بنا المقام، فنكتفي بمن ذكرنا ونستميح الآخرين العذر، وهم أهل لقبول العذر.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 38 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

الفصل الرابع : نبذة من تاريخ كعب المعاصر

نبذة من تاريخ كعب المعاصر
يبدأ تاريخ قبيلة كعب المعاصر بانتقالهم من البصرة الى منطقة القبان في قضاء شط العرب، وكانوا قبل ذلك قد نزحوا من أواسط الجزيرة العربية (الاحواز: علي نعمة الحلو:2/241) وسكنوا البصرة، فاستعانت بهم أسرة آفراسياب2 التي حكمت البصرة لتقوية نفوذها وكسر شوكة أعدائها، وكانت القبان أول بلدة يحتلها آفراسياب ويضمها الى إمارته (التحفة النبهانية:310)، ولم ير بدا أن يخص بها قبيلة كعب لسببين:
((الأول: مكافأة لهم بهذه المنطقة الخصبة التي يطيب بها السكن وتحسن المعيشة. والثاني: ليجعلهم على حدود البصرة الشرقية، لصد هجمات خصومهم)). (الاحواز:2/240)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 39 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
إمارة آلبو ناصر الكعبية
قال السيد علي نعمة الحلو في كتابه الاحواز:2/242، متحدثا عن تاريخ هذه الإمارة وننقله عنه مختصرا: ((كانت عشيرة الصقور من عنزة قد سبقت كعبا في سكنى القبان، فأزاحهم الكعبيون عن المكان وبذلك تأسست إمارة كعب الأولى.
وبحكم الموقع الجغرافي لمدينة القبان، أضطروا لبناء اسطول بحري كبير تمكنوا بواسطته من نشر نفوذهم في الخليج وشط العرب، وقد برز منهم أمراء أقوياء، أقاموا العدل في البلاد ونظموا المشاريع، وأقاموا السدود على الأنهار، فنشطت الزراعة والتجارة والملاحة، ويذكر المؤرخون تاريخ إمارة كعب هذه من سنة (1102هـ- 1690م)، ومن أمرائهم في القبان:
1- علي بن ناصر بن محمد: تولى الإمارة سنة (1102هـ) حتى قتل بأيدي قبيلة كعب نفسها.
2- عبد الله بن ناصر: ولم يعرف تاريخ توليه الإمارة ولا سنة انتهاء إمارته قتلا على يدي أبناء عشيرته.
3- سرحان بن ناصر: وهو كذلك لم يعرف عنه شيء سوى أنه قتل
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 40 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بيد أبناء عشيرته.
4- رحمة بن ناصر: ولقي نفس مصير أخوته الثلاثة سنة (1135هـ).
5- فرج الله بن عبد الله بن ناصر: وفي عهده هاجم محمد حسين خان القاجاري بأمر من نادر شاه القبان لاخضاعها لحكمه، وبذلك خضعت كعب لسيطرة القاجاريين بعد أن كانت تابعة للبصرة 140سنة.
وفي سنة 1146 وقعت حرب بين والي البصرة وعشائر المنتفج، فانضمت كعب الى جانب الوالي، وخاضت الحرب فقتل فيها أميرهم فرج الله في نهر عمر في السنة المذكورة.
6- طهماز بن خنفر: وتولى بمساعدة الشيخين (سلمان وعثمان) الى أن قتل سنة 1150هـ.
7- بندر بن طهماز: تولى الإمارة بعد أبيه لشهرين فقط، ثم قتل على يد سلمان بن سلطان.
8- سلمان بن سلطان: تولى الإمارة من سنة (1150 حتى 1182/1737-1766)، ويعد عصره العصر الذهبي في عمر إمارة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 41 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
كعب، ومن أهم انجازاته:
أ- بناء اسطول حربي ضخم كان يجوب الخليج وشط العرب، فهابه جيرانه العرب والفرس.
ب- شق الترع وبنى السدود فازدهرت الزراعة والتجارة في عصره.
ت- الاستيلاء على مدينة الدورق (الفلاحية) واخراج الأفشار منها بعد موت نادر شاه الأفشاري، واتخاذها عاصمة له، ويرجح لويمر في دليل الخليج، القسم التاريخي:5/2399، أن الاستيلاء على الدورق كان في حدود عام (1774م)، وعزا انتصار كعب هذا الى معونة والي الحويزة -المولى المشعشعي- ولفعالية أساليب قبيلة كعب الحربية.
وقد تخلفت عن الهجرة معه من القبان الى الدورق ثلاث عشائر من كعب هي: آل كاسب (چاسب)، والدريس، والنصار.
وازدهرت الفلاحية في عصره، وأضحت حاضرة العلم والأدب في تلك النواحي، ((فكانت مجالسها حافلة بالعلماء والأدباء والشعراء، والمحدثين من العصفوريين، والطريحيين، والجزائريين، والكعبيين وغيرهم. وكانت الامارة هناك لآل كعب، وكانوا يجلُّون العلماء والأدباء،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 42 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ويهبونهم الاقطاعات ويملكونهم الأراضي، وكان العلماء والشعراء والأدباء من الشيعة يلجأون إلى الدورق عند تضييق الحكام عليهم)) (مستدركات أعيان الشيعة:2/34)
ث- ضم أماكن شاسعة الى إمارته كقرية كردلان قرب البصرة، وجزيرة الدواسر في شط العرب، وبسط نفوذه على الجهة الغربية منه.
ج- عقد مع كريم خان الزندي اتفاقية ضمن بموجبها سلامة أراضيه وعدم تعرضها للهجمات، وكان كريم خان الزندي قد قاد حملة بقصد اخضاعهم، لكن المتاعب في مناطق أخرى أكثر أهمية جعلته يرضى بهذه الاتفاقية مقابل مبلغ مالي بسيط. (دليل الخليج:5/2400)
ومن أهم الأحداث التاريخية في عهده:
الحملة العثمانية البريطانية المشتركة على كعب سنة (1175هـ- 1761م) وقد حققت نجاحا جزئيا، وفي العام التالي حاصرت سفن كعب البصرة، وغزت القرى الواقعة غرب شط العرب، فتحرك الانگليز والاتراك لضرب كعب، لكن هذه الحملة فشلت أيضا. (المصدر السابق:4/2401)
وفي سنة (1177- 1765) قاد والي البصرة العثماني حملة برية وبحرية من الجهة الغربية لشط العرب، لكن قوات قبيلة كعب باغتته
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 43 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أثناء الليل فأوقعت في صفوف جيشه خسائر فادحة، مما اضطر الى عقد الصلح مع الشيخ سلمان. (الاحواز:2/265)
وقررت كعب بعد هذه الحملات الثلاث معاقبة الانگليز على سلوكهم العدواني ضدها، فاستولى الكعبيون على السفينة ساللي التابعة لشركة الهند الشرقية في شط العرب، ثم استولوا على يخت بريطاني، وسفينة أخرى بعد ذلك، قدرت قيمة محتوياتهما بأربعين ألف روبية تقريبا. (دليل الخليج:5/2403 مختصرا)
فغاضت قوة كعب المتنامية وسيادتها على الشط بريطانيا فقامت في سنة (1766م) بحملة بحرية رابعة تساندها قوات برية تابعة لوالي البصرة لضرب كعب والشيخ سلمان، وقد استمرت تلك الحملة ستة أشهر، هاجم البريطانيون فيها بسفنهم الدورق من جهة خور موسى جنوبا، والعثمانيون من جهة الشمال بقوات برية ومراكب صغيرة ابحرت من نهر كارون شرقا لتصل الى القبان. لكن الكعبيين لقنوا القوتين الغازيتين درسا بليغا فقد أحرق الكعبيون تسعا من السفن التركية الصغيرة في نهر كارون، وهاجموا في الجنوب فرقاطة بريطانية فاحرقوها، وقتلوا عشرين جنديا كانوا على ظهرها، وفي 23 سبتمبر
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 44 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
من السنة المذكورة قرر البريطانيون الهجوم على قلاع وحصون كعب فنزلوا الى البر، وهناك دارت معركة كبرى فقد الانگليز فيها الكثير من معداتهم ورجالهم، وانتهى الهجوم العثماني البريطاني بكارثة حيث خسرت القوات الغازية الجزء الأكبر من عديدها وعدتها فعادت خائبة. (المصدر السابق:2412 وما بعدها باختصار)
9- غانم بن سلمان: تولى الحكم بعد أبيه سنة (1182هـ)، ولم يدم حكمه سوى سنة واحدة فمات مقتولا.
10- داود بن سلمان: حكم لسنة واحدة بعد أخيه ثم قتل.
11- بركات بن عثمان: تولى الإمارة سنة (1184هـ- 1770م)، ومن أهم الأحداث في عصره:
انتشار وباء الطاعون في البصرة وجنوبها حتى الكويت، وبعض المناطق شرق البصرة وقد أودى بحياة المئات من الناس)).
معركة الرقة
بعد هزيمة صادق خان الزندي وتركه البصرة سنحت الفرصة للشيخ بركات لبسط نفوذه على المنطقة، فامتدت سلطته على ساحل الخليج الى بوشهر، وغربا الى الفاو والكويت، وصار آل الصباح
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 45 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
حكام الكويت يدفعون الجزية له، وعندما امتنع الكويتيون من دفع الجزية جهز الشيخ بركات اسطولا لمحاربتهم، فرست سفنه قرب جزيرة فيلكا، لكن من حسن حظ الكويتيين أن انحسرت المياه بسبب ظاهرة الجزر المد، فصعب التحرك على سفن الكعبيين الكبيرة، فأحاط بهم الكويتيون بزوارقهم الصغيرة، وأحرقوا عددا منها وفشلت الحملة. (أنظر: أنساب القبائل في خوزستان:213، تاريخ الكويت: الرشيد:111)
12- غضبان بن محمد: اغتيل الشيخ بركات بعد عودته من معركة الرقة سنة (1197هـ)، فتولى الإمارة من بعده حفيده الشيخ غضبان بن محمد بن بركات.
((وفي عهده شنت السلطة العثمانية حملة على قبائل المنتفق، فاضطر الشيخ ثويني السعدون زعيم المنتفق الى الفرار والالتجاء الى الشيخ غضبان في الدورق، فأعدت السلطة العثمانية حملة لضرب كعب، وعسكرت جيوشهم في قرية الدواسر بين الفاو وأبي الخصيب، فشن الكعبيون غارة شعواء على تلك القوة فمزقتها شر ممزق)). (الاحواز:2/275 مختصرا)
وفي عهده احتل آل خليفة البحرين بعد أن فروا من الكويت قبل معركة الرقة، وقد استنجد أهالي البحرين بالشيخ نصر آل مذكور
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 46 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
زعيم بوشهر لتخليصهم من آل خليفة، فجهز الشيخ نصر حملة بحرية اشتركت فيها قبيلة كعب وباقي القبائل العربية في خوزستان، ولكن الحملة فشلت ولم تحقق أهدافها. (الايجاز في تاريخ البصرة ونجد والاحساء والحجاز:2/41)
13- مبارك بن غضبان: تولى الإمارة بعد مقتل أبيه سنة (1207هـ) وامتدت فترة حكمه سنتين.
14- فارس بن داود: وحكم سنة واحدة (1209-1210)
15- علوان بن محمد بن شناوة: واستمر حكمه حتى عام (1216هـ)
16- محمد بن بركات: ودامت إمارة كعب له حتى عام (1227هـ)، ولم تحدث في أيامه حوادث تستحق الذكر.
17- غيث بن غضبان: وتولى الإمارة مرتين. الأولى: من (1227-1231)، وفي عهده قاد القاجاريون حكام بلاد فارس حملة لفرض سيطرتهم على كعب وفرض الضريبة عليهم، لكن تصدت لهم كعب فاضطر القائد القاجاري الى الصلح.
ثم تولى إمارة كعب عبد الله بن محمد ودام حكمه سبعة أشهر، ثم عادت الإمارة للشيخ غضبان، فاستمر فيها الى سنة (1244هـ)، وفي
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 47 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عهده شن والي البصرة حربا على قبائل المنتفق سنة (1242)، فاستنجد المنتفق بكعب، فجاءت كعب وحاصرت البصرة، فاضطر والي البصرة العثماني عزيز آغا الى طلب الصلح، فانهت كعب الحصار وعادوا الى المحمرة.
وجمع والي البصرة قوة كبيرة من العثمانيين، وبمساعدة اسطول الكويت، وشنوا هجوما على قرية البريم في الهارثة شمال البصرة، وقد تمكن الكعبيون من احراز النصر أول الأمر، إلا أن الأوضاع تغييرت وسيطر العثمانيون وأعوانهم على البريم، وانسحب منها الكعبيون، واشتعلت جبهة الجنوب خصوصا في الجزر الواقعة في شط العرب، وقصف الاسطول الكويتي المحمرة، فاضطر الشيخ غضبان الى ارسال وفد الى والي بغداد يعرض فيه الصلح. (أنظر: الاحواز:2/277 وما بعدها، وانظر: تاريخ الكويت:119)
18- مبادر بن غضبان: وفي عهده بلغت كعب أوج قوتها، فكان جيش إمارة كعب يقدر بخمسة عشر ألف من المشاة، وسبعة آلاف فارس مع قطع من المدفعية والهاونات، وقد استمر حكم الشيخ مبادر حتى عام (1247-1831) حيث طرد من الإمارة.
19- عبد الله بن محمد: وهي المرة الثانية التي يتولى فيها مشيخة كعب،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 47 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ولم تدم له سوى بضعة أشهر أيضا.
20- ثامر بن غضبان: وقد بالغ لوريمر في دليل الخليج ص2434 في وصف حنكته الإدارية ونجاح سياسته الاقتصادية، حتى عمَّ البلاد الرخاء في عصره، إلا أن متاعبه الكبرى كانت في تنامي قوة آلبو كاسب في المحمرة، وميلهم الى الاستقلال في الحكم عنه، وتمرد عشيرة الباوية والسادة الأشراف عليه، وقد استمر حكمه حتى سنة (1253- 1837).
21- عبد الرضا بن بركات: ويعتبر حكمه بداية ضعف إمارة كعب في الفلاحية، فدام حكمه سنة واحدة، ثم فرَّ الى جهة غير معلومة إثر فرض الدولة القاجارية فرج الله المشعشعي حاكما على الفلاحية. (الاحواز:2/294)
22- فارس بن غيث: ولي إمارة الفلاحية، ورفض أداء الرسوم والضرائب للحكومة القاجارية، فأعدت له منافسا تمكن من انتزاع الإمارة منه سنة (1257- 1841).
23- لفته بن مبادر: لم يدم حكمه طويلا فقتل على يد أبناء عشيرته.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 48 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
24- جعفر بن محمد بن فارس: حكم ثلاثة أشهر.
25- رحمة بن عيسى: تولى الإمارة وكان التنافس بينه وبين سابقة على أشده، تذكي أوار ذلك التنافس الدولة القاجارية.
26- عبد الله بن عيسى: خلف أخاه رحمة في الإمارة، وكان التنافس مع جعفر بن محمد ما زال مشتعلا، ومن جانب آخر كان الشيخ خزعل يزداد قوة ونفوذا يوما بعد آخر، فخلعتهما كعب، وعينت مشايخ لم يكتب لهم النجاح في مهمتهم، وآلت الفلاحية في النتيجة لسلطة الشيخ خزعل الكعبي. (المصدر السابق:2/295- 296)
إمارة آلبو كاسب في المحمرة
ذكرنا فيما سبق أن قبيلة كعب انقسمت بعد موت نادر شاه الى قسمين، قسم رحل مع أمراء البو ناصر من القبان الى الفلاحية واتخذوها عاصمة لهم، وقسم بقي منهم في القبان: وهم، آل كاسب، والدريس، والنصار، وبرز من هذه المجموعة أيضا قادة أقوياء تمكنوا من وضع بصماتهم على صفحات التاريخ، ومن أبرز هؤلاء القادة أسرة آل مرداو وهم فرع من البو كاسب، والذين تمكنوا من تأسيس إمارة كعب الثانية وعاصمتها المحمرة، والتي بناها الشيخ يوسف بن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 49 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
مرداو آل كاسب سنة (1229هـ- 1812م)، وقال لوريمر في دليل الخليج:5/2428، ((أن المحمرة بنيت بأمر من الشيخ غيث بن غضبان لتكون مركزا متقدما للقوات الكعبية في مواجهة العثمانيين والقبائل المتحالفة معها، وألقيت مسؤولية البناء على عشيرة المحيسن، ورئيسها يومذاك الشيخ مرداو البو جاسب.
وقد ساعدت الخلافات والصراع على السلطة الذي دب بين شيوخ آلبو ناصر حكام الدورق في عهد الشيخ غيث بن غضبان من بعده، في ازدياد نفوذ أسرة آل مرداو وقوتها)).
ولم يذكر المؤرخون لتلك الحقبة شيئا عن شخصية الشيخ مرداو أو منجزاته في فترة زعامته لكعب، ولا عن ابنه الحاج يوسف سوى بناء هذا الأخير لمدينة المحمرة كما سلف، ثم انتقلت الزعامة من الشيخ يوسف الى أخيه:
1- الشيخ جابر بن مرداو: تولى الإمارة في المحمرة سنة (1248- 1832)، واستقل بحكمها بعد أن ضمن لشاه إيران ناصر الدين القاجاري بدفع المال المترتب عليه، فلقبه الشاه بنصرة الملك.
وفي السنة المذكورة اجتاح مرض الطاعون المنطقة مرة أخرى بين
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 50 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عامي (1831و1832م)، فقضى على نصف السكان خصوصا في المناطق التي كانت خاضعة لكعب. (دليل الخليج:5/2429)
وفي عهده هاجم العثمانيون المحمرة ودمروها، وكان السبب في ذلك أن أضحت المحمرة ميناءا مهما في تبادل السلع التجارية بين العراق وإيران والكويت، ونمت قوة كعب السياسية والعسكرية مما حدى بالرائد تايلور المساعد السياسي البريطاني في البصرة الى نقل مكتبه الى المحمرة، وقد اضعفت هذه التحولات أهمية البصرة التجارية مما أثار ذلك حفيظة الوالي العثماني علي رضا باشا، وكان ثمة نزاع من جهة أخرى حول عائدية المحمرة بين الدولة العثمانية والدولة الإيرانية، فاستقر أمر الولاة العثمانيين سنة (1253هـ- 1837م) على مهاجمة المحمرة، فجاؤوها بجيش جرار ومعهم أحلافهم من بعض القبائل المأجورة، وحيكت مؤامرة ضد الشيخ جابر لقتله، وعبر الغزاة من الجانب الغربي، وتشبثوا بثغرة في سور المدينة، ((وعند وصول خبر الهجوم لعموم الناس، تملك السكان نوع من الفزع فقذفوا بأنفسهم في الشط، وغرق النسوة والأطفال لجهلهم بالسباحة، وأسر الجنود الأتراك من كعب ومن غيرهم أربعة آلاف نسمة واسترقوهم، وكان
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 51 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
معظمهم من الأطفال، فانبرى أخيار أهل البصرة والممولين منهم، فاشتروا هؤلاء الأطفال من الجنود الأتراك كل رأس (18- 20) كورته، وأعادوهم الى أهليهم)). (دليل الخليج:5/2438)، ودمرت المدينة بوحشية لا مثيل لها في التاريخ، ووقف أحد شعراء البلاط يمدح الوالي العثماني علي رضا، بقصيدة تفوح منها رائحة الطائفية والحقد، منها:
فتحنا بحمد الله حصن المحمرة * فأضحت بتسخير الاله مدمره
وجابر أورثناه كسرا بكعبه * وليس لعظم قد كسرناه مجبره
على ساقها قامت لكعب قيامة * فزلت بهم أقدامهم متعثرة
غدوا طعمة للسيف إلا أقلهم * قد اتخذوا من شط (كارون) مقبره
سقى الرفض ساقي الحوض كأس منية * غداة وردنا بالمسرات كوثره
وأمست (بنو النصار) والرفض دينها * على ما دهاها من علي مفكره
(أنظر: أعيان الشيعة: السيد محسن الأمين:4/50، والاحواز:3/9-36 مختصرا)
وفي سنة (1857م) حدث خلاف بين الحكومة البريطانية والحكومة الإيرانية، فقصفت القوات البريطانية المحمرة، لقيام كعب بمواجهتهم في شط العرب. (الاحواز:3 /36)
2- الشيخ مزعل بن جابر: تولى الإمارة بعد وفاة أبيه سنة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 52 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
(1298 هـ)، واستعمل اللين مع شيوخ العشائر فثبت دعائم الإمارة، وفي عهده انقسمت الى فرقتين، فرقة معه، وأخرى مع الشيخ رحمة بن عيسى في الفلاحية، ودام حكمه ستة عشر عاما، ثم قتل على يد أخيه خزعل سنة (1315- 1896)
3- الشيخ خزعل بن جابر: آخر مشايخ إمارة كعب، قال الزركلي في الأعلام:2/304 : ((خزعل بن جابر بن جاسب الكعبي العامري: أمير المحمرة (من مقاطعة الأهواز، المسماة اليوم خوزستان) بين إيران والعراق، وعرفه الريحاني بفيلسوف الأمراء. وقال: وكان كريم اليد، على شئ من الميل إلى الأدب وفقه الامامية، محبا للعمران، جدد بناء المحمرة، وضم إليها جميع بلاد الأهواز، واستولى على الفلاحية وبنى القصر الخزعلي على مقربة من المحمرة، ومدحه كثير من النظامين (الشعراء). ولما وقعت الفتنة في إيران بين أنصار الدستور وخصومهم، في عهد الشاه محمد علي بن مظفر الدين، امتنع خزعل عن دفع المال المرتب عليه لحكومة إيران وعصاها. وكان قد مالأته الحكومة البريطانية على عادتها مع أمثاله، ومنحته أوسمة. ونشبت الحرب العامة الأولى، فزاد اتصاله بالبريطانيين. وطمحت نفسه بعد
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 53 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الحرب إلى ملك العراق فبذل أموالا طائلة ولم يفلح. وانتظم له أمر بلاده، وفيها من عشائر اللوريين والبختياريين نحو مائة ألف مسلح. وألف كتابا في أحوال أسرته وناوأ حكومة (رضا بهلوي) في إبان قيامها، فلما استقر بهلوي ملكا في إيران احتال على خزعل بأن أرسل (سنة 1344 هـ 1925م) مركبا حربيا صغيرا أرسى في ميناء المحمرة، وخرج قائده إلى البر فاجتمع بخزعل، وأظهر أنه جاء زائرا في رحلة للتمرن، ثم عاد إلى المركب، وخرج إلى البر في اليوم الثاني ودعا خزعلا إلى العشاء وإحياء (ليلة ساهرة) على ظهر المركب، بعدما أناره بالكهرباء وزينه بأنواع الزينة، وذهب خزعل محتاطا، وانقضت تلك الليلة في لهو وطرب، وعاد إلى قصره. وبعد أيام دعاه القائد ثانية فأجاب وهو مطمئن، فلما بلغ ظهر المركب أقلع به إلى ميناء (شوشتر) وحمل منها إلى طهران، فأمرته حكومتها بالإقامة فيها. واستولت على المحمرة وسائر بلاد الأهواز، فأقام إلى أن مات بطهران، ونقل جثمانه بعد مدة إلى وادي السلام في النجف. وعلى يديه ضاعت إمارة بني كعب في الأهواز)).
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 54 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

الفصل الخامس : الصحابة والتابعون من كعب

الصحابة والتابعون من كعب
1- النابغة الجعدي
وهو أبرز شخصيات بني كعب بن ربيعة وأشهرها، واختلف في اسمه، فقال ابن الكلبي في الجمهرة ص355 أنه: ((قيس بن عبد الله بن عدس بن ربيعة بن جعدة بن كعب))، ومثله المرزباني في معجم الشعراء ص237. وقال أبو الفرج في الأغاني:5/5: ((هو: حيان بن قيس بن عبد الله بن وحوح بن عدس، وقيل: ابن عمرو -بدل وحوح- بن عدس، ثم قال: وهذا النسب الذي عليه الناس اليوم مجتمعون))، وكنيته: أبو ليلى، وإنما سمى النابغة لأنه أقام مدة لا يقول الشعر ثم نبغ، فقيل له النابغة. (الاستيعاب:4/1514)
أدرك النابغة الجاهلية والإسلام وعمر طويلا، فقيل أنه عمَّر مائة وثمانين سنة (الأغاني:5/7) وقيل: أنه عاش مائتي سنة (معجم الشعراء:237)، وقيل أكثر من ذلك.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 55 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وفادته على النبي
وكان النابغة ومنذ أيام الجاهلية على تقوى من الله ويتعبد على ملة إبراهيم عليه السلام ، ((فأنكر الخمر والمسكر، وما يغير العقل، وهجر الأزلام -الأصنام الخشبية- والأوثان، وقال في الجاهلية:
الحمد لله لا شريك له * ومن لم يقلها فنفسه ظلما
وكان يذكر على دين إبراهيم عليه السلام والحنيفية، ويصوم ويستغفر، ويتوقى أشياء لعواقبها، ووفد على النبي صلى الله عليه وآله فقال:
أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى * يتلو كتابا كالمجرة نيِّرا
وجاهدت حتى ما أحس ومن معي * سهيلا إذا ما لاح ثُمَّت غوَّرا
أقيم على التقوى وأرضى بفعلها * وكنت من النار المخوفة أوجرا))
(الأغاني:5/9)
وأنشد النبي صلى الله عليه وآله هذا البيت فأعجب صلى الله عليه وآله به:
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا * وإنا لنبغي فوق ذلك مظهرا
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 56 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فقال النبي صلى الله عليه وآله : فأين المظهر يا أبا ليلى؟ فقال: الجنة إن شاء الله. فقال صلى الله عليه وآله : إن شاء الله. وأنشد النبي صلى الله عليه وآله أيضا:
لا خير في حلم إذا لم يكن له * بوادر تحمي صفوه أن يكدَّرا
ولا خير في جهل إذا لم يكن له * حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 57 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فقال النبي صلى الله عليه وآله : أجدت لا فضَّ الله فاك)). (المصدر السابق)
النابغة وميوله العلوية
وتشيع النابغة الجعدي لأمير المؤمنين عليه السلام وانحرافه عن خصومه أشهر من أن يخفى، قال الشيخ المفيد قدس سره في الأمالي ص224: ((كان النابغة علوي الرأي))، وعده ابن شهر آشوب في معالم العلماء ص184 من شعراء آل البيت عليهم السلام ، وذكره السيد المدني في الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة ص529، وترجمه السيد الأمين في أعيان الشيعة:4/368، كما ويشهد سوء علاقته بالسلطات الأموية الحاكمة وعمالهم، وخروجه الى صفين مع أمير المؤمنين عليه السلام بذلك، بل معارضته الصريحة لبيعة السقيفة، فقد روي: ((أن النابغة الجعدي خرج من منزله وسأل عن حال الناس -بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله -، وقد سمع أصوات الناس في السقيفة، فلقيه عمران بن حصين وقيس بن صرمة وقد عادا من السقيفة، فقال: ما وراءكما؟ فقال قيس بن صرمة:
أصبحت الأمة في أمر عجب * والملك فيهم قد غدا لمن غلب
فقد قلت قولا صادقا غير كذب * إن غدا يهلك أعلام العرب
فقال النابغة فما فعل أبو حسن، علي؟ قيل: مشغول بتجهيز
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 58 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
النبي صلى الله عليه وآله ، فقال:
قولا لأصلع هاشم ان أنتما * لاقيتماه لقد حللت أرومها
وإذا قريش بالنجار تسجلت * كنت الجدير به وكنت زعيمها
وعليك سلمت الغداة بإمرة * للمؤمنين فما رعت تسليمها
نكثت على عمد هنالك عهده * فتبوأت نيرانها وجحيمها
وتخاصمت يوم السقيفة والذي * فيه الخصام غدا يكون خصيمها
(العقد النضيد: القمي:164، الدر النظيم: العاملي:399، تقريب المعارف: أبو الصلاح الحلبي:195)
خروجه عن عثمان
ولما تولى عثمان الخلافة كره النابغة المكث في المدينة، قال أبو الفرج في الأغاني:5/9: ((دخل النابغة الجعدي على عثمان، فقال: أستودعك الله...، قال: وأين تريد يا أبا ليلى؟ قال: ألحق بإبلي فأشرب من ألبانها فإني منكر نفسي! فقال: أتعرُّبا بعد الهجرة يا أبا ليلى، أما علمت أن ذلك مكره؟ قال: ما علمته، وما كنت لأخرج حتى أعلمك. فأذن له، فدخل على الحسن والحسين عليهم السلام فودعهما، فقالا له: أنشدنا من شعرك يا أبا ليلى، فأنشدهما: الحمد لله لا شريك له... البيت.
فقالا: يا أبا ليلى، ما كنا نروي هذا الشعر إلا لأمية بن الصلت!
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 59 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فقال: يا ابني رسول الله صلى الله عليه وآله ، إني لصاحب هذا الشعر وأول من قاله، وأن عين السروق لمن سرق شعر أمية)).
ضربوه رغم وقاره
وصحبته لرسول الله صلى الله عليه وآله ، وقوله صلى الله عليه وآله له: لا فض الله فاك، مرتين، ورغم كبر سنه، وذهاب بصره، ضربه والي عثمان على البصرة، ففي الاستيعاب:4/1518، عن الهيثم بن عدي قال: ((رعت بنو عامر بالبصرة في الزرع، فبعث أبو موسى الأشعري في طلبهم فتصارخوا يا آل عامر، فخرج النابغة الجعدي ومعه عصابة، فأتي به أبو موسى فقال له: ما أخرجك؟ قال: سمعت داعية قومي فخرجت، فضربه أسواطا فقال النابغة يهجوه:
رأيت البكر بكر بني ثمود * وأنت أراك بكر الأشعرينا
فإن تك لابن عفان أمينا * فلم يبعث بك البر الأمينا
فيا قبر النبي وصاحبيه * الا يا غوثنا لو تسمعونا
الا صلى إلهكم عليكم * ولا صلى على الأمراء فينا))
وخرج الى صفين
ثم سكن الكوفة (الأعلام:5/207)، ويبدو أن ذلك كان بعد أن اتخذها
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 60 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أمير المؤمنين عليه السلام عاصمة له، فقد مرَّ آنفا أنه كان يسكن البصرة زمن عثمان، ((ولما خرج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام إلى صفين خرج معه نابغة بني جعدة فساق به يوما -أي ساق ناقة الإمام عليه السلام - فقال:
قد علم المصران والعراق * إن عليا فحلها العتاق
أبيض جحجاح له رواق * وأمه غالى بها الصداق
أكرم من شد به نطاق * إن الأولى جاروك لا أفاقوا
لهم سباق ولكم سباق * قد علمت ذالكم الرفاق
سقتم إلى نهج الهدى وساقوا * إلى التي ليس لها عراق
(أمالي المفيد:224)
فصادر معاوية أمواله
((فلما تغلب معاوية كتب إلى مروان فأخذ أهل النابغة وماله، فلما قدم معاوية الكوفة دخل عليه النابغة وعنده مروان، فقال:
من راكب يأتي ابن هند بحاجتي * على النأي والأنباء تنمى وتجلب
الى آخر أبياته، فالتفت معاوية إلى مروان، فقال: ما ترى؟ قال: أرى أن لا ترد عليه شيئا! فقال: ما أهون عليك أن ينحجر هذا في غار ثم يقطع عرضي عليَّ، ثم تأخذه العرب فترويه، أما والله إن كنت لمن يرويه. أردد عليه كل شيء أخذته منه)). (الأغاني:5/22)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 61 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ونفاه الى أصفهان
قال ابن حبان في طبقات المحدثين في أصبهان:1/273: ((وقدم أصبهان مع الحارث بن عبد الله بن عبد عوف بن أصرم، وكان سيره معاوية إلى أصبهان، وكان الحارث واليا عليها من قبل علي عليه السلام ، ثم من قبل معاوية ومات النابغة بأصبهان)).
وطارده الحجاج الثقفي
ويظهر من بعض النصوص التاريخية أن النابغة عاد الى جزيرة العرب بعد هلاك معاوية، ثم طورد في أواخر عمره من قبل الحجاج فهرب الى أصفهان مرة أخرى، قال ابن عساكر في تاريخ دمشق:70/67 مختصرا: ((أن ليلى الأخيلية دخلت على الحجاج، فأكرمها الحجاج بمائة ناقة، ثم قال لها: ألك حاجة بعدها؟
قالت: تدفع إليَّ النابغة الجعدي في قيد. قال: قد فعلت. وقد كانت تهجوه ويهجوها، فبلغ النابغة ذلك فخرج هاربا عائذا بعبد الملك بن مروان، فاتبعته إلى الشام فهرب إلى قتيبة بن مسلم بخراسان، فاتبعته على البريد بكتاب الحجاج إلى قتيبة))، ثم ذكر وفاتها بقومس ولم يذكر
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 62 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ما حلَّ بالنابغة. ويبدو أن النابغة عرَّج على أصفهان مرة أخرى، ومكث فيها حتى توفي حوالي سنة 65 في زمن عبد الملك بن مروان. (أعيان الشيعة:4/259)
2- أبي بن مالك الحرشي العامري: عده الشيخ الطوسي في رجاله ص22في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ، وقال ابن حجر في الإصابة:1/182: عداده في البصرة، وذكره السيد الأمين في أعيان الشيعة:2/458.
3- أنس بن مالك القشيري: أبو ثابت العجلاني الكعبي، ذكره الشيخ الطوسي في رجاله ص21 فيمن روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، وذكره السيد الأمين في أعيان الشيعة:3/502.
4- ثور بن عروة بن عبد الله بن سلمة بن قشير: وفد على النبي صلى الله عليه وآله فأسلم، فأقطعه رسول الله صلى الله عليه وآله قطيعة وكتب له بها كتابا. (الطبقات:3/303).
5- ثمامة بن حزن بن عبد الله بن سلمة بن قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة القشيري: أدرك النبي صلى الله عليه وآله ، روى عنه القاسم بن الفضل. (أسد الغابة:1/248)
6- الحشرج بن الأشهب بن ورد بن عمرو بن ربيعة بن جعدة: له
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 63 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
إدراك، وولده عبد الله بن الحشرج غلب على فارس في إمارة عبد الله بن الزبير. (الإصابة:2/148)
7- حيدة بن معاوية بن القشير بن كعب: له ولابنه معاوية بن حيدة صحبة، وفد على رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال ابن الكلبي قال أبي: إني رأيته بخراسان، قال: وهو جد بهز بن حكيم الفقيه، وذكره أبو حاتم السجستاني في المعمرين، وقال: إنه أدرك الجاهلية، وعاش إلى ولاية بشر بن مروان على العراق، ومات وهو عم ألف رجل وامرأة. (الإصابة:2/127)
8- حياض وقيل: جياش، أو جباش بن قيس بن الأعور بن قشير: أدرك النبي صلى الله عليه وآله ولم يره، شهد اليرموك فقتل من العلوج خلقا كثيرا، ويقال قتل ألف رجل، وقطعت رجله. (المصدر السابق:2/159، فتوح البلدان:1/162، تاريخ دمشق:15/377)
9- الرقاد بن عمرو بن ربيعة بن جعدة بن كعب: وفد على النبي صلى الله عليه وآله ، فأعطاه رسول الله بالفلج ضيعة، وكتب له كتابا وهو عندهم. (مكاتيب الرسول:1/318)
10- زرارة بن هودة بن مالك بن عمرو بن شكل بن كعب بن الحريش بن كعب العامري ثم الحريشي: له إدراك، وكان ابنه طفيل
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 64 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
صاحب روابط هشام بن عبد الملك. (الإصابة:2/521)
11- زياد بن الأشهب بن ورد بن عمرو بن ربيعة بن جعدة العامري: له إدراك، وكان كبير القدر في قومه، وكان قد مشى في الصلح بين علي عليه السلام ومعاوية، وفي ذلك يقول النابغة الجعدي:
مقام زياد عند باب بن هاشم * يريد صلاحا بينكم ويقرب
(الإصابة:2/527)
12- سوار بن أوفى بن سبرة بن سلمة بن قشير بن كعب القشيري: مخضرم كان يهاجي النابغة. (المصدر السابق:3/219)
13- عامر بن مالك الأسلع بن شكل بن كعب بن الحريش بن كعب العامري الحرشي: كان سيد بني عامر في زمانه، ويلقب ذو الغصة. (الإصابة: 5/62)
14- عبد الله بن سبرة الحرشي: له صحبة، وشهد الفتوح في بدء الاسلام، وقال في الإصابة:5/10، نقلا عن أبي علي القالي في الأمالي: بارز أرطبون الرومي عبد الله بن سبرة سنة خمس عشرة فقتله عبد الله، وقطع أرطبون يده. وقال في:5/69: أن يده قطعت في معركة الجسر في العراق.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 65 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
15- عبد الله بن الشخير بن عوف بن كعب بن وقدان بن الحريش، أبو مطرف ويزيد ابني عبد الله بن الشخير، صحب النبي صلى الله عليه وآله وروى عنه، ونزل البصرة بعد ذلك، وولده بها. (الطبقات:ج7 ص34)
16- عروة القشيري: ذكره ابن الأثير في أسد الغابة:3/405، وروى عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله فقلت: كان لنا أرباب وربات دعوناها ولم تجب لنا، فجاءنا الله بك فاستنقذنا منها. فقال النبي صلى الله عليه وآله : أفلح من رزق لبا، ثم دعاني مرتين وكساني ثوبين))
17- عمارة بن عامر بن المشنح بن الأعور بن قشير القشيري: ذكره ابن الأثير في أسد الغابة:4/50.
18- قرة بن هبيرة بن سلمة الخير القشيري: قال ابن سعد في الطبقات:1/303: وفد على النبي صلى الله عليه وآله ، فأسلم فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وآله وكساه بردا، وأمره أن يتصدق على قومه أي يلي الصدقة، فقال قرة حين رجع:
حباها رسول الله إذ نزلت به * وأمكنها من نائل غير منفد
فأضحت بروض الخضر وهي حثيثة * وقد أنجحت حاجاتها من محمد
عليها فتى لا يردف الذم رحله * تروك لأمر العاجز المتردد
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 66 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ثم اتهم بالردة لأنه رفض تسليم الزكاة للخليفة الأول، قال ابن أعثم في الفتوح:1/17، ونذكر الخبر مختصرا: ((ثم قدم قرة بن هبيرة القشيري حتى أوقف بين يدي أبي بكر ويده مجموعة إلى عنقه، فقال أبو بكر: اضربوا عنقه، فقال قرة: إني رجل مسلم يشهد لي بذلك عمرو بن العاص، وذلك أنه مر بي منصرفا من عمان فقربته وأكرمته ودللته على الطريق وهو عارف بإسلامي، فدعا أبو بكر عمرو بن العاص، قال له: ما الذي عندك من الشهادة لقرة بن هبيرة؟ فإنه يزعم أنك تشهد له بالاسلام! فقال عمرو بن العاص: نعم، عندي من الشهادة أني مررت به، وأنا منصرف من عمان فلما نزلت عليه سمعته يقول: والله! لئن لم يتجاف أبو بكر عن زكاة أموالنا فما له في أعناقنا طاعة، فقال قرة بن هبيرة: لم يكن القول على ما تقول يا عمرو! فقال عمرو: بلى، والله لقد سمعته يقول هذا المقال. فقال قرة: يا هذا! فإن كان هذا ذكرت فكم إلى كم هذا التحريض؟ فسكت عمرو بن العاص. وتكلم عمر بن الخطاب فقال: سوءا لك يا عمرو! رجل نزلت عليه فآواك، وأحسن ضيافتك وأطعمك وسقاك، ثم تكلم بكلام بينك وبينه فأجبته على كلامه ثم رحلت عنه، فالآن لما نظرت
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 67 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
إليه في مثل هذه الحالة أسيرا قد جمعت يداه إلى عنقه، وثبت قائما على قدميك تخطب عليه بجهدك! والتفت عمر إلى أبي بكر فقال: هذا رجل من سادات العرب، وأشراف بني عامر وما أولاك بالصفح عنه، فقال أبو بكر: قد عفوت عنه، ثم أطلقه)).
19- كندير بن سعيد بن حيدة بن قشير القشيري: ذكره ابن الأثير في أسد الغابة:4/255، وقال: ((وقيل المزني كذا نسبه ابن منده وأبو نعيم، مختلف في صحبته، قيل له رؤية ولأبيه صحبة))، وروى ابن سعد في الطبقات:1/112، عنه عن أبيه قال: ((كنت أطوف بالبيت فإذا رجل يقول:
رب رد إلي راكبي محمدا * رده إلي واصطنع عندي يدا
قال قلت: من هذا؟ قالوا عبد المطلب بن هاشم بعث بابن ابن له في طلب إبل له، ولم يبعث به في حاجة الا نجح، فما لبثنا أن جاء فضمه إليه، وقال لا أبعث بك في حاجة)).
20- محارب بن قيس بن عدس بن ربيعة بن جعدة العامري: له إدراك، وفيه يقول النابغة الجعدي يرثيه:
ألم تعلمي أني رزئت محاربا * كريما أبيا لا يمل التصاقيا
فتى كملت أعراقه، غير أنه جواد * فلا يبقي من المال باقيا
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 68 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
(الإصابة:6/218)
21- مطرف بن مالك: أبو الريان القشيري: في الاستيعاب: 3/1401: ((لا أعلم له رواية، شهد فتح تستر مع أبي موسى)).
22- مالك بن حيدة القشيري: ذكره ابن الأثير في أسد الغابة:4/278.
23- معاوية بن حيدة بن معاوية بن حيدة بن قشير بن كعب القشيري: في الاستيعاب:3/1416: ((معدود في أهل البصرة، غزا خراسان ومات بها، ومن ولده بهز بن حكيم الذي كان بالبصرة))، وهو الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وآله في الحديث المشهور: ((يا رسول الله، من أبر؟ قال: أمك. قلت: ثم من؟ قال: ثم أمك. قال قلت: يا رسول الله، ثم من؟ قال: أمك. قال: قلت ثم من؟ قال: ثم أباك، ثم الأقرب فالأقرب)) (مسند أحمد:5/3).
24- أبو الزهراء القشيري: ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق: 66/250، في الكنى فقال: ((هو ممن أدرك النبي صلى الله عليه وآله ، وشهد فتح دمشق، وولي صلح أهل الثنية وحوران))
25- أبو عقيل الجعدي: رأى النبي صلى الله عليه وآله وروى عنه. (الاستيعاب:4/1718)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 69 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

الفصل السادس : أصحاب الأئمة ورواة حديثهم

أصحاب الأئمة ورواة حديثهم
1- إبراهيم بن محمد الجعدي: من أصحاب الكاظم عليه السلام . (معجم رجال الحديث:1/264)
2- جعفر بن محمد بن خلف القشيري: من أصحاب الصادق عليه السلام ، سأله عن كيفية الاستخارة. (بحار الأنوار:88/278)
3- داود بن أبي هند القشيري السرخسي: يكنى أبا بكر، واسم أبي هند: دينار، من أهل سرخس وبها عقبة، مات في طريق مكة سنة تسع وثلاثين ومائة، ذكره الشيخ الطوسي ص134في أصحاب الإمام الصادق عليه السلام .
4- زرارة بن أوفى الحرشي: قال ابن سعد في الطبقات:7/150: ((كان قاضيا بالبصرة، مات سنة ثلاث وسبعين، صلى الفجر في مسجد بني قشير فقرأ، حتى إذا بلغ (فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير) خر ميتا))، أقول: روى عنه الصدوق في الخصال 339، حديثا عن الإمام زين العابدين عليه السلام .
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 70 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
5- سعيد بن الربيع: من رجال الصحيحين والترمذي والنسائي هو الحرشي العامري، أبو زيد الهروي البصري، قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: شيخ ثقة لم أسمع منه شيئا، وقال أبو حاتم: صدوق. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر: هو من أقدم شيخ للبخاري مات سنة إحدى عشرة ومائتين (معجم الرجال والحديث:1/77). روى عنه أبو يعلى الموصلي في مسنده:3/395: ((...عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وآله دعا عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتابا لا يضلون بعده ولا يضلون، وكان في البيت لغط، وتكلم عمر بن الخطاب فرفضها رسول الله صلى الله عليه وآله ))
6- سكين الجعدي: من أصحاب الإمام الباقر عليه السلام . (معجم رجال الحديث:9/175)
7- الشيخ الإمام السعيد الزاهد: عبد الله بن عبد الكريم بن هوازن القشيري: أبو الفتح، من أساتذة الشيخ أبي علي، الفضل بن الحسن الطبرسي، في القرن السادس الهجري (تفسير مجمع البيان:1/11)، روى عنه الشيخ الطبرسي قراءة الصحيفة الرضوية داخل القبة التي فيها قبر الرضا عليه السلام ، غرة شهر الله المبارك، سنة إحدى وخمسمائة. (خاتمة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 71 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
المستدرك:1/222)، قال الحر العاملي في أمل الآمل:2/162: هو من فضلاء عصره.
8- علي بن الحسن بن القاسم القشيري الخزاز الكوفي: المعروف بابن الطبال، يكنى أبا القاسم، روى عنه التلعكبري، وسمع منه سنه تسع وعشرين وثلاثمائة (رجال الطوسي: 432)
9- العلاء بن حريز القشيري: بصري، روى عن أبيه حريز، وروى أبوه عن الأحنف بن قيس التميمي (إكمال الكمال: ابن ماكولا:2/86)، روى عنه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة:4/79، مرفوعا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال لمعاوية: لتتخذن يا معاوية البدعة سنة، والقبيح حسنا، أكلك كثير، وظلمك عظيم)).
10- محمد بن أحمد بن حمدان بن المغيرة القشيري: أبو جمزي، روى عنه الصدوق في الأمالي ص470، عن الحسن بن عبد الله بن سعيد، عن أحمد بن عيسى الكلابي، وهو من أهل البصرة. (ميزان الاعتدال:3/463)
11- محمد بن موسى الحرشي: وقع في طريق الشيخ النجاشي في رجاله ص167 في ترجمة ربعي بن عبد الله، وروى عنه محمد بن سليمان الكوفي في مناقب أمير المؤمنين:1/532، عليه السلام حديث المنزلة.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 72 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
12- يحيى بن القشيري: روى عنه الكليني في الكافي في باب مولد الإمام العسكري عليه السلام ، عن وكيله عليه السلام ، وروى عنه إسحاق بن محمد النخعي. (الكافي:1/511)
ومن علماء وأدباء مدرسة آل البيت من بني كعب
13- الحاج هاشم الكعبي: من أعلام الأدب والفضل، وشيوخ القريض وفحول الشعراء في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري والربع الاول من القرن الثالث عشر، وهو أحد شعراء الحسين عليه السلام المشاهير، فقد أكثر من رثائه وتفنن في النوح عليه، حتى عرف اسمه وذاع صيته، وحفظ الذاكرون مراثيه، وهي اليوم تتلى على المنابر في أغلب مدن الشيعة مقرونة بالإعجاب وحسن الذكر. (ديوان الكعبي: تقديم السيد محمد حسن الطالقاني:38)
شعره وشاعريته:
الكعبي شاعر له مكانة سامية وقدم راسخة في عالم الأدب، فقد تتلمذ في كربلاء، وهي في عصره معهد للعلوم ومنتدى للآداب يلتقي فيها جهابذة العلم وأساطين الادب، وكانت مجالسها مثار الجدل العلمي والمناظرات الادبية، وقد لازم الكعبي ذلك المعهد وتخرج على
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 73 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أولئك الأساطين، وحضر تلك المجالس، وبنى شخصيته على أساس متين من المعرفة والكمال والثقافة، فأحاط بأسرار اللغة، وأخبار العرب وتاريخهم، وحفظ الكثير من الشعر، واستكمل دراسته العلمية وتنوعت معلوماته، وكان لذلك أثره الكلي في نمو مواهبه وسمو مداركه، وبلورة فكره وشحذ ذهنه، وتفتح قريحته، وقد ملك مؤهلات قوية ووهب قابليات مهمة أهلته لتلك الإجادة، ومكنته من ذلك الإبداع، ورفعته إلى صف الأفذاذ، وقفزت به إلى القمة، وأحلته مكانة عالية في سجل الادب العربي.
طرق الكعبي فنون الشعر المألوفة في عصره من مدح ورثاء، وفخر وحماسة، وغزل وغيرها، وأجاد في معظم ما نظم، واتصف شعره بمتانة التركيب وجزالة اللفظ وقوة الديباجة والسلاسة والانسجام. (المصدر السابق:59)
رثاء الكعبي
وتظهر قوة شاعرية الكعبي قدس سره في رثائه للحيسن عليه السلام ، فهو من الذين أسهموا في ذلك وأكثروا النظم في هذا اللون، بل ومن الذين تخصصوا برواية واقعة الطف بصورة جلية، وأسلوب واضح، فقد أحاط
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 74 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بنواحيها على طريقة خاصة، وأبدع في وصفه وتصويره، وبلغ في ذلك درجة لم يبلغها في باقي شعره، ومبعث ذلك هو عقيدته الراسخة وإيمانه الثابت وولاءه الصادق؛ فقد جاء شعره محكما بديع الأسلوب، جمع بين الرثاء والفخر والحماسة، وهو لون خاص اتصف به أدب عدد محدود من شعراء الطف. (المصدر السابق:61)
أقوال العلماء والأدباء فيه
لقد تعرض إلى ذكر الكعبي وترجمته عدد من المؤلفين بشكل مقتضب، والى القارئ بعض ذلك:
1- العلامة الشيخ علي كاشف الغطاء قال: ((الحاج هاشم بن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 75 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
حردان الكعبي نسبا، الدورقي مولدا ومنشأ ومسكناً، والدروق عاصمة الفلاحية التي هي محل سكنى عشائر كعب، كان أكبر شعراء عصره وأنقاهم ديباجة، وشعره رصين البناء نقي الديباجة، ألفاظه محكمة الوضع لا يكاد يعثر على كلمة مقتضبه في شعره، وكان عالما لغويا له رثاء كثير في الأئمة عليهم السلام ، وله ديوان كان يوجد في كربلاء لم أقف عليه، وقد توفي سنة 1231هـ))
2- وذكره الشيخ آغا بزرك الطهراني، فقال: ((هو الحاج هاشم ابن حردان بن اسماعيل الكعبي الدورقي، من العلماء الفضلاء والشعراء المشاهير، هاجر من الدورق إلى كربلاء فحضر على علمائها عدة سنين، وصار من أهل الفضل والعلم البارزين، وبرع في الشعر وفنون الأدب حتى عد في مصاف شيوخه والمشاهير من أعلامه. وله ديوان كبير، ومعظم شعره في رثاء أهل البيت عليهم السلام ، لا سيما مراثي سيد الشهداء عليه السلام ، وشعره رقيق منسجم، ولم أقف على مشايخه، ويحتمل أن يكون من تلاميذ الشيخ حسين العصفوري)). (المصدر السابق:68)
وفاته: أجمع مترجموه على أنه توفي في سنة (1231هـ ) عدا السيد الأمين الذي تفرد في القول بأنها كانت سنة 1221هـ (أعيان الشيعة: 50/57.)، وأغلب الظن أنه خطأ مطبعي، أما مكان وفاته كيفيتها وموضع قبره فذلك ما لا سبيل إلى معرفته إذ لم يصرح به أحد من مترجميه، وكذلك تاريخ ولادته ومدة عمره، وفي شعره شكوى من الضعف والانهيار، وأنين متواصل كان يبثه بين الآونة والأخرى كقوله:
فاعطف علي ففي ضعف القوى * ما ليس بالخافي على الأبصار
(الديوان: 14.)
ومن جيد شعره في مدح الامام علي عليه السلام ورثاء الامام الحسين عليه السلام :
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 76 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أرايت يوم تحملتك القودا * من كان منا المثقل المجهودا؟
يا صاحب المجد الذي جلاله * عنت البرايا مبغضاً وعنيدا
لك غر أفعال إذا استقريتها * أخذت علي مغاوراً ونجودا
وصفات فضل أشكلت معنى فلا * إطلاق يكشفا ولا تقليدا
ومراتب قلدتها بمناقب * كالعقد تلبسه الحسان الخودا
ما مر يومك أبيضاً عند الندى * إلا انثنى بدم العدا خنديدا
أحسبته بأبيك وجه خريدة * فكسوت أبيض خدّها التوريد
أنى يشق غبار شأوك معشر * كنت الوجود لهم وكنت الجودا
يجنون ما غرست يداك قضية * القت على شهب العقول خمودا
أنى هم الخيل ينثر وقعها * نقعا تظن به السماء كديدا
ومواقف لك دون أحمد جاوزت * بمقامك التعريف والتحديدا
فعلى الفراش مبيت ليلك والعدا * تهدي اليك بوارقا ورعودا
فرقدت مثلوج الفؤاد كأنما * يهدي القراع لسمعك التغريدا
فكفيت ليلته وكنت معرضا * بالنفس لا فشلا ولا رعديدا
واستصحبوا فرأوا دون مرادهم * جبلا أشما وفارسا صنديدا
رصدوا الصباح لينفقوا كنز الهدى * أو ما دروا كنز الهدى مرصودا
وغداة بدر وهي أم وقائع * كبرت وما زالت لهن ولودا
قابلهن فلم تدع لعقودها * نظما ولا لنظامهن عقيدا
فالتاح عتبة ثاويا بيمين من * يمناه اردت شيبة ووليدا
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 77 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
سجدت رؤوسهم لديك وانما * كان الذي ضربت عليه سجودا
وتوحدت بعد ازدواج والذي * ندبت إليه لتهتدي التوحيدا
وقضية المهراس عن كثب وقد * عم الفرار أساوداً واسودا
ولى بها الطعن الدراك ولم تزل * إذ ذاك مبدي كرة ومعيدا
فشددت كالليث الهزبر فلم تدع * ركنا لجيش ضلالة مشدودا
وكشفتهم عن وجه أبيض ماجد * لم يعرف الادبار والتعريدا
وعشية الاحزاب لما أقبلت * كالسيل مفعمة تقود القودا
عدلت عن النهج القويم وأقبلت * حلف الضلال كتائبا وجنودا
فأبحت حرمتها وعدت بكبشها * في القاع تطعمه السباع حنيدا
وبني قريضة والنضير وسلعم * والواديين وخثعم وزبيدا
مزقت جيب نفاقهم وتركتهم * أمما لعارية السيوف غمودا
وشللت عشراً فاقتنصت رئيسهم * وتركت تسعا للفرار عبيدا
وعلى حنين أين يذهب جاحد * لما ثبت به وراح شريدا
وبخيبر خبر يصم حديثه * سمع العدى ويفجر الجلمودا
يوم به كنت الفتى الفتاك وال * كرار والمحبوب والصنديدا
وثواكل في النوح تسعد مثلها * أرأريت ذا ثكل يكون سعيدا؟
حنت فلم تر مثلهن نوائحا * إذ ليس مثل فقيدهن فقيدا
لا العيس تحكيها إذا حنت ولا * الورقاء تحسن عندها الترديدا
أن تنع أعطت كل قلب حسرة * أو تدع صدعت الجبال الميدا
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 78 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عبراتها تحيي الثرى لو لم تكن * زفراتها تدع الرياض همودا
وغدت أسيرة خدرها ابنة فاطم * لم تلف غير أسيرها مصفودا
تدعو بلهفة ثاكل لعب الأسى * بفؤادها حتى انطوى مفئودا
تخفي الشجا جلدا فان غلب الأسى * ضعفت فأبدت شجوها المكمودا
نادت فقطعت القلوب بشجوها * لكنما أنتظم البيان فريدا
إنسان عيني يا حسين أخي يا * أملي وعقدت جماني المنضودا
مالي دعوت ولا تجيب ولم تكن * عودتني من قبل ذاك صدودا
ألمحنة شغلتك عني أم قلى؟ * حاشاك أنك ما برحت ذاك ودودا
أفهل سواك مؤمل يدعى به * فيجيب داعية ويورق عودا
أن استعن قامت إلي ثواكل * لم تدرك الا النوح والتعديدا
14- الشيخ عبد الزهراء الكعبي: وهو: الشيخ عبد الزهرة بن فلاح بن عباس بن وادي آل منصور، من قبيلة بني كعب الشهيرة. وقد نزحت أسرته من المشخاب واستوطنت كربلاء. ويعد من أشهر خطباء المنبر الحسيني في العراق ودول الخليج، وهو أول من أحسن قراءة مقتل الإمام الحسين عليه السلام في يوم العاشر من المحرم، وقراءة مسير السبايا في يوم الأربعين.
ولد الكعبي في المشخاب سنة (1909م) ونشأ وترعرع في ربوع كربلاء المقدسة، وبعد أن اشتد عوده وقوي ساعده، دخل معاهد
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 79 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
العلم والأدب عند الكتاتيب آنذاك يسمى بالملا، فتعلم القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم كله وهو في سن مبكر خلال ستة أشهر على يد المرحوم الشيخ محمد السراج في الصحن الحسيني الشريف، وفي علم العروض على يد الشيخ عبد الحسين الحويزي، ثم أصبح من أساتذه الحوزة العلمية الشريفة في كربلاء حيث كان يلقي دروسه في الفقه الإسلامي واللغة العربية وفن الخطابة على عدد من طلبة الحوزة والعلوم الدينية.
ثم درس الفقه والأصول على العلامة الشيخ محمد داود الخطيب، وأخذ المنطق والبلاغة على العلامة الحجة الشيخ جعفر الرشتي.
أما الخطابة فقد أخذها على الخطيبين الجليلين الشيخ محمد مهدي المازندراني الحائري المعروف بالواعظ، وخطيب كربلاء الأوحد الشيخ محسن بن حسن أبو الحب، ثم برع فيها واشتهر، وذاع صيته في الآفاق، مخلصاً متفانياً في خدمة الإمام الحسين عليه السلام .
فكانت له المجالس العامرة بالجماهير من الرجال والنساء والأطفال، في مساجد كربلاء وحسينياتها ودورها وأسواقها فضلاً عن مجالسه في مدن العراق الأخرى، مثل بغداد والنجف الأشرف والحلة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 80 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
والدجيل والمشخاب والبصرة والديوانية والشطرة والمجر الكبير والأهواز.
وقد سافر لعدد من الدول العربية من أجل التبليغ بإشارة من مراجع الدين العظام أمثال آية الله السيد محسن الحكيم، وآية الله السيد الشيرازي وبعض أهل العلم والفضيلة، فذهب إلى مملكة البحرين والقطيف والأحساء وجنوب إيران وغيرها من البلدان خارج العراق. ونال إعجاب المستمعين وتأثرهم بمجالسه، لما له من دور متميز في هذا الفن، فضلاً عن سجاياه الحميدة وطباعه الكريمة التي شهد بها له الصديق والعدو والقريب والبعيد.
وعُرف بإخلاصه وتفانيه في خدمة أهل البيت عليهم السلام وكان زاهدا في الدنيا وحطامها، فلقد كان معروفا بجهاده أينما حل، ومناهضته ضد الباطل والانحراف والظلم والجور والتعدي مهما كانت نتائجه، والمعاناة بسببه حيث المضايقة من قبل الطغاة وأعوانهم لمن سلك هذا السبيل المقدس المناصر للحق على مر العصور كما هو معروف.
ولقد كان له دور متميز بجهاده في تربية الجيل من الشباب بالثقافة الإسلامية والتسلح بالوعي بمخاطر الانحراف والظلم، وذلك من
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 81 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
خلال منبره ومشاركته في مشاريع التوعية والتربية أينما حل.
واستمر يواصل مسيرته الجهادية المقدسة، سيما جهاده المنبري الذي كان مدويا، ولم يكترث فيه من مضايقات الطغاة وأساليبهم القمعية الإرهابية، فما كان منهم إلا أن سخّروا بعض جلاوزتهم لدسّ السمّ القاتل إليه في القهوة التي قدمت له في مجلس فاتحة حضره الشيخ الكعبي وبعض تلامذته، فرجع إلى مجلسه في صحن العباس عليه السلام ، وأثناء قراءته أصابته حالة إغماء سقط على أثرها من على المنبر، وفي طريقه إلى المستشفى عرجت روحه الطاهرة إلى ربها في ليلة شهادة فاطمة الزهراء÷في يوم 13 جمادى الأولى سنة 1394هـ الموافق 3 يونيه 1974م. (الموسوعة الحرة على الانترنت باختصار)
15- الشيخ محسن أبو الحب: خطيب وشاعر، صاحب البيت الشعري الشهير:
إن كان دين محمد لم يستقم * إلا بقتلي، فيا سيوف خذيني
ولد الشيخ محسن في كربلاء سنة (1225هـ)، وأخذ الأدب والشعر ورواية الأخبار عن مجموعة من الخطباء والوعاظ في كربلاء، حتى غدا أديبا وخطيبا وشاعرا مشهورا يشار إليه بالبنان، وقد عبر
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 82 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عنه معاصره محمد حسين النوري في مقدمة كتابه (نفس الرحمان) بسيد قراء العراق.
وللشيخ المترجم ديوان شعر مطبوع يغلب عليه طابع الرثاء للعترة الطاهرة عموما، ولسيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام خصوصا، ومن جيد شعره:
فار تنور مقلتي فسالا * فغطى السهل موجه والجبالا
وطفت فوقه سفينة وجدي * تحمل الهم والأسى أشكالا
عصفت في شراعها وهو نار * عاصفات القنا صبا وشمالا
لا أرى كربلا يسكنها اليوم * سوى من يرى السرور فيها محالا
أيها الحزن لا عدمتك زدني * حرقة في مصابه واشتعالا
لست ممن تراه يوما جزوعا * تشتكي عينه البكاء ملالا
(أنظر: ديوان الشيخ محسن أبو الحب ص17- 18 وص122)
16- الشيخ فتح الله بن علوان بن بشارة بن محمد بن عبد الحسين الكعبي: ((نسبا، والقباني مولدا ومنشأ، ولد سنة (1053) وتوفي سنة (1130)، قال السيد عبد الله الجزائري في الإجازات الكبيرة في ترجمة الشيخ الكعبي: ذو باع في الأدب مديد، ونظر في إدراك اللطائف حديد، وفهم في مواقع النكات سديد، وكد في اقتناص المعارف شديد، ويد تلعب بالمعاني لعب الراح بالعقول، وذهن انطبع فيه فنون
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 83 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
المعقول والمنقول، له كتب منها: (كتاب زاد المسافر ولهنة المقيم الحاضر)، في تحرير واقعة البصرة، وهذا الكتاب وضعه كمقامة في شرح الأحداث التي جرت على حسين باشا (آفراسياب) عام 1078 ه‍، فأدت إلى هزيمة حسين باشا). ومنها كتاب (الإجادة في شرح القلادة)، وله (الفتوحات في المنطق) وغيرها، وكان الشيخ الكعبي قد ولي قضاء البصرة فترة)). (مستدركات أعيان الشيعة:2/184، تذييل سلافة العصر: السيد عبد الله الجزائري: ص 36)
17- الشيخ عبد الحسين عبد الله الصويلاوي الكعبي: أحد فقهاء القرن الثالث عشر، له كتاب (حكم الهوام المختلطة بالطعام). (مجلة تراثنا:62/158)
18- الشيخ محمد بن زبانة الكعبي النجفي: ذكره السيد الأمين في أعيان الشيعة تحت رقم (715):9/337، وقال: يروي إجازة عن محمد بن يحيى بن القاسم.
19- الشيخ أبو هبة الله، محمد بن سلمان بن نوح الغريبي الكعبي: الأهوازي الأصل، الحلي المعروف بالشيخ حماد بن نوح. ولد سنة 1240 وقيل 1220. وتوفي في 23 صفر سنة 1325 بالحلة، وحمل إلى النجف فدفن فيها فيكون عمره خمسا وثمانين سنة . (أعيان الشيعة:9/346)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 84 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

الفصل السابع : من مشاهير أعلام كعب

من مشاهير أعلام كعب
1- قيس بن الملوح (مجنون بني عامر): اختلف في كونه من بني عقيل بن كعب، أو من بني جعدة بن كعب، فقال أبو الفرج في الأغاني:2/5: ((والصحيح في نسبه أنه: قيس بن الملوح بن مزاحم بن عدس بن ربيعة بن جعدة بن كعب))، وأكثر من ترجموه على ذلك (أنظر: الأنساب:5/204)
واشتهر مجنون بني عامر على أنه أحد أشهر شعراء الحب العذري، وصاحبته ليلى بنت سعد بن المهدي بن ربيعة بن الحريش بن كعب، ((قيل: أنه تعلق بها وهما صبيين يرعيان غنم أهلهم، فقال فيها شعرا، واشتد شغفه بها)). (سير أعلام النبلاء:4/6)
فجاء أبوه لخطبتها من أبيها فرفض أبوها تزويجه حسب العادات القبلية السائدة من تحريم زواج الفتاة بمن سبق له، وصرَّح بحبه لها على الملأ، فعرف بها وعرفت به، وذلك حفاظا على شرفها، ونفيا لكل علاقة يمكن أن تكون بين العاشقين. فيزوجها أهلها من غيره، تأكيدا منهم بأن ابنتهم شريفة طاهرة، وصاحبها مدع كاذب، ولو أنهم
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 85 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
زوَّجوها بمن أحبته وأحبها، لكان ذلك اعترافا ضمنيا منهم بأنهم يسترون عارهم، فزوجت بسبب هذه التقاليد الى الورد بن محمد العقيلي، فجن قيس وهام على وجهه حتى وجد ميتا بين الصخور في الصحاري القريبة من أحياء بني عامر حوالي سنة (65هـ). (أنظر: مقدمة ديوان قيس بن الملوح: تحقيق يسري عبد الغني: ص15 وما بعدها)
2- بهز بن حكيم: أحد الفقهاء ورواة الحديث المشاهير، من رجال السنن الأربعة، وهو من أهل البصرة، من ذرية الصحابي معاوية بن حيدة الكعبي، اختلف الرجاليون بين مضعف وموثق له، قال الذهبي في ميزان الاعتدال:1/353: ((وثقه ابن المديني، ويحيى، والنسائي. وقال أبو حاتم: لا يحتج به. وقال أبو زرعة: صالح. وقال البخاري: يختلفون فيه. وقال ابن عدي: لم أر له حديثا منكرا، ولم أر أحدا من الثقات يختلف في الرواية عنه. وقال صالح جزرة: بهز عن أبيه، عن جده إسناد إعرابي. وقال أحمد بن بشير: أتيت بهزا فوجدته يلعب بالشطرنج. وقال ابن حبان: كان يخطئ كثيرا. فأما أحمد وإسحاق فاحتجا به. وتركه جماعة من أئمتنا. قلت (الذهبي): ما تركه عالم قط، إنما توقفوا في الاحتجاج به)).
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 86 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أقول: ولعل سبب توقفهم فيه روايته لبعض مناقب آل البيت عليهم السلام ، ولبعض الروايات التي توافق مذهبهم عليهم السلام ، منها: ما رواه يزيد بن زريع عن بهز بن حكيم، عن أبيه ، عن جده -معاوية بن حيدة القشيري- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي: (يا علي، لا يبالي من مات وهو يبغضك مات يهوديا أو نصرانيا). (مناقب علي بن أبي طالب، وما نزل من القرآن في علي: ابن مردويه الأصفهاني: 76، لسان الميزان:4/251)
ومنها: ما رواه إسحاق بن بشر القرشي، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال يوم الخندق: (لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبد ود، أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة) (المستدرك على الصحيحين: الحاكم النيسابوري:3/32، المناقب: للخوارزمي:107)
3- أبو القاسم القشيري: وهو، عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك النيسابوري الفقيه الشافعي الصوفي المحدث الفاضل الأديب، جمع بين الشريعة والحقيقة، أصله من ناحية أستوا من العرب الذين قدموا خراسان. توفي أبوه وهو صغير، فقرأ الأدب في صباه، وكانت له قرية مثقلة الخراج، فسافر إلى نيسابور ليتعلم طرفا من الحساب ليتولى الاستيفاء ويحمي قريته من مثقلة الخراج، فاتفق حضوره مجلس الشيخ أبى علي الدقاق، فلما سمع كلامه أعجبه ووقع في قلبه، فرجع
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 87 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عن ذلك العزم وسلك طريق الإرادة، فقبله الدقاق وأشار عليه بالاشتغال بالعلم، فأخذ عن أبي بكر محمد بن أبي بكر الطوسي، وأبى بكر بن فورك، والحاكم بن البيع، والأستاذ أبى إسحاق الأسفرايني ، ويحضر مجلس أبى علي الدقاق، فزوجه الدقاق ابنته. وبعد وفاة الدقاق سلك القشيري مسلك المجاهدة والتجريد، وصنف التيسير في علم التفسير، والرسالة القشيرية في رجال الطريقة. (وفيات الأعيان:3/207، الكنى والألقاب: الشيخ عباس القمي:3/66)
4- تميم بن مقبل، أو ابن أُبيُّ بن مقبل العجلاني: أحد الشعراء المخضرمين بين الجاهلية والإسلام، من بني العجلان بن عبدالله بن كعب بن ربيعة، ولا تعرف سنة ولادته ولا وفاته.
قال ابن حجر في الإصابة:1/496: ((تميم بن مقبل بن عوف بن حنيف بن قتيبة بن العجلان بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، أبو كعب، أدرك الاسلام فأسلم، وكان يبكي أهل الجاهلية، وبلغ مائة وعشرين سنة))
قال ابن النديم في الفهرست ص178 أنه جمع ديوانه: الأصمعي، وابن السكيت، والطوسي (علي بن عبد الله).
ويلاحظ في شعره كثرة الغريب، وأسماء الأماكن، فأغلب ألفاظ
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 88 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ديوانه بحاجة إلى العودة للقواميس اللغوية؛ لمعرفة معانيها، ويرجع ذلك إلى حياته البدوية وتمثله لها في شعره.
5- يزيد بن سلمة بن سمرة: المعروف بابن الطثرية، نسبة الى أمه، هي امرأة من بني طثر بن عنز بن وائل، من شعراء الحماسة، كان حسن الشعر، حلو الحديث، متلافا للمال، صاحب غزل وظرف وشجاعة وفصاحة. جمع علي بن عبد الله الطوسي، ما تفرق من شعره في (ديوان) وكذلك صنع أبو الفرج الأصبهاني، صاحب الأغاني. وفي حماسة أبي تمام وحماسة ابن الشجري مختارات بديعة من شعره، قتل ابن الطثرية يوم الفلج سنة (126هـ) في حرب كعب مع بني حنيفة، وأخته زينب بنت الطثرية شاعرة أيضا رثته في عدة قصائد. (أنظر: الأغاني:8/113، الأعلام:8 /183)
6- الصمة القشيري: وهو الصمة بن عبد الله بن الطفيل بن قرة القشيري الكعبي: شاعر غزل بدوي، من شعراء العصر الأموي، ومن العشاق المتيمين، كان يسكن بادية العراق، وانتقل إلى الشام. ثم خرج غازيا يريد بلاد الديلم، فمات في طبرستان في حدود سنة (95هـ) (أنظر: الأغاني:6/ص5 وما بعدها، والأعلام:3/209)
8- سعيد بن عمرو بن الأسود الحرشي: قال الذهبي في تاريخ
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 89 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الإسلام: 8/115: ((قيل كان صعلوكا يسأل على الأبواب، ثم صار سقاء، ثم صار جنديا، إلى أن ولي إمرة خراسان من قبل عمر بن هبيرة ثم عزله وسجنه، فلما ولي خالد القسري العراق أخرجه من السجن وأكرمه، فلما هرب ابن هبيرة من سجن خالد بن عبد الله نفذ سعيدا هذا في طلبه فلم يدركه، فقدم سعيد على هشام ابن عبد الملك فأمره على حرب الخزر، فسار وبيتهم فقتل منهم عددا لا يحصر)).
ويظهر من الحموي أنه عمل بعد ذلك مع المهدي العباسي فكان رئيس شرطته، قال: ((سوق العطش: كان أكبر محلة ببغداد بالجانب الشرقي بين الرصافة ونهر المعلى، بناه سعيد الحرشي للمهدي وحول إليه التجار ليخرب الكرخ، وقال له المهدي عند تمامها: سمها سوق الري، فغلب عليها سوق العطش، وكان الحرشي صاحب شرطته ببغداد، وأول سوق العطش يتصل بسويقة الحرشي وداره والاقطاعات التي أقطعها له المهدي هناك، وهذا كله الآن خراب لا عين ولا أثر ولا أحد من أهل بغداد يعرف موضعه)) (معجم البلدان:3/284)
9- عبد الله بن الحشرج بن الأشهب بن ورد بن عمرو بن ربيعة بن جعدة الكعبي: فارس، أمير، من سادات قيس عيلان، ومشاهير أهل
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 90 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الجود والكرم، حتى عذل من أقربائه على التبذير، قال أبو الفرج في الأغاني:12/17 وما بعدها مختصرا: ((كان عبد الله بن الحشرج سيدا من سادات قيس، وأميرا من أمرائها، ولي أكثر أعمال خراسان، من أعمال فارس وكرمان، وكان جوادا مملحا، وفيه يقول زياد بن الأعجم:
إن السماحة والشجاعة والندى * في قبة ضربت على ابن الحشرج
وكان أبوه الحشرج بن الأشهب سيدا أميرا شاعرا، قد غلب على قوهستان -موضع ببلاد فارس-، زمن عبد الله بن خازم- السلمي، وكان واليا لبني أمية على خراسان، فلما ثار ابن الزبير حول ولائه إليه- فأرسل إليه ابن خازم المسيب بن أوفى القشيري، فقتله وأخذ قوهستان)).
10- زائدة بن نعمة بن نعيم بن نجيح: أبو نعمة القشيري، المعروف بالمجفجف، بجيمين وفاءين، الشاعر البدوي مدح سادات العرب وأهل البيوت، وله في سيف الدولة صدقة -بن مزيد من أمراء الدولة المزيدية في الحلة- وابنه مزيد عدة قصائد، ودخل الشام ومدح ملوكها. (الوافي بالوفيات:14/114)، وقال ابن عساكر:18/298: ((شاعر بدوي كثير الشعر، نقي الألفاظ، مختارها مستطرف المعاني قليل اللحن حسن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 91 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفن، يمدح من العرب السادات وأهل البيوتات، وله في صدقة بن مزيد ما شئت من القصائد الناصعة والمعاني الرائعة))
11- غرس الدولة: أبو رافع، مياس بن مهري بن كامل بن الصقيل القشيري: الأمير، قال السيد الأمين في أعيان الشيعة:10/197: ((ذكره الحافظ غيث بن علي في تاريخ صور، وقال دخل الأمير غرس الدولة مدينة صور سنة (462هـ)، وحدث بها عن أبي نصر محمد بن محمد الزينبي وطبقته، سمع منه بها أبو إسحاق القباني، والشريف أبو الحسن علي بن محمد الهاشمي، وذكره الأمير أبو نصر بن ماكولا، وقال: صديقنا الأمير أبو رافع مياس سمع بدمشق ومصر وبغداد، روى عنه ابنه إبراهيم بن مياس توفي بالرحبة سنة (472هـ).
12- بلج بن بشر بن عياض القشيري: أحد قادة هشام بن عبد الملك، سيره هشام على مقدمة جيش كثيف، مع عمه كلثوم بن عياض، إلى إفريقية، لما ثار أهلها بأميرهم ابن الحبحاب، فنزل كلثوم وبلج بالقيروان، وقاتلا البربر، فقتل كلثوم (في أوائل سنة 124هـ) وحصر بلج إلى أن جاءته مراكب أمير الأندلس فركبها مع أصحابه،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 92 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ورحل إلى الأندلس فارتاح قليلا، ثم عاود الكرة على البربر، وأوغل فيهم، فخافه أمير الأندلس (عبد الملك ابن قطن) فدعاه إلى الخروج منها، فقبض عليه بلج وقتله، واستولى على البلاد. فانتظمت له أمورها أحد عشر شهرا، وتوفي متأثرا من جراحات أصابته في إحدى المعارك. وكانت عاصمته قرطبة. (الأعلام:2/73)
13- الحسن بن عريب بن عمران الحرشي: من أمراء العرب بالعراق، كان شاعرا، سمحا جوادا، كريما ، ربما وهب المائة من الإبل. ومن شعره وأجاد:
صحا قلبه لا من ملام المؤنب * ولا من سلو عن سليمى وزينب
سوى زاجرات الحلم إذ وضحت له * حواشي صبح في دياجر غيهب
وطار غراب الجهل عن روض رأسه * وكلت قلوص الراكب المتحوب
وقضيت أوطار الشبيبة والصبا * سوى رشفة من بارد الظلم أشنب
(تاريخ الإسلام:45/57 )
14- محمد بن سعيد بن عبد الرحمن القشيري: أبو علي، مؤرخ، من حفاظ الحديث. من أهل حران، نزيل الرقة ومؤرخها. له (تاريخ الرقة ومن نزلها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله والتابعين والفقهاء والمحدثين)، توفي عام (334هـ). (الأعلام:6/138)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 93 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ومن مشاهير موالي كعب
1- مسلم بن الحجاج القشيري: صاحب الصحيح، وهو: مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد بن كرشان القشيري النيسابوري، ((أحد الأئمة الحفاظ واعلام المحدثين، رحل إلى الحجاز والعراق وسمع من أئمتها، وقدم بغداد مرارا، وأخذ عن البخاري وكان صديقا له كثير المناضلة عنه، وأخذ عن أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه والقنعبي وخلق كثير وجمع صحيحه من ثلاثمائة ألف حديث... وأقام بعد رحلاته العديدة ببلدة نيسابور وكان له املاك وثروة. فبقى يتاجر بها حتى توفي (261هـ). وله تأليف كثيرة نافعة أشهرها المسند الصحيح، ومنها كتاب العلل، وكتاب الوحدان. (معجم المطبوعات العربية:2/1745)
2- زهير بن حرب بن شداد: أبو خيثمة، من مشاهير رواة الحديث، قال ابن حبان في الثقات:8/256: ((سكن بغداد، ومات في ربيع الأول سنة (234) وكان ضابطا متقنا من أقران أحمد بن حنبل. أقول: روى عنه الصدوق في علل الشرائع في باب الجمع بين الصلاتين، واستدل السيد ثامر العميدي في كتابه واقع التقية 178 على عمله بالتقية زمن المأمون، قال ملخصا: ((روى الحافظ ابن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 94 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عساكر، عن محمد بن عبد الله الحافظ...سمعت الحسين بن الفضل البجلي يقول: دخلت على زهير بن حرب بعد ما قدم من عند المأمون، وقد امتحنه، فأجاب إلى ما سأله، فكان أول ما قال لي: يا أبا علي! تكتب عن المرتدين؟ فقلت: معاذ الله، ما أنت بمرتد، وقد قال الله تبارك وتعالى: (ومن كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان)، فوضع الله عن المكره ما يسمعه في القرآن. قلت: إن قول زهير بن حرب: يا أبا علي تكتب عن المرتدين؟ فيه دلالة قوية على عمل زهير بن حرب بالتقية طيلة حكم المأمون وقبل أن يمتحن زهير بذلك، وتوضيحه: إنه كان يرى أن من يقول بخلق القرآن هو من المرتدين، ولا شك أن المرتد تجب عليه أحكام الردة، وعلى هذا القول يكون المأمون وولاته من المرتدين! ولعمري، أي تقية أوضح من هذه التقية، إذ كيف له أن يلقى الله بإمامة مرتد والصلاة خلف ولاته المرتدين، وأخذ عطائه منهم، والتقيد بأوامرهم، وهم من المرتدين، فالتقية إذن عند من أجاب إلى ما سأله المأمون أو امتنع، ويرى رأي زهير بن حرب واقعة لابد)).
3- جعفر بن سليمان الضبعي الحرشي البصري: عده الشيخ الطوسي في رجاله ص176 في أصحاب الإمام الصادق عليه السلام . قال ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار ص252: ((كان ينزل في بني ضبيعة -بن ربيعة، بطن من ربيعة بن نزار- فنسب إليها، كان يتقشف ويجالس الصالحين مات سنة ثمان وسبعين ومائة، وكان يتشيع ويغلو فيه)). وذكره في الثقات:6/140، ونص على تشيعه وعلى توثيق العلماء له. وقال الصفدي في الوافي بالوفيات:18/245، في ترجمة عبد الرزاق الصنعاني: أنه سئل عمن أخذ هذا المذهب (التشيع)، فقال: قدم علينا جعفر بن سليمان الضبعي فرأيته فاضلا حسن الهدى فأخذت هذا عنه.

1 ) بياض في الأصل.
2 ) قيل أن آفراسياب كان من بقايا السلاجقة في البصرة، وكانت أمه من أهالي الدير؛ ولذا لقب بآفراسياب الديري، كان يعمل كاتبا للجند في البصرة عند الوالي العثماني علي باشا، وبسبب رفض القبائل العربية للحكم العثماني وكثرة الثورات، باع الوالي العثماني منصبه الى آفراسياب بثمانية أكياس رومية وذلك سنة (1005هـ_1596م)، فتولى آفراسياب الحكم في البصرة، ومن بعده ولده حتى سنة (1078هـ)، واصطنع آفراسياب القبائل العربية فتألفهم، فأصبح الكثير منهم من أعوانه ومحبيه ومنهم قبيلة كعب. (أنظر: العراق بين احتلالين:4/138، التحفة النبهانية:ص309 وما بعدها)