سلسلة القبائل العربية في العراق (12) قبيلة عُقيل

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 1 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
اسلسلة القبائل العربية في العراق (12)
قبيلة عُقيل
عبد الهادي الربيعي
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 2 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 3 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم
بنو عقيل قبيلة تجارة وإمارة، فقد اشتهرت قوافل عقيل التجارية في الجزيرة العربية في العصور الوسطى بهيبتها وضخامتها، كما مارست هذه المهنة في العراق أيضا، فكانت تشرف على التجارة بين العراق والأقطار المجاورة وربما الى الهند والصين، وكان في بغداد محلة تحمل اسمهم (اعگيل) حيث كانت ترد قوافلهم الى هذه المنطقة محملة بالحرير والمسك والحلي من البصرة والشام والجزيرة العربية.
كما كانت لها الهيمنة السياسية على العراق لعشرات السنين، كما سنبين ذلك مفصلا في مطاوي هذا الكتاب.
عبد الهادي الربيعي
6/ جمادى الثانية/1432 هـ
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 4 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

الفصل الأول : نسب القبلية

ونبحث فيه:

1- نسب القبيلة

قبيلة عُقيل هي إحدى القبائل الست العظيمة من بني عامر بن صعصعة، وتعود في نسبها الى: عُقيل -بضم النون- بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن. (جمهرة النسب: ابن الكلبي:332، جمهرة أنساب العرب: ابن حزم:290، نهاية الأرب: القلقشندي:360، اللباب في تهذيب الأنساب:ابن الأثير:2/350،الاشتقاق: ابن دريد:169)، وخالف السمعاني في الأنساب، فنسب عقيلا الى: كعب بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، ولعله من سهو القلم. (الأنساب: 4/218/ ط: دار الجنان -بيروت- 1988، وج9/22/ ط: مكتبة ابن تيمية -القاهرة- 1980).

2- بطون عقيل القديمة

قال ابن الكلبي في الجمهرة ص332 مختصرا: ((ولد عقيل بن كعب: ربيعة، وعامرا، وعمرا، وعبادة، وأمهم عاترة من بني أسد. وعوف، وعبد الله، ومعاوية، وأمهم من بني الليث... والعدد من
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 5 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عقيل: في عامر، ثم عمرو، وعبادة))، فمن هؤلاء تفرعت بطون عقيل، ومن أهم هذه البطون:
1- بنو ربيعة بن عقيل: أولد بطونا أربعة، وهم: رياح، وعمرو، وعويمر، وكعب، ويعبر عنهم بالخلعاء؛ لأنهم كانوا لا يعطون أحدا (ملكا) طاعة (جمهرة النسب:333)، قال الشاعر:
فلو كنت من رهط الأصم بن مالك * أو الخلعاء أو زهير بن عبس
(الاشتقاق:170).
2- بنو عبد الله بن عقيل: بطن صغير ليس منهم مشهور. (جمهرة النسب:333)
3- بنو عامر بن عقيل: ومن أهم بطون هذه القبيلة:
أ- المنتفق (واسمه معاوية) بن عامر: وسنفرد لهم كتابا خاصا إن شاء الله.
ب- عوف بن عامر، والعدد في ولده خويلد بن عوف، منهم: الأعلم بن خويلد، وعقال بن خويلد من مشاهير الفرسان في الجاهلية. (جمهرة النسب:334 ، جمهرة أنساب العرب:290).
ت- بنو ربيعة بن عامر بن عقيل. (نهاية الأرب: القلقشندي:261)
ث- آل عامر: قال القلقشندي ص330: ((وهم: بنو عامر بن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 6 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عوف بن مالك بن سعد -بن عوف بن عامر بن عقيل-، وهم اخوة المنتفق، ومسكنهم بجهات البصرة)). أقول: ويعبر عنهم الآن بأولاد عامر، ويسكنون البصرة، وبعض مناطق الخليج، والظاهر أن آل عامر كانوا فروعا عديدة، منها: القديمات، والنعائم، وقباث، وقيس، ودنفل، وحرثان، وبنو مطرق، وديارهم في الأحساء والقطيف (عرب البحرين:23).
وقال ابن خلدون ج4 ص92 من تاريخه: أن آل عصفور والمتغلبين على البحرين هم بنو عامر بن عوف بن عامر بن عقيل.
ج: آل أبي جرادة، وهم بنو: عامر بن ربيعة بن خويلد بن عوف بن عامر بن عقيل بن كعب بن عامر بن صعصعة صاحب أمير المؤمنين عليه السلام ، وآل أبي جرادة طائفة كبيرة مشهورة بحلب وهم شيعة، وفيهم العلماء والفضلاء والشعراء والكتاب والقضاة. وبيت أبي جرادة بيت مشهور من أهل حلب، أدباء شعراء فقهاء عباد زهاد قضاة، يتوارثون الفضل كابرا عن كابر وتاليا عن غابر. (معجم الأدباء:16/5، الكنى والألقاب:1/35)، ومن أشهر أعلامهم: كمال الدين عمر بن أحمد بن أبي الفضل، المعروف بابن العديم صاحب كتاب بغية الطلب في تاريخ حلب.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 7 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
4- بنو عمرو بن عقيل، ومنه تحدر بنو خفاجة بن عمرو بن عقيل: وسنفرد لهم كتابا خاصا في هذه السلسلة إن شاء الله.
5- بنو عُبادة بن عقيل: ومن أشهر فروع عُبادة:
أ- بنو الأخيل: وهم بنو كعب (الرحالة) بن معاوية بن عبادة بن عقيل، وهو والد ليلى الأخيلية الشاعرة، والأخيل في اللغة: اسم طائر تسميه العرب: الشقراق، وهم يتشائمون منه. (المصدر السابق:90)
ب- بنو معاوية بن حزن بن عبادة بن عقيل بن كعب. (معجم قبائل العرب:3/1118)
ت- آل المسيب: وهم الذين أسسوا دولة آل المسيب في الموصل، وحلب. (المصدر السابق:2/720).
ث- بنو مقن: بطن من بني عبادة من عقيل بن كعب، وفيهم أمراء وجماعة أكابر. (اكمال الكمال:7/127)، كانت لهم إمارة في تكريت، قال ابن خلدون في تاريخه:4 :282، في كيفية استيلاء صدقة الأسدي أمير الحلة على تكريت: ((كانت تكريت لبني مقن من بني عقيل، وكانت إلى آخر سبع وعشرين وأربعمائة بيد رافع بن الحسين بن مقن، فلما مات وليها ابن أخيه أبو منعة بن ثعلب بن حماد...)).
ج- بنو يُزيد (بضم الياء) بن عبد الله بن يزيد بن قيس بن حوثة بن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 8 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
طهفة بن حزن بن عبادة، عشيرة الأمير أبي المنيع شرف الدولة محمد بن مرداس. (نهاية الأرب في فنون الأدب:2/ 340)
6- بنو عوف بن عقيل: بطن، منهم: ثور بن أبي سمعان بن كعب بن عامر بن عوف، قاتل توبة بن الحميِّر الشاعر، ومن أجل ذلك أجلي جميع بني عوف، فتحملوا الى الجزيرة الفراتية. (جمهرة النسب:341، جمهرة أنساب العرب:291)، وكانوا أول من سكن الجزيرة من بني عقيل في حدود سنة 80هـ. (الوافي بالوفيات:10/296)
7- بنو معاوية بن عقيل: وهم بطنان: بنو عامر بن معاوية، وبنو جندعة. (جمهرة النسب:342)
8- بنو عصفور، وهم أبناء عصفور بن راشد بن عميرة العقيلي، استولوا على إقليم البحرين في حدود عام 651هـ، وسيأتي الحديث عن إمارتهم وأهم رجالاتهم لاحقا.
9- بنو جبر: مؤسسو السلطنة الجبرية في بلاد البحرين. (عرب البحرين:د/ محمد محمود خليل:96)

3- مساكن بني عقيل

كانت منازل بني عقيل في العصر الجاهلي، وحوالي قرنين من
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 9 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
العصر الإسلامي في اليمامة، ثم تمتد جنوبا بشكل طولي بوادي بيشة حتى تثليث، وتقترب شرقا الى البحرين.
وبيشه وادٍ ينحدر من جبال اليمن باتجاه نجد شمالا، قال الحموي في معجم البلدان: 1/529: ((وفي بيشة بطون من الناس كثيرة من خثعم وهلال وسواءة بن عامر بن صعصعة وسلول وعقيل والضباب وقريش، وهم بنو هاشم))، وقال: ((وجميع بني خفاجة يجتمعون ببيشة وزينة، وهما واديان، بيشة تصب من اليمن، وزينة تصب من سراة (جبال) تهامة))، ومن قراهم هناك: أثفية، وثرمداء وهما لبني عبادة بن عقيل، وعقيق تمرة، وخزبة معدن: لبني عبادة بن عقيل بين عمايتين، والعقيق من ناحية اليمامة، وبها أمير ومنبر (معجم البلدان:2/367)، ورنية: وهي قرية قرب تثليث، والمقترب: قرية لهم باليمامة، والمذنبان، وكتنة، ورياض الرباب قرب بيشة.
ومن مياههم: برك، والبردان، والبسرة، والثغيد، وجروس، والجفرة، وحريز ماء لهم بتثليث، والحصيص، والحنثرة، وذنب الحليف، والغر، والقُلُب، ونعام، والهدراء: وهو ماء بين بني عقيل وبني الوحيد من كلاب، وحموة، والطثرة، وهبالة، وهوتى.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 10 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ومن جبالهم: أشمس، وأفيح، والأقعس، وأوق، وجشر: وهو مجاور لديار بني الحارث بن كعب، وروضة دعمي، والشراء، والكتمان.
ومن مواضع بلاد عقيل: أراكة، والأرسان، بدوتان: وهما هضبتان بينهما ماء لبني ربيعة بن عقيل، وقد ظلوا بالبادية، ولم يلحقوا بالجزيرة، وبُقيِّع: يقع وراء اليمامة متاخم لبلاد اليمن، وتثليث، وجبان، وحجر الراشدة، ورمل الجزء: بين الشحر ويبرين، طوله مسيرة شهرين، وتنزله أفناء القبائل من اليمن ومعد وعامتهم من بني خويلد بن عقيل، قيل إنه يسمى بذلك لان الإبل تجزأ فيه بالكلأ أيام الربيع فلا ترد الماء، والجزء رمل لبني خويلد بن عامر بن عقيل، ودارة مأسل، ودهر، وزهو، وشبوة، وعمق، وقرون البقر، ومعدن البرم، والمرانة، والوحفان.
ومن أوديتهم: البدي، والخنوقة، ودثاق، والركاء، وكلاب. (راجع: معجم البلدان، ومعجم ما استعجم، وصفة جزيرة العرب، والروض المعطار في المواد المذكورة).
ثم سكنوا في أوائل الفتوح الإسلامية البصرة والكوفة مع سائر قبائل قيس عيلان، وكان الى حدود سنة 200 هـ محلة في البصرة تعرف بمحلة بني عقيل (معجم الأدباء:5/2069)، وبقي قسم كبير منهم في بلادهم جنوب نجد، ويظهر أنهم اقتربوا الى جهات البحرين - الأحساء
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 11 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
حاليا - في العصور الإسلامية الأولى، إذ نص المؤرخون على أن هجرتهم الى شمال العراق والشام كانت من البحرين، ففي المفصل في تاريخ العرب:4 /522: ((وكانت مساكن عقيل بالبحرين وهاجروا الى العراق))، وقال القلقشندي في نهاية الأرب ص366: ((وكانت مساكنهم (بنو عقيل) بالبحرين في كثير من قبائل العرب، وكان أعظم قبائلهم هناك: بنو عقيل، وبنو تغلب، وبنو سليم، وكان أظهرهم في الكثرة والعز تغلب، ثم اجتمع بنو عقيل وتغلب على بني سليم حتى أخرجوهم من البحرين الى مصر...ثم اختلفت بنو عقيل وبنو تغلب بن مرة، فغلبت بنو تغلب على بني عقيل وطردوهم من البلاد، فساروا الى العراق، وملكوا الكوفة والبلاد الفراتية)).
وقال ابن خلدون في تاريخه:4/92: ((كان بأعمال البحرين خلق من العرب، وكان القرامطة يستنجدونهم على أعدائهم ويستعينون بهم في حروبهم، وربما يحاربونهم ويقاطعونهم في بعض الأوقات، وكان أعظم قبائلهم هنالك بنو ثعلب، وبنو عقيل، وبنو سليم، وأظهرهم في الكثرة والعزة بنو ثعلب، ولما فشلت دولة القرامطة بالبحرين، واستحكمت العداوة بينهم وبين بني بويه، بعد انقراض ملك بني الجنابي... واستولى بنو مكرم على عمان، ثم غص بنو ثعلب بسليم واستعانوا عليهم ببني عقيل، وطردوهم من البحرين فساروا إلى
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 12 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
مصر، واختلف بنو ثعلب وبنو عقيل بعد مدة، وطردهم بنو ثعلب إلى العراق، فملكوا الكوفة والبلاد العراقية)). (وج4 ص118 من طبعة دار الفكر/2001 ، مراجعة: د/سهيل زكار)
ويعني ببني ثعلب قبيلة تغلب بن وائل؛ بدليل أنه ذكر في الجزء المذكور ص228 بطونا نجزم أنها من تغلب بن وائل، كبني عدي وبني حمدان. أما نسبة القلقشندي تغلبا الى مرة فهو سهو أو اشتباه.
وربما كانت الحرب المقصودة هنا بين تغلب وبني عقيل وهي وقعة أبي العلاء سعيد بن حمدان، والد أبي فراس الحمداني الشاعر ببني عقيل في موضع وراء نجد يقال له شرج، من أرض العالية، نقل ذلك ابن العديم في بغية الطلب ص4293 عن ابن خالوية ووصفها بأنها كانت وقعت عظيمة، وفي ذلك يقول سعيد بن حمدان:
نبئتها تسأل عن موقفي * بأرض شرج والقنا شرع
وعن عقيل إذ صبحناهم وقد * تلاقى الحسر والدرع
وكانت قد سبقتها وقعة له ببني سليم لاعتراضهم حجاج مكة، فاستعان بعقيل عليهم كما يظهر ذلك في شعر ولده أبي فراس الحمداني وهو يفخر بأبيه:
له بسليم وقعة جاهلية * تقر بها فيد وتشهد حاجر
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 13 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
شفت من عقيل أنفسا شفها السرى * فهوَّر عجلان وهوَّم ساهر
ولم اعثر على ذكر لتاريخ وقعة تغلب ببني عقيل وزمن انتقال عقيل الى العراق، لكن من المؤكد أنها كانت قبل سنة 318هـ، حيث كان سعيد بن حمدان واليا على الكوت، ثم استبدله الخليفة العباسي بعلي بن يلبق وبعث ابن حمدان لقتال الروم، ثم قتل سعيد بن حمدان في الموصل سنة 323هـ.
وكانت دفعات من بني عقيل قد سكنت الجزيرة وحلب قبل هذا التاريخ، فقد مرَّ أن بني عوف بن عقيل تحملوا الى الجزيرة الفراتية في حدود سنة 80هـ، إثر مقتل توبة بن الحميَّر.
وقال الزبيدي في تاج العروس:4/389، عن هجرة آل آبي جرادة العقيليين: ((كان آل آبي جرادة يسكنون البصرة، ثم انتقلوا بسبب الطاعون الجارف سنة 51 هـ الى حران، ثم الى حلب))، لكن الحموي في معجم الأدباء:5/2069 قال: ((كان عقب بني جرادة من ساكني البصرة في محلة بني عقيل بها، فكان أول من انتقل منهم عنها موسى بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة الى حلب بعد المائتين للهجرة تاجرا))، وذكر من قراهم في حلب ص2075: أورم، وأقذار، والسين، ولؤلؤة، ويحمول.
ويظهر من ابن الأثير في الكامل:8/700، أن عقيلا أو بعضهم
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 14 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
هاجروا الى الشام أولا قبل انتقالهم الى العراق، وأن بني حمدان اضطروا للاستنجاد بهم مرة أخرى حين كانوا في الشام، قال في حوادث سنة 369 ملخصا: ((سار فضل الله بن ناصر الدولة بن حمدان لتخليص دمشق بعد أن تغلَّب عليها رجل من أهلها اسمه قسام، فأراد أن يستعين بالعزيز الفاطمي عليه، وكانت عقيل في الشام فانضموا إليه، فلما وصل الرملة في فلسطين خافه صاحبها دغفل بن مفرج الطائي، فاستعد لقتاله وتصاف الناس للحرب، فكانت الغلبة على ابن حمدان، فقتل في المعركة، وكانت معه أخته جميلة بنت ناصر الدولة وزوجته وهي بنت عمه سيف الدولة، فلما قتل حملهما بنو عقيل إلى حلب إلى سعد الدولة بن سيف الدولة، فأخذ أخته، وسير جميلة إلى الموصل))، وقد أدت هذه الحادثة الى توثيق العلاقة بين بني عقيل وبني حمدان أمراء الشام وشمال العراق يومذاك، فتحول العقيليون الى منطقة الجزيرة، قال الهمداني في صفة جزيرة العرب ص246 : ((ومربعا والخابور لبني عقيل أعلاه لبني مالك، وبني حبيب، والباقي منه لبطون تغلب))، وكان أول ظهور لعقيل على ساحة الأحداث السياسية في العراق سنة 380هـ كمقاتلين الى جانب بني حمدان، حتى تمكنوا من تأسيس دولتهم على أنقاض دولة بني حمدان.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 15 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

الفصل الثاني : العشائر العقيلية المعاصرة

ثمة عشائر كبيرة وذات ثقل ووزن اجتماعي في العراق، وبلدان الخليج لاسيما البحرين واقليم خوزستان، ترجع في نسبها الى عقيل بن عامر، وهذه مجموعة من العشائر التي نص الباحثون في الأنساب على كونها من عقيل.
1- أولاد عامر: قال الاستاذ ثامر العامري في موسوعة العشائر العراقية:5/237، أنها من عقيل بن كعب، دخلت العراق من الأحساء أبان العهد العثماني، وتوزعت ما بين البصرة وسوق الشيوخ وخوزستان، وينقسمون الى أربعين فرعا.
أقول: تتميز هذه العشيرة بإقامة المواكب والمآتم الحسينية بكثافة وحماسة عالية في البصرة وكربلاء.
2- الأجود: فرع من بني جبر ملوك البحرين، ويرجع نسبهم الى الأجود بن زامل العقيلي، وهم اخوة المنتفق أو بني عمومتهم (عشائر العراق: العزاوي:4/76، موسوعة العشائر العراقية: ثامر العامري:4/47، القاموس العشائري العراقي: 1/26) ويشكلون ثلث قبائل المنتفق؛ لذا سنؤجل الحديث عنهم
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 16 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الى كتاب عشائر المنتفق.
3- الخويلد: وهم أبناء خويلد بن عوف، لازالوا يحتفظون باسم القبيلة القديم، ويسكنون الحلة والنجف.
4- عبادة: وهي قبيلة كبيرة، وهم أبناء عبادة بن عقيل بن كعب، انتشروا في العراق بعد زوال إمارة العقيليين شمال العراق، فنزل أكثرهم الغراف، ثم تفرقوا منه الى أنحاء أخرى من العراق، وتتفرع عبادة الى عشائر كثيرة، منها:
1- الأركية: فرع من عشيرة عبادة العقيلية، ويسكنون المقدادية وأطرافها، وينقسمون الى اثني عشر فرعا، وهم الآن مع قيس. (موسوعة عشائر العراق: الروضان:1/17)
2- آلبو مهاوش: ويسكنون الفهود ومناطق أخرى من ذي قار، وينقسمون الى سبع فروع. (المصدر السابق:2/93)
3- آل عثمان: ويسكنون الفهود أيضا، وهم خمس فروع.
4- آل فرحان: فرعان، وهم في الفهود أيضا.
5- آلبو عبد علي: خمس فروع
6- النصاروة: وهم من أكبر عشائر عبادة، ويسكنون الفرات الأوسط -كربلاء والنجف وبابل-، وهم سبعة عشر فرعا، ينقسم بعضها الى
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 17 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فند عديدة.
7- عشيرة الحجاج: ويسكنون المدينة والهوير شمال البصرة، وينقسمون الى ست فروع.
8- آلبو غربة: وينقسمون الى ثلاث فروع رئيسية، وهم: أ- الحسينات: وهم عشر فروع تتوزع في البصرة وگرمة علي وقلعة صالح والقرنة والشرش...ب- اليفاتة: وأكثرهم في البصرة وميسان وواسط. ت- الرجيبات: ويسكنون البصرة.
9- آلبو سليمي: ويسكنون شمالي البصرة الهارثة، والماجدية وما جاورها، وهم فروع ثلاث: البو حاجي، وينقسمون الى خمس فند. بيت مناف، سبع فند. المضاخنة، ثلاث فند.
10- آل ثامر: أربع فروع
11- الشلاهوة: ويسكنون البصرة، وينقسمون الى عشر فروع.
12- آلبو شتال: يسكنون قضاء المدينة، وهم اثنا عشر فرعا.
13- آلبو مشيع: ويسكنون ناحية النشوة شمال البصرة.
14- الهلالية: وهم ثلاث فرق، تتبعها بعض الفند، ويسكنون الشطرة.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 18 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
15- الشغانبة: ويسكنون بين الدير وگرمة علي، وهم أربعة عشر فرعا.
16- ثلاثة عشر فرعا أخرى في محافظة البصرة وأقضيتها. (موسوعة عشائر العراق:2/من ص92 - 100 مختصرا)
17- الدفافعة: قال العامري:5/92 ملخصا: ((تعددت الآراء في انتسابهم القبلي، فمنهم من اعتبرهم من شمر طوگة، لكن اتضح من رؤساء العشيرة أنهم من عبادة بن عقيل، وذكر لهم اثنين وثلاثين فرعا، ومن عبادة أيضا الدفافعة في ديالى، وهم خمس فروع)).
5- عقيل (عگيل): من العشائر الكبيرة والعريقة في العراق وذات ثقل سكاني كبير، وهم منتشرون في أنحاء العراق كافة، ومن بطونهم الرئيسية التي ذكرها ثامر العامري في ج3 من موسوعة العشائر العراقية ص111 وما بعدها، مختصرا:
1- عگيل آلبو عمار: منتشرون في أنحاء العراق كافة، وهم اثنا عشر فرقة.
2- عگيل آلبو شهيب: ويسكنون بغداد، وينقسمون الى سبع فرق.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 19 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
3- عگيل الحي: وهي عشيرة كبيرة تنقسم الى خمس فروع، ينحدر من كل فرع فند عديدة.
ومن عشائر عقيل في خوزستان:
1- البراوية: بطن من العجرش من عبادة، نزحوا الى الأهواز ما بين 950 - 1000 هـ، واستوطنوا المطيحة على ضفاف نهر الكرخة، والعلاف، ومنهم يسكنون الميناو، وينقسمون الى ثلاث بطون. (القبائل والعشائر العربية في خوزستان: الطرفي:28، أنساب القبائل العربية في خوزستان: السبهاني:159)
2- البو حمادي: بطن من العجرش من عبادة، نزحوا الى الأهواز قبل 200 سنة، ويسكنون السابلة في الخفاجية. (السبهاني:138)
3- الدغاغلة: بطن من العجرش يسكنون ضفاف الكارون. (المصدر السابق:154 )
4- الدفافعة: فرع من عبادة، يقدر عددهم في الأهواز ب-(600) بيت. (المصدر السابق:155)
5- الديالم: من بطون آل عامر، يسكنون الحويزة. (الطرفي:49، السبهاني:156)
6- آل عامر (أولاد عامر): ويسكنون الميناو، وعلى ضفاف نهري الكرخة والدز، وينقسمون الى تسعة أفخاذ. (السبهاني:191)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 20 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
7- عبادة: وهي عشيرة كبيرة ومعروفة، ويسكنون الضفة الشرقية لشط العرب في المحمرة والجرف وكويبدة (چويبدة)، والمنيوحي، ومنهم في الأمانية في الأهواز، وكوت سيد صالح وغيرها من المناطق. (السبهاني:191، الطرفي:68)
8- العجرش: فرع من عبادة، ويعدون الآن جزءا من المحيسن من كعب، ويسكنون منطقة العجرشية على الكارون، وبعضهم على نهر الجراحي، وأخرون في الهنديجان، والأهواز. (السبهاني:197، الطرفي:71)
9- العوابد: بطن من عبادة، لكنهم الآن في عداد المحيسن، ومنازلهم في هنديجان، وخور البزية على ساحل الخليج، وميناء ريق (بندر ريگ) وغيرها من سواحل الخليج. (السبهاني:200)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 21 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

الفصل الثالث : نبذة من تاريخ عقيل

خاضت عقيل غمار الحروب مع عشيرتها الأم كعب بن ربيعة، وبعضها مشاركة للقبيلة الأصل عامر بن صعصعة، وتحملت أعباء بعضها منفردة، وهذه بعض تلك الأيام والوقائع:
1- يوم النُّخيل: ويسمى يوم وادي النساح أيضا (الاغاني:5/16) والنخيل موضع قرب حضرموت كما في معجم البلدان:5/278، وفيه التقت جعفي من سعد العشيرة مع مجموعة من القبائل المضرية كتميم وذبيان وأسد وعامر، يقودهم: الأعلم، وربيعة، وعقال بنو خويلد بن عوف، وفيها قتل دهر الجعفي ملك اليمن. (جمهرة النسب:334)، وفيها يقول الأعلم بن خويلد بيته المشهور الذي استشهد به النحويون:
نحن اللذون صبحوا الصباحا * يوم النخيل غارة ملحاحا
نحن قتلنا الملك الجحجاحا * ولم ندع لسارح مراحا
ولا ديارا أو دما مفاحا * نحن بنو خويلد صراحا
(خزانة الأدب: البغدادي:6/23)
2- يوم شعب جبلة: وقد ذكرنا هذه الوقعة في أكثر من موضع من
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 22 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
هذه السلسلة، ومن أبطال هذا اليوم: الأعسر بن عبادة بن عقيل الذي فرت منه بنو أسد (جمهرة النسب:340 )، وعويمر بن أبي عدي بن ربيعة بن عامر بن عقيل، وهو الذي دعا عنترة بن شداد العبسي الى المبارزة، فلم يقدم عنترة على مبارزته، والحارث بن الأبرص بن ربيعة بن عامر بن عقيل الذي قتل زيد بن عمرو بن عدس ذلك اليوم. (جمهرة أنساب العرب:290)
3- يوم قُشمان: وفيه أغار بعض همدان على بني عقيل، فقتلوا منهم رجلين، وفيه يقول هبيرة بن عامر بن ربيعة بن عبادة:
نحن قتلنا ابني وادع كليهما * بقُشمان إذ لا يمنع الضيم دافع
(جمهرة النسب:341)
4- حربهم مع تميم: قال البكري في معجم ما استعجم:2/588: ((دهر وشبوة: موضعان، كانت فيهما وقائع لبني عقيل على بني تميم، هما بين داريهما، قال مزاحم ابن الحارث العقيلي:
وننعم ولا ينعم علينا ومن يقس * ندانا بأندى من تكلم نفضل
وبالخيل من أيامهن وشبوة * ودهر ومن وقع الصفيح المصقل))
5- يوم الحاجر: وهو يوم غزت فيه فزارة بني عامر، فانهزمت بنو عامر، وقتلوا قتلا ذريعا، وشد كرز بن عامر بن الأذلع العقيلي على حصن بن حذيفة بن بدر رئيس فزارة فقتله، فقال شاعرهم:
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 23 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
يا كرز إنك قد فتكت بفارس * بطل إذا هاب الكماة وجببوا
(معجم ما استعجم:2/214)
6 - يوم زهو: وهو موضع في ديار بني عقيل، كانت فيه وقعة فيما بينهم، قال الشنان بن مالك من بنى معاوية بن حزن بن عبادة بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة :
ولو شهدتني أم سلم وقومها * بعبلاء زهو في ضحى ومقيل
رأتني عليما لي لها من كرامة * وسالف دهر قد مضى ووسيل
أذل قيادا قومها وأذيقهم * مناكب ضوجان لهن صليل
(معجم البلدان:3/162)
7- وقعة سحبل: وفيها خرج جعفر بن علية الحارثي في غارة على عقيل، ومعه علي بن جعد الحارثي والنضر بن مضارب فأغاروا عليهم، فخرج في طلبهم بنو عقيل وافترقوا عليهم في الطريق، ووضعوا عليهم الأرصاد على المضايق، وكانوا كلما أفلتوا من عصبة لقيتهم أخرى حتى أتوا بلاد نهد، فرجع عنهم بنو عقيل بعدما فتكوا فيهم. (المصدر السابق:3/194)
8- حروب الفِجار: وشهدت عقيل حروب الفجار، وهي أربع معارك جرت لأسباب مختلفة بين كنانة وهوازن، وسميت فجار؛ لأنها وقعت في الأشهر الحرم، وكانت المعركة الأخيرة أشدهن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 24 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ضراوة، وكان لبني خويلد بن عوف فيها دور بارز، قال ابن حبيب في المنمق ص177ملخصا: ((كان يقود كنانة أبو سفيان، وكان معهم العباس بن عبد المطلب في العنابس يومئذ قيد نفسه لئلا يفر، وقالوا: لن نبرح حتى نموت أو نظهر عليهم، وصفت قيس صفوفها وكان الذي يسوي صفوفها أبو براء عامر بن مالك بن جعفر، وأخذ الراية حرب بن أمية وأخذ راية قيس أبو براء، وخرج الحليس بن يزيد أحد بني عبد مناة، وهو يومئذ سيد الأحابيش فدعا إلى المبارزة، فخرج إليه أبو حرب بن عقال بن خويلد بن عوف بن عقيل بن كعب بن ربيعة فتطاعنا ساعة حتى كسر العقيلي عضد الحليس بن يزيد ثم تحاجزا، ونهض الناس بعضهم إلى بعض فاقتتلوا قتالا شديدا، فكانت الدبرة أول النهار لقيس على كنانة، حتى انهزمت من قريش بنو زهرة، وبنو عدي، وقتل معمر بن حبيب، ورجال من بني عامر بن لؤي)).
9- حربهم مع بني البكاء، وبنو البكاء بطن من عامر بن صعصعة، كانت بينهم وبين عقيل حروب، حتى أنهم أبوا الدخول الى الإسلام قبل أن يصيبوا من بني عقيل مثلما أصابوا منهم. (البداية والنهاية:5/105 ملخصا)
واشتركت عقيل في حروب بني عامر كيوم النفراوات بين عامر
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 25 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وعبس ورئيس عقيل يومذاك معاوية (الأخيل) بن عبادة بن عقيل. (العقد الفريد:3/246) وشهدوا يوم الرقم، وهو لغطفان على عامر (المصدر السابق:3/258).
عقيل أوائل الدعوة النبوية
كانت استجابة قبائل قيس عيلان عامة للدعوة النبوية ضعيفة، وعلى الأخص قبائل هوازن منها، وخصوصا قبيلتا سليم بن منصور وثقيف، وناصبوا النبي صلى الله عليه وآله العداء، وأعدوا العدة لحربه في غزوة حنين.
وكانت قبيلة عقيل حليفة لثقيف فأخذت بجريرة حليفتها، قال الطبراني في المعجم الكبير:18/192: ((فدى رسول الله صلى الله عليه وآله ، رجلين من المسلمين برجل من المشركين من بني عقيل أسرتهما ثقيف، وكانت بنو عقيل حلفاء لثقيف في الجاهلية، وأن ثقيفا أسرت رجلين من المسلمين، فأسر المسلمون رجلا من بني عقيل، وأخذوا ناقة له سبقت الحاج في الجاهلية، وكانت الناقة إذا سبقت في الجاهلية لم تمنع حوضا تشرع فيه، ولا من كلأ ترعا فيه، فجلس الرجل في مكان فمر به النبي صلى الله عليه وآله ، فقال يا محمد: فيما أُحبس أنا وسابقة الحاج؟
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 26 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فقال صلى الله عليه وآله : حبسناك بجريرة حلفائك ثقيف))، ولم يشهد حروب المشركين من عقيل سوى خالد ابن الأعلم العقيلي حليف بني مخزوم، إذ شهدا بدرا وأحدا مع المشركين، وهو الذي قتل عمير بن الحمام بن الجموح يوم بدر. (الاستيعاب:3/1214، شرح نهج البلاغة:14/208)
إلا أن عقيلا وبني عامر عموما لم يشهدوا غزوة حنين وتخلفوا عن قومهم، قال المسعودي في التنبيه والأشراف:235: ((وكان من حضر ذلك اليوم (حنين) من هوزان نصر، وجشم أبناء معاوية بن بكر بن هوزان، وسعد بن بكر بن هوزان، ونفر من بني هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوزان، ولم يحضرها أحد من بني نمير ولد عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر ابن هوزان، ولا من كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، ولا من ولد كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وهم: عقيل، والحريش، وقشير، وجعدة، وعبد الله، وحبيب بنو كعب)).

وفد عقيل الى النبي

قال ابن سعد في الطبقات:1/302: ((عن هشام بن محمد بن السائب، عن رجل من بني عقيل، عن أشياخ قومه، قالوا: وفد منا من
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 27 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بني عقيل على رسول الله صلى الله عليه وآله : ربيع بن معاوية بن خفاجة بن عمرو بن عقيل، ومطرف بن عبد الله بن الأعلم بن عمرو بن ربيعة بن عقيل، وأنس بن قيس بن المنتفق بن عامر بن عقيل فبايعوا وأسلموا وبايعوه على من وراءهم من قومهم، فأعطاهم النبي صلى الله عليه وآله العقيق، عقيق بني عقيل، وهي أرض فيها عيون ونخل وكتب لهم بذلك كتابا في أديم أحمر: ((بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما أعطى محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ربيعا، ومطرفا، وأنسا، أعطاهم العقيق، ما أقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وسمعوا وأطاعوا، ولم يعطهم حقا لمسلم)) فكان الكتاب في يد مطرف....
وقدم عليه أبو حرب بن خويلد بن عامر بن عقيل فقرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وآله القرآن وعرض عليه الاسلام، فقال: أما وأيم الله، لقد لقيت الله أو لقيت من لقيه، وانك لتقول قولا لا نحسن مثله، ولكني سوف أضرب بقداحي هذه على ما تدعوني إليه، وعلى ديني الذي أنا عليه، وضرب بالقداح فخرج عليه سهم الكفر، ثم أعاده فخرج عليه ثلاث مرات. فقال لرسول الله صلى الله عليه وآله : أبى هذا إلاما ترى، ثم رجع إلى أخيه عقال بن خويلد، فقال له: قلَّ خيسك -أي قلَّ خيرك- هل لك في محمد
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 28 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بن عبد الله يدعو إلى دين الاسلام، ويقرأ القرآن وقد أعطاني العقيق إن أنا أسلمت. فقال له عقال: أنا والله أخطك أكثر مما يخط محمد، ثم ركب فرسه وجر رمحه على أسفل العقيق فأخذ أسفله وما فيه من عين. ثم إن عقالا قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله فعرض عليه الاسلام، وجعل يقول له: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ فيقول: أشهد أن هبيرة بن النفاضة -بن معاوية بن عبادة بن عقيل- نعم الفارس يوم قرني لبان -وهو موضع في بلاد مهرة من اليمن-. ثم قال: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: أشهد أن الصريح تحت الرغوة. ثم قال له الثالثة: أتشهد؟ قال: فشهد وأسلم))، ثم وفد رجل آخر من عقيل على النبي صلى الله عليه وآله وهو: ((الحصين بن المعلى بن ربيعة بن عقيل، فأسلم)) (نهاية الأرب: النويري:18/47)

نصرة عقيل للأبناء في اليمن

وكان لبني عقيل موقف نبيل مع الأبناء، وهم قوم من الفرس كانوا في اليمن1، تحملوا أعباء قتال أهل الردة وقتلوا الأسود العنسي المتنبأ، فعادتهم بعض القبائل وأرادت طردهم من اليمن وسبي
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 29 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عيالهم وقتلهم، فأرسل كبيرهم فيروز ((إلى بني عقيل (بن كعب) بن ربيعة بن عامر بن صعصعة رسولا بأنه متفخر بهم، يستمدهم ويستنصرهم في ثقله على الذين يزعجون أثقال الأبناء، وأرسل إلى عك رسولا يستمدهم ويستنصرهم على الذين يزعجون أثقال الأبناء، فركبت عقيل وعليهم رجل من الخلعاء يقال له معاوية، فاعترضوا خيل قيس -بن عبد يغوث بن مكشوح، أحد رؤوس المرتدين- فتنقذوا أولئك العيال، وقتلوا الذين سيروهم وقصروا عليهم القرى، إلى أن رجع فيروز إلى صنعاء. ووثبت عك وعليهم مسروق فساروا حتى تنقذوا عيالات الأبناء، وقصروا عليهم القرى إلى أن رجع فيروز إلى صنعاء، وأمدت عقيل وعك فيروز بالرجال، فلما أتته أمدادهم فيمن كان اجتمع إليه، خرج فيمن كان تأشب إليه ومن أمده من عك وعقيل، فناهد قيسا فالتقوا دون صنعاء فاقتتلوا، فهزم الله قيسا في قومه)) (تاريخ الطبري:2/538)

في وقعة الجمل

وشهد بنو عقيل وقعة الجمل مع الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، وكانوا من أشد الناس على أعدائه، وكانت قيادة قبائل كعب ومنها عقيل الى عزرة بن معاوية، أحد بني الأبرص بن ربيعة بن عامر بن المنتفق العقيلي (جمهرة النسب:335)، ومن المذكورين منهم يوم الجمل: ربيعة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 30 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
العقيلي، قال الطبري:3 /526، ابن الأثير في الكامل:3/249، والضبي في فتنة الجمل ص163: ((ولما قتل ابن يثربي -أحد قادة أصحاب الجمل- تولي ذلك العدوي الزمام (زمام الجمل) فتركه بيد رجل من بني عدي، وبرز فخرج إليه ربيعة العقيلي يرتجز ويقول (مخاطبا عائشة):
يا أمنا أعق أم نعلم * والأم تغذو ولدها وترحم
ألا ترين كم شجاع يكلم * وتختلي منه يد ومعصم
ثم اقتتلا، فأثخن كل واحد منهما صاحبه فماتا جميعا)).
وقال الطبري:3/531، أنه ((جاء رجل من بني عقيل إلى كعب بن سور -قاضي البصرة من قبل عثمان، وكان من قادة أصحاب الجمل- وهو مقتول، فوضع زج رمحه في عينيه ثم خضخضه، وقال: ما رأيت مالا قط أحكم نقدا منك)).
أقول: من المستبعد أن يرضى أمير المؤمنين عليه السلام ، أن يمثل أحد من أصحابه بقتيل، كما وأن شيمة العرب الأصلاء تأبى عليهم ذلك.
ومن المؤكد أنهم شهدوا معركة صفين بتلك الحماسة العالية، إلا أن ما يؤسف له أن التاريخ لم يحفظ لنا اسم أحد منهم في تلك الوقعة.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 31 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

الفصل الرابع : إمارات عقيل في العراق

لعبت قبيلة عقيل دورا سياسيا واقتصاديا مهما في العراق، منذ أن وطئت أقدام العقيليين أرضه الى تاريخنا الحاضر، فقد تمكنوا من بسط نفوذهم السياسي على أنحاء واسعة من العراق أواخر القرن الرابع حتى نهاية القرن الخامس الهجري، وأقاموا دويلات في مناطق عديدة منه، فخضعت لهم قبائل الجزيرة والفرات الأوسط، ودانت لسلطانهم، وهابتهم الدول، وحاباهم الخلفاء والسلاطين، واستمرت إماراتهم أكثر من قرن من الزمن حتى سقطت أقواها - إمارة آل المسيب - على يد التحالف الطائفي الأيوبي السلجوقي.
ويظهر من زامباور في معجم الأنساب والأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي ص205: أن أول أمير لعقيل في أعالي الفرات كان محمد بن صفوان، وذكر أنه توفي في حدود عام 275هـ، استنادا الى بعض الدنانير المضروبة بقرقيسيا في السنة المذكورة.
أقول: ولعله من بني عوف الذين هاجروا الى الجزيرة الفراتية في
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 32 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
حدود سنة 80هـ، وذلك يعني أن دور عقيل السياسي في العراق قد بدأ قبل قرن مما ذكره أهل الأخبار كابن الأثير وابن خلدون وغيرهم، حيث يرد أول ذكر لقبيلة عقيل في الموصل عند ابن الأثير في الكامل في أحداث سنة 377هـ. ومن أهم هذه الإمارات التي أسسها العقيليون في العراق:

1 - إمارة آل المسيب في الموصل

حاول العقيليون ومن معهم من بني عامر بن صعصعة في الشام الاستيلاء على السلطة من يد الحمدانيين في أوج قوة الحمدانيين، أي في عصر سيف الدولة الحمداني، فثاروا عليه سنة 343 هـ، وملكوا سليمية وقنسرين، فخرج إليهم سيف الدولة ومعه ابن عمه أبو فراس الحمداني الشاعر، فجرت بينهم عدة وقعات في القوبر ثم في تدمر، ثم تتبعهم في بادية السماوة، فقتل منهم الكثير، وأخذ منهم أسرى، لكنه عفا عن حريمهم وأكرم كثيرا من الأسرى الذين وقعوا في حوزته، (انظر: مستدركات أعيان الشيعة:7/172) فخضعت له قبائل بني عامر وصاروا من جملة رعاياه، قال ابن خلدون في تاريخه:4/255: ((كان بنو عقيل وبنو كلاب وبنو نمير وبنو خفاجة وكلهم من عامر بن صعصعة، وبنو
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 33 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
طيء من كهلان قد انتشروا ما بين الجزيرة والشام في عدوة الفرات، وكانوا كالرعايا لبني حمدان يؤدون إليهم الإتاوات، وينفرون معهم في الحروب))
((وفي سنة 380 هـ طمع باذ الكردي صاحب ديار بكر بأخذ الموصل من بني حمدان، فأرسل الحمدانيون الى أبي الذَّوَّاد محمد بن المسيب أمير بني عقيل واستنصروه، فطلب منهم الولاية على جزيرة ابن عمر ونصيبين وبلد وغيرها من المدن فأجابوه الى ذلك، فدخل المعركة الى جانبهم، وتمكنوا من قتل باذ الكردي، وإلحاق الهزيمة بجيوشه)). (الكامل في التاريخ:9/71 مختصرا)
((ثم ضعف بنو حمدان بسبب الدخول في حرب أخرى مع أبي علي بن مروان الذي خلف باذا على ديار بكر، فاستغل ابن المسيب العقيلي الموقف، فاستولى على نصيبين وقتل ابن حمدان، ثم سار الى الموصل فملكها)). (المصدر السابق:9/92 مختصرا)
وبذلك أعلن عن قيام إمارة آل المسيب في الموصل، وهم فرع من بني حزن من عبادة بن عقيل، وقد ذكر ابن عديم:9/4157 سلسلة نسبهم في ترجمة سالم بن مالك بن بدران، فقال: هم بنو المسيب بن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 34 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
رافع بن مقلد بن جعفر بن عمرو بن المهيا بن زيد ابن عبد الله بن زيد بن قيس بن جوفة بن طخفة بن ربيعة بن حزن بن عبادة بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن خصفة بن عكرمة بن قيس بن الياس بن مضر))
((وبعد تولي ابن المسيب الموصل اتجه الى تقوية جيشه، كما قام بإنشاء العديد من المدارس الدينية التي اهتمت بالفقه الشيعي، وأنشأ القناطر، وشق الأنهر، وبني الأسواق، ودعم المزارعين الذين كانوا يشكلون أكثرية سكان الإمارة.
وما أن استقر حال إمارته حتى خرج الحجاج بن هرمز -نائب بهاء الدولة البويهي- سنة 381 هـ إلى أعمال الموصل مع عدد كثير من العسكر، واجتمعت بنو عقيل وزعيمهم يومئذ محمد بن المسيب على حربه فجرت بينهما وقائع، فتمكن من الاستيلاء على بعض الموصل، ثم استعادها بنو عقيل منه.
ثم توفي محمد بن المسيب سنة 386هـ، فخلفه في الإمارة أخوه علي بن المسيب، لكنه لم يدم في الإمارة طويلا بسبب الخلاف الذي وقع بينه وبين أخيه المقلد بن المسيب، الذي تمكن من إقصاء أخيه، وتولي
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 35 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
مسؤولية البلاد.
وخشي المقلد أخوه الآخر الحسن بن المسيب فعبأ الجيوش وكان معه ثلاثة آلاف من الأتراك والديلم، وانحدر بهم الى تكريت لمواجهة أخيه، لكن أخته وغريب بن محمد بن المقن العقيلي أقنعاه بالكف عن القتال وصلة الرحم، فأطلق سراح أخيه علي بن المسيب وأكرمه.
لكن الشر تجدد بين الطرفين عندما حمل جنود علي عليا على انتزاع الموصل من المقلد حيث كان المقلد في الأنبار، فأسرع الى الموصل، وناوش العرب بعضهم بعضا طلبا للفتنة، فخرج الحسن بن المقلد فأرهب قوما وحسم الفتنة، ولاطف أخيه حتى أرضاه.
وبعد هدوء هذه العواصف عمد المقلد الى الاستيلاء على الكثير من الأراضي المجاورة في سوريا وتركيا، ثم اغتيل على أيدي بعض غلمانه الأتراك سنة 391هـ، فاجتمع أمراء آل المسيب لاختيار خلف له، فوقع اخيارهم على ولده قرواش.
وما أن تولى قرواش السلطة حتى قاد جيوشه نحو الجنوب الى الكوفة، فانتزعها من أيدي ولاة الدولة البويهية، وكان هناك بنو خفاجة فواقعهم، فاضطروا الى الهجرة الى الشام.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 36 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ثم سير قرواش جمعا من عقيل إلى المدائن، فحصروها فسير إليهم نائب بهاء الدولة البويهي -الحجاج بن هرمز- جيشا فأزالوهم عنها، فاجتمعت عقيل وأبو الحسن بن مزيد والي الحلة في بني أسد وقويت شوكتهم، فخرج نائب بهاء الدولة إليهم، واستنجد خفاجة وأحضرهم من الشام فاجتمعوا معه، واقتتلوا بنواحي باكرم في رمضان فانهزمت الديلم والأتراك، وأسر منهم خلق كثير واستبيح عسكرهم. (راجع تفاصيل الوقعة في كتاب خفاجة من هذه السلسلة)
فجمع نائب بهاء الدولة من عنده من العسكر، وخرج إلى بني عقيل وابن مزيد فالتقوا بنواحي الكوفة، واشتد القتال بينهم فانهزمت عقيل وابن مزيد، وقتل من أصحابهم خلق كثير وأسر مثلهم.
ثم جرت وقعة أخرى بين قرواش وابن ثمال الخفاجي سنة 397 هـ، وكان سببها أن قرواش جمع جمعا كثيرا وسار إلى الكوفة، وأبو علي بن ثمال أمير خفاجة غائب عنها فدخلها ونزل بها، وعرف أبو علي الخبر فسار إليه، فالتقوا واقتتلوا، فانهزم قرواش وعاد إلى الأنبار مفلولا، وملك أبو علي الكوفة، وأخذ أصحاب قرواش فصادرهم.
وفي سنة 411 جرت وقعة بين قرواش وغريب بن محمد، صاحب
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 37 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
تكريت قرب سامراء انهزم فيها قرواش، ثم قصد سلطان بن الحسين بن ثمال غربي الفرات، فجرت بينهم معركة كانت الدائرة فيها عليه.
وفي سنة 417 اجتمع بنو أسد وخفاجة على قتال قرواش فانحدر إليهم من الموصل، فلم يتمكن من مواجهتهم وعاد الى بلاده، فأخذوا منه الأنبار.
وجرت وقعة أخرى في هذه السنة بين أطراف من بني عقيل في بلد، وقتل بين الطرفين قتلى كثيرة ثم آل الأمر الى الصلح.
وفي سنة 420 احتلت قبائل الغز التركية (السلاجقة) عاصمته الموصل، فنهبوا البلد، ونهبوا جميع ما لقرواش من مال وجوهر وحلي وثياب وأثاث، ونجا قرواش في سفينة الى السن ومعه نفر من خاصته، وعمل السلاجقة بأهل الموصل الأعمال الشنيعة من الفتك وهتك الحريم ونهب المال، وكانت مصيبة شيعة آل البيت فيها أشد وأعظم.
وأقام قرواش بالسن، وأرسل إلى الملك جلال الدولة البويهي يعرفه الحال ويطلب النجدة، وأرسل إلى دبيس بن مزيد وغيره من أمراء العرب والأكراد يستمدهم ويشكو ما نزل به، فلم ينجده جلال
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 38 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الدولة، أما دبيس بن مزيد فسار إليه واجتمعت عليه كافة عقيل، وأتته أمداد أبي الشوك وابن ورام وغيرهما من أمراء العرب فلم يدركوا الوقعة، فإن قرواشا لما اجتمعت عقيل ودبيس عنده سار إلى الموصل.
وبلغ الخبر إلى الغز فتأخروا إلى تلعفر وبومارية وتلك النواحي، وراسلوا الغز الذين كانوا بديار بكر ومقدمهم ناصغلي وبوقا، وطلبوا منهم المساعدة على العرب فساروا إليهم.
وسمع قرواش بوصولهم فلم يعلم أصحابه لئلا يفشلوا ويجبنوا وسار حتى نزل على العجاج، وسارت الغز فنزلوا برأس الإبل من الفرج وبينهما نحو فرسخين، وقد طمع الغز في العرب فتقدموا حتى شارفوا حلل العرب، ووقعت الحرب في العشرين من شهر رمضان من أول النهار، فاستظهرت الغز وانهزمت العرب حتى صار القتال عند حللهم ونساؤهم يشاهدن القتال، فلم يزل الظفر للغز إلى الظهر ثم أنزل الله نصره على العرب، وانهزمت الغز الأتراك، وأخذهم السيف وتفرقوا وكثر القتل فيهم، فقتل ثلاثة من مقدميهم، وملك العرب حلل الغز، وغنموا أموالهم فعمتهم الغنيمة، وأدركهم الليل فحجز بينهم.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 39 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وسير قرواش رؤوس كثير من القتلى في سفينة إلى بغداد، فلمّا قاربتها أخذتها الأتراك ودفنوها، ولم يتركوها تصل أنفة وحمية للجنس.
وانشغل الأمير قرواش بعد ذلك في تعمير بلاده، وتعويض المتضررين من رعاياه، واستمر في حكم الإمارة حتى وفاته عام 444هـ.
وبعد وفاته تولى الأمير قريش بن بدران الإمارة، فقام بإعادة جميع المناطق التي كانت تابعة لدولته، وبسط نفوذه عليها فعاد الأمن والأمان الى البلاد، وانصرف هو الى تشييد المدارس الدينية والمساجد، كما قام بإنشاء صندوق خيري وخصص له مبالغ مالية لمساعدة المحتاجين، واستمر قريش في إدارته للإمارة حتى وفاته سنة 453هـ.
ثم تولى ولده مسلم بن قريش شؤون الإمارة، فقرر توسيع مملكته على حساب دولة بني مرداس الكلابيين في حلب سنة 472هـ، فأزال ملكهم وأخذ حلب منهم، وتوجه الى دمشق لاحتلالها، لكنه رجع عنها لقوة دفاعاتها.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 40 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ولم يطب خاطر الروم من وجود دولة إسلامية قوية على حدود بلادهم، فبدأوا بالتحرش بإمارة بني عقيل، وقد اسفرت تلك المعارك عن مقتل الأمير مسلم بن قريش سنة 478هـ.
وبعد استشهاد مسلم بويع لأخيه إبراهيم بن قريش، ولم يمض وقت طويل على توليه الإمارة حتى استدعاه ملك شاه السلجوقي فقبض عليه وحبسه، وبقي في حبسه حتى مات ملك شاه، فأطلق سراحه وعاد الى بلاده، ثم أخذت القبائل التركية المدعومة من خصوم شيعة آل البيت بالثورة عليه، فتصدى لها ببسالة واشتبك في معارك ضارية مع الأتراك، حتى استشهد في إحدى المعارك سنة 489هـ.
وبعد استشهاده بويع لعلي بن مسلم بن قريش، وما أن تقلد الإمارة حتى أثار عليه الأيوبيون والروم والسلاجقة عاصفة من المشاكل والاضطرابات، وقد بذلت هذه القوى جهودا كبيرة لإسقاط هذه الدولة لكونها تتبنى المذهب الجعفري، ووحد الخصوم صفوفهم وفتحوا مع الأمير علي بن مسلم جبهات عديدة حتى سقطت عاصمته الموصل بأيدي الغزاة السلاجقة)). (انظر: دول الشيعة: زميزم:ص129 -
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 41 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
136 مختصرا، وانظر: الكامل في التاريخ: أحداث سنة 380 و391 و392 و397 و411 و420و444 و472 و453 و472 و489، وانظر: تجارب الأمم: حوادث سنة 381 و387 و392)

2- إمارة بني مقن في تكريت

وهم بطن من عبادة بن عقيل كما مرَّ ذلك في الفصل الأول، تمكنوا من تأسيس إمارة في تكريت، وتاريخ تأسيس هذه الإمارة مجهول، لكن المؤرخين ذكروا في أحداث سنة 427 أنها كانت بيد رافع بن الحسين بن حماد بن مقن. قال د/ فؤاد السيد في مؤسسو الدول الإسلامية ص190: ((رافع بن الحسين بن حماد...الشيعي الإمامي، أبو المسيب، والملقب بالأقطع، ومظاهر الدولة، مؤسس إمارة بني عقيل في تكريت وأول أمرائهم، كانت إمارته في البوازيج والسن وتكريت وكرمى والدور والقادسية، وهو صاحب البيت المشهور:
أليس من الخسران أن لياليا * تمرُّ بلا نفع وتحسب من عمري
ولم يعرف بدقة عمر إمارة بني عقيل في تكريت، والتي تعاقب على حكمها خمسة من أمرائهم، وهم:
1 - رافع بن الحسين المتوفى سنة 427هـ.
2 - خميس بن تغلب بن الحسين، أبو منعه، المتوفى 435.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 42 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
3 - أبو غسام بن خميس.
4 - عيسى بن خميس.
5 - نصر بن خميس. المتوفى سنة 449هـ. (وانظر: الأنساب الأسرات الحاكمة: زامباور:206)

3 - إمارة آل المقلد في جعبر

جعبر: قلعة قديمة تقع على الفرات بين الرقة وبالس، أسس فيها سالم بن مالك بن أبي الفضل بن بدران بن المقلد إمارته سنة 479هـ، ودامت خمسا وثمانين عاما، وتعاقب على حكمها شمس الدولة سالم بن مالك حتى عام 519، ثم خلفه على حكمها حفيده مالك بن علي بن سالم، واستمر في إمارته الى سنة 564. (مؤسسو الدول الإسلامية:205، الأنساب والأسرات الحاكمة:206)

4 - إمارة عكبراء

عكبراء أو عكبرى بلدة قرب الدجيل، أسس فيها ((غريب بن محمد بن مقن، العقيلي، الشيعي، الكعبري، أبو سنان، الملقب بكمال الدولة إمارة بني عقيل في عكبرى سنة 401 هـ، ودامت هذه الإمارة خمسا وثلاثين سنة، تعاقب على حكمها الأمير غريب، وولده أبو
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 43 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الريان)). (مؤسسو الدول:337، زامباور:206)

5 - إمارة عانة وحديثة

وأسس مهارش بن المجلي بن عكيت من ذرية المهنا العقيلي (الأعلام:7/310)، أبو الحارث، مجد الدين، إمارة بني عقيل في حديثة وعانة، وقام بحماية الخليفة العباسي القائم بأمر الله سنة 450هـ، عندما هاجم البساسيري بغداد واحتلها ودعا فيها للخليفة الفاطمي بمصر، ثم أعاده الى بغداد بعد مقتل البساسيري.
أسس إمارته في حدود 420 واستمرت ستا وثمانين عاما، تولى الإمارة بعده ولده سليمان بن المهارش، ثم حفيده فلان بن سليمان الذي توفي سنة 516، وبموته اندثرت هذه الإمارة. (مؤسسو الدول:494، زامباور:206)

6 - إمارة بني وهيبة في هيت

أسسها ((ثروان بن وهب بن وهيبة العقيلي نسبا، الشيعي مذهبا، الملقب ببهاء الدولة، لم تعرف مدة حكمه، ولا عمر الإمارة العقيلية بهيت على وجه الدقة، وقد تعاقب على حكمها أربعة أمراء، وهم:
1 - ثروان بن وهب المتوفى سنة 487هـ.
2 - كثير بن وهب. 3 - المنصور بن كثير. 4 - محمد بن رافع، وبوفاته سنة 496 انتهى عمر هذه الإمارة. (المصدرين السابقين:128، 206)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 44 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

الفصل الخامس : إمارات عقيل في الأحساء والبحرين

1 - إمارة العصفوريين في الأحساء

قال ابن خلدون:4/91: ((انقرضت دولة بنى عقيل بالجزيرة، وغلبهم عليها وعلى تلك البلاد أولياء الدولة السلجوقية، فتحولوا عنها إلى البحرين مواطنهم الأولى...فوجدوا بني ثعلب (تغلب) قد ضعف أمرهم، فغلبوهم على البحرين، وصار الأمر بالبحرين لبني عقيل. قال ابن سعيد -علي بن موسى المغربي-: سألت أهل البحرين حين لقيتهم بالمدينة النبوية سنة احدى وخمسين وستمائة عن البحرين؟ فقالوا: الملك فيها لبني عامر بن عوف بن عامر بن عقيل، وبنو ثعلب من جملة رعاياهم، وبنو عصفور منهم أصحاب الأحساء)).
وقال في ج2 القسم الأول ص313: ((وملكوا أرض اليمامة من بني كلاب، وكان ملكهم لعهد الخمسين من المائة السابعة عصفور وبنوه)).
واسم البحرين كان يطلق على الساحل الغربي للخليج من البصرة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 45 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
شمالا الى عمان جنوبا، ومن ساحل الخليج شرقا الى صحراء الدهناء واليمامة غربا. (معجم البلدان:1/347) والأحساء جزء منه.
((ويرجع نسب العصفوريين الى الشيخ عصفور بن راشد بن عميرة بن سنان العامري، وكان الضعف والتفكك الذي أصاب الدولة العيونية –راجع قبيلة عبد القيس من هذه السلسلة ص52- قد جعلها تفقد مقومات بقائها ومن أهم صور ذلك، عجزها عن الدفاع عن أرضهم وعجزهم عن حفظ الأمن وطرق التجارة في البلاد)) (عرب البحرين:24)، ((وقد أثار فقدان الأمن حالة قلق واسعة بين أعيان بلاد البحرين، بعد أن أدركوا عجز الحكام العيونيين عن حماية الأمن، الأمر الذي سوف يهدد مصالحهم التجارية للخطر من قبل بني عامر إذا لم يسارعوا لكسب رضاهم، فأخذ أغنياء البحرين وأعيانهم يتسابقون لإرضائهم بالأموال والهدايا ويقيمون معهم صلات شخصية وثيقة، بل ويتواطأوا معهم ضد العيونيين، وعلى رأس المتواطئين كان إبراهيم بن عبدالله بن أبي جروان أبرز أعيان الإحساء وأثريائها)) (موقع الشيخ محسن آل عصفور نقلا عن مجلة الوثيقة مختصرا).
قال الدكتور محمد محمود خليل في تاريخ دويلات بني عقيل في الخليج (عرب البحرين) ص24 وما بعدها مختصرا: ((وكانت القطيف أول
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 46 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
المعاقل التي دانت لبني عقيل، حيث استطاع الشيخ سرحان بن محمد بن عميرة الاستيلاء على مقاليد الحكم فيها سنة 630هـ دون قتال يذكر، واستمر في الحكم احدى عشر سنة، ثم قتل في قلعة تاروت وهو يواجه أبي بكر بن سعد السلغري زعيم الأتابكة في فارس، في حين كان الصراع في الأحساء على أشده بين بقايا العيونيين والشيخ عصفور بن راشد بن عميرة، حتى تمكن عصفور من بسط نفوذه على الأحساء سنة 642هـ، ثم شرع يهاجم السلغريين في القطيف لتخليصها منهم، فاضطرهم الى الصلح معه، ودفع أتاوة له تقدر باثني عشر ألف دينار مصري سنويا..
وفي سنة 645 هاجم حاكم عسير حسان بن سليمان اليزيدي الأموي، بقوات من قحطان ويام وبني خالد المخزوميين دولة آل عصفور في الأحساء، وأزال ملكهم وأعاده الى العيونيين، وترك للحاكم العيوني الفضل بن محمد حامية من بني خالد ويام وقحطان يستعين بهم على بني عقيل.
لكن عشائر المنطقة كانت قد تحولت بولائها الى القوة الفتية الجديدة، فأطيح بالحاكم العيوني بعد سنتين، وتفرقت الحامية العسيرية
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 47 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
المستعارة، وعاد الحكم للشيخ عصفور، الذي سعى جاهدا لضم بقية مناطق البحرين لإمارته، فعادت القطيف الى حكمه سنة 654 حيث تركها السلغريون له مقابل مبلغ مالي، فعين قريبه الشيخ مانع بن علي بن ماجد بن عميرة حاكما عليها، كما تخلى السلغريون بسبب مخاوفهم من الهجوم المغولي على إيران عن جزيرة أوال (البحرين حاليا) وعمان لصالح الشيخ عصفور، ثم اتسعت مملكته لتشمل أجزاءا من العراق ونجد والحجاز واليمامة)).
((واستمر حكم العصفوريين في الأحساء قرابة مائة وأربع وعشرين سنة تعاقب على الحكم فيها ستة أمراء:
1 - عصفور بن راشد. 2 - مانع بن علي. 3 - مانع بن عصفور. 4 - حسين بن مانع. 5 - محمد بن مانع. 6 - ماجد بن بدران المتوفى سنة 775هـ)). (مؤسسو الدول الإسلامية:299)
((وعلى الرغم من أن بني عصفور خاصة وبني عامر عامة قد فقدوا سلطتهم السياسية، إلا أنهم بقوا محتفظين بنفوذهم الاقتصادي الواسع، ولا يزالون يتمتعون بهيبة واحترام في جزيرة العرب، بل أنهم أخذوا يتحينون الفرصة لاسترجاع مجدهم الآفل ومكانتهم السياسية
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 48 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
السابقة، وقد تم لهم ذلك يد أحد أفخاذهم، وهم بنو جبر الذين تمكنوا من استرجاع سلطة بني عامر على بلاد البحرين في حدود منتصف القرن التاسع/الخامس عشر الميلادي، واستمر حكمهم هو الآخر ما يقارب من قرن ونصف القرن كما سيأتي.
أما ذرية الأمير عصفور مؤسس الدولة العصفورية السالفة الذكر، فقد ارتحلوا في تلك الأثناء إلى جزيرة أوال (البحرين)، واستوطنوا قرية الدراز كمركز لنشاطهم الاقتصادي ومحط لرحالهم، وتمكنوا بعد تنامٍ متأصل للروح الدينية في نفوسهم من الاختصاص بمرحلة علمية مشرفة على يد خلص رجالها انتهت إلى أوج مجد السؤدد والعظمة، في عهد العلمين الكبيرين المحقق البحراني الشيخ يوسف، وابن أخيه العلامة البحراني الشيخ حسين قدس سرهما)) (مختصر عن مجلة الوثيقة العدد الثالث، موقع الشيخ محسن آل عصفور).

2 - إمارة آل جبر في البحرين

بعد ما يزيد على ربع قرن من اختفاء امارة العصفوريين العامرية، نجحت قبائل بني عامر مرة ثانية في بسط سلطانها على مناطق من نجد، وشرق الجزيرة العربية بزعامة اسرة تنتمي الى جدها الأكبر جبر،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 49 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فعرفوا ببني جبر او الجبور.
وبالرغم من وجود عشرات الشواهد الشعرية والنصوص التاريخية الدالة على نسبة الجبور الى عقيل بن كعب2، إلا أن بعض الكتاب ينسبهم الى قبيلة بني خالد المخزوميين. (انظر: السلطنة الجبرية: خالد الخالدي:ص19 وما بعدها)، وهو تخمين في غير محله، وربما تحالفوا معهم في وقت ما فنسبوا إليهم.

مرحلة التأسيس

عندما أصاب دولة بني جروان الضعف استطاع بنو جبر فرض سيطرتهم على بوادي إقليم البحرين، خاصة الأحساء وباديته، وذلك قبل 820هـ - 1418م. وفي عام 843 سيطر الجبور على القطيف وانتزعوها من يد توران شاه سلطان مملكة هرمز.
ثم بدأ السلطان زامل بن جبر العقيلي التوسع باتجاه نجد الذي كان جزء منه لا يزال بيد الجروانيين، فغزا الخرج وفيه قبيلتا الدواسر وآل عايذ، فقتل منهم واستاق ابلهم وغنمهم سنة 851، ثم توجه الجبور
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 50 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
شمالا فغزوا بني لام وسيطروا على الرياض، ثم كرسوا جهدهم لمقاتلة النبهانيين حكام عمان، فأخذوا منهم صحار وظفار حتى حضرموت، وبذلك تمكنوا من الاستيلاء على معظم أراضي الجزيرة العربية. (عرب البحرين: ص98 وما بعدها باختصار)

الغزو البرتغالي للبحرين

في عام 1506م بدأ الاستعمار البرتغالي بغزو الساحل الجنوبي للجزيرة العربية، فاحتلوا صحار وظفار ومسقط وغيرها من المناطق الساحلية، ثم تقدموا في العام التالي باتجاه الخليج فاحتلوا جزيرة هرمز عند مدخل الخليج، وعقدوا تحالفا مع حكامها (دراسات في تاريخ الخليج:د/الخصوصي: ص15 وما بعدها باختصار)، ثم عزم البرتغاليون على غزو البحرين (جزيرة أوال) والتي كانت قد دخلت تحت سيطرة الجبور في وقت مبكر، للسيطرة على ثرواتها المتمثلة بمغاصات اللؤلؤ والتحكم في طرق التجارة، فكانت الحملة الأولى سنة 1514م، لكن هذه الحملة فشلت بسبب قوة التحصينات الدفاعية، وفي العام التالي شن البرتغاليون عددا من هجمات القرصنة على سفن الجبور في مغاصات اللؤلؤ، وفي عام 1520 ذهب السلطان مقرن بن زامل العقيلي الى
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 51 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الحج، وطلب هناك النصرة من أمراء المسلمين لنجدة بلاده، فجاءت معه بعض القبائل اليمنية الى البحرين للدفاع عنها وصد الغزاة، وشن البرتغاليون هجومهم المرتقب على جزيرة البحرين في21/7/1521م، فقصفوا القلعة والسور أياما متوالية، ثم نزل الجنود الى البر ودارت هناك معركة طاحنة، وكانت المدفعية البرتغالية تصب حمم نيرانها على رؤوس الأهالي والجنود على السواء، فقتل من أهل البحرين والقوة والمدافعة عنها خلق كثير، وأصيب السلطان مقرن بن زامل الجبري أصابة بليغة فارق على أثرها الحياة بعد ستة أيام. (عرب البحرين: ص164 وما بعدها مختصرا)

ثورة أهل البحرين ضد المحتل البرتغالي

أحدث نبأ استشهاد السلطان مقرن صدى واسعا في أرجاء الجزيرة العربية، لأنه كان أول حاكم في المشرق الإسلامي يقتل في معركة مشرفة ضد الاستعمار البرتغالي، فلم يكن ليمر هذا الحدث دون انتقام من البرتغاليين، فبعد هذه الحادثة بأربعة أشهر انفجرت ثورة عارمة عصفت بالوجود البرتغالي في الخليج، فقام سكان جزيرة البحرين بقيادة الشيخ حسين بن سيف بن زامل الجبري بشن هجوم مفاجئ
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 52 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
على القلعة، وأطبق المجاهدون على الحاميات البرتغالية، وألقي القبض على حاكم البحرين البرتغالي وجنوده، وتم شنقهم على جذوع النخل، وتحرير البحرين من نير الاحتلال البرتغالي، فاضطر المحتلون الى عقد هدنة مع الشيخ حسين قائد الثورة يبقى بموجبه حاكما على البحرين، ورضي البرتغاليون بأن يكون مستشار منهم الى جانبه (السلطنة الجبرية:69 مختصرا). ويبدو أن بعض الجبريين تركوا البحرين وهاجروا الى الجهة الشرقية للخليج، وانضموا تحت لواء تحالف قبلي يعرف باسم (الهولة)، فسموا جبور الهولة، وتمكن فرع النصور منهم من استعادة السيطرة على جزيرة البحرين، والتي بقوا حكاما فيها حتى احتل آل خليفة وأعوانهم الجزيرة سنة 1783م.

نقاط مضيئة

وفي تاريخ سلاطين بني جبر العقيليين الكثير من النقاط المضيئة وهي إجمالا:
1- الاهتمام بشؤون مكة المكرمة، وحجاج بيت الله الحرام.
حرص حكام الجبور العقيليين على أداء فريضة الحج كلما سنحت لهم الفرصة، ودأبوا في حجهم على قضاء حوائج المحتاجين من
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 53 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
المسلمين، ورعاية شؤون بيت الله الحرام، ونجدة الحجاج ومكة من اللصوص وقطاع الطرق والمفسدين، فكان السلطان الجبري يسير بنفسه في جيوشه لحماية قوافل الحاج من قبيلة الدواسر التي امتهنت الإغارة على قوافل الحجيج ونهبها، ووجه ضدهم حملات تأديبية عديدة. (انظر: عرب البحرين: ص104 وص130)
2- جهادهم المستميت في حماية أراضي المسلمين وديارهم.
وقد مرَّت علينا صور الجهاد الذي خاضه أهالي البحرين ضد الغزو البرتغالي بقيادة الحكام الجبور العقيليين.
3- ممارسة التسامح الديني.
لا يمكن الركون الى ما ذكره الدكتور محمد خليل في عرب البحرين ص131 من أن سلاطين الجبور كانوا يعتنقون المذهب المالكي؛ لأن اتخاذهم المذهب المالكي مخالف لتاريخ وعقيدة قبيلتهم الأم (عقيل)، والبلاد التي كانوا يقطنونها، فآل جبر فرع من بني عقيل كما أشار الأستاذ المذكور في مواضع عديدة من كتابه، والمعروف أن عقيلا كانوا شيعة، وكل أمرائهم في العراق كانوا شيعة لآل البيت عليهم السلام كما مر.
وثانيا: عرف إقليم البحرين بالتشيع لآل البيت النبوي صلى الله عليه وآله ، ومنذ
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 54 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
العقد الثالث من الهجرة النبوية بدأت ميولهم العلوية تتضح كما حققنا ذلك في كتابنا (قبيلة عبد القيس)، وكان التشيع مذهب أهل البحرين على مر العصور، قال الحموي (ت626 هـ) في معجم البلدان في مادة عمان: ((وأكثر أهلها (عمان) في أيامنا خوارج إباضية ليس بها من غير هذا المذهب إلا طارئ غريب وهم لا يخفون ذلك، وأهل البحرين بالقرب منهم بضدهم كلهم روافض...لا يكتمونه ولا يتحاشون، وليس عندهم من يخالف هذا المذهب إلا أن يكون غريبا))، وقال ابن بطوطة (ت779 هـ) الذي زار المنطقة في أواخر حكم الجروانيين في تحفة النظار ص 270 عن القطيف: ((وهي مدينة كبيرة حسنة ذات نخل كثير يسكنها طوائف العرب، وهم رافضية غلاة يظهرون الرفض جهاراً، وقال: أن أهل الحسا كلهم من عبد القيس))، وعبد القيس كلهم كانوا شيعة، وقال النبهاني في التحفة النبهانية ص85 في كيفية استيلاء آل خليفة على البحرين سنة 1197هـ ((وكان غالب سكان البحرين شيعة))، والمعروف أن آل خليفة استولوا على البحرين، وأخذوها من يد آل جبر أو الجبور الهولة كما يعبر عنهم الدكتور خالد الخالدي في السلطنة الجبرية، وعليه فاعتناق الجبور مذهبا آخر مخالف لاتجاهات أهل البلاد أمر مستبعد.
وثالثا: سبقت إمارة الجبور ثلاث إمارات شيعية في المنطقة، وهي:
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 55 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
إمارة العيونيين من عبد القيس، والتي أنهت حكم القرامطة في إقليم البحرين، وإمارة آل عصفور، وإمارة الجروانيين، وكانت إمارة آل جبر امتدادا لإمارة آل عصفور وهم أبناء عمومه من جذم واحد، وقامت إمارتهم أولا في جزيرة البحرين بعد 25 سنة تقريبا من نهاية حكم العصفوريين، وسبق أن أشرنا الى أن آل عصفور هاجروا الى جزيرة البحرين بعد سقوط دولتهم، وهذه قرينة على أن هجرة آل جبر كانت بمعية آل عصفور، فالتفريق بين العشيرتين في المذهب احتمال بعيد.
ومع التسليم بما ذكره الدكتور محمد خليل، لم يكن سلاطين الجبور من المتعصبين لمذهب إسلامي معين ومارسوا روح التسامح الديني، وقد أورد الدكتور خالد الخالدي في كتابه (السلطنة الجبرية) ص273 وص285 وثائق تدل على أن سلاطين الجبور بنوا مساجد وأوقفوها على أبناء الطائفة الشيعية.
أما الجبور اليوم فهم من شيعة آل البيت عليهم السلام ، ويقطنون قرية دار كليب، ولهم فيها مأتم كبير تقام فيه المناسبات الدينية، ومجالس عزاء الإمام الحسين عليه السلام ، وهم معروفون بغزارة الدمعة وحرارة العاطفة. (انظر: صحيفة الوسط: العدد/2732، الصادرة في 28/2/2010م)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 56 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

الفصل السادس : أشهر أعلام بني عقيل

أولا: الصحابة والتابعون

1- الأعلم بن خويلد: أبو حرب، كان فارسا في الجاهلية، ثم وفد على النبي صلى الله عليه وآله ، وسأله: ألا يُحشَّر قومه ولا يُعشَّروا! -أي لا يأخذ عشر أموالهم، ولا يجمع منهم مقاتلين للبعوث- فأجابه النبي صلى الله عليه وآله الى ذلك. (جمهرة النسب:334)
2- بديل بن ميسرة العقيلي: البصري، وكان متعبدا طويل البكاء، ما زال يبكي حتى ذهب بصره. (المنتظم:7/279)، توفي سنة 126هـ. (الوافي بالوفيات:10/63)
3- الحصين بن المعلى بن ربيعة بن عقيل: وفد على رسول الله صلى الله عليه وآله بمفرده كما مر. (الطبقات:1/302)
4- الحكم بن مسلم العقيلي: قال ابن الأثير في أسد الغابة:2/38: له صحبة.
5- ذوَّاد العقيلي: تابعي، يروي عن سعد بن أبي وقاص. (الثقات لابن حبان:4/224)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 57 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
6- ربيعة العقيلي: أحد الشهداء مع الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في معركة الجمل، وقد ذكرنا أراجيزه عن الطبري وابن الأثير فراجع.
7- رقاد بن ربيعة العقيلي: أدرك النبي صلى الله عليه وآله وروى عنه. (أسد الغابة:2/187)
8- عامر بن ربيعة بن خويلد بن عوف: أبو جرادة، جد آل أبي جرادة في حلب، من أصحاب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام . (أعيان الشيعة:2/217)
9- عوف العقيلي: ذكره الشيخ الطوسي ص78 فيمن روى عن أمير المؤمنين عليه السلام ، ووثقه الرجاليون. (طرائف المقال:2/102)
10- صخر بن قدامة العقيلي: له صحبة، روى عنه الحسن البصري. (الاستيعاب:2/715)
11- علي بن إبراهيم العقيلي: من أصحاب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، روى عنه النص على ولده الحسن عليه السلام . (معجم رجال الحديث:12/232)
12- الفجيع العقيلي: روى عن الإمام الحسن السبط عليه السلام وصية الإمام أمير المؤمنين عليه السلام عند وفاته. (أمالي المفيد:221)
13- مالك بن عمرو العقيلي: له صحبه ورواية. (الاستيعاب:3/1355)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 58 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
14- مرة بن عمرو العقيلي: ذكره ابن الأثير في أسد الغابة:4/350، وله رواية.
15- مطرف بن عبد الله بن الأعلم: كان في وفد عقيل الذي وفد على النبي صلى الله عليه وآله ... فبايعوا وأسلموا وبايعوه على من وراءهم من قومهم، وأعطاهم العقيق وهي أرض في بلادهم فيها عيون ونخل وكتب لهم بذلك كتابا، وفيه ما أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وسمعوا أطاعوا ولم يعلمه حقا مثله. قالوا: وكان الكتاب في يد مطرف. (الإصابة:6/101)
16- ميسرة الفجر، أبو بديل بن ميسرة: صحابي، روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله . (الطبقات:7/60)
17- ميمون بن سنباذ العقيلي: رجل من أهل اليمن، نزل البصرة يكنى أبا المغيرة، روى عن النبي صلى الله عليه وآله ، وقد أنكر بعضهم أن تكون له صحبة. (الاستيعاب:4/1488)
18- يزيد العقيلي: له صحبه، وأنكر بعضهم ذلك. (أسد الغابة:5/117)
19- أبو حذيفة العقيلي: روى عنه ابن عساكر في تاريخ دمشق:42/257 حديث الطير.
20- أبو صخر العقيلي: ذكره ابن الأثير في أسد الغابة:5/229
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 59 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
في الصحابة.

ثانيا: رواة الحديث من بني عقيل

1- إسماعيل بن محمد بن سليمان العقيلي: روى عنه السيد ابن طاووس في جمال الأسبوع ص320.
2- الحسن أو الحسين بن علي العقيلي: روى عن طريقه البرقي في المحاسن:2/441، وفي الوسائل:5/55، في تعميم النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام بيده.
3- داود بن إبراهيم العقيلي: قال ابن حجر في لسان الميزان:2/415: ((روى عن خالد بن عبد الله الطحان، كذبه الأزدي وقال: مجهول كذاب لا يحتج به. ثم أورد له من طريق عبيد الله بن إسحاق الخراساني، عنه عن خالد الطحان، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد رفعه: ((إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أيها الناس، غضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة على الصراط)) قال الأزدي: هذا منكر لا يحتمله هذا الاسناد))، أقول: من روايته لهذا الحديث يعرف سبب تكذيبهم له.
4- عبد الرحمان بن يحيى العقيلي: من أصحاب الإمام
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 60 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الكاظم عليه السلام . (رجال البرقي:302)
5- غالب بن عبيد الله العقيلي: أسند عن الإمام الصادق عليه السلام ، (رجال الطوسي:267) وكان من أهل قرقيسيا -مدينة على نهر الخابور- نزل خراسان، وتوفي في أواخر أيام المهدي العباسي الذي مات سنة 169. (الفائق في رواة وأصحاب الإمام الصادق:2/ 546)
6- محمد بن عمرو (عمر) بن عثمان بن الفضل: أبو بكر العقيلي الفقيه، من مشايخ الصدوق قدس سره. (معجم رجال الحديث: 18/ 84)
7- الفضل بن القاسم العقيلي: روى عنه الشيخ الطوسي في الأمالي:631 عن أبيه عن جده، عن الإمام زين العابدين عليه السلام .

ثالثا: علماء بني عقيل

انجبت هذه القبيلة عددا كبيرا من العلماء والفقهاء والشعراء والأدباء الذين أثروا بفكرهم وأقلامهم الساحة العلمية والأدبية، وإليك بعض مشاهير العلماء والأدباء المنسوبين لقبيلة عقيل بن كعب، ولنبدأ بالأسر العلمية:

1- علماء آل عصفور

أسرة علمية جليلة نبغ فيها رجال كثيرون، يعدون من أعلام
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 61 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الطائفة وأعيان الأمة، خدموا الحق والعلم والمذهب والدين، وهذه ترجمة لبعض أعلامهم:
1- الشيخ إبراهيم آل عصفور البحراني: قال السيد الأمين في الأعيان:2/123: ((من الأخيار الأتقياء سكن البصرة في آخر عمره مدة مديدة))
2- الشيخ أحمد بن الشيخ إبراهيم ابن الحاج أحمد بن صالح بن عصفور بن أحمد بن عبد الحسين بن عطية بن شنبة الدرازي البحراني: والد الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق. في أنوار البدرين: 1/163مختصرا: ((كان ماهرا في أكثر العلوم لا سيما العقلية والرياضية، وهو فقيه مجتهد محدث، وله شأن كبير في البحرين واعتبار عظيم، إمام في الجمعة والجماعة، وله تصانيف جملة من الرسائل، توفي في القطيف بعد أن هاجروا من البحرين عام 1131هـ))
3- الشيخ أحمد بن الشيخ حسين آل عصفور: ((من فضلاء البحرين، مجاز عن أبيه عن صاحب الحدائق، وله من الأولاد الشيخ محمد وكان فاضلا محققا معاصرا مع عمه العلامة الشيخ حسن. ومن أولاده الحاج شيخ إبراهيم والشيخ أحمد والشيخ علي، أما الشيخ أحمد
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 62 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فقال صدر الدين الشيرازي في تاريخ فارس عند ذكره: هذا الشيخ كان عالما عادلا زاهدا متبحرا)). (مستدركات أعيان الشيعة:2/41)
4- الشيخ أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم: ((ابن أخي الشيخ يوسف البحراني، يروي عنه وعن عمه الآخر الشيخ عبد علي وعن والده، وقد تولى الأمور الحسبية والجمعة والجماعة في البحرين، ويروي عنه جماعات من العلماء، له أجوبة مسائل كثيرة، وله كتاب في أصول الدين كتبه لبعض اخوانه)). (أعيان الشيعة:3/75)
5- الشيخ احمد ابن الشيخ سلمان آل عصفور: ((من ذرية الشيخ حسين العصفور، توفي في قرية الشاخورة ودفن في مقبرتها. اشتغل أولا في البحرين، ثم في القطيف عند الشيخ ضيف الله بن سيف، ثم في أبي شهر وشيراز، وأقام بها مدة وحصل تحصيلا حسنا، ورجع إلى البحرين، وصار إماما في الجمعة والجماعة والقضاء)). (المصدر السابق: 2/599)
6- الشيخ أحمد بن محمد بن يوسف البحراني: في أمل الآمل: 2/29: ((عالم فاضل محقق شاعر أديب، له كتاب رياض الدلائل وحياض المسائل لم يتم، ورسالة سماها المشكاة المضيئة في المنطق، ورسالة سماها الرموز الخفية في المسائل المنطقية، وله شعر جيد))
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 63 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
7- حسن بن حسين بن محمد بن احمد بن ابراهيم آل عصفور الدرازي البحراني، يروي اجازة عن أبيه الشيخ حسين العصفوري، كما ذكره في الاجازة التي كتبها سنة 1245 لابي الحسن عبد الصاحب الدواني. (تراجم الرجال:1/184)، وقال الطهراني في الذريعة:13/312: ((إمام الجمعة ببوشهر، وأول من نزلها من علماء آل عصفور، وبها توفي ودفن سنة 1261 هـ))
8- الشيخ حسين بن محمد بن أحمد بن إبراهيم آل عصفور: قال في أنوار البدرين:1/207 باختصار: ((من العلماء الربانيين، والفضلاء المتتبعين، والحفاظ الماهرين، من أجلة متأخري المتأخرين، وأساطين المذهب والدين، كان يضرب به المثل في قوة الحافظة، ملازما للتدريس والتصنيف والمطالعة والتأليف، مواظبا على تعزية الحسين عليه السلام في بيته في كل وقت.
وله مصنفاته كثيرة، وكتب كبيرة وصغيرة، منها: (الأنوار اللوامع في شرح مفاتيح الشرائع) في أربعة عشر مجلدا، و(الرواشح السبحانية في شرح الكفاية الخراسانية) خمسة مجلدات، وكتب أخرى كثيرة)).
9- الشيخ حسين بن الشيخ علي البحراني من آل عصفور: ((من
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 64 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
المشايخ الكبار والحامل للواء الأخبار، فقيها، عالما، عارفا، متكلما، أخذ الفقه عن عمه صاحب الحدائق. وتصدر للافتاء في الفلاحية -بلدة بين الأحواز وعبادان- وتوفي سنة 1212)). (مستدركات أعيان الشيعة:2/98)
10- الشيخ خلف بن عبد علي آل عصفور: قال السيد الأمين في أعيان الشيعة:6/330 مختصرا: ((عالم فاضل صالح كان في بوشهر إماما في الجمعة والجماعة وتوفي بها، له كتاب (مزيل الشبهة في أصول الفقه) وله جواب (جملة من المسائل)، ورسالة تحوي جملة من المسائل الفقهية))
11- الشيخ سلمان بن عبد الله آل عصفور البحراني: له كتابات وحواشي على كتاب (الانوار اللوامع) للشيخ حسين بن محمد العصفوري البحراني، تدل على أنه كان من أهل العلم والفضيلة، كتبها في 16 شعبان سنة 1271. (تراجم الرجال:1/233)، وله كتاب (الرزايا) مقتل في حجم منتخب الطريحي. (الذريعة:10/239)، وملحمة شعرية بعنوان: (مصارع الشهداء ومقاتل السعداء) في وفيات الأئمة في قرب عشرة آلاف بيت (المصدر السابق:21/98)
12- الشيخ عبد علي بن أحمد بن إبراهيم البحراني: ((أخو الشيخ
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 65 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
يوسف صاحب الحدائق، توفي في كربلاء في رجب سنة 1127. ودفن في الرواق الشريف، عالم فاضل فقيه من آل عصفور له كتاب (اخبار الشريعة في الفقه)، ونسب إليه القول بوجوب الجهر بالتسبيحات في الأخيرتين)). (أعيان الشيعة:8/31)
13- الشيخ عبد النبي بن الشيخ أحمد: ((من أخوان صاحب الحدائق، وهو من أعيان فضلاء آل عصفور، قرأ على أخيه صاحب الاحياء، وهو من أحب أخوانه لديه لزهده وورعه، وله تحقيقات رائقة على كتب الأخبار، وحاشية مليحة على كتاب أخيه الحدائق المسمى ب‍الحديقة، وتوفي يوم الجمعة سنة 1172)) (مستدركات أعيان الشيعة:2/164)
14- الشيخ محمد آل عصفور: والد الشيخ حسين، والأخ الأكبر لصاحب الحدائق، ((كان هذا الشيخ عالما عاملا فاضلا كاملا محدثا ورعا، له كتب ومصنفات منها كتاب (مرآة الأخبار في أحكام الأسفار) ويعرف بالسفرية، وله رسالة في أصول الدين، وله كتاب كبير في وفاة أمير المؤمنين عليه السلام )) (أنوار البدرين:1/205)
15- الشيخ محمد بن علي بن محمد بن أحمد آل عصفور البحراني: له كتاب (الأسئلة البحرانية) أرسلها إلى الشيخ أحمد بن صالح بن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 66 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
طوق القطيفي فكتب جواباتها. (الذريعة:2/77)
16- الشيخ محمد بن الشيخ يوسف: ((نجل المرحوم المبرور الشيخ يوسف صاحب الحدائق، وهو أحد المجتهدين في علوم الدين وغيرها من فنون العلوم خصوصا في الفقه والأصول حتى لقبه علماء عصره بابن الفقيه. وكان تولده في البحرين، ومات سنة 1220)). (مستدركات أعيان الشيعة:2/297)
17- الشيخ يوسف بن أحمد بن إبراهيم آل عصفور البحراني: صاحب (الحدائق الناضرة) و(الدرر النجفية) و(لؤلؤة البحرين) وغير ذلك من التصانيف، قال السيد الأمين في أعيان الشيعة:10/317 وما بعدها مختصرا: ((من أفاضل علمائنا المتأخرين، جيد الذهن، معتدل السليقة، بارع في الفقه والحديث. ولد في السنة السابعة بعد المائة والألف في قرية الماحوز بالبحرين، واشتغل وهو صبي على والده وغيره من علماء البحرين، ثم سافر إلى الحج وزار النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته، ثم رجع إلى القطيف وبقي بها مدة مشتغلا بالتحصيل، وبعد خراب البحرين واستيلاء الاعراب -آل خليفة وحلفاؤهم- وغيرهم عليها فر إلى ديار العجم، وقطن في كرمان، ثم في شيراز وتوابعها مشتغلا بالتدريس والتآليف، ثم سافر إلى كربلاء
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 67 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
شرفها الله إلى أن قبض بها بعد ظهر يوم السبت الرابع من شهر ربيع الأول سنة ست وثمانين بعد الألف ومائة، وصلى عليه العلامة البهبهاني، واجتمع خلف جنازته جمع كثير وجم غفير مع خلو البلاد من أهلها لحادثة الطاعون العظيم الذي كان في تلك السنة في العراق)).

2- علماء آل أبي جرادة

قال الحموي في معجم الأدباء:16/5 ملخصا: ((بيت أبي جرادة بيت مشهور من أهل حلب، أدباء شعراء فقهاء عباد زهاد قضاة يتوارثون الفضل كابرا عن كابر وتاليا عن غابر، واسم أبي جرادة عامر بن ربيعة بن خويلد بن عوف بن عامر بن عقيل، أبي القبيلة ابن كعب بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان))
وقال السيد الأمين:2/217: ((وآل أبي جرادة: طائفة كبيرة مشهورة بحلب، وهم شيعة، وفيهم العلماء والفضلاء والشعراء والكتاب والقضاة الكثيري العدد، ويظهر أنهم كانوا أصحاب عشرة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 68 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
حسنة مع الناس في الدين والدنيا، وألسنة نظيفة ومداراة، ولذلك تراهم قد ذكروا في كتب التراجم لأهل السنة بكل ثناء جميل وتوقير وتعظيم، ووصفوا بدماثة الأخلاق وحسن العشرة، مع ظهور تشيعهم غالبا))، أما نسبة الكثير منهم في كتب تراجم الرجال الى المذهب الحنفي، فقد علله السيد الأمين:2/303: ((انما كان لمقتضيات الزمان والمكان، وما كان يعامل به من يظهر التشيع في تلك الأصقاع))، وهؤلاء بعض علماء وأدباء هذه الأسرة:
1- إبراهيم بن محمد بن عمر بن عبد العزيز ...بن أبي جرادة: ذكره السيد الأمين في أعيان الشيعة:2/218: ((ولي قضاء حلب بعد أبيه سنة 752هـ الى أن مات سنة 787)).
2- أحمد ابن هبة الله ابن محمد بن أبي الفضل هبة الله ابن القاضي أبي الحسن أحمد بن أبي جرادة: ((كل هؤلاء ولوا قضاء حلب، وهذا هو والد كمال الدين صاحب بغية الطلب، كان يخطب بالقلعة بحلب على أيام نور الدين محمود بن زنكي، ثم ولي الخزانة في أيام ولده الملك الصالح إسماعيل، ثم قلده القاضي هذا بحلب وأعمالها في سنة خمس وسبعين وخمسمائة، ولم يزل واليا للقضاء الى دولة صلاح الدين
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 69 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أيوب، فعزل عن منزلي الخطابة والقضاء)). (المصدر السابق:16/35 مختصرا)
3- أحمد بن يحيى بن زهير: ((وهو أول من ولي القضاء بمدينة حلب من هذا البيت، وقد سمع الحديث ورواه وقرأ الفقه على القاضي أبي جعفر محمد بن أحمد السمعاني، وكان السمعاني إذ ذاك قاضي حلب)). (معجم الأدباء:16/20)
4- الحسن بن علي الحسن بن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة: ((كان فاضلا كاتبا شاعرا أديبا، يكتب النسخ على طريقة أبي عبد الله بن مقلة، والرقاع على طريقة علي بن هلال، وخطه حلو جيد جدا خال من التكلف والتعسف. سمع أباه بحلب وكتب عنه السمعاني عند قدومه حلب، وسار في حياة أبيه إلى الديار المصرية، واتصل بالعادل أمير الجيوش، وزير المصريين وأنس به، ثم نفق بعده على الصالح بن رزيك وخدمه في الجيش، ولم يزل بمصر إلى أن مات بها في سنة 551هـ)). (المصدر السابق:16/12)
أقول: الملك الصالح طلائع بن زريك، أحد قادة الدولة الفاطمية، ((وكان طلائع كريما شجاعا جوادا فاضلا، محبا لأهل الأدب جيد الشعر . . رجل وقته فضلا وعقلا وسياسة وتدبيرا. وكان مهابا في
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 70 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
شكله، عظيما في سطوته، محافظا على الصلوات فرائضها ونوافلها، شديد المغالاة في التشيع)) (الشيعة في مصر: الورداني:98)، ومن الطبيعي أن من يدخل في خدمته، لابد أن يكون على خطه ومعتقدا بما يعتقده سيده، وهو دليل على تشيع صاحب الترجمة.
5- عبد الصمد بن زهير بن هارون بن موسى: ((كانت ولادته في حدود سنة عشرين وثلاثمائة، سمع بحلب أبا بكر محمد بن الحسين الشيعي وغيره، وروى عنه ابن أخيه القاضي أبو الحسن أحمد، ومشرق العابد وجماعة، ولعله مات في حدود سنة تسعين وثلاثمائة)). (المصدر السابق:16/20)
6- عبد القاهر بن علي بن عبد الباقي بن عبد الله بن موسى بن أبي جرادة: ((وهو من سادت هذا البيت وأعيانهم، ومات في جمادى الأولى من سنة 364هـ)). (المصدر السابق:16/8)
7- عبد الله بن محمد بن عبد الباقي بن محمد: ((شيخ فاضل أديب شاعر، له معرفة باللغة والعربية، سمع بحلب أستاذه أبا عبد الله الحسين بن عبد الواحد بن محمد بن عبد القادر القنسريني المقرئ، مؤلف كتاب التهذيب في اختلاف القراء السبعة، وسمعه ولده الشيخ أبو الحسن علي بن عبد الله، وله أشعار حسان، ومات الشيخ أبو المجد
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 71 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بحلب في حدود سنة ثمانين وأربعمائة)). (المصدر السابق:16/9)
8- علي بن عبد الله بن محمد بن عبد الباقي بن أبي جرادة: قال ياقوت في معجم الأدباء:14/6، ((من أهل حلب يسكن باب أنطاكية، غزير الفضل، وافر العقل، دمث الأخلاق، حسن العشرة، له معرفة بالأدب واللغة والحساب والنجوم، ويكتب خطا حسنا، ثم قال: قال ابن السمعاني قرأت عليه بحلب، وخرجت يوما من عنده فرآني بعض الصالحين، فقال لي: أين كنت؟ قلت: عند أبي الحسن بن أبي جرادة، قرأت عليه شيئا من الحديث. فأنكر عليَّ، وقال: ذاك يُقرأ عليه الحديث!؟ قلت: ولم، هل هو الا متشيع يرى رأي الحلبيين؟ فقال لي: ليته اقتصر على هذا، بل يقول بالنجوم)) -أي بتأثيرها في الكائنات-.
وقال في: 16/10: ((صدر زمانه وفرد أوانه، ذو فنون من العلوم، وخطه مليح جدا على غاية من الرطوبة والحلاوة والصحة، وله شعر يكاد يختلط بالقلب، ويسلب اللب لطافة ورقة، تصدر بحلب لإفادة العلوم الدينية والأدبية متفردا بذلك كله، ورتب غريب الحديث لأبي عبيد على حروف المعجم رأيته بخطه))
9- عمر بن أحمد بن هبة الله بن محمد ابن أبي جرادةالعقيلي: كمال
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 72 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الدين، أبو القاسم الحلبي، المؤرخ الشهير، المعروف بابن العديم، مؤلف «بغية الطلب».
((ولد في حلب سنة 588هـ، وسمع بها من والده وقد عُني به كثيراً، وابن طبرزد، والافتخار عبد المطلب الهاشمي، والقاضي يوسف بن رافع ابن شداد، وغيرهم. وسمع بدمشق من أبي اليُمن الكندي، والقاضي ابن الحرستاني، وأحمد بن عبد الله العطار، والحسين بن صصرى، وببغداد من عبد العزيز بن محمود بن الأخضر وغيره.
وكان مؤرّخاً، فقيهاً، مفتياً، شاعراً، خطَّاطاً، وجيهاً عند الخلفاء والملوك، درّس بمدرسة شاذبخت في حلب سنة 616هـ، ثم درّس بالحلاوية، وحدّث بالكثير في بلاد متعددة فسمع منه: ولده المجد، وابن المسدي، وابن الحاجب، والدمياطي وغيرهم. وناب عن الملك الناصر في سلطنة دمشق، ولما سارت جيوش التتر إلى الشام، غادر ابن العديم مدينته إلى دمشق، ثم منها إلى غزّة فالقاهرة، ثم عاد إلى مدينته بعد هزيمة التتر في وقعة (عين جالوت) فوجدها خراباً...
ثم رجع إلى القاهرة، فأقام بها إلى أن مات 660، وقد صنّف ابن العديم كتباً، منها: بغية الطلب في تاريخ حلب (مطبوع)، اختصره في
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 73 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
كتاب آخر سمّاه زبدة الحلب في تاريخ حلب (مطبوع)، الدراري في ذكر الذراري (مطبوع)، الانصاف والتحري في دفع الظلم والتجري عن أبي العلاء المعري (مطبوع)، الاخبار المستفادة في ذكر بني أبي جرادة، التذكرة، والاشعار بما للملوك من النوادر والأَشعار)). (موسوعة طبقات الفقهاء:7/187)
10- محمد بن عبد الملك بن أحمد بن هبة الله بن أحمد بن يحيى بن زهير بن هارون بن موسى بن عيسى بن عبد الله بن أبي جرادة: القاضي، أبو المكارم، المتوفى في حلب سنة 566هـ، قال السيد الأمين في أعيان الشيعة:9/392: ((ويدل على تشيع صاحب الترجمة بالخصوص شرحه على قصيدة أبي فراس (الحمداني) التي أولها:
الحق مهتضم والدين مخترم * وفيء آل رسول الله مقتسم
وهذا الشرح وقع إلينا في مجموعة نفيسة مخطوطة بخط جيد، وقد نشرناه في مجلة العرفان، وعلقنا عليه بعض الملاحظات، وهو واضح الدلالة على تشيعه وعلى فضله، وقال: وله كتاب (الآثار المروية في فضائل العترة العلوية) يحيل عليه في الشرح المذكور))، ثم استدل السيد بمقاطع من شرحه للقصيدة على تشيعه، فراجع.
11- محمد هبة الله بن أحمد: ((كان فقيها فاضلا زاهدا عفيفا،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 74 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
سمع أباه وغيره، وولي قضاء حلب وأعمالها وخطابتها بعد موت أبيه في أيام تاج الدولة دبيس في سنة 488، ولم يزل قاضيا بها إلى أن عزله رضوان لما خطب للمصريين...، ثم عاود الملك رضوان الخطبة لبني العباس، فأعاد القاضي أبا غانم إلى ولايته، وجاءه التقليد من بغداد بالقضاء والحسبة بأمر المستظهر سنة 496هـ)). (المصدر السابق:16/28)
12- هبة الله بن أحمد: ((كان كبير القدر، جميل الأمر، مبجلا عند آل مرداس -الكلابيين أمراء حلب بعد بني حمدان- له شعر جزل فصيح ذو معان دقاق يترفع قدره عنه، وإنما يقول ببلاغته وبراعته. سمع الحديث من أبيه ولعله لقي أبا العلاء المعري وقرأ عليه شيئا، وولي القضاء بحلب وأعمالها في سنة 443، وبقي على ذلك إلى أن مات، وكانت ولايته للقضاء في أوائل دولة شرف الدولة أبي المكارم مسلم بن قريش)). (المصدر السابق:16/22).

ومن علماء الشيعة من بني عقيل

1- الشيخ عربي بن مسافر العبادي: من علماء الحلة، وفقهائها في القرن السادس الهجري، والشيخ الأكثر شهرة من مشايخ ابن ادريس الحلي، وقد تعرض له أرباب التراجم بالمدح والثناء، كان حيا سنة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 75 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
573 هـ. (ابن ادريس: همت بناري:57)
2- الشيخ محمد حرز: وهو، الشيخ محمد بن علي بن عبد الله ابن حمد الله بن الشيخ محمود حرز الدين المسلمي، لانتمائه إلى شرف الدولة مسلم ابن قريش المنتهي إلى عقيل بن كعب بن ربيعة، المعروف بالشيخ محمد حرز، المولود بالنجف في 1273هـ، والمتوفى عن اثنتين وتسعين سنة في 1365، ودفن في داره قرب مقام زين العابدين في النجف. (الذريعة الى تصانيف الشيعة:18/27).
قال السيد حسن الأمين في مستدركات أعيان الشيعة1/156: ((توفي والده وعمره أربع سنين، فكفله أخوه الشيخ عبد الحسين فلما توفي، عني به أخوه الآخر الشيخ حسن، وتابع دراسته في النجف فكان من أساتذته الشيخ إبراهيم الغراوي، والشيخ محمد الايرواني، والشيخ حبيب الله الجيلاني، والشيخ عبد الله المامقاني، والشيخ محمد طه نجف، والميرزا حسين الخليلي، وأكثر من ملازمة الشيخ محمد حسين الكاظمي، وجل دراسته عليه. كما تخرج عليه عدد من الفضلاء. له ما يزيد على الأربعين مؤلفا بقيت مخطوطة لم تطبع، وطبع من كتبه (معارف الرجال) في التراجم))، وتاريخ النجف
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 76 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بثلاثة أجزاء.

رابعا: القادة والأمراء

أسس العقيليون إمارات عديدة في العراق والجزيرة كما مر بنا، كما تولى العديد منهم بعض البلدان لخلفاء الدولتين الأموية والعباسية، وكان منهم قادة في الجيوش، ومن هنا يصعب تتبع سيرة جميع أولئك القادة والأمراء؛ لذا اقتصرنا على المشاهير منهم:
1- إبراهيم بن قريش بن بدران العقيلي: أمير بني عقيل وصاحب الموصل. كان في أيام أخيه (مسلم بن قريش) معتقلا، ولما قتل مسلم سنة 478 ه‍ أخرجه بنو عقيل من محبسه -بعد أن مكث فيه سنين مقيدا، حتى أفسد القيد مشيته- وولوه عليهم مكان أخيه بالموصل، فأقام إلى أن استدعاه السلطان ملكشاه (السلجوقي) واعتقله سنة 482 ه‍ ، ثم أطلق بعد وفاة ملكشاه فسار إلى الموصل، فاستردها ممن كان قد استولى عليها. ونشبت حرب بينه وبين والي الشام تتش أرسلان، وزحف عليه هذا بجموع من الترك، ولقيه إبراهيم بثلاثين ألفا في المضيع -من أعمال الموصل- فأسر وقتل صبرا. (الأعلام:1/58)
2- أجود بن زامل العقيلي: من سلاطين السلطنة الجبرية، ولد في
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 77 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الأحساء سنة 821هـ، وتولى الحكم بعد أخيه سيف بن زامل سنة 874، وهو أول من تلقب بالسلطان من الجبور، وتعتبر فترة حكمه العصر الذهبي لحكم الجبور، نظرا لاتساع سلطانهم حيث شمل البحرين وعمان ونجد وهرمز إضافة للأحساء والقطيف، وبقي في الحكم ثلاثين سنة حتى تنازل عنها لولده محمد سنة 902 هـ. (السلطنة الجبرية:31 مختصرا)
3- إسحاق بن مسلم بن ربيعة العقيلي: شيخ ذا تجربة ورأي، كان أثيرا عند المنصور العباسي، ومستشارا له (مروج الذهب:3/295 )، وكان عظيم القدر في قومه، إن سالم سالمت العرب، وإن حارب حاربت العرب، وولي أرمينية وإخوته بكار وعبد العزيز والحارث وعبد الله أشراف سادة، وأعقابهم بالجزيرة الفراتية. (انظر: المعارف:418)
4- بدران بن المقلد بن المسيب بن رافع العقيلي: أبو الفضل، المتوفى سنة 425، أورد له السيد الأمين في أعيان الشيعة:3/548 ترجمة مطولة. وقال الزركلي:2/46: ((أمير، استولى على نصيبين سنة 419 ه‍، وكانت لنصر الدولة بن مروان، فقاتله نصر الدولة ، فظفر بدران، وتعددت الوقائع بينهما، ثم استقر بدران في نصيبين بالاتفاق مع نصر الدولة، إلى أن توفي بها. وكان شجاعا شريفا))
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 78 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
5- بركة بن المقلد العقيلي: قال السيد الأمين:3 /556: ((زعيم الدولة، أبو كامل، بركة بن المقلد، كان من أمراء بني عقيل المشهورين في الموصل وبلاد الجزيرة، وكانوا شيعة)). وقال الزركلي:2/49: ((أمير، من الشجعان. قاتل الغز (السلاجقة) لما ملكوا الموصل، وجرح. ثم كان مع أخيه قرواش، وتحكم في البلاد برأيه، فاستاء قرواش وأراد الانحدار إلى بغداد، فمنعه زعيم الدولة، وحجر عليه في دار الامارة بالموصل سنة 442 ه‍ . واستمر يتصرف في الأمور إلى أن توفي بتكريت)).
6- بكار بن مسلم العقيلي: أخو إسحاق بن مسلم، أحد قادة الجيوش أواخر عصر الدولة الأموية، كان واليا على الرقة حين وجه إليه أبو العباس السفاح أخاه أبو جعفر الدوانيقي لمقاتلته، ثم أصبح من قادة جيش المهدي العباسي، وقاد مقدمة جيوشه لسحق تمرد أهل هرات وسجستان وغيرها من بلاد خراسان، وكان تحت إمرته ستة آلاف مقاتل. (انظر: تجارب الأمم:3/334 و445)
7- ثروان بن وهب بن وهيبة: أمير بلدة هيت، كان أول أمره برفقه الأمير محمد بن مسلم بن قريش في نصيبين، ثم تنقلت به الحال حتى
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 79 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
دخل في خدمة بركيارق السلجوقي، فأقطعه هيتا، فبقي أميرا فيها حتى توفي سنة 487هـ.
8- حسين بن سيف بن أجود: من حكام الجبور وقادتهم، كان واليا على عمان بعد أبيه سيف بن زامل، ثم تحول الى البحرين بعد أن تحالف مع حكام جزيرة هرمز، وقاد ثورة أهل البحرين ضد الاحتلال البرتغالي، ثم انتزعها منه الهرمزيون بعد أربع سنين. (السلطنة الجبرية:96 وما بعدها مختصرا)
9- خميس بن تغلب بن حماد العقيلي: وهو ثاني أمراء إمارة آل مقن في تكريت، وليها بعد عمه رافع الآتية ترجمته.
10- رافع بن الحسين بن حماد بن مقن: أبو المسيب، الأقطع، المعروف بمظاهر الدولة، أمير العرب بنواحي بغداد، كان فيه فروسية وأدب، ويقول الشعر، وأمه علوية بنت ملد بن المقلد بن جعفر بن عمرو بن المهيأ، وكانت فاضلة كريمة معمرة، ولقب بالأقطع لأن إحدى يديه كانت مقطوعه، وكان يلبس يده كفا يلزم بها العنان، ويقاتل فلا يثبت له أحد، وكان عظيم الغيرة على حرمه وإمائه، وكان عقيما، وكانت مملكته البوازيج والسن وتكريت وكرمى والحصاصة والدور والقادسية، وتوفي سنة 427هـ. (الوافي بالوفيات:14/47 ملخصا)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 80 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
11- زامل بن حسين بن ناصر بن جبر: مؤسس دولة الجبور في الأحساء، انتهت إليه مشيخة بني عقيل، فانتزع الأحساء من بني جروان سنة 820، ثم القطيف سنة 843، وخاض حروبا كثيرة ضد القبائل النجدية الثائرة والمتمردة على سلطته. (السلطنة الجبرية:28 مختصرا)
12- زياد بن عمرو بن معاوية العقيلي: كان على ميمنة الضحاك بن قيس الفهري يوم مرج راهط، في حرب قيس مع مروان بن الحكم. (أنساب الأشراف:6/269)، وقد ذكرنا هذه الوقعة في قبيلة بني كلاب فراجع.
13- سالم بن مالك بن بدران العقيلي: أبو الذمام، كان مسلم بن قريش قد ولاه زعامة حلب لما ملكها، فلما قتل مسلم تولى سالم حلب سنة 448هـ، وبقي واليا فيها حتى سنة 479، حيث أخذها منه ملك شاه السلجوقي، وعوضه عنها بقلعة جعبر. (بغية الطلب:9/4157 مختصرا)
14- سفيان بن عمرو العقيلي: كان واليا على اليمامة زمن يزيد بن عبد الملك الأموي، ولما ثار مسعود بن أبي زينب العبدي في البحرين، خرج بأصحابه يريد اليمامة، فخرج إليه سفيان يقاتله، ففر أتباع مسعود، وقتل هو في المعركة. (انساب الأشراف:8/354)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 81 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
15- سنجر بن مقلد بن سليمان بن مهارش: أمير عبادة بالعراق، قتل سنة 602 في شعبان بأرض المعشوق. (أعيان الشيعة:7/330)
16- سيف بن زامل العقيلي: ثاني حكام الجبور في البحرين، بدأ حياته قائدا لجيوش أبيه زامل بن الحسين آل جبر، وخاض معارك عنيفة لتثبيت دولتهم وضم المناطق المجاورة لها؛ لذا يعتبره بعض المؤرخين المؤسس الحقيقي لسلطنة الجبور، ثم تولى الحكم بعد أبيه في حدود سنة 866، واستمر في الزعامة حتى قتل على يد بني عمومته آل عصفور، الذين نشطوا في أواخر أيامه في استرداد الحكم في إقليم البحرين. (السلطنة الجبرية:29 مختصرا)
17- شبيب العقيلي: قائد، ثائر، ثار على كافور الأخشيدي سنة 348هـ، وكان واليا على الرّملة والساحل، وسار إلى دمشق وفتحها، ودخل إليها من باب الجابية، فوقع عن فرسه ميّتا، واختلف في موته، فقيل إن امرأة أرخت عليه حجر طاحون، وقيل بل مات حتف أنفه، واتّصل الخبر بكافور فسكن بعد قلق عظيم. (نهاية الأرب للنويري:28/53)
18- صالح بن عمير العقيلي: من أمراء الدولة الإخشيدية، ولي إمرة دمشق سنة 357 ه‍. وفي عهده تغلب القرامطة على الشام فخرج
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 82 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
منها، وغاب بضعة أيام، ثم عاد إليها بعد خروجهم، وأصلح أمورها، وكان شجاعا جوادا، وهو آخر من ولي دمشق للإخشيديين، توفي فيها واليا سنة 359. (الأعلام:3/194)
19- ظالم بن مرهوب العقيلي: أمير العرب، قصد دمشق غير مرة، ثم غلب عليها ووليها للقرمطة، واستناب أخاه، ثم توجه إلى الحسن القرمطي فقبض عليه، ثم خلص وهرب إلى حصن له بالفرات، ثم استماله المعز (الفاطمي) لكي يسوس به على القرمطي، فلما وصل إلى بعلبك بلغه هزيمة القرمطي، فاستولى على دمشق في سنة 363، وأقام بها دعوة المعز شهرين، وجاء على دمشق الكتامي، فجرت بينهما فتنة. (سير أعلام النبلاء:16/272)، واشترك ظالم ومعه جماعة من بني كلاب، مع أبي المعالي شريف حمص في قتال أبي فراس الحمداني الشاعر، فقتلوه بمنطقة تدعى صدد. (نهاية الأرب: النويري:26/120)
20- عبد الملك بن مسلم العقيلي: أحد قادة الجيوش زمن هشام بن عبد الملك الأموي، كان مع سعيد الحرشي الكعبي حين تولى– قتال الخزر، وهو الذي قتل نارستيك بن خاقان أحد قادة الخزر. (انظر: الفتوح: لابن أعثم:8/264)
21- غريب بن محمد بن مقن: أبو سنان، صاحب عكبراء، كان في
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 83 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أول أمره من قادة المقلد بن المسيب، صاحب الموصل، وهو الذي أشار عليه بعدم مقاتلة أخيه الحسن بن المسيب، وكان غريب وأخوه رافع ضمن ذلك الجيش، فكان رافع متحمسا للقتال، وغريب يدعو الى الصلح وحقن الدم وصلة الرحم، قال مسكوية في تجارب الأمم:7/355: ((وكان في القوم غريب ورافع ابنا محمد بن مقن فتنازعا القول عند المقلد، وظهر من رافع حرص على الحرب وخالف غريب، قال لرافع: ما قولك هذا بقول ناصح أمين ولا ناصر معين. فإن كنت في هذا الرأي عليه فقد أخفرت الأمانة، وأظهرت الخيانة، وإن كنت معه فقد سعيت في تفريق الكلمة، وهلاك العشيرة، وإطماع السلطان، ثم تولى إمارة عكبراء سنة 401، واستمر فيها خمسا وثلاثين سنة)).
22- قريش بن بدران: أبو المعالي، علم الدين، قال السيد الأمين في أعيان الشيعة:8/450: ((أمير العرب. كان ملكا هماما شجاعا مقداما، وكان من إقطاعه نهر الملك وبادوريا والأنبار وهيت ودجيل ونهر بيطر وعكبرا وأوانا، ولما دخل السلطان طغرلبك مدينة السلام سنة 447، التجأ أبو الحارث البساسيري إلى علم الدين، فامر
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 84 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
السلطان بنهب معسكره فهرب قريش إلى بدران بن المهلهل، وانفذ إلى السلطان بالطاعة، ولما خرج السلطان إلى الجبل لأجل أخيه ينال، نزل مع البساسيري إلى بغداد ونهبوا، فاستامن الخليفة إلى علم الدين سنة 450 وجرى ما جرى، ومات قريش بالطاعون)).
23- قرواش ابن مقلد بن المسيب بن رافع: قال الذهبي في سير أعلام النبلاء:17/634: ((الأمير، صاحب الموصل، أبو المنيع، معتمد الدولة، ابن صاحب الموصل حسام الدولة أبي حسان العقيلي.
تملك بعد موت أبيه في سنة 391، فطالت أيامه، واتسع ملكه، فكان له الموصل والكوفة والمدائن وسقي الفرات. وقد خطب في بلاده للحاكم العبيدي - الخليفة الفاطمي صاحب مصر-، ثم ترك وأعاد الخطبة العباسية، فغضب الحاكم، وجهز جيشا لحربه، وأتوا، ونهبوا داره بالموصل، وأخذوا له مائتي ألف دينار، فاستنجد بدبيس الأسدي، فانتصر. وكان أديبا شاعرا، جوادا ممدحا... ثم إنه وقع بينه وبين ابن أخيه بركة، فظفر به بركة، وحبسه، وتملك، وتلقب زعيم الدولة، في سنة 441، فلم تطل دولة بركة، ومات في آخر سنة ثلاث، فقام بعده الملك أبو المعالي قريش بن بدران بن مقلد، فأخرج عمه، وذبحه صبرا
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 85 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
في رجب سنة أربع وأربعين. وقيل: بل مات موتا)).
24- محمد بن المسيب بن رافع العقيلي: أبو الذواد، أمير بني عقيل، لقبه إقبال الدولة. كان صاحب نصيبين، ثم ملك الموصل وأعمالها سنة 380 ه‍ -من بني حمدان وكان على الموصل إبراهيم بن ناصر الدولة الحمداني-، وأقره بهاء الدولة ابن بويه، وأقام سنتين، وأرسل بهاء الدولة جيشا من الديلم قاتل أبا الذواد، وظفر الديلم، إلا أن شقاقا حدث بين قادتهم، فاستمر أبو الذواد في إمارته إلى أن توفي سنة 386 هـ. (الأعلام:7/98)، وكان ولاؤه للعزيز بالله الفاطمي صاحب مصر، يخطب له في الموصل. (وفيات الأعيان:5/374)
25- مسلم بن قريش: قال الذهبي في سير أعلام النبلاء:18/483: ((صاحب الموصل، السلطان شرف الدولة، أبو المكارم، مسلم بن ملك العرب، قريش بن بدران بن الملك حسام الدولة، مقلد بن المسيب بن رافع العقيلي.
كان يترفض كأبيه، ونهب أبوه دور الخلافة في فتنة البساسيري، وأجار القائم بأمر الله. ومات سنة ثلاث وخمسين كهلا، فولي ابنه ديار ربيعة ومضر، وتملك حلب، وأخذ الإتاوة من بلاد الروم، وحاصر دمشق، وكاد أن يأخذها، فنزع أهل حران طاعته، فبادر إليها،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 86 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فحاربوه، فافتتحها، وبذل السيف في السنة بها، وأظهر سب الصحابة، ودانت له العرب، ورام الاستيلاء على بغداد بعد طغرلبك، وكان يجيد النظم، وله سطوة وسياسة وعدل بعنف، وكان يعطي جزية بلاده للعلوية (الفاطميين). عمر سور الموصل وشيدها. ثم إنه عمل المصاف مع سلطان الروم سليمان بن قتلمش في سنة 478 بظاهر أنطاكية، فقتل مسلم وله بضع وأربعون سنة. وقيل: بل خنقه خادم في الحمام، وملكوا أخاه إبراهيم، وله سيرة طويلة وحروب وعجائب)).
26- مقرن بن زامل بن أجود الجبري: من سلاطين الجبور في البحرين، تولى الحكم سنة 922هـ، بعد أن أقصى خاله صالح بن سيف عن سدة الحكم، وخاض صراعا عنيفا مع بعض القبائل الثائرة عليه، كبني خالد وبني لام وحنيفة وغيرهم، ثم تصدى للغزو البرتغالي للبحرين حتى قتل على أيديهم. (السلطنة الجبرية:38 وما بعدها مختصرا)
27- المقلد بن المسيب بن رافع العقيلي: قال الشيخ عباس القمي في الكنى والألقاب:2/180 مختصرا: ((صاحب الموصل، كان فيه عقل وسياسة وحسن تدبير، فغلب على سقي الفرات، واتسعت مملكته، واستخدم من الديلم والأتراك ثلاثة آلاف رجل، وكان فيه
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 87 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فضل وأدب، ومحبة لأهل الأدب وينظم الشعر، وبينما المقلد في مجلس أنسه، وهو بالأنبار إذ وثب عليه غلام تركي فقتله، وذلك في صفر سنة 391، ولما مات رثاه الشريف الرضي بقصيدتين، ورثاه جماعة من الشعراء)).
28- مهارش بن المجلي بن عكيث: من حفدة المهنا العقيلي، أبو الحارث، مجد الدين، أمير حديثة عانة، له معرفة بالأدب وله شعر. كان مع ابن عمه قريش بن بدران أيام البساسيري ببغداد سنة 450 هـ، ولما دخل الخليفة (القائم بأمر الله العباسي) في ذمام قريش ابن بدران وأمنه هذا سلمه إلى مهارش، فحمله مهارش في هودج، وسار به إلى حديثة عانة مكرما إياه، ثم عاد به إلى العراق، فحفظ الخليفة ذلك له وأحسن مكافأته. وأقام في الحديثة إلى أن توفي سنة499. وكان ذا مروءة ودين وشجاعة. (الأعلام:7/310)
29- نصر بن شبث العقيلي: من القادة الثوار، ثار ((على المأمون العباسي، وكان يسكن كيسوم ناحية شمالي حلب، وكان في عنقه بيعة للأمين وله فيه هوى، فلما قتل الأمين أظهر الغضب، وتغلَّب على ما جاوره من البلاد وملك سميساط، واجتمع عليه خلق كثير من
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 88 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الأعراب، وعبر الفرات إلى الجانب الشرقي، وحدثته نفسه بالتغلب عليه، وكثرت جموعه وحصر حرّان في سنة تسع وتسعين ومائة... وكان يقول: إنما حاربت بني العباس محاماة للعرب لأنّهم يقدمون عليهم العجم، دام أمره إلى سنة تسع ومائتين، ثم حاصره عبد اللَّه بن طاهر أحد قادة المأمون بحصن كيسوم مدة، ثم خرج إليه بالأمان فبعثه إلى المأمون، فوصل إليه في صفر سنة عشر ومائتين، وهدم عبد اللَّه حصن كيسوم)). (نهاية الأرب للنويري:22/190)

خامسا: الشعراء والأدباء

1- عتيُّ بن يزيد بن مالك العقيلي: من شعراء الجاهلية، ومن مشهور شعره، قوله الذين استشهد به النحويون واللغويون:
إذا أنا لم أُومن عليك ولم يكن * لقاؤك إلا من وراء وراء
(انظر: تاج العروس:20/290)
2- كلَّاب بن حمزة العقيلي: شاعر، من علماء اللغة، كان مقيما بالبادية، ثم دخل بغداد، واتصل بالبرامكة، له كتب، منها (ما يلحن فيه العامة) و(جامع النحو). (فهرست ابن النديم:91، الأعلام:5/299)
3- كلبي بن ماجد العامري العقيلي: شاعر، من أمراء البحرين.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 89 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
اجتمع به ابن فضل الله العمري، سنة 732 وروى عنه بيتين بليغين، من قصيدة له، أولهما:
لعمر سليمى إنها يوم ودعت * نعيم نفوس في الورى وعذابها
وقال ابن فضل الله: كان شيخا ذا وقار وإجلال، يفد على السلطان بالخيل السوابق، ويكرم السلطان وفادته. (الأعلام:5/231)
4- ليلى الأخيلية: وهي، ليلى بنت عبد الله بن الرحال بن شداد ابن كعب، الأخيلية: شاعرة فصيحة، اشتهرت بأخبارها مع توبة بن الحمير الخفاجي. قال لها عبد الملك بن مروان: ما رأى منك توبة حتى عشقك؟ فقالت: ما رأى الناس منك حتى جعلوك خليفة! ووفدت على الحجاج مرات، فكان يكرمها ويقربها. وأبلغ شعرها قصيدتها في رثاء توبة، منها:
وتوبة أحيى من فتاة حيية * وأجرأ من ليث بخفان خادر
وسألت الحجاج وهو في الكوفة، أن يكتب لها إلى عامله بالري، فكتب، ورحلت، فلما كانت في ساوة ماتت ودفنت هناك. (الأعلام:5/249)
5- مزاحم بن عمرو بن الحارث: أو مزاحم بن الحارث، شاعر غزل، بدوي، من الشجعان. كان في زمن جرير والفرزدق، وسئل كل
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 90 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
منهما أتعرف أحدا أشعر منك؟ فقال الفرزدق: لا، إلا أن غلاما من بني عقيل يركب أعجاز الإبل، وينعت الفلوات فيجيد. وأجاب جرير بما يشبه ذلك. وقيل لذي الرمة: أنت أشعر الناس؟ فقال: لا، ولكن غلاما من بني عقيل يقال له مزاحم، يسكن الروضات، يقول وحشيا من الشعر لا يقدر أحد أن يقول مثله. (الأعلام:7/211)
6- محمد بن مسعر العقيلي: عده الجاحظ في البيان والتبيين ص69 في البلغاء والخطباء، وقال: ((وكان كريما، كريم المجالسة يذهب مذهب النساك، وكان جوادا، مر صديق له من بني هاشم بقصر له وبستان نفيس، فبلغه انه استحسنه، فوهبه له)).
7- نجم بن سراج العقيلي البغدادي، شمس الملك: شاعر. ولد ببغداد، ورحل إلى مصر مع أهله صغيرا، فنشأ بأسنا (من الصعيد)، وتميز بالشعر، فمدح الأكابر والأعيان، واشتهر، له أخبار مع أدباء عصره. (الأعلام:8/10)
8- أبو الجراح العقيلي: لم أعثر على اسمه، وهو: أديب، لغوي، شاعر، استشهد اللغويون بالكثير من الشواهد اللغوية التي نقلها، وهي دالة على خزين حفظه من أشعار العرب كما في تاج العروس، ولسان العرب وغيرها من معاجم اللغة، نقل عنه ابن قتيبة في عيون
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 91 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الأخبار: 3/4 قوله: ((وجدت أعراض الدّنيا، وذخائرها بعرض المتالف، إلا ذخيرة الأدب وعقيلة الخلَّة، فاستكثروا من الإخوان، واستعصموا بعرا الأدب)).
9- أبو شبيل العقيلي: شاعر، واسمه الخليخ، أعرابي فصيح، وفد على الرشيد، واتصل بالبرامكة، وله من الكتب: (كتاب النوادر)، قال ابن النديم في الفهرست ص51: ((رأيته بخط عتيق باصلاح أبى عمر الزاهد نحو ثلثمائة ورقة))

سادسا: علماء عقيل من المذاهب الأخرى

1- إسماعيل بن ظافر بن عبد الله، أبو طاهر العقيلي: عالم بالقراءات نحوي، من سادات المصريين وعلمائهم ونبلائهم. له (مرسوم خط المصحف) مرتبا على سور القرآن. (الأعلام:1/316)
2- حسن بن إبراهيم بن حسن بن علي الزيلعي الجبرتي العقيلي الحنفي: فقيه، له علم بالفلك والهندسة. أثنى عليه ابنه عبد الرحمن (المؤرخ) وأطال في ترجمته، وقال: إنه كان لا يعتني بالتأليف. ثم ذكر له نحو عشرين رسالة. (الأعلام:2/178)
3- الحسن بن محمد بن يحيى العقيلي: قاضي شمشاط، وهي بلدة في ساحل الشام، ذكره السمعاني في الأنساب:3/456 وقال:
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 92 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
((حدث عن حميد بن الربيع اللخمي، والحسن بن السكين البلدي، وإبراهيم بن راشد الأدمي، وإبراهيم بن الهيثم البلدي. روى عنه أبو بكر بن شاذان، وأبو حفص بن شاهين، وعلي بن معروف البزاز، ويوسف بن عمر القواس. سمع منه سنة سبع عشرة وثلاثمائة))
4- محمد بن عبد الله بن علاثة: الملقب بقاضي الجن، في الفائق في رواة وأصحاب الإمام الصادق: ج 3 ص130: ((محدث، حسن الحال، قاضي، والعامة اختلفوا فيه فمنهم من قال: بأنه كان ثقة صدوقا، لكنه كان يخطئ، وكذبه آخرون منهم. تولى القضاء ببغداد للمنصور والمهدي العباسيين. روى عنه عمرو بن الحصين، وحرمي بن حفص، وعبد العزيز الأويسي وغيرهم. توفي سنة 168، وقيل حدود سنة 163))
5- محمد بن عمرو بن موسى، أبو بكر ، الحافظ: من أهل الحجاز محدث الحرمين صاحب التصانيف، توفى بمكة المكرمة سنة 322 . من تآليفه: الجرح والتعديل، كتاب الضعفاء الكبير. (هدية العارفين:2/33)
6- موسى بن يونس بن محمد بن منعة ابن مالك العقيلي، كمال الدين، أبو الفتح الموصلي، الشافعي: ولد في سنة 551، وتفقه على أبيه، وأخذ العربية عن يحيى بن سعدون القرطبي، وببغداد عن الكمال الأنباري. وتفقه بالنظامية على السديد السلماسي في الخلاف. وكان
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 93 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
يضرب المثل بذكائه وسعة علومه.
اشتهر اسمه، وصنف، ودرس، وتكاثر عليه الطلبة، وبرع في الرياضيات، وقيل: كان يشتغل في أربعة عشر فنا، من تلامذته ابن خلكان، وابن الأثير الأبهري. (سير أعلام النبلاء:23/86مختصرا)

ومن مشاهير موالي بني عقيل

1- بشار بن برد الشاعر: قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد:7/116: ((أبو معاذ الشاعر، مولى بني عقيل، سباه المهلب بن أبي صفرة من طخارستان، ولد أعمى، وهو المقدم من الشعراء المحدثين. أكثر الشعر وأجادالقول، وهو بصري قدم بغداد، وكان المهدي (العباسي) اتهمه بالزندقة فقتله عليها)). وقال الشيخ الطهراني في الذريعة: ج9 ق1 ص138: ((ورمي بالزندقة، ففتشت كتبه فلم يوجد فيها شيء مما رمي به، وامر المهدي العباسي بضربه سبعين سوطا، فمات بذلك في البطيحة قرب البصرة في 176هـ أو 168، وقد نيف على تسعين سنة. ويظهر من بعض كتبه انه كان شديد الحفظ لقرابة رسول الله صلى الله عليه وآله فضلا عن أبنائه)).
وقال أبو الفرج في الأغاني:3/95 ملخصا: ((كان بشار بن برد
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 94 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وأبوه برد من قنّ خيرة القشيرية امرأة المهلَّب بن أبي صفرة، وكان مقيما لها في ضيعتها بالبصرة المعروفة «بخيرتان» مع عبيد لها وإماء، فوهبت بردا بعد أن زوجته لامرأة من بني عقيل كانت متصلة بها، فولدت له امرأته وهو في ملكها بشارا فأعتقته العقيلية، وكان ولاؤهم لبني ربيعة بن عقيل، وكان يفتخر بولائه لبني عقيل، يقول:
إنني من بني عقيل بن كعب * موضع السيف من طلى الأعناق))
ومن جيد شعره:
إذا كان خراجا أخوك من الوهى * موجهة في كل أوب ركائبه
فحل له وجه الفراق ولا تكن * مطية رحال بعيد مذاهبه
إذا كنت في كل الأمور معاتبا * خليلك لم تلق الذي لا تعاتبه
فعش واحدا أو صل أخاك فإنه * مقارف ذنب مرة ومجانبه
(تاريخ بغداد:7/116)
2- مؤمل بن زياد العقيلي، مولى لبني عقيل، ذكره الشيخ الطوسي في الرجال ص312 في أصحاب الإمام الصادق عليه السلام .
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 95 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

خاتمة

بكل تأكيد ليس هذا كل ما يمكن أن يقال عن تاريخ قبيلة عقيل بن كعب وأعلامهما ومشاهيرها، ودورها السياسي والاقتصادي في العراق والشام والجزيرة العربية، فهي من بين القبائل التي عرفت بكثرة العدد وسعة الانتشار، فربما فاتنا الكثير غفلة أو لضيق المقام؛ لإن التوسع مخالف لخطة الكتاب، فنستميح القارئ الكريم العذر.
--------------------------
1 ) أحضرهم سيف بن ذي يزن الحميري من بلاد فارس لطرد الأحباش من اليمن. (انظر: قبيلة حمير من هذه السلسلة ص30)
2 ) يمكن مراجعة هذه الشواهد والنصوص في كتاب: (عرب البحرين) ص99 و106 و112 و113.