سلسلة القبائل العربية في العراق (19) قبيلة زبيد

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 1 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
سلسلة القبائل العربية في العراق (19)
قبيلة زبيد
عبد الهادي الربيعي
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 2 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 3 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم
معروف أن قبيلة زبيد هي أحد القبائل القحطانية التي تنتمي الى مجموعة قبائل سعد العشيرة، ثم الى عمارة مَذْحِج، وقد انتقلت هذه القبيلة الى العراق أثناء الفتوح الإسلامية مع زعيمها معد يكرب الزبيدي، وهذا الكتاب وضعناه لتناول نبذة من تاريخهم، وترجمة أشهر رجالاتهم، وقد تعرضنا في الفصل الأول: الى موقع قبيلة زبيد في عقد القبائل اليمانية ونسبها وبعض بطونها المعاصرة، وفي الفصل الثاني: ذكرنا طرفا من تاريخ القبيلة في العصر الجاهلي والإسلامي، أما الفصل الثالث: فكان من حصة الصحابة منهم، والفصل الرابع: خصصناه لأصحاب الأئمة ورواة حديثهم.
وفي ختام هذه الكلمة أسجل شكري وتقديري لسماحة الشيخ علي الكوراني العاملي لرعايته لهذا الجهد، جعله الله ذخرا للأمة.
عبد الهادي الربيعي
25/محرم/1433 هـ
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 4 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

الفصل الأول: موقع زبيد في خارطة قبائل اليمن

ونبحث فيه

1- موقع زبيد في خارطة قبائل اليمن

يرجع النسابون قبائل اليمن كلها الى شعبين عظيمين، هما: بنو حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وبنو كهلان بن سبأ. وبالرغم من أن قبائل كهلان كانت أكثر عددا، إلا ملك اليمن كان بيد بني حمير، بينما تملك الكهلانيون أطراف بلاد العرب كالشام ونجد والعراق. وقد أولد كهلان: زيدا، وأولد زيد: مالكا، وعريبا (جمهرة أنساب العرب:2/330 ) ومنهما تفرعت قبائل كهلان.
فمن بني مالك بن زيد بن كهلان: الأزد، وهم شعب كبير يضم ستا وعشرين قبيلة (المفصل في تاريخ العرب:4/441) منهم: الأوس، والخزرج، وخزاعة، وغسان ملوك الشام.
ومن بني مالك بن زيد: همدان، وهي قبيلة كبيرة من قبائل كهلان، وذات تاريخ عريق، ومنها: خثعم وهي من القبائل المشهورة، وبجيلة،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 5 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وأنمار وغيرها من القبائل.
أما بنو عريب بن زيد بن كهلان، فمنهم قبائل عظيمة، وهي:
1- بنو أشعر، والنسب إليه أشعري، وهم: بنو أشعر (نبت) بن أُدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان. (جمهرة أنساب العرب:2/397)
2- بنو جلهمة (طيء)، والنسب إليه طائي، وهو طيء بن أُدد بن زيد بن يشجب، وقبيلة طيء قبيلة كبيرة مشهورة.
3- بنو مرة، وهم بطون عديدة تنتهي الى الحارث بن مرة بن أُدد بن زيد بن يشجب، منهم: قبيلة كندة ملوك نجد، ولخم رهط النعمان بن المنذر ملك الحيرة، وجذام، وخولان، ومعافر وغيرها من القبائل.
4- مَذحِج، وهو مالك بن أُدد بن زيد بن يشجب، ومَذحِج ((في الأصل اسم أكمة حمراء باليمن ولد عليها مالك بن أدد فسمي باسمها)) (وفيات الأعيان:4/374) وقد أولد مالك (مذحج) خمسا، وهم:
أ- عنْس بن مذحج: ومن ذريته الصحابي المعروف عمار بن ياسر العنْسي، والأسود العنْسي المتنبأ باليمن.
ب- يحابر بن مذحج، ويسمى مراد: ومن ذريته: هاني بن عروة المرادي الشهيد في الكوفة مع مسلم بن عقيل عليه السلام ، وهي قبيلة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 6 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
سكنت الكوفة.
ت- جَلْد بن مذحج: وإليه تنسب قبائل النخع، وهم بنو جسر (النخع) بن عامر بن عمرو بن عُلَّة بن جلد بن مذحج منهم: مالك بن الحارث (الأشتر النخعي)، وبنو صداء بن يزيد بن حرب بن عُلَّة بن جلد، وبنو رَهاء بن منبه بن حرب بن عُلَّة، والنسب إليه رهاوي، وبنو مُسيلة بن عامر بن عمرو بن عُلَّة بن جلد.
ث- لميس بن مذحج: وكان عددهم قليلا فدخلوا في مراد (جمهرة أنساب العرب:2/405)
ج- سعد العشيرة بن مذحج: وقد أولد تسعة، وهم: الحكم، والصعب، ونمرة، وجُعَفي، والحر، وعائذ الله، وأوس الله، وزيد الله، وأنس الله. (المصدر السابق:2/407)
فأما الحكم بن سعد العشيرة: فلهم ((بقية كثيرة باليمن، منهم بنو مطير. كانوا يقطنون بتهامة في نواحي أبو عريش، مجاورين لحاشد، وخولان)) (معجم قبائل العرب:1/286)
وأما نمرة بن سعد العشيرة: فمنهم بنو الحدأ، وهم قوم سكنوا الكوفة (إكمال الكمال:2/407)، وبنو سليم دخلوا في مراد. (جمهرة أنساب العرب:2/308 )
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 7 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وأما جُعْفي: بضم الجيم وسكون العين، وهي قبيلة كثيرة العدد، منهم بنو مرَّان، وبنو حريم (المعارف:ابن قتيبة/106) ومن أشهر رجالاتهم: عبيد الله بن الحر الجعفي، وجابر بن يزيد الجعفي، ومجموعة كبيرة من أصحاب الأئمة عليهم السلام .
وأما الحر بن سعد العشيرة: فمنه الحمد، والعدل. (جمهرة أنساب العرب:2/408)
وأما عائذ الله: فمنه بطون منهم: بنو مالك بن مشوف، وبنو معاوية بن مافان (المصدر السابق) ويبدو أن عددهم في الكوفة كان كبيرا حيث كانت لهم فيها خطة، قال الشيخ النجاشي في الرجال:238، في ترجمة عبد الرحمان بن عمرو العائذي: ((عبد الرحمن بن عمرو العائذي: كوفي، والكوفيون يقولون: العيذي،- ثم استدرك فقال للتفريق بينهم وبين عائذة قريش-: وهو عائذ الله بن سعد العشيرة من مذحج، وربما كان هذا النسب أصح؛ لأن عائذة قريش ليس لها بالكوفة خطة، والخطة لعائذة اليمن)).
ومن أوس الله بن سعد العشيرة: أسلم، حي باليمن (جمهرة أنساب العرب:2/408)، ولأنس الله ذرية كثيرة، منهم: ذباب بن الحارث الأنسي، من خيرة المؤمنين بالله ورسوله، وابنه عبد الله، قال ابن سعد في
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 8 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الطبقات:1/342، ((لما سمعوا-يعني بني سعد العشيرة- بخروج النبي صلى الله عليه وآله وثب ذباب رجل من بني أنس الله بن سعد العشيرة إلى صنم كان لسعد العشيرة يقال له فراض فحطمه... ثم وفد الى النبي صلى الله عليه وآله وأسلم.... كان عبد الله بن ذباب الأنسي مع علي بن أبي طالب عليه السلام بصفين، فكان له غناء))، وعدَّ الشيخ الأميني في الغدير:9/366، عبد الله بن ذباب من جملة البدريين الذين شهدوا صفين مع أمير المؤمنين عليه السلام .
وأما زيد الله بن سعد العشيرة: فقد ((دخلوا في جعفي. وقال أبو عمرو: هو زيد اللات)) (تاج العروس: الزبيدي:4/478) منهم مليكة بنت عمرو صحابية روت عن رسول الله صلى الله عليه وآله في باب التداوي بسمن البقر. (مجمع الزوائد:5/90،المعجم الكبير:25/42)
وأما صعب بن سعد العشيرة. فقد أولد: منبها، وهو زبيد الأكبر ومنه ينحدر الزبيديون، وأخيه أودا. وبنو أود بطن سكنوا الكوفة أوائل الفتح الإسلامي (جمهرة أنساب العرب:2 /411)، منهم: الأفوه الأودي الشاعر: صلاءة بن عمرو بن مالك، وخرشة بن مر بن مالك بن جزء، أحد أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام . (نسب معد واليمن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 9 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الكبير:134)، وبالرغم من عدم وجود دور واضح لبني أود في أحداث الكوفة وكربلاء واستشهاد الحسين عليه السلام ، إلا أن المؤرخين عدُّوا هذه القبيلة في عداد القبائل الموالية لآل أمية وبني مروان، وعلى العكس من بني عمومتهم بني زبيد. (أنظر: الكوفة وأهلها في صدر الإسلام: صالح أحمد العلي:492، شرح نهج البلاغة:4/61)

2- نسب زبيد

إذن ترجع قبيلة زبيد في أصولها الى مذحج أحد قبائل كهلان، فبنو زبيد، هم: بنو منبه بن صعب بن سعد العشيرة بن مالك (مَذحِج) بن أُدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ، ويسمى زبيد الأكبر، ويعود قسم منهم في نسبهم الى أحد ولده، وهو: منبه بن ربيعة بن سلمة بن مازن بن ربيعة بن منبه بن صعب بن سعد العشيرة بن مالك بن أدد، وهو زبيد الأصغر.
وفي سبب تلقيبهم بزبيد، قال ابن سعد في الطبقات:4/198 ((لما كثر عمومته، وبنو عمه، قال: من يزبدني نصره؟ يعني يعطيني نصره على بني أود. فأجابوه، فسموا كلهم زبيدا)). لكن ابن الأثير في اللباب في تهذيب الأنساب:2/60 نسب هذا القول لزبيد الأكبر منبه بن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 10 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
صعب، قال: ((واسم زبيد، منبه بن صعب بن سعد العشيرة ... وإنما قيل له زبيد؛ لأنه قال: من يزبدني رفده؟ فأجابه أعمامه. فقيل لهم جميعا: زبيد، وينسب إليها خلق كثير من الصحابة، ومن بعدهم من العلماء....)).
وقال ابن حزم في جمهرة أنساب العرب:2/405: في سبب تلقيب جدهم الأعلى بسعد العشيرة: ((لأنه كان يركب في ولده من صلبه في ثلاثمائة فارس)).
وتعدُّ قبيلة زبيد من القبائل العربية القديمة، ويشهد بذلك النسابون والمدونات التاريخية، فبين جدهم الأعلى زبيد الأكبر (منبه) وبين كهلان أبو القبائل الكهلانية ثمانية آباء فقط، ويبدو أن قبيلة زبيد كانت موجودة ومعروفة أيام سيل العرم، وانهيار سد مأرب قبيل القرن الخامس الميلادي (القبائل العربية في مصر:د/عبدالله البري ص148).
وعندما هاجرت قبائل اليمن الى عمان والشام والعراق ونجد والبحرين آنذاك، كانت زبيد ممن هاجرت منهم أعداد كبيرة مع المهاجرين الى هذه المناطق الجديدة.
كما ورد ذكر ودور لزبيد في الأحداث في تاريخ اليمن القديم في
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 11 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أواخر القرن الثالث للميلاد، على عهد مملكة سبأ وذي ريدان، أي قبل شروق فجر الإسلام بأكثر من ثلاثة قرون، قال محمد عبد القادر في تاريخ اليمن القديم ص144 ما ملخصه: ((إن سعد تالب يتلف الجدني كبير الأعراب، قد قسَّم العشائر التي كانت تحت إشرافه الى قسمين، يضم الأول منهما: كندة، ومذحج، وحرمم (جذام)، وباهل، وزبد إل (زبيد)-إذ أن زبيد مصغر زبد- والقسم الثاني يضم: سبأ، وحمير، وحضرموت، ويمنت)).
بل لعل قبيلة زبيد كانت موجودة وذات عدد قبل هذا التاريخ بثلاثة قرون أو أكثر، ويدل على ذلك ما ذكره الدكتور جواد علي في المفصل:1/651 حيث قال: ((ولما وقعت الحرب بين يوناتان المكابي -أحد زعماء أسرة المكابيين اليهودية التي حكمت الشام- وديمتريوس الثاني -أحد ملوك الروم-، ضرب يوناتان العرب المسمين بالزبديين وأخذ منهم غنائم كثيرة، حدث ذلك سنة (144 ق.م) ويروي بعض علماء التوراة أن هذه القبيلة العربية زبد (زبيد) كانت تنزل في موضع شمال غربي دمشق، ويرى بعض آخر احتمال أن ذلك المكان هو الزبداني، الذي يبعد عشرين ميلا من الشام على طريق دمشق بعلبك)).
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 12 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
إلا أن الروسان في القبائل الصفوية والثمودية ص341 قال: ((أن هذه القبيلة هي إحدى القبائل الصفوية، وهي قبائل عربية قيل أنها انقرضت في القرن الثالث للميلاد، وكانت تسكن جنوب الشام، كما أنه ضبط الكلمة (زيد إل) بالياء)).
ومما يدل على هجرة بني زبيد الى العراق قبل الفتح الإسلامي بعهد بعيد، ما ذكره الحموي في معجم البلدان في مادة سنجار ج3 ص262 قال: ((قدم خالد الزبيدي في ناس معه من زبيد إلى سنجار، ومعه ابنا عم له يقال لأحدهما صابي، وللآخر عويد، فشربوا يوما من شراب سنجار، فحنوا إلى بلادهم فقال خالد:
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 13 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أيا جبلي سنجار ما كنتما لنا * مقيظا ولا مشتى ولا متربعا
ويا جبلي سنجار هلا بكيتما * لداعي الهوى منا شنينين أدمعا
فلو جبلا عوج شكونا إليهما * جرت عبرات منهما أو تصدعا
بكى يوم تل المحلبية صابئ * وألهى عويدا بثه فتقنعا
وعلق الحموي في مادة جدال ج2 ص112 على هذا الشعر بالقول: ((جدال: قرية كبيرة عامرة على تل عال .... ولها ذكر في الشعر القديم، قال رجل من بني حيي، من النمر بن قاسط يقال له دثار يهجو رجلا من بني زبيد يقال له خالد:
أيا جبلي سنجار هلاَّ دققتما * بركنيكما أنف الزبيدي أجمعا
لعمرك ما جاءت زبيد لهجرة * ولكنها كانت أرامل جوَّعا
فقد وصف شعر النمري بالقديم، وقد صرَّح النمري في شعره أن هجرة زبيد كانت طلبا للرزق، بل وليس في شعر الزبيدي ما يدل على أن مجيئهم الى العراق كان لغرض حربي، فمن مجموع هذه القرائن يستفاد أن هجرات قبيلة زبيد الى العراق بدأت قبل الفتوح الإسلامية.
وما نريد تثبيته هنا هو: إن عمر هذه القبيلة وفق معطيات التاريخ المذكورة آنفا لا يقل عن عشرين قرن من الزمن وربما أكثر، فهي من القبائل الموغلة في القدم، كما حافظت زبيد على اسمها منذ ذلك اليوم حتى الآن، وهو أمر يكاد يكون نادرا لا يتحقق إلا لبعض القبائل، إذ غالبا ما تتبدَّل أسماء القبائل بتقادم الزمن.

3- مواطن زبيد

معروف أن مواطن زبيد كانت مع القبيلة الأم مذحج، وديار مذحج كانت ما بين نجران متجها الى الشمال الشرقي، حتى أطراف وادي تثليث ووادي الدواسر، قال الحموي في معجم البلدان:2/137، والبكري في معجم ما استعجم:1/9 في تحديد بلاد
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 14 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
العرب من نجد والعروض وتهامة.. ((ومن بلاد مذحج تثليث وما دونها إلى ناحية فيد حجازا، والعرب تسميه نجدا وجلسا وحجازا، والحجاز يجمع ذلك كله))، ويعني ذلك أن بلاد مذحج كانت تقع جنوب الحجاز. وقال ابن خلدون في تاريخه:4/225 : ((بلاد مذحج: موالي جهات الجُنْد من الجبال، وينزلها من مذحج عنس وزبيد ومراد ومن عنس بإفريقية فرقة، وبرية مع ظواعن أهلها، ومن زبيد بالحجاز بنو حرب بين مكة والمدينة)).
والجُنْد، غير مقاطعة الجَنَد أحد المقاطعات التي كان يتألف منها اليمن يوم ذاك، ومركزها حاليا محافظة تعز اليمنية. بل هو جبل في اليمن، ولم أعثر على تحديد موضعه في كتب البلدانيين، إلا أن ثمة قرائن تشير الى أنه يقع شمال اليمن قريبا من صعده، وقد تردد ذكره كثيرا في أشعار عمرو بن معد يكرب الزبيدي، قال:
لمن طلل بتيمات فجند * كأن عراصها توشيم برد
وقال أيضا:
أسيِّرها إلى النعمان حتى * أنيخ على تحيته بجند
وقال أيضا:
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 15 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
نحن هزمنا جيش صعدة بالقنا * جوافل حتى ظل جند كأنه
* ونحن هزمنا الجيش يوم بوار من النقع شيخ عاصب بخمار
(معجم ما استعجم:البكري:2/397)
ومن المواضع التي ذكرها علماء البلدان لقبيلة زبيد:
1- أنسب: من حصون بني زبيد باليمن. (معجم البلدان:1/265)
2- أراكة: قرية في أسفل بلد زبيد. (صفة جزيرة العرب:80)
3- بلاع: وادٍ فيه نخل، وهو غير بلاع في بلد خثعم، ويسكن هذه البلاد من قبائل زبيد: الأغلوق، وبنو مازن، وبنو عصم. (المصدر السابق:80)
4- تثليث: ((واد بنجد، وهو على يومين من جرش في شرقيها إلى الجنوب، وعلى ثلاث مراحل ونصف من نجران إلى ناحية الشمال. قال: وتثليث لبني زبيد، وهم فيها إلى اليوم، وبها كان مسكن عمرو بن معد يكرب الزبيدي)). (صفة جزيرة العرب، باختصار:80)
5- حماك: حصن لبني زبيد باليمن. (معجم البلدان :2/298)
6- الحصيب: قرية زبيد، وهي للأشعريين، وقد خالطهم بآخرة بنو وافد من ثقيف. (المصدر السابق:2/266)، وزَبيد: بفتح الزاي اسم وادٍ باليمن، والمعروف أن سكانه من الأشعريين، إلا أن اليعقوبي في
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 16 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
البلدان ص106، ذكر أنه من مواضع القبيلة، قال: ((الحصيب أهلها زبيد، والأشعريون)).
7- الخصاصة: بليد في ديار بني زبيد، وبني الحارث بن كعب بين الحجاز وتهامة. (المصدر السابق:2/375)
8- ديمات: موضع بديار بنى زبيد، قال عمرو بن معد يكرب:
لمن طلل بديمات فرقد * يلوح كأنه تحبير برد
(معجم ما استعجم: البكري:4/1411)
9- ذو كزَّان: وادٍ لبني حبيش من زبيد. (صفة جزيرة العرب:66)
10- ريمة: من حصون صنعاء لبنى زبيد. (معجم البلدان:3/115)
11- سازة: قرية باليمن من نواحي بنى زبيد. (المصدر السابق:3/171)
12- صيد: وادٍ لنبي حبيش. (صفة جزيرة العرب:66)
13- العصم: حصن لبني زبيد باليمن. (معجم البلدان:4/128)
14- فعن: من حصون بني زبيد باليمن. (المصدر السابق:4/268)
15- مثوة: من حصون بني زبيد باليمن. (المصدر السابق:5/55)
16- مريع: وهو من الريع والنماء، اسم موضع بين نجران وتثليث على طريق المختصر من حضرموت، وهو لبني زبيد، قال أبو زياد: مريع هي جبال وثنايا وأودية من بلاد بني زبيد. (المصدر السابق:5/ 118)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 17 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
17- هليل: وادٍ لبني حبيش من زبيد. (صفة جزيرة العرب:66)
18- هيوة: حصن لبني زبيد باليمن. (معجم البلدان:5/422)

4- أشهر بطون زبيد القديمة

قال ابن الكلبي في نسب معد واليمن الكبير ص134: ((ولد منبه، وهو زبيد بن صعب بن سعد العشيرة: ربيعة، والحارث.
فولد ربيعة بن منبه: مازنا، وهو بطن، والحارث وهو قطيعة، وهم بطن، ونصرا.
فولد مازن بن ربيعة: سلمة، ومالكا، ومعاوية، وسعدا، والحارث، وكعبا.
فولد سلمة بن مازن: ربيعة، ومالكا، وكعبا. فولد ربيعة بن سلمة: منبها (وهو زبيد الأصغر) والحارث، وعبد الله، ومالكا. فولد زبيد بن ربيعة: عمرا، وربيعة، ومعاوية، والأحنف، وكليبا.
فولد عمرو بن زبيد: عصما، ووعوعا، ومالكا، وأسامة، وامرئ القيس....
وولد الحارث بن منبه: حيَّا، فولد حيُّ بن الحارث بن زبيد: نشوان)). ومن هؤلاء انحدرت بطون قبيلة زبيد، ومن أهم البطون
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 18 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
القديمة لهذه القبيلة:
1- الأغلوق: بطن من زبيد كانوا يسكنون وادي بلاع. (صفة جزيرة العرب:80)
2- حبيش: بطن من زبيد ذكرهم الهمداني في صفة جزيرة العرب: ص64 .
3- زبيد الأصغر: بطن كبير وإليه تنسب عشائر كبيرة في العراق حاليا، وهم بنو زبيد (منبه) بن ربيعة بن سلمة.
4- قُطيعة: وهم بنو الحارث بن ربيعة بن منبه. (الأنساب: السمعاني:4/523)
5- بنو عصم أو عاصم: بطن من زبيد الأصغر انحدر منه عمرو بن معد يكرب الزبيدي. (صفة جزيرة العرب:80، خزانة الأدب: 6/227).
6- مازن: وهم بنو مازن بن ربيعة بن زبيد، قال ابن عبد البر في الإنباه على قبائل الرواة:ص105: ((ومازن في العرب كثير، فمازن المعروفة في زبيد من مذحج....))
7- مالك بن سلمة: بطن من زبيد، وهم: بنو مالك بن سلمة ابن مازن بن ربيعة بن منبه. (معجم قبائل العرب: 3/1031)
8- نشوان: وهم بنو نشوان بن حيي بن الحارث بن منبه. (جمهرة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 19 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أنساب العرب: ابن حزم:412)

5- عشائر زبيد المعاصرة

قال الأستاذ المحمداوي في كتابه العشائر الزبيدية ص7: ((النسابون أكدوا على أن زبيد العراق هم: زبيد بن معن بن عمرو بن عنين بن سلامان الطائي -أي أنهم من طيء، وليس من سعد العشيرة- ولكن بعض الباحثين المتأخرين يرجعون زبيد الى عمرو بن معد يكرب اعتمادا على ما يقوله شيوخ عشائرهم، وهم يدعون إن هذا جاءهم بالتواتر، وأول الباحثين الذين ذكروا ذلك السماع ووثقوه الأستاذ عباس العزاوي)). (وانظر كتابه الآخر: تاريخ وأنساب عشائر العزة، وآل بو محمد:15)
وقد اعتمد الباحث المذكور على قول القلقشندي في نهاية الأرب ص269 عند ذكره لزبيد طيء، قال: ((قال ابن سعيد - صاحب نشوة الطرب- وزبيد هؤلاء هم ببرية سنجار من الجزيرة الفراتية))، وقد مرَّ بنا قول الحموي والأشعار التي ذكرها أن زبيدا من مذحج سكنت سنجار قبل العهد الإسلامي، كما وأن سكنى زبيد طيء شمال العراق إن صحَّ لا يعني أن كل زبيد العراق منهم.
والحاصل: عقد الأستاذ عباس العزاوي في الجزء الثالث من كتابه
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 20 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
(عشائر العراق) فصلا طويلا عدد فيه العشائر التي تنتسب الى زبيد وتفرعاتها في العراق جاوز المائتي صفحة، ولا يسعنا ذكر جميع تلك العشائر والتفرعات في هذا الموجز المختصر، لذا سنورد ذكر الأصول الرئيسة منها، واستميح من غفلت عن ذكرهم العذر.

1- عشائر زبيد الأكبر

وتتألف من عدة عشائر كبيرة، والرئاسة فيهم لآل عبد الله ويسكنون أنحاء الصويرة (عشائر العراق:3/32). على أن كل عشيرة من هذه العشائر بطن مستقل بذاته لكثرتهم.
1- آلبو سلطان: ويسكنون شمال الحلة، ويتفرعون الى مجموعتين: آلبو محمد، وآلبو حمد، ولكل مجموعة منها فروع. (المصدر السابق:3/39، موسوعة عشائر العراق:1/399)
2- الجحيش: وهي قبيلة كبيرة العدد، أغلبهم يسكنون الحلة، ومنهم في الموصل، ويتفرعون الى: الفرج، وهم الرؤساء، وآلبو كليب، وآلبو نعيم، وآلبو صالح، والكلابيون، ومن فرق الجحيش في الموصل: العيسى، والفارس، وآلبو متيوت، وتنقسم هذه العشائر الى فروع أخرى عديدة. (عشائر العراق:3/ص40-48)، وذكر الروضان لهم تسعا
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 21 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وثلاثين عشيرة. (موسوعة عشائر العراق:1/153)
وفي إقليم خوزستان فرق من الجحيش يسكنون المحمرة وعبادان ورامز والأهواز وهنديان. (أنساب القبائل العربية في خوزستان:رؤوف السبهاني:162)
3- السعيد: ويسكنون عفك والدغارة والمحمودية، ومن فرقهم: آل راشد، وآلبو جمعة، والشجير، ويتبع كل فرقة فروع عديدة. (المصدر السابق:3/48- 51).
4- البو عجيل: ويسكنون الرحمانية، والحرية، ومناطق أخرى شمال الحلة، ومن فرقهم: المصاليخ، وآلبو غنيمة، وآلبو سهيل، وآلبو عبيد، وعبد الجادر، والحضاريون، وآلبو خليف، والگرارصة، وآلبو خميس. (المصدر السابق:3/51-53، القاموس العشائري العراقي:2/35)
5- المعامرة: ويسكنون المحاويل والمسيب شمال الحلة، ومن فروعهم: آلبو شريعة، وآلبو حامد، وآلبو حمير. (المصدر السابق:3/53-54).
6- العمار: ويسكنون النيل شمال الحلة أيضا، وقيل أنهم فرع من الجحيش، والصحيح أنهم مستقلون. (المصدر السابق:3/54)
7- آلبو محمد: ويصح تسميتها عمارة لانقسامها الى عدة قبائل، ثم انقسام القبائل الى عشائر، ويسكنون محافظة ميسان والبصرة.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 22 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وقد ذكر الأستاذ عبد عون الروضان في كتابه موسوعة عشائر العراق:ج2 ص342، أنها تنقسم الى أربع قبائل، وهي: آل لويلو، وآل بو عبود، والشدة، والبطابطة أولاد كامل، وتنبثق من هذه القبائل الأربعة سبع وعشرين عشيرة، تتبعها أفخاذ وفند. لكن المحمداوي في تاريخ وأنساب عشائر العزة ص163، قسمهم الى ثلاث قبائل: آل كامل، وآل عبود، وآل شدود، وهو نفسه لويلو. ومن عشائرهم: بيت منشد، وبيت فيصل، وبيت مشتت، وبيت موزان، وبيت دهام، وبيت عرمش، والحمران، وآلبو عبود، ومنهم: عشيرة البيضان، والبو علي، ومطير، وبيت خليفة والمصاليخ وسليم وشميل. ومن عشائر آل بو محمد: الشموس، والبطابطة، وبيت نويصر، وبيت صقر، والعشمان، وبيت فياض، وبيت ضمد، وبيت غضب، وآلبو غنام، وآلبو بخيت، والنوافل، وآلبو سليِّم، وبيت صحن، وبيت غافل، وبيت عجيل، وبيت شيخ زيني، وآل حميد، والفريجات، والسويعديين. (وانظر: تاريخ العمارة وعشائرها: الندواني ص61)
وذكر المحمداوي في كتابه العشائر الزبيدية ص9 آل بو محمد في عشائر العزة في زبيد الأصغر.
8- السواعد: ويسكنون قلعة صالح، والكحلاء، والمشرح، والزبير،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 23 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ومن فرقهم: بيت زامل، وبيت عبد السيد، والكورجة، والسواعد البتران، الغرة، بيت صخر، ويتفرع كل من هذه الفروع الى حمائل كثيرة. (عشائر العراق:1/414-423)

2- عشائر زبيد الأصغر

1- الجبور: واختلف فيهم هل هم من زبيد الأصغر، أم من زبيد الأكبر، بعد الاتفاق على أنهم من زبيد، وهي عشيرة كبيرة، منتشرة في كل أنحاء العراق تقريبا من الموصل وربيعة شمالا الى البصرة جنوبا، والكثير منهم في الحلة، ومن أبرز تفرعاتهم: الهياجل، والحسون، والشويخ، وآلبو سالم، والقضاة، وآلبو نجاد، وآلبو خطاب، وآلبو طعمة، وآلبو عميرة، وجبور الواوي، وآل دانة، والدعوم، والحجاج، والجوارزية، والصقور، وآلبو مصري، وعشيرة الإمام، ولكل هذه العشائر فروع كثيرة. (موسوعة عشائر العراق:1/130- 152) وزاد العزاوي فيهم: اللهيب، والجفاينة، والشرابيون. (عشائر العراق: 3/77-99) .
2- الجنابيون: ويسكنون بغداد والحلة وتكريت، ومن فرقهم: عشيرة النوافلة، والمصالحة، والمراشدة، وآلبو مهلهل، وآلبو حسون، وآلبو صقر، ومن الجنابات من يسكنون الكوفة وأنحائها. (عشائر العراق:3/97- 105) وأرجع المحمداوي الجنابيين في العشائر الزبيدية ص213الى زهير بن جناب الكلبي، من كلب قضاعة.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 24 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
3- الدليم: وهي عشيرة كبيرة، يسكن أغلبهم الأنبار، ولها فروع كثيرة، وهم ثلاثة أقسام: خلفة سبت، ومنهم: آلبو رديني، وآلبو خليفة، وآلبو مرعي، وآلبو سالم، وآلبو نمر، وآلبو علوان، وآلبو فهد، وآلبو كليب، والحلابسة، وآلبو عبيد، وآلبو بالي، والكرابلة، والملاحمة.
خلفة خميس (المحامدة)، ومن فروعهم: آلبو عزام، وآلبو ذياب، وآلبو شهاب، والمصالحة، والكحاليون، وآلبو عكاش، وآلبو طعمة، والفلاحات، والجريصات، والشيحة، وآلبو كريفع، وآلبو خميس، ودليم الخضر، والخوابزة، والمشاك، وآلبو سلمان، والمالج، والصباح، والعواصم.
خلفة جمعة: (آل فتلة): وهي عشيرة كبيرة معروفة، انفصلت عن القبيلة الأم، وتنقلت بها الحال، حتى استقروا في الديوانية، وجنوب النجف، ومن فروعهم: آل دليهم، آل گيم، آل عزيز، الفيادة، آلبو موسى، آل إسماعيل، آلبو حسون، آلبو محاسن، آلبو جاسم، ولكل هذه الفروع تفرعات، وحمائل كثيرة. (المصدر السابق:3/105- 151)
4- العقيدات: وهي من العشائر الزبيدية، ويسكنون الفرات الأعلى والموصل، ومن أبرز تفرعاتهم: آلبو كامل، آلبو ليل، خلفة جلال، خلفة كمال، الظريفات، ولهم فروع أخرى كثيرة. (موسوعة عشائر العراق:2/150-155)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 25 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
5- العبيد: ونسبهم الحيدري في عنوان المجد ص100 الى قضاعة ثم الى حمير، بناءا على النظرية القائلة أن قضاعة بطن من حمير، ولعله أخذ ذلك من ابن سعيد في نشوة الطرب ص59 حيث نسبهم الى: العبيد بن الأبرص بن عمرو بن أشجع بن سليح بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، وقال: ملوك سنجار والحضر من بلاد الجزيرة، وكانوا خلقا كثيرا، وذكر من مشاهيرهم الضيزن بن معاوية بن عبيد. (راجع مقدمة السلسلة ص32)
لكن العزاوي ومن تبعه نسبوهم الى زبيد، ومن فرق هذه العشيرة: آلبو مشهد، آلبو حمد، آلبو علي، آلبو سيف، آلبو علگة (علقة)، آلبو رياش، الهيازع، آلبو عساف، ويتبع كل فرقة منها فروع كثيرة. (موسوعة عشائر العراق:2/115- 122، عشائر العراق:3/151-162)
6- العزة: وكثرتهم في ديالى، ومنهم في باقي المحافظات كالحلة والكوت والعمارة والأنبار.... ومن فرق هذه العشيرة: الأجود، وآلبو عواد، وآلبو طراز، وآلبو بكر، وحردان، وآلبو حامد، ومنهم: آلبو محمد المار ذكرهم. (موسوعة عشائر العراق:137-143) وآلبو فراج، ومنهم في نجد وفلسطين، وهناك عشائر أخرى ملحقة بهذه العشيرة، ولهذه الفروع المذكورة حمائل وفروع. (عشائر العراق:3/162- 188)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 26 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

الفصل الثاني: نبذة من تاريخ القبيلة

تعدُّ زبيد من القبائل العربية المحاربة، وربما يشهد لذلك كثرة الحصون في بلادهم، ومن أشهر أيامهم التي ذكرها المؤرخون أو التي وردت في الأشعار المأثورة عن العرب:
1- يوم الأرنب: وهو موضع، جرت فيه معركة بين زبيد وبين بني الحارث بن كعب بن مرة بن سعد العشيرة، قال البكري في معجم ما استعجم:1/41 ما ملخصه: ((فلما كثرت بطون جرم ونهد في جبال السراة، تقاتلوا ووقع الشر بينهم، فلحقت بنو نهد -بن زيد بن ليث، بطن من قضاعة- ببني الحارث بن كعب، فحالفوهم وجامعوهم، ولحقت جرم بن ربان - بطن من قضاعة أيضا- ببني زبيد، فحالفوهم وصاروا معهم، فنسبت كل قبيلة مع حلفائها، يغزون معهم، ويحاربون من حاربهم، حتى تحاربت بنو الحارث وبنو زبيد في الحرب التي كانت بينهم، فالتقوا وعلى بني الحارث عبد الله بن عبد المدان، وعلى بني زبيد عمرو بن معد يكرب الزبيدي، فتعبي القوم، فعبيت جرم لنهد، وتواقع
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 27 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفريقان، فاقتتلوا، فكانت الدبرة يومئذ على بني زبيد، وفرت جرم من حلفائها من زبيد.
ثم جرت وقعت أخرى بين زبيد وبين بني زياد من بني الحارث بن كعب بعد المعركة السابقة، وكان النصر فيها لبني زبيد هذه المرة، وفيها يقول عمرو بن معد يكرب:
عجت نساء بني زياد عجَّة * كعجيج نسوتنا غداة الأرنب
(الطبري:4/357)
2- يوم شجوة: وشجوة واد بتهامة يصب من جبل يقال له فحل، جرت فيه معركة بين زبيد وبني مراد (معجم البلدان:3/362)
3- يوم بوار: ورد له ذكر في شعر معدي كرب الزبيدي، قال:
نحن هزمنا جيش صعدة بالقنا * جوافل حتى ظل جند كأنه
ونحن هزمنا الجيش يوم بوار * من النقع شيخ عاصب بخمار
ويبدو من هذه الأبيات أن ثمة يوم آخر لهم وهو يوم صعدة.
4- حربهم مع الأزد: وتقاتلت مذحج ومعها زبيد مع الأزد، قال حاجز الأزدي:
فجاءت خثعم وبنو زبيد * فلم نشعر بهم حتى أناخوا
ومذحج كلها وابنا صحار * كأنهم ربيعة في الجمار
(معجم ما استعجم:1/31)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 28 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
5- يوم تثليث: وفيه غزت بنو سليم مرادا، فجمع لهم عمرو بن معد يكرب فالتقوا بتثليث من أرض اليمن، فاقتتلوا قتالا شديدا فقتل من كبار مراد ستة، وقتل من بني سليم رجلان، وصبر الفريقان حتى كره كل واحد منهما صاحبه. (خزانة الأدب:8/323)
6- يوم أمول: وهو موضع تلقاء حلية، كانت فيه وقعة بين بني صاهلة وهم بطن من هذيل وبين زبيد، كانت فيه الغلبة لبني صاهلة. (المصدر السابق:1/196)
7- مع بني مازن من قومهم: ذكرها البغدادي في خزانة الأدب:6/326.
8- حربهم مع خثعم: ذكر هذه الوقعة ابن شهر آشوب في المناقب ج2 ص333 في معرض نقله قول عمرو بن معد يكرب عن شجاعة أمير المؤمنين عليه السلام ، ((وكان كثيرا ما يُسأل عن غاراته. فيقول: قد محا سيف علي الصنائع))
9- يوم فيف الريح: وسنذكر خبر هذا في بني عامر بن صعصعة.
10- حربهم مع كنانة: ذكرها المسعودي في مروج الذهب:2/329 وسنورد لها ذكرا في كتاب كنانة.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 29 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

حلف الفضول

يعدُّ حلف الفضول أقدم وثيقة بشرية في مجال حقوق الإنسان، وإنصاف المظلوم من ظالمه، وقد قام هذا الحلف بدعوة من سادة العرب بني هاشم، لإنصاف مظلوم من بني زبيد باع سلعته للعاص بن وائل أبو عمرو بن العاص فغمطه حقه، وقد شهد هذا الحلف رسول الله صلى الله عليه وآله وله من العمر يوم ذاك عشرون سنة، قال البلاذري في أنساب الأشراف:2/ ص 12 – 13: ((وكان سبب الحلف أن الرجل من العرب أو العجم كان يقدم بالتجارة فربما ظلم بمكة، فقدم رجل من بني زبيد بسلعة فباعها من العاص بن وائل السهمي، فظلمه فيها وجحده ثمنها، فناشده الله فلم ينفعه ذلك عنده، فنادى ذات يوم عند طلوع الشمس وقريش في أنديتها:
يا آل فهر لمظلوم بضاعته * ببطن مكة نائي الحي والنفر
ومحرم أشعت لم يقض عمرته * يا آل فهر بين الركن والحجر
فقال الزبير -بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وآله - : ما لهذا مترك، فجمع إخوته، واجتمعت بنو هاشم، وبنو المطلب بن عبد مناف، وبنو أسد بن عبد العزى بن قصي، وبنو زهرة بن كلاب، وبنو تيم بن مرة بن كعب في دار أبي زهير عبد الله بن جدعان القرشي... فتحالفوا على أن لا يجدوا
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 30 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بمكة مظلوما إلا نصروه ورفدوه وأعانوه حتى يؤدى إليه حقه، وينصفه ظالمه من مظلمته، وعادوا عليه بفضول أموالهم ما بل بحر صوفه، وأكدوا ذلك وتعاقدوا عليه وتماسحوا قياما. وشهد رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك الحلف فكان يقول: ما سرني بحلف شهدته في دار ابن جدعان حمر النعم. فسمي الحلف حلف الفضول لبذلهم فضول أموالهم .... وأقام الزبير ومن معه بأمر الزبيدي حتى أنصفه العاص بن وائل)).

نبذة من تاريخهم في عصر الرسالة

عرفت القبائل اليمانية الحضارة والاستيطان في المدن والقرى وامتهان الزراعة، وجني المحاصيل، ووفرة الأموال، ورغد العيش قبل القبائل العدنانية بوقت طويل بسبب طبيعة اليمن الجغرافية حيث تنتشر الأنهار والسدود والوديان في كل أرجائها، وتأسست في اليمن عدة دول وحضارات، ومن هنا كانت القبائل اليمانية أكثر تحضرا وانفتاحا على الآخرين وتقبلا للأفكار الوافدة، كما كانوا أكثر طاعة للقادة لتعودهم على طاعة الملوك.
أما القبائل العدنانية فقد كانت تعيش حياة بداوة وجشوبة عيش
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 31 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
يصارعون الحجر والرمال ليستخرجوا منهما لقمة عيشهم، مما أثرت هذه الطبيعة الخشنة على طباعهم، فكانت الخصومة والتنازع والتحاسد يطبع حياتهم، ولذلك قلَّ اجتماع العدنانيين تحت رئاسة رئيس واحد، وربما فضلوا الخضوع لحكم رئيس بعيد عنهم على الخضوع لشخصية منهم، ومن هنا يلحظ أن ما واجهه النبي صلى الله عليه وآله وقاساه من القبائل العدنانية كان أكثر بكثير عما لاقاه في سبيل الدعوة من قبائل اليمن، ولم تستنزف اليمن بكل قبائلها في قبول الدعوة الإسلامية عُشر الجهد الذي بذله الرسول صلى الله عليه وآله في سبيل إقناع القبائل العدنانية بدعوته.
وكان عدد السرايا التي بعثها صلى الله عليه وآله الى اليمن قليلا، كما لم تكن المعارك التي خاضها المسلمون مع أبناء القبائل اليمنية بمثل الشراسة والتضحيات في معاركهم مع قبائل بني عدنان.
وفيما يخص قبيلة مذحج ومنها زبيد، فقد قال ابن سعد في الطبقات:2/169: ((...ثم سرية علي بن أبي طالب عليه السلام إلى اليمن، يقال مرتين: إحداهما في شهر رمضان سنة عشر من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا بعث رسول الله عليا إلى اليمن، وعقد له لواء وعممه
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 32 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بيده، وقال: امض ولا تلتفت فإذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك! فخرج في ثلاثمائة فارس، وكانت أول خيل دخلت إلى تلك البلاد وهي بلاد مذحج ... فلقي جمعهم فدعاهم إلى الإسلام فأبوا، ورموا بالنبل والحجارة، فصف أصحابه، ودفع لواءه إلى مسعود بن سنان السلمي، ثم حمل عليهم علي عليه السلام بأصحابه، فقتل منهم عشرين رجلا، فتفرقوا وانهزموا فكف عن طلبهم، ثم دعاهم إلى الإسلام فأسرعوا وأجابوا، وبايعه نفر من رؤسائهم على الإسلام، وقالوا: نحن على من وراءنا من قومنا، وهذه صدقاتنا فخذ منها حق الله)).

وفد زبيد الى النبي

ثم وفدت زبيد على رسول الله صلى الله عليه وآله ، وقد روى الشيخ المفيد خبر وفودهم في الإرشاد:1/158- 161 نذكره مختصرا، قال: ((ولما عاد رسول الله صلى الله عليه وآله من تبوك إلى المدينة، قدم عليه عمرو بن معد يكرب فقال له النبي صلى الله عليه وآله : ((أسلم يؤمنك الله من الفزع الأكبر)) فقال: يا محمد، وما الفزع الأكبر؟ فإني لا أفزع! فقال: ((يا عمرو، إنه ليس مما تحسب وتظن، إن الناس يصاح بهم صيحة واحدة، فلا يبقى ميت إلا نشر ولا حي إلا مات، إلا ما شاء الله، ثم يصاح بهم صيحة أخرى،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 33 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فينشر من مات ويصفون جميعا، وتنشق السماء وتهد الأرض وتخر الجبال، وتزفر النيران، وترمي بمثل الجبال شررا، فلا يبقى ذو روح إلا انخلع قلبه، وذكر ذنبه، وشغل بنفسه، إلا ما شاء الله، فأين أنت (يا عمرو) من هذا؟)) قال ألا إني أسمع أمرا عظيما، فآمن بالله ورسوله، وآمن معه من قومه ناس... ثم إن عمرو بن معد يكرب نظر إلى أُبي بن عثعث الخثعمي فأخذ برقبته، ثم جاء به إلى النبي صلى الله عليه وآله ، فقال: أعدني على هذا الفاجر الذي قتل والدي. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أهدر الإسلام ما كان في الجاهلية! فانصرف عمرو مرتدا..ومضى إلى قومه)).

غزوة بني زبيد

واستطرد المفيد قدس سره : ((فاستدعى رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام فأمره على المهاجرين، وأنفذه إلى بني زبيد، وأرسل خالد بن الوليد في طائفة من الأعراب، وأمره أن يقصد لجعفي، فإذا التقيا فأمير الناس علي بن أبي طالب. فسار أمير المؤمنين واستعمل على مقدمته خالد بن سعيد بن العاص، واستعمل خالد على مقدمته أبا موسى الأشعري. فأما جعفي فإنها لما سمعت بالجيش افترقت فرقتين:
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 34 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فذهبت فرقة إلى اليمن، وانضمت الفرقة الأخرى إلى بني زبيد، فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام ، فكتب إلى خالد بن الوليد: أن قف حيث أدركك رسولي. فلم يقف، فكتب إلى خالد بن سعيد: تعرض له حتى تحبسه. فاعترض له خالد حتى حبسه، وأدركه أمير المؤمنين عليه السلام فعنفه على خلافه، ثم سار حتى لقي بني زبيد بواد يقال له كسر، فلما رآه بنو زبيد، قالوا لعمرو: كيف أنت إذا لقيك هذا الغلام القرشي فأخذ منك الإتاوة -يعنون بها الزكاة-؟ قال: سيعلم إن لقيني. قال: وخرج عمرو فقال: هل من مبارز؟ فنهض إليه أمير المؤمنين عليه السلام ، فقام خالد بن سعيد، وقال له: دعني يا أبا الحسن بابي أنت وأمي أبارزه. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : ((إن كنت ترى أن لي عليك طاعة فقف مكانك)) فوقف، ثم برز إليه أمير المؤمنين عليه السلام فصاح به صيحة فانهزم عمرو، وقتل أخوه، وابن أخيه، وأخذت امرأته ركانة بنت سلامة، وسبي منهم نسوان، وانصرف أمير المؤمنين، وخلف على بني زبيد خالد بن سعيد ليقبض صدقاتهم، ويؤمن من عاد إليه من هرابهم مسلما. فرجع عمرو بن معد يكرب واستأذن على خالد بن سعيد، فأذن له فعاد إلى الإسلام، وكلمه في امرأته وولده، فوهبهم له. وقد كان عمرو لما وقف
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 35 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بباب خالد بن سعيد وجد جزورا قد نحرت، فجمع قوائمها ثم ضربها بسيفه فقطعها جميعا، وكان يسمى سيفه الصمصامة، فلما وهب له خالد بن سعيد امرأته، وولده وهب له عمرو الصمصامة. وكان أمير المؤمنين عليه السلام قد اصطفى من السبي جارية، فبعث خالد بن الوليد بريدة الأسلمي إلى النبي صلى الله عليه وآله ، وقال له: تقدم الجيش إليه فأعلمه ما فعل علي من اصطفائه الجارية من الخمس لنفسه، وقع فيه. فسار بريدة حتى انتهى إلى باب رسول الله صلى الله عليه وآله ، فلقيه عمر بن الخطاب فسأله عن حال غزوتهم وعن الذي أقدمه، فأخبره أنه إنما جاء ليقع في علي، وذكر له اصطفاءه الجارية من الخمس لنفسه، فقال له عمر: امض لما جئت له، فإنه سيغضب لابنته مما صنع علي. فدخل بريدة على النبي صلى الله عليه وآله معه كتاب من خالد بما أرسل به بريدة، فجعل يقرؤه ووجه رسول الله صلى الله عليه وآله يتغير، فقال بريدة: يا رسول الله، إنك إن رخصت للناس في مثل هذا ذهب فيؤهم، فقال له النبي: ((ويحك أحدثت نفاقا! إن علي بن أبي طالب يحل له من الفيء ما يحل لي، إن علي بن أبي طالب خير الناس لك ولقومك، وخير من أخلف من بعدي لكافة أمتي، يا بريدة، احذر أن تبغض عليا فيبغضك الله)). قال بريدة:
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 36 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فتمنيت أن الأرض انشقت بي فسخت فيها، وقلت: أعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله، يا رسول الله، استغفر لي فلن أبغض عليا أبدا، ولا أقول فيه إلا خيرا. فاستغفر له النبي صلى الله عليه وآله )).
وروى الصالحي الشامي في سبل الهدى والرشاد:6/246، وابن عبد البر في الاستيعاب: 3/1204، وابن أبي الحديد في شرح النهج:12/120، خبر مبارزة علي عليه السلام لعمرو بن معد يكرب، قال: ((وبلغ عمرو بن معد يكرب، فأقبل على جماعة من قومه، فلما دنا منهما قال: دعوني حتى آتي هؤلاء القوم فإني لم أسم لأحد قط إلا هابني، فلما دنا منهما نادى: أنا أبو ثور، وأنا عمرو بن معد يكرب! فابتدره علي وخالد وكلاهما يقول لصاحبه: خلني وإياه ويفديه بأمه وأبيه. فقال عمرو إذ سمع قولهما: العرب تُفزِّع بي، وأراني لهؤلاء جزرا، فانصرف عنهما، وكان عمرو فارس العرب مشهورا بالشجاعة)).
وروى الإمام أحمد في مسنده:5/347، الخبر عن بريدة مختصرا، قال: ((...عن بريدة قال: غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وآله ذكرت عليا فتنقصته! فرأيت وجه رسول
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 37 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الله يتغير، فقال: يا بريدة الست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه)).
وذكر ابن جرير الطبري في المسترشد: ص673 ، منقبة لأمير المؤمنين عليه السلام في هذه الغزوة، قال: ((ومن عجائبه ما كان في غزاة بني زبيد، وأمر الرجل الذي دعا عليه، (وكان) في وجهه خال، فتفشى الخال في وجهه حتى اسود وجهه كله)).
واستعمل رسول الله صلى الله عليه وآله على زبيد ومراد ومذحج كلها بعد إسلامهم، فروة بن مُسيك المرادي، ((وبعث معه خالد بن سعيد، فكان في بلاده حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وآله )) (مكاتيب الرسول:1/38)

بنو زبيد في الفتوحات الإسلامية

أبلت زبيد في الفتوحات الإسلامية بلاء حسنا تحت راية قائدها عمرو بن معد يكرب الزبيدي، فقد اشتركوا في أهم الفتوحات الإسلامية كفتوح الشام ومصر والعراق.

دور زبيد في فتوح الشام

قال اليعقوبي:2/133: ((وأراد أبو بكر أن يغزو الروم، فشاور جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقدموا وأخروا، فاستشار علي
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 38 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بن أبي طالب عليه السلام ، فأشار أن يفعل، فقال: إن فعلت ظفرت. فقال: بشرت بخير! فقام أبو بكر في الناس خطيبا، وأمرهم أن يتجهزوا إلى الروم، فسكت الناس، فقام عمر فقال: لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لانتدبتموه. فقام عمرو بن سعيد فقال: لنا تضرب أمثال المنافقين يا ابن الخطاب، فما يمنعك أنت ما عبت علينا فيه؟ فتكلم خالد بن سعيد، وأسكت أخاه فقال: ما عندنا إلا الطاعة، فجزاه أبو بكر خيرا، ثم نادى في الناس بالخروج، وأميرهم خالد بن سعيد... وقدمت عليه العشائر من اليمن)). وقال الواقدي في فتوح الشام:1/6: ((فكان أول قبيلة ظهرت من قبائل اليمن حمير، وهم بالدروع الداودية، والسيوف الهندية...، وأقبلت من بعدها كتائب مذحج أهل الخيل العتاق، والرماح الدقاق، وأمامهم سيدهم قيس بن هبيرة المرادي... وتتابعت قبائل اليمن يتلو بعضها بعضا ومعهم نساؤهم وأموالهم)).
وقال البلاذري في فتوح البلدان:1/160، بعد أن ذكر فتح دمشق: ((جمع هرقل جموعا كثيرة من الروم وأهل الشام وأهل الجزيرة وأرمينية تكون زهاء مائتي ألف، وولى عليهم رجلا من خاصته ...
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 39 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
واجتمع المسلمون فزحفوا إليهم، فاقتتلوا على اليرموك أشد قتال وأبرحه، واليرموك نهر، وكان المسلمون يومئذ أربعة وعشرين ألفا)).
وتحدث الواقدي في فتوح الشام:1/260 ، عن اليوم الأول من معركة اليرموك، وعن دور زبيد في المعركة، فقال: ((حملت الروم على ميمنة المسلمين، وكان فيها الأزد ومذحج وحضرموت وخولان فحملت عليهم الروم حملة منكرة، فصبروا لهم صبر الكرام، وقاتلوا قتالا شديدا، وثبتوا ثباتا حسنا، وحملت عليهم كتيبة ثانية، فصبروا صبرا جميلا، وحملت عليهم كتيبة ثالثة فأزالوا المسلمين عن الميمنة، فابتدر منهم عمرو بن معد يكرب الزبيدي وهو المقدم على زبيد والأمير عليهم، وهم يعظمونه لما سبق من شجاعته في الجاهلية، وكان يوم اليرموك قد مر له من العمر مائة وعشرون سنة إلا أنه همته الشجاعة، فلما نظر إلى قومه وقد انكشفوا صاح في قومه: يا آل زبيد، يا آل زبيد تفرون من الأعداء، وتفزعون من شرب كأس الردى، أترضون لأنفسكم بالعار والمذلة، فما هذا الانزعاج من كلاب الأعلاج، أما علمتم إن الله مطلع عليكم، وعلى المجاهدين والصابرين، فإذا نظر إليهم وقد لزموا الصبر في مرضاته، وثبتوا
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 40 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
لقضائه، أمدهم بنصره، وأيدهم بصبره، فأين تهربون من الجنة؟ أرضيتم بالعار، ودخول النار، وغضب الجبار؟ قال: فلما سمعت زبيد كلام سيدهم عمرو بن معد يكرب، رجعوا إليه، وعطفوا عليه عطفة الإبل على أولادها، فاجتمعوا حوله زهاء من خمسمائة فارس وراجل، وشدوا على القوم شدة واحدة، وحملت معهم حمير وحضرموت وخولان وحملوا حملة صعبة فأزالوا الروم عن أماكنهم))

دور زبيد في معركة القادسية

شهد بنو زبيد وقعة القادسية مع الفرس سنة أربع عشرة للهجرة، قال الطبري3/5: ((وكان فيهم-أي فيمن خرجوا مع سعد من المدينة- ألف وثلاثمائة من مذحج، على ثلاثة رؤساء: عمرو بن معد يكرب على بني منبه (زبيد)، وأبو سبرة بن ذؤيب على جعفي، ومن في حلف جعفي من إخوة جزء وزبيد وأنس الله ومن لفهم، ويزيد بن الحارث الصدائي على صداء وجنب ومسيلة في ثلاثمائة، هؤلاء شهدوا من مذحج فيمن خرج من المدينة مخرج سعد منها))، وقال ابن أعثم:1/138: ((ثم جمع له عمر الناس من كل أوب حتى صار سعد في سبعة آلاف، ثم سار حتى نزل بموضع يقال له شراف، وجعل عمر لا يقدم عليه أحد
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 41 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
إلا وجه به إليه، فكان أول من قدم عليه عمرو بن معد يكرب الزبيدي في زهاء خمسمائة رجل....))
أقول: ثم زاد عدد المذحجيين في جيش سعد بعد التحاق من كان منهم في الشام يشارك في الفتح هناك، فالتحقوا بسعد في القادسية مع مالك الأشتر النخعي، وهاشم بن عتبة المرقال.
وقال البلاذري في فتوح البلدان2/316: ((وكتب عمر إلى سعد يأمره بأن يبعث إلى عظيم الفرس قوما يدعونه إلى الإسلام. فوجه عمرو بن معد يكرب الزبيدي، والأشعث بن قيس الكندي في جماعة، فمروا برستم فأتى بهم، فقال: أين تريدون؟ قالوا: صاحبكم. فجرى بينهم كلام كثير حتى قالوا: إن نبينا قد وعدنا أن نغلب على أرضكم. فدعا بزبيل من تراب فقال: هذا لكم من أرضنا. فقام عمرو بن معد يكرب مبادرا فبسط رداءه، وأخذ من ذلك التراب فيه وانصرف. فقيل له: ما دعاك إلى ما صنعت؟ قال: تفاءلت بأن أرضهم تصير إلينا ونغلب عليها. ثم أتوا الملك ودعوه إلى الإسلام فغضب وأمرهم بالانصراف، وقال: لولا أنكم رسل لقتلتكم)).
وقال ابن أعثم في الفتوح:1/185، وما بعدها ((ثم أقبل يزدجرد
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 42 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
على وزيره الأكبر رستم، فقال له: إن الشتاء قد انحسر عنا وعن هؤلاء القوم، والأرض قد أعشبت والأشجار قد أينعت، فسر إليهم بخيلك ورجلك وجاهدهم أبدا حتى تردهم على أدبارهم من حيث جاؤونا. قال: فعندها عرض رستم من كان بحضرته من الفرس، فكانوا عشرين ومائة ألف فارس وثلاثين ألف راجل، فسار هؤلاء القوم حتى نزلوا بإزاء المسلمين بأرض القادسية، وكتب يزدجرد إلى جميع البلاد التي كانت في يده فاستنهضهم إلى حرب المسلمين، فأجابوه على كل صعب وذلول...... وعبى سعد بن أبي وقاص أصحابه، فكان يومئذ في قريب من أربعين ألفا، وقد كان عمر بن الخطاب كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح فأمدهم بعشرين ألفا من أهل الشام، فصار سعد في ستين ألفا. فلما كان ذلك اليوم وعزم على محاربة الفرس جعل على ميمنته عمرو بن معد يكرب الزبيدي، وجرير بن عبد الله البجلي في عشرة آلاف بين فارس وراجل، وجعل على ميسرته إبراهيم بن حارثة الشيباني، وعلي بن جحش العجلي في عشرة آلاف من بين فارس وراجل، وجعل في القلب طليحة بن خويلد الأسدي، والمنذر بن حسان الضبي في عشرة آلاف فارس وخمسة آلاف راجل، وفرق من
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 43 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بقي منهم في الأجنحة والكمناء.
فلما كان من غد دنا القوم بعضهم من بعض وهذا يوم السواد، وقدمت الفرس الفيلة عن أيمانها وعن شمائلها وبين أيديهم، ونظرت خيل المسلمين إلى الفيلة ففزعت لذلك فزعا شديدا وتراجعت إلى ورائها، فلما نظر المسلمون إلى ذلك نزلوا عن الخيل، وأصلتوا السيوف ومضوا نحو الفيلة رجالة واشتبكت الحرب، وجعل المسلمون يحملون على الفيلة فيضربون مشافرها بالسيوف حتى أفنوها عن آخرها. قال: فتقدم رجل من كبار الفرس وساداتها يقال له شاهنشاه حتى وقف بين الجمعين على فرس له على رأسه تاج من ذهب وعليه جوشن من ذهب فسأل البراز، فخرج إليه رجل من المسلمين فقتله شاهنشاه، ثم خرج إليه آخر فقتله، فلم يزل كذلك حتى قتل أربعة من فرسان المسلمين، فصاح المسلمون بعمرو بن معد يكرب الزبيدي فقالوا: يا أبا ثور هل فيك بقية من غنى فتكفينا أمر هذا الأعجمي؟ فقال فتى من تميم يقال له عبد الله بن حابس: وأي بقية تكون في مثله وهو شيخ كبير على ما ترون؟ فقال له عمرو: يا ابن أخي! إن بقيتي على ضعفي خير من شباب مثلك. قال: فأقبل على عمرو من كان من
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 44 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
قومه وعشيرته، فقالوا: سألناك يا أبو ثور ألا كفيتنا أمر هذا الأعجمي إن علمت أنك تقوم به، قال: نعم، آتوني براحلة، فقالوا: تريد أن تقاتل على راحلة؟ فقال: ائتوني ولا تسألوني، قال: فأتوه بناقة عليها رحلها فأبركها بين يديه ثم ركبها، وقال: يا بني أخي! أصلحوا على عمكم ثيابه، قال: فأدخلوا أيديهم تحته ليصلحوا ثيابه فقعد على أيديهم وأثار الراحلة فبقي القوم معلقين بأيديهم فصاحوا: يا عم! أيدينا أيدينا، فتجافى عمرو عن الراحلة فسقطوا إلى الأرض، فقال: يا بني أخي! ما بقي من قوة عمكم إلا ما ترون. ثم أقبل على بني عمه فقال: إن فرسي هذه لست منها في شيء ولكن ائتوني بحصان.... ثم قال: يا بني زبيد! اعلموا أني حامل على هذا الأعجمي، فإن بدرته بالصمصامة فهي نفسه لا شك في ذلك، وإن بدرني بسيفه فصرعني عن فرسي فلا عليكم، ذروني وإياه فإنه لا يصل إلي حتى أقتله على كل حال. قال: ثم استوى على الفرس، وخرج نحو الأعجمي فنظر إليه شاهنشاه فحمل عليه، والتقيا بضربتين وقعت ضربة شاهنشاه في درقة عمرو، وقعت ضربة عمرو في رأس شاهنشاه فقطع تاجه مع هامته فجدله قتيلا. قال: ثم نزل إليه عمرو فسلبه تاجه، وما كان عليه من
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 45 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ثيابه وسلاحه، ثم استوى على فرسه.....)).
وقال ابن الأثير في الكامل:2/478، وهو ينقل صورة عن دور زبيد وعميدهم عمرو في المعركة: ((وقال عمرو بن معد يكرب: إني حامل على الفيل ومن حوله لفيل بإزائهم فلا تدعوني أكثر من جزر جزور، فإن تأخرتم عني فقدتم أبا ثور، وأين لكم مثل أبي ثور. فحمل وضرب فيهم حتى ستره الغبار، وحمل أصحابه فأفرج المشركون عنه بعد ما صرعوه وإن سيفه لفي يده يصارمهم، وقد طعن فرسه فأخذ برجل فرس أعجمي، فلم يطق الجري فنزل عنه صاحبه إلى أصحابه وركبه عمرو)).
وقال البلاذري أيضا: 2/316: ((ثم إن علافة المسلمين، وعليها زهرة بن حوية لقيت خيلا للأعاجم، فكان ذلك سبب الوقعة. أغاثت الأعاجم خيلها وأغاث المسلمون علافتهم، فالتحمت الحرب بينهم، وذلك بعد الظهر، وحمل عمرو بن معد يكرب الزبيدي فاعتنق عظيما من الفرس فوضعه بين يديه في السرج، وقال: أنا أبو ثور، افعلوا كذا. ثم حطم فيلا من الفيلة، وقال: الزموا سيوفكم خراطيمها، فإن مقتل الفيل خرطومه)).
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 46 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دور زبيد في فتح مصر

كما اشترك بعض الزبيديين مع بني عمومتهم من مذحج في فتح مصر، قال الدكتور عبد الله البري في كتابه القبائل العربية في مصر:ص221: ((مذحج من قبائل الفتح في مصر، وقد اختطَّت بين خولان وتجيب، ويبدو أنها لعبت دورا خطيرا في السياسة المصرية، فكانت ميولها علوية....ثم عدد بطونا من مذحج سكنت مصر، وهي: عشرة بطون من مراد، وبعضا من سعد العشيرة، ثم قال: ((شهدت (زبيد) فتح مصر، وكل من بقي لنا من شخصياتها من أهل الفتح، منهم: حومل الذي بارز البطريق الرومي وقتله، وزياد بن جزء، ومحمية بن جزء، وعبد الله بن الحارث بن جزء))
وقال القرشي المصري في فتوح مصر وأخبارها:ص301: ((وكانت الروم قد جعلت صفوفا خلف صفوف، وبرز يومئذ بطريق ممن جاء من أرض الروم على فرس له، عليه سلاح مذهب، فدعا إلى البراز فبرز إليه رجل من زبيد، يقال له حومل يكنى أبا مذحج، فاقتتلا طويلا برمحين يتطاردان، ثم ألقى البطريق الرمح وأخذ السيف، وألقى حومل رمحه وأخذ سيفه، وكان يعرف بالنجدة، .... والناس على
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 47 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
شاطئ النيل في البر على تعبئتهم وصفوفهم فتجاولا ساعة بالسيفين، ثم حمل عليه البطريق فاحتمله، وكان نحيفا، واخترط حومل خنجرا كان في منطقته أو في ذراعه، فضرب به نحر العلج أو ترقوته فأثبته، ووقع عليه فأخذ سلبه، ثم مات حومل بعد ذلك بأيام)).

دورهم في حرب الجمل

كانت قبائل مذحج عامة عند نزولها الكوفة بعد القادسية تحت زعامة عمرو بن معد يكرب الزبيدي، وذلك يعني أن زبيدا كانت تتزعم القبائل المذحجية، فلما مات عمرو سنة إحدى وعشرين للهجرة، انتقلت زعامة مذحج الى هند بن عمرو الجملي المرادي، فلما استشهد في معركة الجمل، انتقلت الزعامة الى بني الحارث بن كعب متمثلة بشخصية زياد بن النضر الحارثي، ثم برزت خلال الأحداث السياسية التي أحاطت بالكوفة شخصية مالك الأشتر النخعي فتزعم النخع بطون مذحج، ثم انتقلت زعامة مذحج الى مراد متمثلة بشخصية هاني بن عروة المرادي، قال الدكتور صالح أحمد العلي في كتابه الكوفة وأهلها في صدر الإسلام:ص275: ((كانت زبيد إحدى قبائل مذحج الكبرى، وقد انضمت مبكرا الى الجيوش الإسلامية
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 48 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وشاركت في القادسية مع رئيسها عمرو بن معد يكرب الزبيدي، الذي كان من أبرز فرسان القادسية.... ولابد أن مكانته عززت مكانة زبيد، فلما توفي لم يتردد ذكرها في الحوادث والأخبار))، والسبب في ذلك ما ذكرناه آنفا من انتقال الزعامة الى مراد، ثم لبني الحارث، ثم الى النخع، ثم الى مراد.
ولقد كانت الأعراف والتقاليد تلزم أبناء العشيرة إتباع سيدها إلا فيما ندر، خصوصا وأن العصبية القبيلة لم تندثر بعد في ذلك العصر، ومن هنا نرجح اشتراك مذحج بكافة أطيافها بما فيهم زبيد الى جانب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في معاركه الثلاث وإن لم تذكر زبيد بالاسم، لكن وجود مذحج بقيادة مالك الأشتر في الجمل وصفين يعدُّ من الحقائق التاريخية الثابتة.
قال الطبري:3/513، فيمن حضر من الكوفة وقعة الجمل: ((خرج الى علي اثنا عشر ألف رجل، وهم أسباع: على قريش وكنانة وأسد وتميم والرباب ومزينة معقل بن يسار الرياحي، وسبع قيس عليهم سعد ابن مسعود الثقفي، وسبع بكر بن وائل وتغلب عليهم وعلة بن مخدوج الذهلي، وسبع مذحج والأشعرين عليهم حجر بن عدي،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 49 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وسبع بجيلة وأنمار وخثعم والأزد عليهم مخنف بن سليم الأزدي)).
وقال البلاذري في أنساب الأشراف:1/235: ((لما دعا الحسن وعمار أهل الكوفة إلى إنجاد علي والنهوض إليه، سارعوا إلى ذلك، فنفر مع الحسن عشرة آلاف على راياتهم، ويقال: اثنا عشر ألفا، وكانوا يدعون في خلافة عثمان وعلي أسباعا، حتى كان زياد (بن سمية) فصيرهم أرباعا، فكانت همدان وحمير سبعا عليهم سعيد بن قيس الهمداني،... وكانت مذحج والأشعريون سبعا عليهم زياد بن النضر الحارثي، إلا أن عدي بن حاتم، كان على طيء مفردا، دون صاحب سبع مذحج والأشعريين. وكانت قيس عيلان وعبد القيس سبعا عليهم سعد بن مسعود، عم المختار بن أبي عبيد.... فشهد هؤلاء الجمل وصفين والنهر (النهروان) وهم هكذا)).
ويظهر من بعض الأراجيز التي قيلت في المعركة أن المذحجيين كانت حماستهم عالية في مباشرة القتال، ففي أنساب الأشراف:/242، قال: ((أقبل رجل من بني ضبة ومعه سيف، وهو يخطر ويقول:
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 50 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
نحن بنو ضبة أصحاب الجمل * والموت أحلى عندنا من العسل
ننعى ابن عفان بأطراف الأسل * ردوا علينا شيخنا ثم بجل
وجعل هانئ بن خطاب الهمداني يقول:
أبت سيوف مذحج وهمدان * بأن ترد نعثلا كما كان1
خلقا جديدا بعد خلق الرحمان))

قبائل مذحج في صفين

أما في صفين فقد كان بلاؤهم أشد وأعظم، فقد مضى المذحجيون الى صفين بالترتيب الذي ذهبوا به الى الجمل، فكان عليهم زياد بن النضر الحارثي، قال نصر بن مزاحم في وقعة صفين:ص122: ((أن عليا عليه السلام حين أراد المسير إلى النخيلة دعا زياد بن النضر، وشريح بن هانئ -وكانا على مذحج والأشعريين- قال: يا زياد، اتق الله في كل ممسى ومصبح، وخف على نفسك الدنيا الغرور، ولا تأمنها على حال من البلاء، واعلم أنك إن لم تزع نفسك عن كثير مما يجب مخافة مكروهة، سمت بك الأهواء إلى كثير من الضر. فكن لنفسك مانعا وازعا من البغي والظلم والعدوان، فإني قد وليتك هذا الجند، فلا تستطيلن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 51 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عليهم، وإن خيركم عند الله أتقاكم. وتعلم من عالمهم، وعلم جاهلهم، واحلم عن سفيههم، فإنك إنما تدرك الخير بالحلم، وكف الأذى والجهل. فقال زياد: أوصيت يا أمير المؤمنين حافظا لوصيتك، مؤدبا بأدبك، يرى الرشد في نفاذ أمرك، والغي في تضييع عهدك. فأمرهما أن يأخذا في طريق واحد ولا يختلفا، وبعثهما في اثني عشر ألفا على مقدمته، شريح بن هانئ على طائفة من الجند، وزياد على جماعة....)) فلما وصل عليه السلام الى صفين، وكتَّب الكتائب والصفوف جعل مذحج في الميمنة بإزاء قبيلة عك في عسكر معاوية (وقعة صفين:227)، وجعل مالكا الأشتر أميرا عليها (المصدر السابق:206)، ولم يكن يوم ذاك في العراق قبيلة أكبر من مذحج، وهمدان، وربيعة. (المصدر السابق:290).
فكان لمذحج دور بارز في عدة وقائع وحملات من معركة صفين، منها:
1- دورهم في ردِّ اعتداء معاوية واغتصابه شاطئ الفرات، ومنعه جيش الإمام من الاستفادة من الماء، فجاء الأشعث بن قيس ومالك الأشتر أمير مذحج، يستأذنان الإمام باسترداد المشرعة من أيدي جند معاوية، فأذن لهما. فسارا في صبيحة اليوم التالي باثني عشر ألف
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 52 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
مقاتل، فتحقق النصر واستعادوا المشرعة، وسمي ذلك اليوم بيوم الفرات. (المصدر السابق:171-175)
2- قال نصر ص250: ((لما انهزمت ميمنة أهل العراق، أقبل علي عليه السلام يركض نحو الميسرة يستثيب الناس ويستوقفهم ويأمرهم بالرجوع نحو الفزع، حتى مر بالأشتر فقال له: يا مالك، قال: لبيك يا أمير المؤمنين، قال : ائت القوم فقل لهم: أين فراركم من الموت الذي لن تعجزوه إلى الحياة التي لا تبقى لكم؟ فمضى الأشتر فاستقبل الناس منهزمين فقال لهم هؤلاء الكلمات التي أمره علي عليه السلام بهن. وقال: أيها الناس، أنا مالك بن الحارث (يكررها) فلم يلو أحد منهم عليه. ثم ظن أنه بالأشتر أعرف في الناس، فقال: أيها الناس، أنا الأشتر، إليَّ أيها الناس. فأقبلت إليه طائفة، وذهبت عنه طائفة.... ثم قال: أيها الناس، أخلصوا إلى مذحجا. فاجتمعت إليه مذحج، فقال لهم: عضضتم بصم الجندل! والله ما أرضيتم اليوم ربكم، ولا نصحتم له في عدوه، فكيف بذلك وأنتم أبناء الحرب وأصحاب الغارات، وفتيان الصباح، وفرسان الطراد، وحتوف الأقران، ومذحج الطعان، الذين لم يكونوا يسبقون بثأرهم ولا تطل دماؤهم، ولا يعرفون في
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 53 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
موطن من المواطن بخسف، وأنتم أحد أهل مصركم، وأعد حي في قومكم، وما تفعلوا في هذا اليوم فإنه مأثور بعد اليوم، فاتقوا مأثور الحديث في غد، واصدقوا عدوكم اللقاء، فإن الله مع الصابرين. والذي نفس مالك بيده ما من هؤلاء -وأشار بيده إلى أهل الشام- رجل على مثل جناح بعوضة من دين الله. والله ما أحسنتم اليوم القراع، اجلوا سواد وجهي يرجع في وجهي دمي. عليكم بهذا السواد الأعظم، فإن الله لو قد فضه تبعه من بجانبيه كما يتبع مؤخر السيل مقدمه. قالوا: خذ بنا حيث أحببت. فصمد بهم نحو عظمهم مما نحو الميمنة، وأخذ يزحف إليهم الأشتر ويردهم، ويستقبله شباب من همدان وكانوا ثماني مائة مقاتل يومئذ، وقد انهزموا آخر الناس، وكانوا قد صبروا في ميمنة علي عليه السلام حتى أصيب منهم ثمانون ومائة رجل....))
3- وقال نصر متحدثا عن يوم من أيام صفين: ص301- 302: ((عبأ (معاوية) لمذحج ولبكر بن وائل ذو الكلاع (الحميري) وعبيد الله (ابن عمر)، فأصابوا ذا الكلاع وعبيد الله، فاقتتلوا قتالا شديدا. قال: وشدت عك ولخم وجذام والأشعرون من أهل الشام، على مذحج وبكر بن وائل، فقال العكي في ذلك:
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 54 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ويل لأم مذحج من عك * لنتركن أمهم تبكي
نقتلهم بالطعن ثم الصك * فلا رجال كرجال عك
ونادى منادي مذحج: يا لمذحج، خدموا، فاعترضت مذحج لسوق القوم فكان بوار عامة القوم، وذلك أن مذحج حميت من قول العكي. وقال العكي -وقد جبن- حين طحنت رحى القوم، وخاضت الخيل والرجال في الدماء. قال، فنادى:
يا لمذحج، الله، الله في عك وجذام، ألا تذكرون الأرحام، أفنيتم لخم الكرام، والأشعرين وآل ذي حمام، أين النهى والأحلام، هذه النساء تبكي الأعلام. وقال الأشعري: يا لمذحج من للنساء غدا إذا أفناكم الردى، الله، الله في الحرمات، أما تذكرون نساءكم والبنات، أما تذكرون أهل فارس والروم والأتراك، لقد أذن الله فيكم بالهلاك، والقوم ينحر بعضهم بعضا، ويتكادمون بالأفواه)). ويعني قوله هذا أن هجوم الأعداء قد خاب أمام قوة وصمود مذحج فأخذوا يتوسلون بمثل هذه الأقوال ليبقوا على أنفسهم.
وقال ص363: ((كانت بين الفريقين الواقعة المعروفة ب‍وقعة الخميس، عن الأبرد الطهوي قال: والله إني لواقف قريبا من علي عليه السلام
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 55 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بصفين يوم وقعة الخميس، وقد التقت مذحج وعك وجذام ولخم والأشعرون، وكانوا مستبصرين في قتال علي. ولقد والله رأيت ذلك اليوم من قتالهم، وسمعت من وقع السيوف على الرؤوس، وخبط الخيول بحوافرها في الأرض وفي القتلى، ما الجبال تهد، ولا الصواعق تصعق بأعظم هولا في الصدور من ذلك الصوت. نظرت إلى علي وهو قائم فدنوت منه، فسمعته يقول: (لا حول ولا قوة إلا بالله، والمستعان الله). ثم نهض حين قام قائم الظهيرة وهو يقول: (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين) وحمل على الناس بنفسه، وسيفه مجرد بيده، فلا والله ما حجز بيننا إلا الله رب العالمين، في قريب من ثلث الليل، وقتلت يومئذ أعلام العرب. وكان في رأس علي عليه السلام ثلاث ضربات، وفي وجهه ضربتان)).
4- وقال ص430: ((وإن عبد الرحمن بن خالد (بن الوليد) غدا في اليوم الخامس، وكان أرجاهم عند معاوية أن ينال حاجته، فقواه معاوية بالخيل والسلاح، وكان معاوية يعده ولدا، فلقيه عدي بن حاتم في حماة مذحج وقضاعة.....
فلما كاد أن يخالطه بالرمح توارى عبد الرحمن في العجاج واستتر
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 56 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بأسنة أصحابه، واختلط القوم، ورجع عبد الرحمن إلى معاوية مقهورا، وانكسر معاوية)).

إشادات بقبائل مذحج يوم صفين

أشاد جملة ممن شهدوا وقعة صفين بموقف وشجاعة أبناء قبيلة مذحج، وموقفهم البطولي في ذلك اليوم، وكانوا مصدر إعجاب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بهم حيث مدحهم وافتخر بهم غيرة مرة، قال نصر: ص273: ((فلما قتل علي عليه السلام حريثا، برز عمرو بن حصين السكسكي فنادى: يا أبا حسن هلم إلى المبارزة. فأنشأ علي عليه السلام يقول:
ما علتي وأنا جلد حازم * وعن يميني مذحج القماقم
وعن يساري وائل الخضارم * والقلب حولي مضر الجماجم
وأقبلت همدان في الخضارم * مشي الجمال البزل الخلاجم
أقسمت بالله العلي العالم * لا أنثني إلا برغم الراغم
وحمل عليه عمرو بن الحصين ليضربه، فبادره إليه سعيد بن قيس ففلق صلبه)).
وروى ص290، أنه عليه السلام قال يمدحهم وغيرهم من القبائل:
من راية حمراء يخفق ظلها * إذا قيل قدمها حضين2 تقدما
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 57 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ويدنو بها في الصف حتى يديرها * حمام المنايا تقطر الموت والدما
تراه إذا ما كان يوم عظيمة * أبى فيه إلا عزة وتكرما
جزى الله قوما صابروا في لقائهم * لدى البأس حراما أعف وأكرما
وأحزم صبرا حين تدعى إلى الوغى * إذا كان أصوات الكماة تغمغما
ربيعة أعني ، إنهم أهل نجدة * وبأس إذا لا قوا خميسا عرمرما
وقد صبرت عك ولخم وحمير * لمذحج حتى لم يفارق دم دما
ونادت جذام يا لمذحج ويلكم * جزى الله شرا أينا كان أظلما
وقال عدي بن حاتم الطائي يمدح مذحجا في قصيدة طويلة منها:
يا زيد قد عصبتني بعصابة * وما كنت للثوب المدنس لابسا
فليتك لم تخلق وكنت كمن مضى * وليتك إذ لم تمض لم تر حابسا
ألا زاد أعداء وعق ابن حاتم * أباه وأمسى بالفريقين ناكسا
وحامت عليه مذحج دون مذحج * وأصبحت للأعداء ساقا ممارسا
(وقعة صفين ص 523 – 524)
ومدحهم النجاشي الأسدي في قصيدة طويلة منها هذه الأبيات:
ونجى ابن حرب سابح ذو علالة * أجش هزيم والرماح دواني
سليم الشظا عبل الشوى شنج النسا * أقب الحشا مستطلع الرديان
إذا قلت أطراف العوالي ينلنه * مرته به الساقان والقدمان
حسبتم طعان الأشعريين ومذحج * وهمدان أكل الزبد بالصرفان
(المصدر السابق: ص 524 – 525)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 58 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

زبيد ما بعد عهد الإمام علي

تتعرض الأمم والجماعات ومنهم القبائل الى بعض الانتكاسات والتراجع عن أداء دورها الاجتماعي أو الرسالي أو الأخلاقي في بعض الفترات الزمنية، وهذا واقع لا مفر منه، وهو ما جرى لبعض القبائل العربية الأصيلة في الكوفة بعد استشهاد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام .
فقد استولى معاوية على الكوفة، وأمّر عليها أمثال المغيرة وزياد وعبيد الله بن زياد، فتتبعوا شيعة أمير المؤمنين عليه السلام بالقتل والتشريد والتنكيل، وكان لقادة القبائل ورجالاتها العظام الحصة الأكبر من القتل والتنكيل والتهميش، ثم اصطنعوا لأنفسهم أزلاما من ذوي الأهواء والميول الأموية فنصبوهم زعماء على القبائل، فما أن خطفت يد الغدر هاني بن عروة المرادي سيد مذحج في حركة مسلم بن عقيل، حتى توجهت أنظار السلطة الأموية الى عمرو بن الحجاج الزبيدي لتجعل منه رئيسا عاما لقبيلة مذحج.
لقد كانت زعامة القبيلة عند العرب تنطلق من أسس موضوعية، وسمات تؤهل هذا الفرد أو ذاك للرئاسة العامة أو زعامة بطن من بطون القبيلة، ومن هذه الخصائص: الحلم، فقد ساد أبو طالب عليه السلام
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 59 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
مثلا قريشا بحلمه، وساد الأحنف بن قيس تميما أربعين سنة بحلمه، ومثلهم أكثم بن صيفي، ومن السجايا التي كانت تؤهل الفرد لزعامة القبيلة، الكرم: إذ ساد حاتم الطائي قومه بكرمه، ومن هذه الصفات: الشجاعة، كما هو الشأن في عمرو بن معد يكرب، والأشتر النخعي وغيرهم، ومنهم من ساد قومه بفصاحته وطلاقة لسانه كصعصعة بن صوحان العبدي سيد قبيلة عبد القيس، وبهذه السمات والخصائص كان الرجال الأفذاذ يتسيدون قبائلهم.
والى جانب ذلك كانت ثمة مقاييس هابطة عند بعض القبائل جعلت من هذا أو ذاك سيدا لقبيلته ككثرة الأموال، أو كثرة الأولاد، أو الاستعانة بالسلطة الحاكمة لفرض سيادة شخص ما على العشيرة، أو عن طريق الترهيب و الترغيب، فسيادة أبي سفيان مثلا لقريش بعد وفاة أبي طالب ورحيل النبي صلى الله عليه وآله عن مكة لم تكن لسجايا عظيمة في شخصة، بل لما كان يملكه من أموال، وقدرة على القهر والغلبة بالظلم والإكراه. وكان للسلطة الأموية في تلك المرحلة التاريخية من حياة المجتمع الإسلامي دور كبير في تخريب هذه المقاييس الصحيحة للزعامة فأدنت الموالين لها، وفرضت رئاستهم على باقي بطون
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 60 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
العشيرة، ومن الأمثلة الواضحة على ذلك ما صنعه الحجاج مع أحد جلاوزته حيث صيره زعيما لقبائل مذحج لا لشيء سوى خدمته للسلطة الحاكمة، قال ابن أبي الحديد:4/61 ، ((قال الحجاج يوما لعبد الله بن هانئ، وهو رجل من بني أود، وكان شريفا في قومه! قد شهد مع الحجاج مشاهده كلها، وكان من أنصاره وشيعته: والله ما كافأتك بعد؟ -ويبدو من الرواية أنه كان بينهما كلام، شكا فيه عبد الله الأودي لسيده الحجاج بأنه لم يكافأه بما يستحقه جزاء ما قدم من خدمات للسلطة الأموية، فأراد أن يكافأه- فأرسل إلى أسماء بن خارجة سيد بني فزارة: أن زوج عبد الله بن هانئ بابنتك! فقال: لا والله ولا كرامة! فدعا بالسياط، فلما رأى الشر قال: نعم أزوجه. ثم بعث إلى سعيد بن قيس الهمداني رئيس اليمانية، فقال له: زوج ابنتك من عبد الله بن أود! فقال: ومن أود! لا والله لا أزوجه ولا كرامة! فقال: عليَّ بالسيف، فقال: دعني حتى أشاور أهلي، فشاورهم، فقالوا: زوجه ولا تعرض نفسك لهذا الفاسق، فزوجه. فقال: الحجاج لعبد الله: قد زوجتك بنت سيد فزارة وبنت سيد همدان، وعظيم كهلان وما أود هناك! فقال: لا تقل أصلح الله الأمير ذاك! فإن لنا مناقب ليست لأحد من العرب، قال: وما هي؟ قال: ما سب أمير
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 61 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
المؤمنين عبد الملك في ناد لنا قط، قال: منقبة والله. قال: وشهد منا صفين مع أمير المؤمنين معاوية سبعون رجلا، ما شهد منا مع أبي تراب إلا رجل واحد، وكان والله ما علمته امرأ سوء، قال: منقبة والله. قال: ومنا نسوة نذرن إن قتل الحسين بن علي أن تنحر كل واحدة عشر قلائص، ففعلن. قال: منقبة والله. قال: وما منا رجل عرض عليه شتم أبى تراب ولعنه، إلا فعل وزاد ابنيه حسنا وحسينا وأمهما فاطمة، قال: منقبة والله...)) فجاؤوا بأمثال هذا وأشباهه من اللعناء، فسيدوهم على رقاب الناس بالقوة والقهر، والعجب من ابن أبي الحديد وغيره حينما يصفون هذا الدنيء بالشريف في قومه!
وعمرو بن الحجاج من هذا الطراز، فعمدت السلطة الأموية لتنصيبه سيدا لمذحج، وأمرته بالخروج بعشيرته لحرب الحسين عليه السلام ، فلم يتبعه إلا نفر قليل من مذحج، ويدل على قلة المذحجيين بل قبائل اليمن عامة في جيش الضلالة: أن نصيبهم في تقسيم الرؤوس الطاهرة للحسين وصحبه الكرام عليهم السلام على العشائر وحملها، كان سبعة رؤوس فقط على أحد روايات أبي مخنف، قال:ص 233: ((ولما قتل الحسين بن علي عليه السلام جيء برؤوس من قتل معه من أهل بيته وشيعته وأنصاره إلى
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 62 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عبيد الله بن زياد، فجاءت كندة بثلاثة عشر رأسا وصاحبهم قيس بن الأشعث، وجاءت هوازن بعشرين رأسا وصاحبهم شمر بن ذي الجوشن، وجاءت تميم بسبعة عشر رأسا، وجاءت بنو أسد بستة أرؤس، وجاءت مذحج بسبعة أرؤس، وجاء سائر الجيش بسبعة أرؤس))، وروى ذلك عنه الطبري:4/358. بينما خلت رواية ابن شهر آشوب عنه في المناقب3/259، من ذكر مذحج وحملها لشيء من الرؤوس، قال: ((قال أبو مخنف: جاءت كندة إلى ابن زياد بثلاثة عشر رأسا وصاحبهم قيس بن الأشعث، وجاءت هوازن بعشرين رأسا وصاحبهم شمر بن ذي الجوشن، وجاءت بنو تميم بتسعة عشر رأسا، وجاءت بنو أسد بتسعة رؤوس، وجاء سائر الجيش بتسعة رؤوس))، وقد تنبه العلامة المجلسي في البحار:45/62، لهذا المعنى فعلق بعد إيراد الرواية بالقول: ((ولم يذكر مذحج)).
كما خلت رواية الدينوري في الأخبار الطوال:259، من ذكر مذحج أيضا وحملها لشيء من الرؤوس الطاهرة، قال: ((وحملت الرؤوس على أطراف الرماح، وكانت اثنين وسبعين رأسا، جاءت هوازن منها باثنين وعشرين رأسا، وجاءت تميم بسبعة عشر رأسا مع
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 63 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الحصين بن نمير -وهو اشتباه منه؛ لأن الحصين بن نمير من السكون من كندة، وليس تميميا-، وجاءت كندة بثلاثة عشر رأسا مع قيس بن الأشعث، وجاءت بنو أسد بستة رؤوس مع هلال الأعور، وجاءت الأزد بخمس رؤوس مع عيهمة بن زهير، وجاءت ثقيف باثني عشر رأسا مع الوليد بن عمرو)).
هذا بالرغم من أن مذحج كانت من القبائل الكبيرة جدا في الكوفة، كما لم يتردد اسم أيِّ زبيدي آخر في المعركة غير عمرو بن الحجاج لعنه الله، لأن غالبية القبائل اليمانية كانت مؤيدة لثورة الحسين عليه السلام ، ((ولعل من أعظم المؤشرات دلالة على ذلك أيضا، أن عبيد الله بن زياد حين أراد إلقاء القبض على مسلم بن عقيل بعد فشل حركته في الكوفة، اختار الجنود الذي أرسلهم لهذه المهمة من عرب الشمال (العدنانيين)، من قيس (عيلان)، ولم يكن فيهم أحد من عرب الجنوب من اليمن على الإطلاق ، وإن كان قد جعل عليهم قائدا من اليمن، هو محمد بن الأشعث.
وإذا كانت حركة مسلم بن عقيل، في الكوفة قد تميزت بهذه الظاهرة اليمنية، فإننا نلاحظ أمرا عظيم الدلالة بالنسبة إلى الإمام
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 64 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الحسين عندما أعلن رفضه لبيعة يزيد بن معاوية في الحجاز، فعندما عزم الحسين على الخروج من المدينة إلى مكة، ثم عزم على الخروج من مكة إلى العراق، وفي طريقه إلى العراق، تلقى نصائح من رجال متنوعي العقلية والاتجاهات تجمع على أمر واحد هو أن يتوجه الحسين -بدلا من العراق- إلى اليمن)). (أنصار الحسين: شمس الدين: 197)
ووفق الإحصائية الذاهبة الى أن عدد أصحاب الحسين عليهم السلام كانوا اثنين وسبعين، يشكل المذحجيون نسبة 10 % من أصحابه عليه السلام ، وهم: هاني بن عروة المرادي الشهيد مع مسلم عليه السلام في الكوفة، والحجاج بن مسروق الجعفي، وزيد بن معقل الجعفي، وعمرو بن مطاع الجعفي، وعمير بن عبد الله المذحجي، ومجمع بن عبد الله العائذي المذحجي، ونافع بن هلال الجملي المرادي.

مع المختار الثقفي

شكل المذحجيون العمود الفقري لثورة المختار الثقفي في الكوفة سنة 65 هـ، واشتركوا معه في كل مفاصلها، ومن المؤكد أن مكانة زعيمهم إبراهيم بن مالك الأشتر، الذي يعد الرجل الثاني في قيادات الثورة قد ألهب حماسة المذحجيين تجاه الثورة والمساهمة فيها
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 65 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بصورة فاعلة.
فكانت شرارة انطلاقتها على أيديهم عندما اعترض إياس بن مضارب العجلي رئيس شرطة الكوفة لعبد الله بن مطيع العدوي موكب إبراهيم وهو ذاهب الى المختار ذات ليلة، فكانت هذه الحادثة سببا في إعلان الثورة قبل موعدها. (الطبري:4/498).
كما كان لمذحج دور واضح في معركة الموصل الأولى، قال الطبري:4/514، ما خلاصته: ((دعا المختار يزيد بن أنس الأسدي، وأمره أن يسير الى الموصل لمواجهة عبيد الله بن زياد والجيش الأموي، فطلب منه أنس أن ينتخب مقاتليه بنفسه، فأذن له، فانتخب ثلاثة آلاف فارس فجعل على ربع المدينة النعمان بن عوف بن أبي جابر الأزدي، وعلى ربع تميم وهمدان عاصم بن قيس بن حبيب الهمداني، وعلى مذحج وأسد ورقاء بن عازب الأسدي، وعلى ربع ربيعة وكندة سعر بن أبي سعر الحنفي، ثم إنه فصل من الكوفة فخرج وخرج معه المختار والناس يشيعونه فلما بلغ دير أبي موسى، ودعه المختار وانصرف))
وبالرغم من تعبئة عبيد الله بن زياد ضعف عددهم من المقاتلين،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 66 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ومرض القائد يزيد بن أنس، إلا أنهم تمكنوا من هزيمة جيش الشام هزيمة منكرة، قال الطبري:4/516، نقلا عن أحد مقاتلي ابن زياد: ((ثم إن قتالنا وقتالهم اشتد ساعة من النهار، ثم إنهم هزمونا حين ارتفع الضحى، فقتلوا صاحبنا وحووا عسكرنا، فخرجنا منهزمين حتى تلقانا عبد الله بن حملة على مسيرة ساعة من تلك القرية التي يقال لها ببنات تلِّي، فردَّنا، فأقبلنا معه حتى نزل بيزيد ابن أنس فبتنا متحارسين حتى أصبحنا، فصلينا الغداة ثم خرجنا على تعبية حسنة، فجعل على ميمنته الزبير بن حريمة من خثعم، وعلى ميسرته ابن أقيصر القحافي من خثعم، وتقدم في الخيل والرجال وذلك يوم الأضحى، فاقتتلنا قتالا شديدا، ثم إنهم هزمونا هزيمة قبيحة وقتلونا قتلا ذريعا، وحووا عسكرنا وأقبلنا حتى انتهينا إلى عبيد الله بن زياد فحدثناه بما لقينا))، ولولا وفاة قائد جيش المختار يزيد بن أنس ورجوع بقية أفراد الجيش الى الكوفة، لكان الموقف الاستراتيجي لأتباع المختار قد تغير كثيرا.
كما اشتركت قبائل مذحج في معركة الخازر التي قتل فيها عبيد الله بن زياد، قال الشيخ الطوسي قدس سره في الأمالي240: ((نهض المختار إلى
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 67 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عبد الله بن مطيع، وكان على الكوفة من قبل ابن الزبير فأخرجه وأصحابه منها منهزمين، وأقام بالكوفة إلى المحرم سنة سبع وستين، ثم عمد على إنفاذ الجيوش إلى ابن زياد وكان بأرض الجزيرة، فصير على شرطته أبا عبد الله الجدلي، وأبا عمرة كيسان مولى عرينة، وأمر إبراهيم بن الأشتر رحمه الله بالتأهب للمسير إلى ابن زياد (لعنه الله) وأمره على الأجناد، فخرج إبراهيم يوم السبت لسبع خلون من المحرم سنة سبع وستين في ألفين من مذحج وأسد، وألفين من تميم وهمدان، وألف وخمسمائة من قبائل المدينة، وألف وخمسمائة من كندة وربيعة، وألفين من الحمراء)). (وأنظر: الطبري:4/549)
والخلاصة: إن دور بطون قبيلة مذحج التي منها زبيد كان واضحا ومؤثرا في ثورة المختار، خصوصا وأن قائد جيش المختار كان منهم.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 68 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

الفصل الثالث: فارس العرب

عمرو بن معد يكرب الزبيدي

من أمراء قبيلة زبيد، ومشاهير رجالاتها، ورجالات العرب عامة، فارس اشتهر بالشجاعة حتى لقب بفارس العرب، وخاض غمار الحروب في الجاهلية والإسلام، وكان له سيف يُعرف بالصمصامة يتشرف الرجال بحمله، وبيع بأغلى الأثمان تشرفا به، فقد أهداه عمرو الى خالد بن سعيد بعد غزوة بني زبيد التي ذكرناها فيما سبق، وبقي ذلك السيف لدى بني سعيد بن العاص ((حتى اشتراه منهم المهدي العباسي بعشرين ألف درهم)) (المعارف:296).
وتميَّز عمرو بالقوة البدنية الهائلة، فقد ((سأله -عمر بن الخطاب- في أيام خلافته أن يريه سيفه ذلك، فأحضره عمرو له، فانتضاه عمر وضرب به، فما حاك -أي لم يصنع شيئا- ، فطرحه من يده، وقال: ما هذا إذ سل بشيء! فقال عمرو: يا أمير المؤمنين أنت طلبت مني السيف، ولم تطلب مني الساعد الذي يضرب به. فعاتبه، وقيل إنه ضربه)). (الكنى والألقاب:1/105).
وقال الزمخشري في ربيع الأبرار:1/96، إن عمر كان إذا رأى
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 69 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عمرو، يقول: ((الحمد لله الذي خلقنا وخلق عمروا))، تعجبا من عظم خلقه وهيئته.
وعرف عمرو بالإقدام، وكثرة الغزو، وعدم مهابة أحد، حتى أنه قال للنبي صلى الله عليه وآله عندما قال له صلى الله عليه وآله : أسلم يؤمنك الله من الفزع الأكبر)) فقال: يا محمد، وما الفزع الأكبر؟ فإني لا أفزع!))، فلم يفزع عمروا من أحد سوى أمير المؤمنين عليه السلام ، روى ابن عبد البر في الاستيعاب:3/1204، في قصة غزوة بني زبيد: ((فأقبل في جماعة من قومه فلما دنا منهما. قال: دعوني حتى آتى هؤلاء القوم، فإني لم أسم لأحد قط إلا هابني! فلما دنا منهما نادى: أنا أبو ثور، أنا عمرو بن معد يكرب فابتدراه علي وخالد وكلاهما يقول لصاحبه خلني وإياه ويفديه بأبيه وأمه. فقال عمرو إذ سمع قولهما: العرب تفزع مني، وأراني لهؤلاء جزرا فانصرف عنهما)). (الإصابة:4/569، أسد الغابة:4/133)
وروي أنه كثيرا ما كان يسأل عن غزواته فيقول تواضعا لشجاعة أمير المؤمنين عليه السلام : لقد محا سيف علي الصنائع. (المناقب:3/333)
كما اشتهرت شاعريته، فسار بشعره الركبان، وغدت أبياته الشعرية مضربا للأمثال، وموضعا للاستشهاد على ألسنة الخطباء والمتكلمين وعلماء اللغة والنحو، حتى أن أمير المؤمنين عليه السلام كثيرا ما كان يردد بيته الشعري هذا لعبد الرحمان بن ملجم (لعنه الله)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 70 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أريد حياته ويريد قتلي * عذيرك من خليلك من مراد

نسبه وكنيته

وهو: ((عمرو بن معد يكرب بن عبد الله بن عمرو بن عاصم بن عمرو بن زبيد الأصغر، وهو منبه بن ربيعة بن سلمة بن مازن بن ربيعة بن منبه وهو زبيد الأكبر بن الحارث بن صعب بن سعد العشيرة بن مذحج بن أدد ابن زيد بن كهلان بن سبأ)) (الاستيعاب:3/1204)، وكنيته: أبو ثور، وكان يسكن تثليت من أرض اليمن كما مر ذلك عن الهمداني.

إسلامه

وفد على رسول الله صلى الله عليه وآله في السنة التاسعة أو العاشرة للهجرة، وأعلن إسلامه بين يدي النبي صلى الله عليه وآله ، وروي أنه ارتدَّ لما منعه صلى الله عليه وآله من الأخذ بثأر أبيه، فأرسل النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام الى اليمن في سرية، فعاد عمرو الى الإسلام، وقد مرَّ ذلك مفصلا.
وقيل: أنه ارتدَّ ردة أخرى مع الأسود العنْسي المتنبأ في اليمن، قال ابن الأثير في الكامل:2/298، والسيرة النبوية لابن هشام:4/1005: ((فلما عاد عمرو من عند رسول الله صلى الله عليه وآله ، أقام في قومه بني زبيد وعليهم فروة بن مسيك، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله ارتد
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 71 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عمرو)).
وقال في الكامل:2/337 ومثله الطبري:2/466: ((وكانت ردة الأسود أول ردة في الإسلام على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ، وغزا نجران، فأخرج عنها عمرو بن حزم، وخالد بن سعيد، ووثب قيس بن عبد يغوث بن مكشوح على فروة بن مسيك، وهو على مراد فأجلاه ونزل منزله. وسار الأسود عن نجران إلى صنعاء، وخرج إليه شهر بن باذان فلقيه فقتل شهر لخمس وعشرين ليلة من خروج الأسود، وخرج معاذ (بن جبل) هاربا حتى لحق بأبي موسى (الأشعري) وهو بمأرب فلحقا بحضرموت، ولحق بفروة من تم على إسلامه من مذحج. واستتب للأسود ملك اليمن.... وغلب الأسود على ما بين مفازة حضرموت إلى الطائف إلى البحرين والأحساء إلى عدن، واستطار أمره كالحريق وكان معه سبعمائة فارس يوم لقي شهرا سوى الركبان واستغلظ أمره، وكان خليفته في مذحج عمرو بن معد يكرب، وكان خليفته على جنده قيس بن عبد يغوث)).
وقال أيضا في ص377 من المجلد المذكور في مقاتلة الأسود والقضاء عليه: ((وقدم المهاجر بن أبي أمية في جمع من مكة والطائف وبجيلة مع جرير البجلي إلى نجران، فانضم إليه فروة بن مسيك المرادي، فأقبل عمرو بن معد يكرب مستخفيا حتى دخل على المهاجر
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 72 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
من غير أمان، فأوثقه المهاجر، وأخذ قيسا أيضا فأوثقه، وسيرهما إلى أبي بكر فقال: يا قيس قتلت عباد الله؛ واتخذت المرتدين والمشركين وليجة من دون المؤمنين، وهم بقتله لو وجد أمرا جليا، فانتفى قيس من أن يكون قارف من أمر داذويه3 شيئا، وكان قتله سرا، فتجافى له عن دمه. وقال لعمرو: أما تستحي أنك كل يوم مهزوم أو مأسور؟ لو نصرت هذا الدين لرفعك الله! فقال: لا جرم لأقبلن ولا أعود، ورجعا إلى عشائرهما)).
أقول: من المستبعد أن يرتد عمرو مع ما قرأناه وسنقرؤه من دوره في الفتوحات الإسلامية، وكلماته وخطبه التي كان يحرض بها المقاتلين على القتال، يفوح منها الإيمان الخالص بالله سبحانه، وهي دليل اخلاصه الشديد في خدمة الدين حتى جرت له الكرمات ورزق الشهادة.

وشهد عمرو الفتوح

شهد عمرو بن معد يكرب فتوح الشام والعراق، وأبلى في تلك المعارك بلاءا حسنا، وتبوَّء في الجيش الإسلامي مناصب قيادية كان
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 73 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
هو أهلا لها، لشجاعته، وقوته، وشدة بأسه، ولخبرته الطويلة في ممارسة الحروب، فكان أميرا على قبيلته (زبيد) يوم فتح اليرموك، وقد أصيبت بها عينه، كما مر ذلك عن الواقدي في فتوح الشام:1/260، ولم ينفض هو وأصحابه بعد غبار معركة اليرموك، حتى جاءتهم الاستغاثة بالتوجه الى العراق، والالتحاق بسعد في القادسية، فجاؤوا على جناح طائر يحدو بهم بطل الإسلام هاشم بن عتبة المرقال، وكان عمرو أحد المقاتلين فيها، بل كان أميرا على الميمنة الى جانب جرير البجلي كما مر ذلك عن ابن أعثم:1/185، وقد تعرضنا لأنموذج من دوره في المعركتين فلا نعيد.
كما اشترك في فتح المدائن في صفر من السنة السادسة عشرة للهجرة، وخاض غمار دجلة بفرسه عبورا الى الضفة الأخرى، وروى القطب الراوندي في الخرائج والجرائح كرامة له يوم ذاك، قال:1/45: ((أن عليا عليه السلام قال: لما خرجنا إلى خيبر فإذا نحن بواد ملأن ماءا فقدرناه أربع عشر قامة، فقال الناس: يا رسول الله العدو من ورائنا، والوادي أمامنا كما قال أصحاب موسى: إنا لمدركون، قال كلا إن معي ربي سيهدين. فنزل صلى الله عليه وآله ثم قال: (اللهم إنك جعلت لكل مرسل علامة، فأرنا قدرتك) فركب صلى الله عليه وآله وعبرت الخيل والإبل لا تتندى حوافرها وأخفافها، ففتحوه. ثم
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 74 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أعطي بعده في أصحابه حين عبور عمرو بن معد يكرب المدائن والبحر بجيشه)).
وشهد فتح جلولاء، وكان له ذلك اليوم ذكر حسن، وكان سبب هذه الوقعة كما عن الكامل:2/220، وما بعدها مختصرا: ((أن الفرس لما انهزموا في المدائن تجمعوا في جلولاء، فأرسل لهم سعد هاشم بن عتبة المرقال في اثني عشر ألف مقاتل، فدامت الحرب بينهم ثمانين يوما))، وقال ابن أعثم في الفتوح:1/211، إن هاشما عبأ أصحابه ((فكان على ميمنته جرير بن عبد الله البجلي، وعلى ميسرته حجر بن عدي الكندي، وعلى الجناح المكشوح المرادي، وجعل عمرو بن معد يكرب على أعنة الخيل، وطلحة بن خويلد الأسدي على الرجالة، وعبت الفرس جيوشها....))
وعن دور عمرو بن معد يكرب ومواقفه في المعركة قال:1/214: ((فبينما المسلمون كذلك في أشد ما يكون من الحرب وذلك في وقت العصر، إذا هم بكتيبة للفرس جامة حسناء قد خرجت إليهم، فكأن الناس هالتهم تلك الكتيبة فاتقوها، فقال عمرو بن معد يكرب: يا معشر المسلمين، لعله قد هالتكم هذه الكتيبة؟ قالوا: نعم، والله يا أبا ثور لقد هالتنا! وذلك أنك تعلم أنا نقاتل هؤلاء القوم من وقت بزوغ الشمس إلى وقتنا هذا، فقد تعبنا وكلت أيدينا ودوابنا وكاعت رجالنا،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 75 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وقد والله خشينا أن نعجز عن هذه الكتيبة، إلا أن يأتينا الله بغياث من عنده أو نرزق عليهم قوة ونصرا. فقال عمرو: يا هؤلاء، إنكم إنما تقاتلون عن دينكم، وتذبون عن حريمكم وتدفعون عن حوزة الإسلام، فصفوا خيولكم بعضها إلى بعض وانزلوا عنها والزموا الأرض، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، فإنكم بحمد الله صبراء في اللقاء، ليوث عند الوغى، وهذا يوم كبعض أيامكم التي سلفت، ووالله إني لأرجو أن يعز الله بكم دينه ويكبت بكم عدوه. قال: ثم نزل عمرو عن فرسه ونزل معه زهاء ألف رجل من قبائل اليمن، ما فيهم إلا فارس مذكور، ونزل معه أيضا من كان من قومه وعشيرته. قال: ثم تقدم عمرو حتى وقف أمام المسلمين شاهرا صمصامته (سيفه)، وقد وضعها على عاتقه، وهو يقول:
لقد علمت أقيال مذحج أنني * أنا الفارس الحامي إذا القوم أضجروا
صبرت لأهل القادسية معلما * ومثلي إذا لم تصبر الناس يصبر
وطاعنتهم بالرمح حتى تبددوا * وضاربتهم بالسيف حتى تكسروا
بذلك أوصاني أبي وأبو أبي * بذلك أوصاه فلست أقصر
حمدت إلهي إذ هداني لدينه * فلله أسعى ما حييت وأشكر
قال: وحملت تلك الكتيبة الحامة على عمرو بن معد يكرب الزبيدي وأصحابه فلم يطمعوا منهم في شيء. وحمل جرير بن عبد الله من
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 76 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الميمنة، وحجر بن عدي من الميسرة، والمكشوح المرادي من الجناح، وعمرو بن معد يكرب من القلب، وصدقوهم الحملة فولوا مدبرين، ووضع المسلمون فيهم السيف، فقتل منهم من قتل، وانهزم الباقون حتى صاروا إلى خانقين، وأمسى المسلمون فلم يتبعوهم، لكنهم أقاموا في موضعهم حتى أصبحوا وأقبلوا حتى دخلوا جلولاء، فجعلوا يجمعون الأموال والغنائم حتى جمعوا شيئا كثيرا لم يظنوا أنه يكون هناك)).
وأما آخر المعارك التي شهدها عمرو فكانت نهاوند، قال ابن أعثم في الفتوح:2/299، وما بعدها: ((وساروا يريدون أرض نهاوند، فإذا هم بأوائل خيل الفرس وافت، وقد استقبلوهم بالعطعطة والنعير يقدم بعضهم بعضا، ثم إنهم التقوا فاقتتلوا قتالا شديدا، وفشت الجراحات في المسلمين حتى وقعت الهزيمة على الفرس، وتبعهم المسلمون فقتلوا منهم بشرا كثيرا، وقتل وزير من وزراء كسرى فيمن قتل، وهزمهم المسلمون حتى بلغوا بهم إلى موضع عسكرهم، واشتبكت الحرب هنالك، فلم يزالوا كذلك يقتتلون إلى أن جاء الليل فحجز بين الفريقين، فرجع المسلمون إلى موضع عسكرهم، فباتوا ليلتهم تلك ولهم أنين شديد من كثرة ما بهم من الجراحات....
وعن مواقف عمرو بن معد يكرب ذلك اليوم قال ص304: ((ثم
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 77 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أقبل بوذان -أحد شجعان الفرس- حتى صار إلى الموضع الذي كان فيه بديا، قال: فاغتم المسلمون لذلك، وجعل عمرو بن معد يكرب يرتجز، ثم حمل بوذان على المسلمين ليفعل كفعلته الأولية، وحمل عليه عمرو بن معد يكرب من ورائه فضربه بالصمصامة ضربة على بيضته فقدَّ البيضة والهامة ومرت الصمصامة تهوي حتى صارت إلى جوف بوذان فسقط قتيلا، فنزل إليه عمرو فسلبه ما كان عليه، فيقال إنه كان في وسط بوذان منطقة قومت بسبعة آلاف دينار.
قال: ودنت الفرس حتى تقاربت من صفوف المسلمين في خلق عظيم، فجعلوا يرمون بالنشاب حتى جرحوا جماعة، وهم المسلمون بالحملة عليهم فقال حذيفة: لا تعجلوا حتى آذن لكم، قال: فصبر المسلمون ساعة والفرس في خلال ذلك لا يفترون من الرمي، وما يسقط منهم نشابة إلا في رجل من المسلمين، فلما رأوا ذلك وإن الجراحات قد فشت فيهم تركوا وصية حذيفة، ثم كبروا وحملوا على الفرس فكشفوهم، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، ثم رجعوا إلى مراكزهم، قال: ورجعت إليهم الفرس كأنهم السباع الضارية في جموع لم يروا مثلها قبل ذلك، فصاح عمرو بن معد يكرب: يا معاشر العرب والموالي، ويا أهل الإسلام والدين والقرآن! إنه لا ينبغي لكم أن يكون هؤلاء الأعاجم أصبر منكم على الحرب، ولا أحرص منكم على
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 78 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الموت، فتناسوا الأولاد والأزواج، ولا تجزعوا من القتل فإنه موت الكرام ومنايا الشهداء. قال: ثم نزل عمرو عن فرسه ونزل معه أبطال بني عمه، قال: والأعاجم في الآلة والأسلحة وبين أيديهم ثلاثون فيلا، على كل فيل منهم جماعة من أساورة الفرس، قال: ونظر عامة المسلمين إلى عمرو بن معد يكرب وأصحابه وقد ترجلوا، فنزل الناس وترجلوا، ثم تقدموا نحو الخيل والفيلة، فلم يكن إلا ساعة من أول النهار حتى إحمرت الأرض من دماء الفرس، وقتلت الفيلة بأجمعها، فما أفلت منها واحد.....))
وقال ص 305 مختصرا: ((ثم تقدم رجل من شجعان الفرس في قريب من ألف فارس وهو على فيل مزين، وعلى رأسه تاج من الذهب مرصع بالجوهر ، وفي يده طبرزين محزق بالذهب، والفيلة عن يمنه وشماله، فلما وقف بين الجمعين في هذا الجيش ضج المسلمون من كل ناحية، وجعل كل قوم يحبون المبارزة والخروج إلى الحرب.
قال: فتقدم عروة بن زيد الخيل الطائي فقال: يا معشر المسلمين، إنه ليست منكم قبيلة بحمد الله إلا ولها في هذه الوقعة أثر محمود، وقد أحببت أن تجعلوا قتال هؤلاء القوم في هذا الوقت إلينا، فقال عمرو بن معد يكرب والمسلمون: فإنا قد أحببنا ذلك، فأخرج عافاك الله وكلأك من ناره. قال: فتقدم عروة بن زيد الخيل الطائي، وتقدم معه
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 79 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
نيف على ثلاثمائة رجل من بني عمه، حتى إذا دنا من الفرس حسر عن رأسه ثم كبر وحمل وحملت معه قبائل طيء... ووضع المسلمون السيف في أصحابه وكانوا ألف فارس، فأفلت منهم خمسون رجلا أو أقل من ذلك، قال: ووقع المسلمون في السلب فأخذوا متاعا كثيرا من دروع وجواشن وبيض ورماح وحجف... وقال: وجاء الليل فحجز بين الفريقين، فلما كان من غد وذلك في اليوم الرابع من حروبهم ثار القوم بعضهم إلى بعض، وزحف أهل نهاوند في جميع عظيم حتى صافوا المسلمين، قال: وصف المسلمون صفوفهم كما كانوا يصفونها من قبل، ودنت الخيل من الخيل والرجال من الرجال فتناوشوا ساعة، وتقدم مرزبان من مرازبتهم يقال له النوشجان بن بادان على فيل له، وقد شهره بالتجافيف المذهبة، وصفرة الذهب تلمع على سواد الفيل حتى وقف بين الجمعين، قال: ونظر إليه عمرو بن معد يكرب فتهيأ للحملة عليه، ثم أقبل على بني عمه من زبيد، فقال: ألا تسمعون؟ فقالوا: قل يا أبا ثور! نسمع قولك وننتهي إلى أمرك. فقال: إني حامل على هذا الفيل وقاصد إليه، فإن قطعت خرطومه فقد هلك وذاك الذي أريد، وإن أخطأته ورأيتم الفرس قد حملوا عليَّ وتكاثروا فأعينوني، فقالوا: نفعل أبا ثور! فاستخر الله عز وجل وتقدم. قال: فتقدم عمرو نحو الفيل الذي على ظهره النوشجان، وجعل النوشجان
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 80 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
يرميه بالنشاب من فوق الفيل حتى جرحه جراحات كثيرة، ونظر إليه من كان من بني عمه فخرجوا إليه ليعينوه، وصاح النوشجان بالفرس فحملوا على عمرو وأصحابه، فاقتتل القوم وحمل عمرو من بين أيديهم فضرب خرطوم الفيل فقطعه، وولى الفيل منهزما ثم سقط ميتا، ووضع المسلمون السيف في النوشجان وأصحابه، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وقتل النوشجان فيمن قتل وانهزم الباقون بشر حالة تكون)).

النهاية السعيدة

وعن موقف آخر من تلك المعركة واستشهاد عمرو، قال ص 306 – 307: ((... فقال عمرو بن معد يكرب: ويحك يا طليحة، لا تقل علينا فإني أرجو أن تكون لنا وقلبي يشهد بذلك، كما أنه يشهد أني مقتول في هذا اليوم، ألا وإني حامل فاحملوا معي رحمكم الله، فوالله لأجهدن أني لا أرجع دون أن أفتح أو أقتل. قال: ثم نزل عمرو عن فرسه وجعل يستوثق من حزامه وثفره ولببه، ثم استوى عليه وضرب بيده إلى الصمصامة فجعل يهزها، قال: ثم كبر عمرو وحمل، وحمل معه فرسان بني مذحج على جموع الأعاجم، فلما خالطهم عمرو عثر به فرسه فسقط إلى الأرض، وغار فرسه وأحاطت به الفرس من كل
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 81 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
جانب، فلم يزل يقاتل حتى انكسرت الصمصامة في يده ، ثم ضرب بيده إلى السيف ذي النون، فلم يزل يضرب به حتى انكسر في يده، فعند ذلك علم أنه مقتول، قال: وجعل المسلمون يحملون على الفرس فيقاتلون وليست لهم بهم طاقة لكثرة جمعهم، وحمل رجل من الفرس يقال له بهرزاد على عمرو بن معد يكرب فضربه على يافوخه، فخر عمرو صريعا، وتكاثرت عليه الفرس بالسيوف فقطعوه إربا إربا رحمه الله. ثم إنهم حملوا على المسلمين حملة فكشفوهم عن معسكرهم وعن موضع سوادهم....))
وروى عن السائب ص 309، أنه قال: ((والله ما عرفناه من كثرة الضربات التي أصابته إلا بثناياه)).
وقال ابن عبد البر في الاستيعاب:3/1202: ((وقيل: بل مات عمرو بن معد يكرب سنة إحدى وعشرين بعد أن شهد وقعة نهاوند مع النعمان بن مقرن، وشهد فتحها، وقاتل يومئذ حتى كان الفتح، وأثبتته الجراحات يومئذ، فحمل، فمات بقرية من قرى نهاوند يقال لها روذة)).
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 82 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

رؤية عمرو بن معد يكرب في قبائل العرب

روى المسعودي في مروج الذهب:2/324، عن أبي مخنف، قال: ((لما قدم عمرو بن معد يكرب من الكوفة على عمر سأله عن سعد بن أبي وقَّاص، فقال:فيه ما قال من الثناء، ثم سأله عن السلاح، فأخبره بما علم، ثم سأله عن قومه، فقال له: أخبرني عن قومك مذْحِج ودع طيئاً. قال: سلني عن أيهم شئت، قال: أخبرني عن علة بن جلد؟ قال: هم فرسان أغراضنا، وشفَاة أمراضنا، وهم أعتقنا، وأنجبنا، وأسرعنا طلباً، وأقلنا هرباً، وهم أهل السلاح والسماِح والرماح.
قال عمر: فما أبقيت لسعد العشيرة؟ قال: هم أعظمنا خميساَ، وأسخانا نفوساً، وخير نارنا رئيساً. قال: فما أبقيت لمراد؟ قال: هم أوسعنا داراً، وخيرنا جاراً، وأبعدنا آثاراً، وهم الأتقياء البررة، والساعون الفَخرة. قال: فأخبرني عن بني زبيد؟ قال: أنا عليهم ضنين، ولو سألت الناس عنهم لقالوا هم الرأس والناس الأذناب، قال: فأخبرني عن طيء؟
قال: خصوا بالجود، وهم جمرة العرب، قال: فما تقول في عبس؟ قال:حجم عظيم، وزبن أثير. قال: أخبرني عن حِمير؟ قال: رعوا العفو، وشربوا الصفْو، قال: فأخبرني عن كِندةَ، قال: ساسوا العباد، وتمكنوا من البلاد.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 83 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
قال: فأخبرني عن همدان؟ قال: أبناء الليل، وأهل النيل، يمنعون الجار، ويوفون النمار ويطلبون الثار. قال: فأخبرني عن الأزد؟ قال: هم أقدمنا ميلادا، وأوسعنا بلاداً. قال: فأخبرني عن الحارث بن كعب؟ قال: هم الحسكة المسكة، تلقى المنايا أطراف رماحهم. قال: فأخبرني عن لخم؟ قال: أخرنا ملْكاً، وأولنا هلكاً، قال: فأخبرني عن جذَام؟ قال: أولئك كالعجوز الغبراء، وهم أهل مقال وفعال.
قال: فأخبرني عن غسان؟ قال: أرباب في الجاهلية نجوم في الإِسلام. قال: فأخبرني عن الأوس والخزرج؟ قال هم الأنصار، وهم أعزنا داراً، وامنعنا ذماراً، وقد كفانا الله مدحهم إذ يقول: والذين تبوؤا الدار والأيمان...
قال: فأخبرني عن خزاعة؟ قال: أولئك مع كنانة لنا نسبهم، وبهم نصرنا. قال: فأي العرب أبغض من مذْحِج؟ وأما من سعد فعدي من فَزارة، ومرة من ذبيان، وكلاب من عامر، وشيبان من بكر بن وائل . ثم لو جلْت بفرسي على مياه معد ما خفت هيج أحد ما لم يلْقَنِي حُرَّاها وعبداها. قال: ومن حُرَّاها ومن عبداها؟ قال: أما حُرَّاها: فعامر بن الطفَيل، وعيينة بن الحارث بن شهاب التميمي، وأما عبداها: فعنترة العبسي، وسلَيك المقانب.((
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 84 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

مشادة كلامية بين عمرو وعمر بن الخطاب

وقال: ثم سأله عن الحرب؟ فقال: سألت عنها خبيراً، هي واللّه يا أمير المؤمنين مرة المذاق، إذا شمرت عن ساق، من صبر فيها ظفر، ومن ضعف فيها هلك، ولقد أحسن واصفها فأجاد:
الحرب أولَ ما تكون فتية * تبدو بزينتها لكل جهول
حتى إذا حميت وشب ضِرامها * عادت عجوزاً غير ذات حليل
شمطاء جزَّتْ رأسها وتنكرت * مكروهة لللثم والتقبيل
ثم سأله عن السلاح؟ فأخبره بما عرف حتى وصل الى السيف، قال: هنالك قارعتك أمك عن ثكلها، فعلاه عمر بالدرة، وقال: بل أمك قارعتك عن ثكلها، والله إني لأهمُّ أن أقطع لسانك، فقال عمرو: الحمَّى أضرعتني لك اليوم، وخرج من عنده، وهو يقول:
أتوعدني كأنك ذو رعين * بأنعم عيشة أو ذو نواس
فكم قد كان قبلك من مليك * عظيم ظاهر الجبروت قاس
فأصبح أهله بادوا وأمسى * يُنقَّل من أناس في أناس
فلا يغررك ملكك، كلُّ مُلك * يصير مذلَّة بعد الشماس
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 85 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

الفصل الرابع: الزبيديون من الأصحاب ورواة الحديث

ونبدأ أولا بالصحابة والتابعين:
1- محمية بن جزء: وهو محمية بن جزء بن عبد يغوث بن عويج بن عمرو بن زبيد الأصغر الزبيدي، حليف لبني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي، كان من مهاجرة الحبشة، وتأخر إيابه منها، أول مشاهده المريسيع، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وآله على الأخماس. (الاستيعاب:4/1463)، وقال ابن سعد:4/198، ((محمية بن جزء أخو أم الفضل لبابة بنت الحارث (الهلالية) أم بني العباس بن عبد المطلب لأمها.... وكانت ابنته عند الفضل بن العباس بن عبد المطلب فولدت أم كلثوم، وأسلم محمية بن جزء بمكة قديما، وهاجر إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية في روايتهم جميعا، وأول مشاهده المريسيع وهي غزوة بني المصطلق.... جعل رسول الله صلى الله عليه وآله على خمس المسلمين محمية بن جزء الزبيدي، وكانت تجمع إليه الأخماس)).
2- عبد الله بن الحارث بن جزء: بن عبد الله بن معد يكرب بن عمرو بن عصم، حليف أبى وداعة السهمي، سكن مصر، وتوفى بها
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 86 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بعد أن عمر طويلا، وكانت وفاته بعد الثمانين، هو ابن أخي محمية ابن جزء الزبيدي، روى عنه جماعة من المصريين منهم يزيد بن أبي حبيب. (الاستيعاب:3 :883).
روى القرشي المصري في فتوح مصر:510، عن سبب نزوله مصر، قال: ((عن عبيد بن ثمامة المرادي، قال: قدم علينا عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله مصر فسمعته يحدث في مسجد مصر، فقيل له: ما أعملك إلى مصر، وليس فيك مضرب بسيف، ولا مطعن برمح، ولا مرمى بسهم؟ قال: جئت أكون في صفوف المسلمين لعل سهم غرب يأتيني فيقتلني!)).
أقول: روى عنه الطبراني في المعجم الأوسط:1/94، عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: ((يخرج قوم من قبل المشرق، فيوطئون للمهدي سلطانه)).
3- العباس بن معد يكرب الزبيدي: ذكر ابن حجر في الإصابة:3/514، أن له صحبة، وذكره ابن حبان في الثقات:3/289، وقال: ((له صحبة)).
4- فديك الزبيدي: عده في الاستيعاب:3/1268، من الصحابة، وممن رووا عنه صلى الله عليه وآله
5- المرتفع ابن الوضاح الزبيدي: استشهد بصفين مع الإمام أمير
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 87 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
المؤمنين عليه السلام ، قال نصر بن مزاحم:315: ((عن صعصعة بن صوحان، ذكر أن علي بن أبي طالب عليه السلام صاف أهل الشام، حتى برز رجل من حمير من آل ذي يزن، اسمه كريب بن الصباح، ليس في أهل الشام يومئذ رجل أشهر شدة بالبأس منه. ثم نادى: من يبارز؟ فبرز إليه المرتفع بن الوضاح الزبيدي، فقتل المرتفع. ثم نادى: من يبارز؟ فبرز إليه الحارث بن الجلاح، فقتل. ثم نادى: من يبارز؟ فبرز إليه عائذ بن مسروق الهمداني، فقتل عائذا، ثم رمى بأجسادهم بعضها فوق بعض، ثم قام عليها بغيا واعتداء. ثم نادى: هل بقي من مبارز؟ فبرز إليه علي عليه السلام ثم ناداه: ويحك يا كريب، إني أحذرك الله وبأسه ونقمته، وأدعوك إلى سنة الله وسنة رسوله، ويحك لا يدخلنك ابن آكلة الأكباد النار. فكان جوابه أن قال: ما أكثر ما قد سمعنا هذه المقالة منك، فلا حاجة لنا فيها، أقدم إذا شئت. من يشتري سيفي وهذا أثره؟ فقال علي عليه السلام : لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم مشى إليه فلم يمهله أن ضربه ضربة خر منها قتيلا يتشحط في دمه)).
6- رجاء بن ربيعة: قال العجلي في معرفة الثقات:1/360: ((والد إسماعيل بن رجاء الزبيدي، كوفي، ثقة، تابعي))، وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب:3/230: ((روى عن علي عليه السلام ، وأبي سعيد الخدري، وابن عمر، والحسن بن علي عليه السلام ، والبراء بن عازب، وزهير
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 88 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بن حزام. وروى عنه ابنه إسماعيل، ويحيى بن هانئ بن عروة المرادي)).
كما صحب الإمام الحسن عليه السلام ، وروى قصة تنصُّل عبد الله بن عمرو بن العاص عن حضوره في صفين، واعتذاره الى الإمام الحسن عليه السلام . (مجمع الزوائد: الهيتمي:9/ 177).
7- إسماعيل بن رجاء الزبيدي. ابن المترجم له أعلاه، وأبو محمد بن إسماعيل الآتي في أصحاب الصادق عليه السلام ، وهو من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام (مستدركات علم رجال الحديث:1/636)، روى خطبة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام : ((أيها الناس المجتمعة أبدانهم المتفرقة أهواؤهم.....)) (الغارات:2/483)، كما روى عنه ابن أبي الحديد:2 /289، عن أمير المؤمنين عليه السلام ما يفعله الحجاج الثقفي بأعشى باهلة.
8- عامر بن الأصقع: عده الشيخ الطوسي قدس سره في رجاله:76، فيمن روى عن أمير المؤمنين عليه السلام ، وقال: ((رسوله عليه السلام الى معاوية)).
9- عاصم بن شريب: قال ابن حبان في الثقات:5/229: ((من أهل الكوفة، يروي عن علي بن أبي طالب عليه السلام ))، روى عنه البيهقي في السنن:9/278، عن أمير المؤمنين عليه السلام في باب قول المضحي: ((بسم الله اللهم منك ولك.......))
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 89 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
10- أبو كثير الزبيدي: تابعي، اختلف في اسمه، قال العجلي في معرفة الثقات:2/421،: ((عبد الله بن مالك: كوفي، تابعي، ثقة))، وقال ابن حبان في الثقات:4/127: ((أبو كثير الزبيدي اسمه الحارث بن جمهان الكوفي، يروى عن علي، وابن مسعود، روى عنه مسعر، وأهل الكوفة))، وقال المزي في تهذيب الكمال:34/219: ((أبو كثير الزبيدي الكوفي، اسمه: زهير بن الأقمر، وقيل: عبد الله بن مالك، وقيل : جمهان، وقيل: إنهما اثنان. روى عن: الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعلي بن أبي طالب عليه السلام ، ورجل من الأزد له صحبة. روى عنه: عبد الله بن الحارث الزبيدي المكتب)).
أقول: روى عنه الصدوق في الخصال ص191، عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وآله : ((أن أبا سفيان ركب بعيرا له، ومعاوية يقوده، ويزيد يسوق به. فلعن رسول الله صلى الله عليه وآله الراكب والقائد والسائق. ثلاثة لا أدرى أيهم أعظم جرما)).
11- الحارث بن عمرو الزبيدي: تابعي، من أهل الكوفة يروي عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ، روى عنه بن سيرين وأهل العراق، مات في إمارة يزيد بن معاوية. (الثقات:4/130).
12- يزيد بن عميرة الزبيدي: يروى عن معاذ بن جبل، قدم
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 90 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الكوفة فسمع عبد الله بن مسعود، عداده في أهل الشام، روى عنه الزهري والناس، ومن قال الحارث بن عميرة فقد وهم (الثقات:5/454)، وقال الخطيب البغدادي: بصري صدوق. (تاريخ بغداد:8/203)
13- الحارث بن عمير الزبيدي: الشامي، يروي عن معاذ بن جبل، روى عنه شريك. (الثقات:4/134)
14- عمرو بن حبشي الزبيدي: يروي عن بن عباس، وابن عمر، روى عنه عبد الله بن مقدام، وهو الذي يقال له عمرو بن حريش. (الثقات:5/173)
15- مهاجر بن حبيب الزبيدي: يروي عن أسد بن كرز، وله صحبة، روى عنه أرطاة بن المنذر. (الثقات:5/427)
16- أبو السفاح الزبيدي الشاعر: لم أعثر على ترجمة كاملة له فيما بين يدي من المصادر. أدرك المختار الثقفي، وعاصر تفاصيل ثورته، وقد أُثرت عنه قصيدة يمدح فيها إبراهيم بن الأشتر، ويهجو عبيد الله بن زياد، يقول فيها:
أتاكم غلام من عرانين مذحج * جري على الأعداء غير نكول
أتاه عبيد الله في شر عصبة * من الشام لما أن رضوا بقليل
فلما التقى الجمعان في حومة الوغى * وللموت فيهم ثم جر ذيول
فأصبحت قد ودعت هندا وأصبحت * مولهة ما وجدها بقليل
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 91 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
واخلق بهند أن تساق سبية * لها من أبي إسحاق شر حليل
تولى عبيد الله خوفا من الردى * وخشية ماضي الشفرتين صقيل
جزى الله خيرا شرطة الله أنهم * شفوا بعبيد الله كل غليل
ويعني بقوله هند: هندا بنت أسماء بن خارجة، زوجة عبيد الله بن زياد لما قتل حملها عتبة أخوها إلى الكوفة... (ذوب النضار:ابن نما:140)
* * *
ومن الزبيديين من أصحاب أئمة آل البيت ورواة الحديث.
1- أسباط بن محمد بن إسماعيل: لم يذكره الرجاليون، روى عنه الطبري في بشارة المصطفى ص127، مسندا، عن أمير المؤمنين عليه السلام : ((والذي فلق الحبة وخلق النسمة انه لعهد النبي الأمي إلي، لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق)).
2- الحسن بن علي بن أبي المغيرة: قال الشيخ النجاشي في الرجال ص49: ((لحسن بن علي بن أبي المغيرة الزبيدي الكوفي ثقة-هو وأبوهـ روى عن أبي جعفر، وأبي عبد الله‘، وهو يروى كتاب أبيه عنه. وله كتاب مفرد....))
3- خالد بن راشد الزبيدي: كوفي، عده الشيخ الطوسي في الرجال
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 92 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ص189، من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام
4- سعيد بن عبد الجبار الزبيدي: الحمصي، عده الشيخ ص214، في أصحاب الصادق عليه السلام .
5- شهاب بن محمد الزبيدي: كوفي، عده الشيخ ص224، في أصحاب الإمام الصادق عليه السلام .
6- عبثر بن القاسم، أبو زبيد الزبيدي: في الطبقات:6/382: ((من بني زبيد من مذحج، مات بالكوفة سنة ثمان وسبعين ومائة في خلافة هارون، وكان ثقة كثير الحديث))، وقال العجلي في الثقات1/480: ((وكان عبد الله بن إدريس الأودي، وعبثر بن القاسم أبو زبيد الزبيدي متواخيين، وكان عبد الله بن إدريس عثمانيا، وكان عبثر علويا)).
7- عبد الله بن الهيثم: لم يذكروه، روى عن أبيه، روى عنه حفيده محمد بن عبد الله القطان في جمال الأسبوع ص134. (مستدركات علم رجال الحديث:5/130)
8- علي بن أبي المغيرة (علي بن حسان): تقدم توثيق الشيخ النجاشي له ولولده الحسن، وعنونه الشيخ الطوسي ص142: علي بن أبي المغيرة الزبيدي الأزرق، وعده في أصحاب الإمام الصادق عليه السلام .
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 93 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
9- علي بن هاشم بن البريد: أبو الحسن الزبيدي، الكوفي الخزاز، مولاهم، من أصحاب الصادق عليه السلام (رجال الطوسي:244)
10- القاسم بن الحسين الزبيدي: روى عنه الشيخ الصدوق في الأمالي ص760 ، عن يحيى بن عبد الحميد حديث الغدير.
11- محمد بن عبد الله بن الهيثم الزبيدي القطان: روى السيد ابن طاووس في جمال الأسبوع عنه، عن أبيه، عن محمد بن حماد الرازي. (مستدركات علم رجال الحديث:7 /194)
12- محمد بن إسماعيل بن رجاء ربيعة الكوفي الزبيدي: قال الشيخ الطوسي ص267: ((أسند عنه - أي عن الصادق عليه السلام - ، مات سنة سبع وستين ومائة))، وعده ابن حبان في الثقات:9/41.
13- هشام بن صدقة: كوفي، عده الشيخ ص319 في أصحاب الإمام الصادق عليه السلام .
14- أبو عمرو الزبيدي: روى عن الإمام الصادق عليه السلام ، وروى عنه بكر بن صالح، والقاسم بن بريد. (معجم رجال الحديث:22/281)

ومن علماء زبيد

1- الشيخ حسن بن جمعة بن علي الزبيدي: أحد تلامذة السيد
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 94 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
محمد بن علي بن الحسين العاملي صاحب المدارك، وقد قام الشيخ المترجم له بنسخ كتاب أستاذه (الشرح الكبير على ألفية الشهيد الثاني)، وقد افتتح أستاذه الكتاب بثناء عاطرٍ عليه قال: ((بعد حمد الله والصلاة على النبي وآله صلوات الله عليهم أجمعين، فقد سمع هذا الشرح من أوله إلى آخره الأخ الصالح النقي، الشيخ حسن بن جمعة، سماعا معتبرا محررا، دالا على الفهم والضبط، مبينا عما ينبغي أن يكون عليه في مجالس متعددة آخرها يوم الأربعاء 9 رجب 1007)). (الذريعة الى تصانيف الشيعة:6/24)
2- الشيخ عبد المهدي الحجار ابن الشيخ داود بن سلمان بن إسماعيل ابن مقلد بن مهيوب بن شرف، المنتهي نسبه إلى عمرو بن معد يكرب الزبيدي من مذحج، المعروف بالشيخ مهدي الحجار النجفي: المولود في الحيرة سنة 1315هـ، وبعد تحصيلاته بعث وكيلا من قبل السيد أبي الحسن الأصفهاني إلى معقل في البصرة، فكان عالمها إلى أن توفي بمستشفى البصرة في يوم السبت ثاني شعبان 1358، وحمل إلى النجف. وهو شاعر طبعت له أرجوزة (البلاغ المبين)، وهي منظومة في أصول الدين، وطبع الجزء الأول من أرجوزته (فوز الدارين في نقض العهدين) في 1349، وكتب في أواخر عمره (نقض
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 95 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الوشيعة) في رد موسى جار الله منضما إلى رد النشاشيبي محمد إسعاف في كتابه (الإسلام الصحيح) في نيف وخمسين يوما، لأنه شرع فيه يوم النصف من رمضان وفرغ منه في ثامن ذي قعدة من 1357. (المصدر السابق:ج9 ق3/701)
3- الشيخ عبد الكاظم بن محمود بن سعيد الغبان الزبيدي: المولود سنة (1307)، نزيل الشنافية وعالمها، له كتاب (الرسالة الكاظمية في الفقه على مذهب الإمامية). (المصدر السابق:11/223)، وله أيضا: (منهج الرشاد في الأصول والفروع). (المصدر السابق:23/160)
4- الشيخ حسن جلو بن سلمان بن داود النجفي الزبيدي: أديب، وشاعر، وخطيب ماهر له منظومة (العقود المجوهرة، في مناقب العترة) (المصدر السابق:15/ 304)، وله كتاب: (الأبواب الممهدة للمنابر المشيدة). (المصدر السابق:26/24)
------------------------------------------------------------
1 ) النعثل: كثيف الشعر.
1 ) حضين بن المنذر الرقاشي، أحد أبطال بكر بن وائل.
3 ) داذويه أحد الثلاثة الذين دخلوا على الأسود العنسي الكذاب بصنعاء فقتلوه، وهم: قيس بن مكشوح، وداذويه، وفيروز الديلمي