سلسلة القبائل العربية في العراق (20) قبيلة كندة

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 1 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
سلسلة القبائل العربية في العراق (20)
قبيلة كندة
ملوك العرب
عبد الهادي الربيعي
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 2 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 3 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
قبيلة كندة، أحد قبائل كهلان القحطانية، أو ما يعبر عنهم بعرب الجنوب، وقد تميزت هذه القبيلة على سائر قبائل العرب بأن كان أبناؤها ملوكا للعرب العدنانيين في الجاهلية.
وقد وضعنا هذا الكراس لتناول نبذة من تاريخها، وترجمة بعض مشاهير رجالاتها، وقسمته الى عدة فصول، الفصل الأول: تناولت فيه نسب القبيلة وبعضا من بطونها المشهورة قديما، والقبائل المنسوبة لكندة في العراق حاليا. أما الفصل الثاني فخصصناه لمنازل القبيلة ومهاجرها، وتناولنا في الفصل الثالث مملكة كندة. ثم جاء الفصل الرابع للحديث عن إسلامها، ومشاركاتها في الفتوحات والحروب الإسلامية. وفي الفصل الخامس: ذكرنا الصحابة من كندة، أما الفصل السادس: فكان من حصة أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام منهم، أما السابع: فكان فيه ترجمة لبعض تلاميذ الأئمة ورواة الحديث، والثامن: خصص للأعيان والعلماء والمبرزين منهم، أما الفصل التاسع: فقد
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 4 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ترجمت لأشهر موالي كندة.
نتقدم في ختام هذه الكلمة القصيرة بعظيم شكري وامتناني لسماحة الشيخ علي الكوراني العاملي؛ لدعمه المتواصل لهذه السلسلة فله مني خالص التقدير.
عبد الهادي الربيعي
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 5 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفصل الأول: نسب كندة
ونبحث فيه:
1- نسب كندة
الكنديون هم: بنو ثور بن عُفير بن عدي بن الحارث بن مُرة بن أُدد بن زيد بن يشجُب بن عُريب بن كهلان بن سبأ. (نسب معد واليمن الكبير: هشام ابن الكلبي:136) وقيل: سمي كندة؛ لأنه كند أباه، أي كفر نعمته. (نهاية الأرب: القلقشندي:409) وكان لعدي بن الحارث جد كندة، من الولد أربعة: الحارث بن عدي وهو عاملة، وعمرو بن عدي وهو جذام، ومالك بن عدي وهو لخم الجد الأعلى لآل المنذر ملوك الحيرة، وعفير بن عدي وهو والد كندة. (جمهرة أنساب العرب: ابن حزم:419)
فولد كندة بن عُفير: معاوية وأشرس، ومنهما تفرعت القبيلة (نسب معد واليمن:136) فتفرع بنو معاوية الى أربع بطون رئيسية وهي: بنو معاوية، وبنو الرائش، وبنو بداء (جمهرة أنساب العرب:425)، وقيل اسمه: بُدا (المقتضب: ياقوت الحموي:214)، وبنو وهب. أما أشرس فمنه السكون، والسكاسك.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 6 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
2- بطون كندة القديمة
ذكر النسابون والمؤرخون لكندة بطون كثيرة هذه أشهرها:
1- بنو أبي الخير بن وهب: سكنوا الكوفة، منهم: عبد الله بن سلمة بن مرة، ولاه الإمام علي عليه السلام السواد. (نسب معد واليمن:152)
2- بنو آكل المُرَّار: واسمه حجر بن عمرو بن معاوية بن الحارث ابن معاوية بن كندة، ومنازلهم شرف (معجم قبائل العرب:1/39)، وكان حجر ملكا على كنانة وأسد (جمهرة أنساب العرب:427)، ومن أشهر أبنائه: امرئ القيس الكندي الشاعر المشهور.
3- بنو امرئ القيس بن الحارث: بطن كان لهم مسجد في الكوفة. (نسب معد واليمن:138)
4- بنو بدا بن الحارث: وهم: بنو بدا بن الحارث بن معاوية بن كندة. كانت منازلهم بحضرموت (معجم قبائل العرب:1/67)، ثم انتقلوا الى الكوفة، وفيهم جماعة كبيرة ممن والوا آل البيت ستأتي ترجمتهم.
5- بنو بكرة: وهم بنو ثعلبة بن عقبة بن السكون بن أشرس بن كندة . وبكرة أمهم فنسبوا إليها، وهي بنت وائل، أخت بكر بن وائل. (نهاية الأرب:179)
6 - بنو بهدلة: وهم بنو بهدلة بن المثل بن معاوية، بطن من كندة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 7 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
منهم: زياد بن يزيد بن مهاصر الكندي البهدلي، قتل مع الحسين بن علي عليه السلام . (لب اللباب في تهذيب الأنساب:1/191)
7- تجيب: وهم بطن من السكون من كندة، سكنوا مصر بعد فتحها، وكانت لهم بها خطة، وتجيب أمهم عرفوا بها. (نهاية الأرب:185)، ((كانوا يسكنون الكسر في وسط حضرموت، وقدم على النبي صلى الله عليه وآله وفد تجيب، وعدد رجاله ثلاثة عشر قد ساقوا معهم صدقات أموالهم التي فرض الله في أموالهم)). (مكاتيب الرسول: الميانجي:1/245)
8- التراغم: بطن من السكون من كندة، وهم: بنو مالك بن معاوية بن ثعلبة بن عقبة بن السكون. (الأنساب:1/455)
9- بنو جَبَلَة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحارث: منهم آل الأشعث بن قيس، سكنوا الكوفة (جمهرة أنساب العرب:425). منهم: حجر بن عدي الكندي رحمه الله.
10- بنو الجون: وهم بنو الجون، وهو لقب معاوية بن حجر، أخو عمرو بن حجر المقصور، كان ملكا على اليمامة (تاريخ العرب القديم: د/ نبيه عاقل:210)، منهم: أسماء بنت النعمان الجونية التي تزوجها النبي‘ فتعوذت منه فطلقها. (نهاية الأرب:،45، معجم قبائل العرب:1/222)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 8 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
11- بنو الحارث الولاد: وهم بنو الحارث الأصغر بن معاوية الأكبر بن الحارث الأكبر بن معاوية بن ثور بن مرتع. (نهاية الأرب:48)
12- بنو حُجر بن عدي بن ربيعة بن مرة، بطن من كندة: كان لهم مسجد في الكوفة. (نسب معد واليمن:432)
13- بنو حُجر القَرِد: والقَرِد: الندي الجواد بلغة أهل اليمن، وهم بنو حجر بن الحارث الولادة بن عمرو بن معاوية. (اللباب في تهذيب الأنساب:1/345)
14- بنو الحوت: وهو الحوت بن الحارث، وقيل: الحارث بن الحارث بن معاوية بن الحارث الأكبر، والنس إليه: حوتي. (الأنساب:2/287)
15- بنو ذهل بن معاوية بن الحارث الأكبر: بطن كان لهم مسجد في الكوفة أيضا.
16- بنو الرائش بن الحارث: كانوا يسكنون حضرموت، وهجر، وليس منهم في الكوفة سوى شريح القاضي. (الطبقات الكبرى: ابن سعد:6/131)
17- بنو زيد بن الحارث: وهم بطن لهم مسجد في الكوفة.
18- بنو السكسك: وهي قبيلة عظيمة، ويقال لهم السُّكاسِك،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 9 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وهم بنو حميس بن أشرس بن ثور بن كندة. سكن أغلبهم الشام. (جمهرة أنساب العرب:432)
19- بنو السَّكون: وهم بنو السكون بن أشرس بن ثور، قبيلة كبيرة من كندة، كانوا يسكنون حضرموت، ولهم ملك بدومة الجندل، ثم انتقلوا بعد الفتوح الإسلامية الى الكوفة والشام ومصر والأندلس، وسكن بعضهم الكوفة. فمن المصريين منهم: معاوية بن خديج قاتل محمد بن أبي بكر والي الإمام علي عليه السلام على مصر، وبحرية بن حيوة بن حارثة قاتل عثمان بن عفان (جمهرة أنساب العرب:429)، ومن شامييهم: الحصين بن نمير السكوني (لعنه الله) أحد قادة عمر بن سعد يوم عاشوراء (الأعلام: الزركلي:2/262)، وسنذكر بعض الكوفيين منهم.
20- بنو الصدف: وهم بنو الصدف بن مالك بن أشرس بن شبيب بن السكون بن أشرس بن كندة. (معجم قبائل العرب:2/637)
21- بنو شجرة: وهم بطن من بني وهب بن الحارث، سكنوا الكوفة، وكان لهم بها مسجد، ويقال لهم: الشجرات، وفيهم ثلاثة ممن وفدوا على النبي صلى الله عليه وآله . (نسب معد واليمن:151)
22- بنو الطمح بن الحارث: سكنوا الكوفة، وكان لهم مسجد بها، منهم: عبد الرحمان بن الحارث كان على شرطة الإمام
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 10 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
علي عليه السلام بالكوفة. (المصدر السابق:138، 165)
23- بنو عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحارث: منهم نهيك بن غرير استشهد مع الإمام علي عليه السلام في صفين. (المصدر السابق:147)
24- بنو عمرو بن الحارث الأصغر بن الحارث الأكبر بن معاوية: كان لهم مسجد في الكوفة. (المقتضب: ياقوت الحموي:214)
25- بنو مالك بن الحارث: سكنوا الكوفة، وهم فرعان بنو سلمة، وبنو المنذر، منهم: أبو العَمَرَّطة، عمير بن يزيد وستأتي ترجمته. (نسب معد واليمن:164)
26- بنو وليعة: وهم بنو وليعة بن شرحبيل بن معاوية بن حجر القرد (اللباب في تهذيب الأنساب:1/345)، وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وآله ، ((فأطعمهم من ثمار حضرموت، وجعل على أهل حضرموت نقلها إليهم)) (مكاتيب الرسول:2 /646 )، وكان ذلك سببا فيما ذكره المؤرخون من ارتدادهم بعد النبي صلى الله عليه وآله وسيأتي تحقيق ذلك. ومن فروع بني وليعة: بنو جمد بن معد يكرب بن وليعة، وهو أحد الملوك الأربعة الذين قتلوا في غارة زياد بن لبيد الغادرة.
27- بنو وهب بن الحارث: بطن قسم منهم في اليمن، وقسم في الكوفة، ثم تحولوا الى الشام. (نسب معد واليمن:137)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 11 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
3 - العشائر الكندية في العراق
ومن العشائر العراقية التي ترجع في نسبها الى كندة حاليا:
1- آل أبيض: وتنتمي هذه العشيرة الى قبيلة كندة، ويقول محفوظ العشيرة أن جدهم كان أخا لجد السودان...وتتوزع عشيرة آل أبيض في علي الغربي بمحافظة ميسان، وفي العزيزية في الكوت، ومنهم في بغداد، وينقسمون الى: بيت أحمد وهم الرؤساء. وبيت الشيخ خلف. وبيت نويهي. وبيت معيبد. (موسوعة عشائر العراق: عبد عون الروضان:1/16، وأنظر: عشائر العراق: العزاوي:4/198)
أقول: وفي كندة من الأعلام: الأبيض بن امرئ القيس بن الحارث بن معاوية، وللأبيض بنت أسمها بيضاء، من بنيها: بنو شيبان بن العاتك بن معاوية، بطن من كندة. (أنظر: نسب معد واليمن:159)
2- جليحة (چليحة): وهي من عشائر عفك، ويرجعون الى كندة، كانوا يسكنون الدغارة وعفك، ثم انتقلوا فسكنوا الرجيبة والجدول الغربي والهندية، ومنهم في الديوانية والكوفة والحلة ومناطق أخرى من العراق. وهم عشيرتان:1- البدريين، ويتفرعون الى: آل نعمة، وآل حميد، وآل جليب، وآل شاويش، وآل مهنا، وآلبو صكة. 2-
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 12 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عشيرة أهل الربع، ويتفرعون الى: آل دنينة، وآل عويد، والهجاولة، والصوالح، وآلبو صدام. كما تنضم لهم عشيرتان أخريان بتحالف، وهما: العصامات، وأصلها من الأجود، وآلبو سحير، وأصلهم من آل علي من بني مالك. (موسوعة العشائر العراقية: ثامر عبد الحسن العامري:3/184)
وفي موسوعة العشائر العراقية، سمى البدريين بآل صريصر (المصدر السابق:3/183)، كما أضاف لهم عشائر أخرى وهي: العجاولة، وهم من ثقيف. والبراجع، وأصلهم من زبيد. والرحالة، وآل إسماعيل في الديوانية. (القاموس العشائري العراقي:1/120)
أقول: الأجلح: لقب يحيى بن عبد الله بن معاوية بن حسان الكندي الفقيه، وستأتي ترجمته في الفصل السابع.
3- السودان: ومن المقطوع به أن أصول هذه العشيرة تعود الى كندة، وكانت تسكن قبل (300 سنة من الآن) على ضفاف المحاويل في الحلة، ثم هاجروا الى الحويزة، وظلوا هناك ثمانية أعوام حتى ارتحلوا عنها نتيجة تفشي الطاعون، وقيل: أن عشيرة بني طرف هاجمتهم في تلك المنطقة. وانتقلوا الى جرية حيث باشروا العمل بالزراعة في عهد فيصل الخليفة شيخ البو محمد، وفي ذلك الوقت
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 13 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أخذت الحكومة العثمانية تنظم زراعة أراضي العمارة، فاشترى أحد شيوخهم أراضي البحاثة وجرية، لكن الحكومة العثمانية غدرت بهم واستردت تلك الأرض بعد عشرين سنة، ثم عادت الأرض الى حوزتهم مع جلاء العثمانيين عن العراق. (أنظر: العشائر العراقية: د/ عبد الجليل الطاهر:303، وأنظر: تاريخ العمارة وعشائرها: عبد الكريم النداوي:77)
وتنقسم هذه العشيرة الى أفخاذ وفروع كثيرة، وهي باختصار:
1- فخذ آل عبد الله: وهم رؤساء السودان، وينقسمون الى الفروع التالية: آل سعد العبد الله، آل كاطع، آل جنزيل، بيت نصار، بيت جدوع.
2- فخذ بيت مرجان: ومن فروعهم: بيت طعمة، بيت وطان، بيت نصار، بيت شمهود، بيت منان.
3- فخذ بيت زاير: ومن فروعهم: بيت وشال، بيت وشكدة، بيت طويهر.
4- فخذ بيت عزيز
5- فخذ بيت شتوي: ويتفرعون: بيت خليفة، بيت صيوان، بيت علكم، بيت ظاهر، بيت شيخ صالح.
6- فخذ بيت موسى: ومن فروعهم: بيت خصاف، بيت جنزيل.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 14 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
7 - فخذ بيت صوينخ، منهم: بيت موسى مويل.
1 - فخذ بيت حمدي
2 - فخذ بيت كشموط.
3 - فخذ الكواضي
4 - فخذ آلبو عليوي
5 - فخذ بيت مناحي
6 - فخذ بيت حمادي
7 - فخذ بيت جنزيل
8 - فخذ العوامر
9 - فخذ بيت مفوعر
10 - فخذ الصقور
11 - فخذ الصلمان
12 - فخذ بيت روضان
ومن حمائل عشيرة السودان: حمولة آلبو ضاحي، حمولة آلبو كريم، عامر العلي، عودة المنصور، آلبو عبود، آلبو حجيلي. (موسوعة العشائر العراقية:178 - 181، عشائر العراق:4 /195 وما بعدها).
كما تنتشر بعض فروع السودان في إقليم الأهواز والفلاحية والحويزة، ومن فروعهم هناك: آلبو ضاحي، آلبو كريم، آلبو عبود، آلبو حجيلي، وبيت مرجان، ومن العشائر المتحالفة معهم هناك: بيت كشموط، آلبو حمادي، العوامر، بيت كليب (چليب)، بيت معارج، بيت زغير، بيت عبد الإله، بيت المفوعر، الصقور، آلبو عليوي، الكواضي، وبيت دهوش. (القبائل والعشائر العربية في خوزستان: يوسف عزيز بني طرف:60، وأنظر: عشائر العراق:4/196)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 15 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفصل الثاني: منازل القبيلة ومهاجرها
كانت كندة تسكن حضرموت من أراضي اليمن، ثم نزح أغلبهم عنها الى الغمر، غمر ذي كندة -من أعمال اليمامة بين مكة والبصرة- في نجد منتصف القرن الثالث الميلادي (تاريخ العرب القديم:208)، قال اليعقوبي في تاريخه ج1 ص216: ((وكان بين كندة وحضرموت حروب أفنت عامتهم... وطالت الحرب بينهم، وفتنت رجالهم، ودامت حتى ضرستهم، وكثر القتل في كندة.... ودخل أهل اليمن التشتيت والتفريق، فلما افترق أهل اليمن وانتشروا في البلاد ملَّك كل قوم عظيمهم، وصارت كندة إلى أرض معد، فجاورتهم، ثم ملكوا رجلا منهم كان أول ملوكهم يقال له: مرتع بن معاوية بن ثور)).
وبقيت كندة في هذا الموضع أكثر من قرنين من الزمن حتى اعتقد بعض النسابين أن كندة من قبائل معد بن عدنان لسكناها أراضيهم، نقل الحموي في معجم البلدان:4/212: عن ابن الكلبي في كتاب الافتراق، قال: ((وكان لجنادة ابن معد الغمر غمر ذي كندة وما
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 16 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
صاقبها، وبها كانت كندة دهرها الأول، ومن هنالك احتج القائلون في كندة ما قالوا؛ لمنازلهم في غمر ذي كندة. يعني من نسبهم في عدنان)).
ثم عاد الكنديون بعد ذلك الى اليمن، قال الهمداني في صفة جزيرة العرب ص166: ((وكان بحضرموت الصَدِف من يوم هم -أي لم يهاجروا منها-، ثم فاءت إليهم كندة بعد قتل ابن الجون يوم شعب جبلة، لما انصرفوا من الغمر غمر ذي كندة، وفيها الصدف وتُجيب والعباد من كندة، وبنو معاوية بن كندة، ويزيد بن معاوية، وبنو بُدا ابن الحارث، وبنو الرايش بن الحارث، وبنو عمرو بن الحارث، وبنو ذهل بن معاوية، وبنو الحارث بن معاوية، وفرقة من السكون))، ومن قراهم ومنازلهم هناك: هينن، وصوران، وقشاقش، وعندل، وخودون، وهدون، ودمون وهي مساكن آل آكل المُرَّار، والهجران وغيرها. ومن أوديتهم: ريدة أرضين، ودوعن. ومن حصونهم المشهورة حصن النجير. وبلد كندة مرتفع كأنه سراة (مرتفعات جبلية) وتصب أوديته في حضرموت. (أنظر: صفة جزيرة العرب:168و169)
ثم هاجروا مع الفتوح الإسلامية الى البلاد المفتوحة، فاختار أغلب السكون والسكاسك وبعض من بني معاوية بلاد الشام في دمشق وحمص وشيزر وفلسطين... (قبيلة كندة ودورها في التاريخ الإسلامي: عبد الباسط الآلوسي:43)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 17 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وسكنت أعداد كبيرة منهم مصر بعد أن شاركوا في فتحها، فكان منهم فيها: السكاسك وكانت لهم خطة (حي) في المعافر، (القبائل العربية في مصر: عبد الله خورشيد البري:173) والسكون الذين كان لهم دور كبير في الأحداث السياسية بمصر (المصدر السابق:174)، وبنو الصدف كانت لهم خطة قرب المسجد الجامع في الفسطاط. (قبيلة كندة:44)
أما الغالبية العظمى من بني معاوية وبعض السكون فقد سكنت العراق في البصرة والكوفة، وكانت ((كندة ممن انضم الى الجيش الذي أرسل لفتح العراق، وكان عدد مقاتليهم سبعمائة مقاتل، وكان لهم دور مميز في معركة القادسية، وخاصة في يومها الثاني المسمى يوم الهرير)). (الكوفة وأهلها في صدر الإسلام: د/ صالح أحمد العلي:234)
ويذكر الطبري في تاريخه:3/149أن سعدا ((أنزل في قبلة الصحن بني أسد على طريق، وبين بني أسد والنخع طريق، وبين النخع وكندة طريق، وبين كندة والأزد طريق)) وكانت كندة هي القبيلة الوحيدة التي لها باب في مسجد الكوفة يحمل اسمها (باب كندة)، ويظهر من الطبري:4/ 448 في وصفه لدخول المختار الثقفي الى الكوفة أن خطة كندة كانت تمتد من مسجد الكوفة باتجاه النجف، قال: ((وأقبل المختار حتى انتهى إلى بحر الحيرة (بحر النجف) يوم الجمعة، فنزل فاغتسل فيه ....، ثم ركب راحلته فمر بمسجد السكون، وجبانة كندة لا يمر
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 18 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بمجلس إلا سلم على أهله، وقال: أبشروا بالنصر والفلج أتاكم ما تحبون، وأقبل حتى مر بمسجد بني ذهل، وبني حجر فلم يجد ثَمَّ (هناك) أحدا، ووجد الناس قد راحوا إلى الجمعة، فأقبل حتى مر ببني بُداء فوجد عبيدة بن عمرو البدي من كندة فسلم عليه، ثم قال: أبشر بالنصر واليسر والفلج....)).
وسكن بنو سلمة بن الحارث وبعض السكون البصرة (نسب معد واليمن:170،194)، وإنما سميت الخريبة المحلة المعروفة في البصرة بهذا الاسم نسبة الى الخرب بن مسعود الكندي فهو أول من سكنها. (الأنساب: 2/354)، وكان منهم قوم بصندوداء غربي الفرات فوق الأنبار قبل الفتوح الإسلامية، قال الحموي في معجم البلدان:3/425: ((سار خالد بن الوليد من العراق يريد الشام فأتى صندوداء وبها قوم من كندة، وإياد، والعجم...))
ومن الكوفة والبصرة انتشروا الى بلدان الشرق الإسلامية، فسكن بعضهم آذربيجان، وأشهر من سكنها آل الأشعث (فتوح البلدان: البلاذري: 2/403)، والسراة وهي قرية من قرى فارس سكنها آل الأشعث أيضا (المصدر السابق:2 /406 )، وسكن بعضهم غِيْشَتَى من قرى بخارى. (معجم البلدان:4/221)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 19 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفصل الثالث: مملكة كندة
تمكنت قبيلة كندة من تأسيس مملكة في نجد، ووحدت القبائل العربية تحت ظلها، وقد اختلف المؤرخون في كيفية نشأت هذه المملكة، وفي أول من تملك منهم، فقال ابن الأثير في الكامل:1/511: ((كان سفهاء بكر (ابن وائل) قد غلبوا على عقلائها وغلبوهم على الأمر وأكل القوي الضعيف، فنظر العقلاء في أمرهم فرأوا أن يملكوا عليهم ملكا يأخذ للضعيف من القوي... فساروا إلى بعض تبابعة اليمن، وكانوا للعرب بمنزلة الخلفاء للمسلمين، وطلبوا منه أن يملك عليهم ملكا، فملك عليهم حجر بن عمرو آكل المُرَّار، فقدم عليهم ونزل ببطن عاقل))، أي اتخذها عاصمة له، وقيل: ((ولاه حسان بن تُبَّع (ملك حمير) أخوه لأمه بعد أن دوخ العرب، وسار في الحجاز على معد وعدنان كلها، وفدانوا له، فسار فيهم أحسن سيرة)). (تاريخ العرب القديم:209)
ويرى اليعقوبي في تاريخه:1/216 أنهم أسسوا هذه المملكة بمجرد انتقالهم من حضرموت الى نجد، قال: ((وصارت كندة إلى أرض
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 20 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
معد، فجاورتهم، ثم ملكوا رجلا منهم، وكان أول ملوكهم يقال له: مرتع بن معاوية بن ثور، فملك عشرين سنة. ثم ملك ابنه ثور بن مرتع، فلم يقم إلا يسيرا حتى مات، فملك بعده معاوية بن ثور. ثم ملك الحارث بن معاوية، فكان ملكه أربعين سنة. ثم ملك وهب بن الحارث عشرين سنة. ثم ملك بعده حجر بن عمرو آكل المرار ثلاثا وعشرين سنة، وهو الذي حالف بين كندة وربيعة، وكان تحالفهم بالذنائب. ثم ملك بعده عمرو بن حجر أربعين سنة، وغزا الشام، ومعه ربيعة، فلقيه الحارث بن أبي شمر -الغساني ملك الشام-، فقتله، فملك بعده الحارث بن عمرو... ونزل بالحيرة، وفرق ملكه على ولده)).
ولعل من أشهر ملوك كندة حجر بن عمرو، ((الذي تولى الملك على قبائل معد بحدود سنة 480م، وهو أول زعيم من كندة تمكن من توحيد صفوفها، وفرض سيطرتها على القبائل الأخرى، ووسع رقعة أرض مملكته حتى بلغت حدود مملكته مملكة المناذرة اللخميين في الحيرة.
ثم ملك من بعده ابنه عمرو بن حجر الملقب بالمقصور، لأنه اقتصر
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 21 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
على ملك أبيه، وكان له أخ اسمه الجون تولى حكم اليمامة، وكانت نهايته كما ذكر اليعقوبي على يد الحارث بن أبي شمر الغساني.
وبعد مقتله انتقل الملك الى ولده الحارث أقوى ملوك كندة، فمدَّ نفوذه على بكر بن وائل، ونجح في ضم الحيرة عاصمة المناذرة الى مملكته للفترة ما بين (524 - 528م). ولما قوي أمره جعل أولاده ملوكا على العرب: فكان حجر أكبر أبنائه ملكا على أسد وكنانة وغطفان، وشرحبيل ملكا على بكر بن وائل وبني حنظلة من تميم، ومعد يكرب على قيس عيلان وقبائل أخرى، وسلمة أصغر أبنائه ملكا على تغلب والنمر بن قاسط وبني سعد من تميم، وابنه قيس كان يعرف بالسيارة، أي يصبح ملكا على كل قوم نزل بهم.
ولما عاد المنذر اللخمي الى الحيرة فرَّ الحارث الكندي الى أرض كلب من قضاعة في الشام فقتل هناك. واستقل أولاده كل في ملكه، ونشبت صراعات بينهم وبين المنذر اللخمي ملك الحيرة، فتمكن الأخير أن يوقع العداوة بين شرحبيل وسلمة، فتقاتل الطرفان بإتباعهما في يوم كلاب فقتل شرحبيل، وأخرجت تغلب والنمر سلمة عن الملك، فالتجأ الى بكر بن وائل فملكوه عليهم، فقاتلهم المنذر
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 22 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
اللخمي، وقتل منهم خلقا كثيرا على جبل أُواره، وفسمي ذلك اليوم بيوم أُوارة الأول. أما معد يكرب بن الحارث فقد ظل ملكا على قيس عيلان حتى مات حزينا على أخويه شرحبيل وسلمة)). (تاريخ العرب القديم: ص110 وما بعدها مختصرا).
وقتلت بنو أسد ملكها حجر بن الحارث أبو امرئ القيس الشاعر، وقد ذكرنا طرفا من المعارك التي خاضها معهم امرئ القيس ثأرا لأبيه في كتاب قبيلة بني أسد بن خزيمة من هذه السلسلة ص15 فراجع، وهكذا اندثرت مملكة كندة بعد موت هؤلاء الملوك الأربعة من بني آكل المُرَّار، ولم يبق من أعلام تلك الحقبة إلا امرئ القيس الشاعر صاحب المعلقة الذي جدَّ في استعادة ملك آبائه، فذهب الى ملك الروم يطلب منه النصرة، فعزم الملك أن يرسل معه جيشا لمحاربة أعدائه، لكن بني أسد تمكنوا من وغر صدر إمبراطور الروم عليه، بدعوى وجود علاقة مشبوهة بين امرئ القيس وشقيقة الإمبراطور، فبعث الإمبراطور بحلة مسمومة فلما لبسها امرئ القيس سقط لحمه، ومات في أرض الروم ودفن هناك. (المصدر السابق:220 باختصار)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 23 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفصل الرابع: كندة في العصور الإسلامية الأولى
1 - إسلام كندة ووفدها الى النبي
كانت كندة تدين كسائر العرب بعبادة الأوثان، واعتنق بعضهم اليهودية والمسيحية، وكانوا يحجون الى مكة على ما تعارف عند الجاهليين العرب، وكانت كندة من القبائل التي عرض عليهم النبي‘حمايته. روى ابن كثير في البداية والنهاية:3/172: عن ابن عباس عن أبيه قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله : ((هل أنت مخرجي إلى السوق غدا حتى نقر في منازل قبائل الناس، وكانت مجمع العرب. قال: فقلت: هذه كندة ولفها وهي أفضل من يحج البيت من اليمن، وهذه منازل بكر بن وائل، وهذه منازل بني عامر بن صعصعة، فاختر لنفسك؟ قال فبدأ بكندة فأتاهم، فقال: ممن القوم؟ قالوا: من أهل اليمن. قال: من أي اليمن؟ قالوا: من كندة. قال: من أي كندة؟ قالوا: من بني عمرو بن معاوية. قال: فهل لكم إلى خير؟ قالوا: وما هو؟ قال: تشهدون أن لا إله إلا الله، وتقيمون الصلاة، وتؤمنون بما جاء
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 24 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
من عند الله. فقالوا: إن ظفرت تجعل لنا الملك من بعدك؟ فقال رسول الله‘: إن الملك لله يجعله حيث يشاء! فقالوا: لا حاجة لنا فيما جئتنا به)).
ثم أرسل الكنديون عدة وفود الى النبي‘ سنة عشر للهجرة وأعلنوا إسلامهم، وفد لعامة كندة، وكان عدد الوفد ستين رجلا وقيل ثلاثين، وآخر لبني الصدف منهم (الطبقات الكبرى:1/328)، وثالث من تجيب.
2- ردة كندة.
قال الشيخ علي الكوراني في كتابه قراءة جديدة لحروب الردة ص221: ((اغتنمت السلطة القرشية وجود مرتدين عن الإسلام بعد النبي‘ فوصفت من رفض خلافة أبي بكر، أو امتنع عن تسليم الزكاة إليه بأنهم مرتدون، وقاتلتهم! ... ومن أمثلتهم قبائل كندة وكانت عاصمتهم حضرموت)). وكان لزياد بن لبيد البياضي والي حضرموت دور في تضخيم دعوى ردة كندة، وكان متحاملا على هذه القبيلة؛ لأنها رفضت مبايعة أبي بكر التزاما بوصية النبي’للإمام أمير المؤمنين عليه السلام بالخلافة، فدفعهم زياد دفعا للاصطدام بالسلطة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 25 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الجديدة، قال الطبري ج2 ص542 مختصرا: ((وكان سبب ردة كندة... أنهم قبل ردتهم حين أسلموا، وأسلم أهل بلاد حضرموت كلهم أمر رسول الله‘بما يوضع من الصدقات، أن يوضع صدقة بعض حضرموت في كندة، ووضع صدقة كندة في بعض حضرموت1... فقال نفر من بني وليعة: يا رسول الله، إنا لسنا بأصحاب إبل، فان رأيت أن يبعثوا إلينا بذلك على ظهر. فقال -لأهل حضرموت والوالي زياد بن لبيد-: إن رأيتم. قالوا: فإنا ننظر فإن لم يكن لهم ظهر فعلنا. فلما توفى رسول الله‘وجاء ذلك الأبان (الموعد) دعا زياد الناس إلى ذلك فحضروه. فقالت بنو وليعة: إبلغونا كما وعدتم رسول الله‘. فقالوا: إن لكم ظهرا فهلموا فاحتملوا. ولاحوهم حتى لاحوا زيادا، وقالوا له: أنت معهم علينا. فأبى الحضرميون ولجَّ الكنديون فرجعوا إلى دارهم)).
وقال الحموي في معجم البلدان في مادة حضرموت:2/270: ((ودعاهم إلى بيعة أبي بكر، فامتنع الأشعث بن قيس من البيعة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 26 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
واعتزل في كثير من كندة)) ولم يكتفي زياد بذلك بل اتخذ عدة خطوات لخلق مشكلة مع كندة، ((فوليَ صدقات بني عمرو بن معاوية بنفسه، فقدم عليهم وهم بالرياض فصدَّق (أخذ صدقة) أول من انتهى إليه منهم، وهو غلام يقال له زيد بن معاوية)) (الفتوح لأبن أعثم:1/46) وسماه الطبري الشيطان بن حجر، ((فأعجبته بكرة (ناقة) من الصدقة ودعا بنار فوضع عليهم الميسم، وإذا الناقة لأخي الشيطان (زيد) العداء بن حجر وليست عليه صدقة، وكان أخوه قد أوهم حين أخرجها وظنها غيرها. فقال العداء: هذه شذرة باسمها. فقال الشيطان: صدق أخي فإني لم أعطكموها إلا وأنا أراها غيرها، فأطلق شذرة وخذ غيرها! فرأى زياد أن ذلك منه اعتلال، واتهمه بالكفر ومباعدة الإسلام وتحرى الشر فحمى، وحمي الرجلان. فقال زياد: لا ولا تنعم ولا هي لك، لقد وقع عليها ميسم الصدقة، وصارت في حق الله، ولا سبيل إلى ردها، فلا تكونن شذرة عليكم كالبسوس! فنادى العداء: يا آل عمرو بالرياض أضام وأضطد؟ إن الذليل من أُكل في داره. فأقبل حارثة بن سراقة بن معد يكرب فقصد لزياد بن لبيد وهو واقف، فقال: أطلق لهذا الفتى بكرته وخذ بعيرا مكانها، فإنما بعير مكان بعير.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 27 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فقال: ما إلى ذلك سبيل! فقال: ذاك إذا كنت يهوديا. وعاج إليها فأطلق عقالها ثم ضرب على جنبها فبعثها وقام دونها....
وقال ابن أعثم:1/47قال حارثة للغلام: ((خذ ناقتك إليك فإن كلمك أحد فأحطم أنفه بالسيف! نحن إنما أطعنا رسول الله‘ إذ كان حيا، ولو قام رجل من أهل بيته لأطعناه، وأما ابن أبي قحافة فلا والله ما له في رقابنا طاعة ولا بيعة! ثم أنشأ:
أطعنا رسول الله إذ كان بيننا * فيا عجبا ممن يطيع أبا بكر))
قال الطبري: فأمر به زياد شبابا من حضرموت والسكون فمغثوه -ضربوه ضربا مبرحا- وتوطؤه وكتفوه وكتفوا أصحابه وارتهنوهم وأخذوا الناقة... وتصايح أهل الرياض وتنادوا، وغضبت بنو معاوية لحارثة وأظهروا أمرهم وغضبت السكون لزياد -وكان زياد قد استمال بعض أراذل السكون كالحصين بن نمير وشرحبيل السمط وغيرهم الذين أصبحوا فيما بعد جنودا لمعاوية ويزيد- وغضبت له حضرموت وقاموا جميعا دونه وتوافى عسكران عظيمان من هؤلاء وهؤلاء، لا تحدث -أي لم تصنع- بنو معاوية لمكان أُسرائهم شيئا، ولا تجد أصحاب زياد على بني معاوية سبيلا يتعلقون به عليهم. فأرسل إليهم زياد: إما أن تضعوا السلاح، وإما أن تؤذنوا بحرب!
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 28 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فقالوا: لا نضع السلاح أبدا حتى ترسلوا أصحابنا. فقال زياد: لا يرسلون أبدا حتى ترفضوا (تتفرقوا) وأنتم صغرة قمأة يا أخابث الناس. (تاريخ الطبري:2/544) فتفرق القوم فأعاد زياد إليهم أسراهم. ثم أنه جمع شراذم من أتباعه وهاجمهم في ليلة شاتية وهم جالسون حول مواقد النار فقتل قادة بني عمرو بن معاوية، وأكثر القتل في عامة الناس وسبى الذراري وانتهب أموال القوم)) (المصدر السابق:2/545 مختصرا)
وتعمد زياد بأن مرَّ بالأسرى على بطن آخر من كندة ليستفزهم، قال الطبري:2/545: ((وانكفأ زياد بالسبي والأموال وأخذوا طريقا يفضى بهم إلى عسكر الأشعث وبني الحارث بن معاوية، فلما مروا بهم فيه، استغاث نسوة بني عمرو بن معاوية ببني الحارث ونادينه: يا أشعث، يا أشعث خالاتك، خالاتك. فثار في بني الحارث فتنقذهم)).
ويكمل ابن أعثم في الفتوح1/48 حقيقة ما جرى بين زياد وكندة فقال: ((ثم إنه سار إلى حي من أحياء كندة يقال لهم بنو ذهل بن معاوية فخبرهم بما كان من... -بياض في أصل الكتاب- إليه ودعاهم إلى السمع والطاعة، فأقبل إليه رجل من سادات بني تميم -والظاهر أن الرجل كان من سادات كندة، وتميم خطأ من النساخ. والله العالم- يقال له الحارث بن معاوية
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 29 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فقال لزياد: إنك لتدعو إلى طاعة رجل لم يعهد إلينا ولا إليكم فيه عهد، فقال له زياد بن لبيد: يا هذا صدقت! فإنه لم يعهد إلينا ولا إليكم فيه عهد، ولكنا اخترناه لهذا الأمر. فقال له الحارث: أخبرني لم نحيتم عنها أهل بيته وهم أحق الناس بها لأن الله عز وجل يقول: (وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ)؟ فقال له زياد بن لبيد: إن المهاجرين والأنصار أنظر لأنفسهم منك. فقال له الحارث بن معاوية: لا والله! ما أزلتموها عن أهلها إلا حسدا منكم لهم، وما يستقر في قلبي أن رسول الله‘خرج من الدنيا ولم ينصب للناس علما يتبعونه، فارحل عنا أيها الرجل فإنك تدعو إلى غير رضا...
قال: ووثب عرفجة بن عبد الله الذهلي الكندي، فقال: صدق والله الحارث بن معاوية! أخرجوا هذا الرجل عنكم، فما صاحبه بأهل للخلافة ولا يستحقها بوجه من الوجوه، وما المهاجرون والأنصار بأنظر لهذه الأمة من نبيها محمد صلى الله عليه وآله )).
عند ذلك لحق زياد بالمدينة وأخبر أبا بكر بأن كندة ارتدوا عن الإسلام، فجهَّز أبو بكر جيشا لمقاتلهم، والتجأ الكنديون الى حصن يسمى النجير يقودهم الأشعث بن قيس، وبعث زياد بالجيوش لقتل
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 30 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الكنديين أينما كانوا، قال الطبري2/546: ((وفيمن بعث (زياد بن لبيد) يزيد بن قنان من بنى مالك بن سعد فقتل من بقُرى بني هند -وهم بطن من كندة نسبوا الى أمهم: هند بنت ربيعة من بني زبيد-. إلى برهوت، وبعث فيمن بعث إلى الساحل خالد بن فلان المخزومي-ويستحي الطبري هنا أن يقول خالد بن الوليد-، وربيعة الحضرمي فقتلوا أهل محا وأحياء أخر! وبلغ كندة وهم في الحصار ما لقي سائر قومهم. فقالوا: الموت خير مما أنتم فيه، جزوا نواصيكم حتى كأنكم قوم قد وهبتم لله أنفسكم فأنعم عليكم فبؤتم بنعمه، لعله أن ينصركم على هؤلاء الظلمة. فجزوا نواصيهم وتعاقدوا وتواثقوا ألا يفر بعضهم عن بعض)).
وطال أمد الحصار فنزل الأشعث سرا فأخذ الأمان لنفسه وبعض خاصته، ودلَّ القوم على منافذ الحصن... فلما فتح الباب اقتحمه المسلمون فلم يدعوا فيه مقاتلا إلا قتلوه ضربوا أعناقهم صبرا، وأحصى ألف امرأة ممن في النجير والخندق ووضع عليهم السبي)).
والخلاصة: إن الحرب بين الطرفين لم تكن ردة، بل يمكن اعتبارها أول ثورة في الإسلام طالبت بالالتزام بأوامر النبي صلى الله عليه وآله .
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 31 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
3- مساهمة كندة في الفتوح الإسلامية
ساهمت قبيلة كندة في الفتوحات الإسلامية وعلى كافة الجبهات، فاشتركوا في فتوح العراق وكان عددهم سبعمائة مقاتل كما مرَّ، وعلى رأسهم حجر بن عدي الكندي، وأخوه هانئ بن عدي، وكان حجر قائد المسيرة في فتح المدائن وفي معركة جلولاء، كما اشتركوا في فتح الشام، وكان حجر من أبرز قادتهم هناك وهو الذي فتح مرج عذراء (أنظر: قراءة جديدة للفتوحات الإسلامية:2/327).
ومن قادة كندة في الشام شرحبيل بن حسنة، وكان على ألفي مقاتل حيث تحمل الكنديون القسط الأعظم من معركة أجنادين واليرموك، وكان المقداد بن الأسود الكندي، حليف كندة قارئ القرآن للجيش. (قبيلة كندة:74)
وذهبت غالبيتهم بعد ذلك للمشاركة في فتوح مصر وشمال أفريقيا، خصوصا عشائر: تجيب والصدف والسكون، ومن قادتهم هناك: كنانة بن بشر، وكعب بن عاصم الكندي، ومالك بن الأغر، وشهد المقداد فتح مصر أيضا. (المصدر السابق:78)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 32 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
4- دور كندة في الثورة على عمال الخليفة الثالث
يعدُّ الكنديون وبحق روادا للثورة على الأوضاع الفاسدة في العصر الإسلامي الأول، فكانت أولى ثوراتهم فيما سمي بالردة، أما الثانية فكانت ضدَّ والي مصر عبد الله بن أبي سرح، وقد انخرط الكنديون في معارضة هذا الوالي وشكلوا القسم الأكبر من الوفد المصري الذي جاء الى المدينة ليشكوه الى الخليفة عثمان بن عفان، وصادف وجودهم حضور وفد جاء من الكوفة ليشتكي هو الآخر من سياسات والي الكوفة. إلا أن ما يؤسف له عدم استجابة الخليفة لمطالب الثوار، واستفزازهم من قبل بعض أقاربه، مما دفع الثوار الى محاصرة المنزل وقتل الخليفة. وكان من جملة الثوار الكنديين: كنانة بن بشر، وسودان بن حمدان، وقُتيرة بن وهب. (أنظر: شرح نهج البلاغة:2/157)
5- دورهم في حرب الجمل
وخرجت كندة الكوفة لقتال الناكثين في معركة الجمل الى جانب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، وكان حجر قد خطب الناس في الكوفة يستحثهم على القتال، قائلا: ((أيها الناس أجيبوا أمير المؤمنين وانفروا خفافا وثقالا، مرُّوا أنا أولكم)). (تاريخ الطبري:3/500)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 33 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
6- دورهم في صفين
وبعد الفراغ من أمر الجمل تحرك الإمام عليه السلام الى قتال القاسطين في الشام، وكانت كندة العراق معه، وكندة الشام مع معاوية، ((وكان حجر بن عدي على سُبع كندة وحضرموت ومهرة وقضاعة، والراية مع الأشعث بن قيس الكندي)). (شرح نهج البلاغة:3/193)
وقد أبلت كندة بلاءا عظيما خصوصا يوم نزل معاوية على مشرعة الفرات ومنع جيش الإمام عليه السلام من شرب الماء (وقعة صفين:167). قال ابن أبي الحديد:3/323: ((أن الأشعث أتى عليا عليه السلام ، فقال: يا أمير المؤمنين، أيمنعنا القوم ماء الفرات، وأنت فينا، والسيوف في أيدينا! خل عنا وعن القوم، فوالله لا نرجع حتى نرده أو نموت، ومر الأشتر فليعل بخيله، ويقف حيث تأمره. فقال علي عليه السلام : ذلك إليكم.
فرجع الأشعث فنادى في الناس: من كان يريد الماء أو الموت فميعاده موضع كذا، فإني ناهض. فأتاه اثنا عشر ألفا من كندة وأفناء قحطان، واضعي سيوفهم على عواتقهم، فشد عليه سلاحه ونهض بهم، حتى كاد يخالط أهل الشام، وجعل يلقى رمحه، ويقول لأصحابه: بأبي وأمي أنتم! تقدموا إليهم قاب رمحي هذا، فلم يزل ذلك دأبه،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 34 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
حتى خالط القوم، وحسر عن رأسه، ونادى: أنا الأشعث بن قيس! خلوا عن الماء. فنادى أبو الأعور - السلمي أحد قادة معاوية - : أما والله، لا، حتى تأخذنا وإياكم السيوف. فقال الأشعث: قد والله أظنها دنت منا ومنكم. وكان الأشتر قد تعالى بخيله حيث أمره علي عليه السلام ، فبعث إليه الأشعث: أقحم الخيل، فأقحمها حتى وضعت سنابكها في الفرات، وأخذت أهل الشام السيوف، فولوا مدبرين)).
7- دور كندة في ثورة المختار
واشترك الكنديون في ثورة المختار والتوابين في الكوفة، وكان أول التحام لجيش المختار مع عساكر والي الكوفة في أحياء كندة، قال السيد الأمين في أصدق الأخبار ص46: ((فخرج إبراهيم في الكتيبة التي جاء بها حتى أتى قومه، واجتمع إليه جل من كان أجابه، فسار بهم في سكك الكوفة طويلا من الليل، وهو يتجنب المواضع التي فيها الأمراء الذين بعثهم ابن مطيع، فلما وصل إلى مسجد السكون أتاه جماعة من خيل زجر بن قيس ليس عليهم أمير فحمل عليهم إبراهيم فكشفهم حتى أدخلهم جبانة كندة. فقال إبراهيم: من صاحب الخيل في جبانة كندة؟ فقيل له: زجر بن قيس فشد إبراهيم وأصحابه عليهم وهو
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 35 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
يقول: اللهم انك تعلم إنا غضبنا لأهل بيت نبيك، وثرنا لهم فانصرنا على هؤلاء وتمم لنا دعوتنا...)).
ولما خرج يزيد بن أنس الأسدي في ثلاثة آلاف من جند المختار لمقاتلة أهل الشام خرج معه بعض الكنديين، قال الطبري:4/514: ((فقال له يزيد بن أنس: سرح معي ثلاثة آلاف فارس أنتخبهم، وخلني والفرج الذي توجهنا إليه، فان احتجت إلى الرجال فسأكتب إليك. قال له المختار: فاخرج فانتخب على اسم الله من أحببت، فخرج فانتخب ثلاثة آلاف فارس، فجعل على ربع المدينة النعمان بن عوف الأزدي، وعلى ربع تميم وهمدان عاصم بن قيس بن حبيب الهمداني، وعلى مذحج وأسد ورقاء بن عازب الأسدي، وعلى ربع ربيعة وكندة سعر بن أبي سعر الحنفي))
ثم خرجوا مع إبراهيم بن الأشتر لقتال عبيد الله بن زياد، قال الشيخ الطوسي في الأمالي ص240: ((وأقام (المختار) بالكوفة إلى المحرم سنة سبع وستين، ثم عمد على إنفاذ الجيوش إلى ابن زياد وكان بأرض الجزيرة، فصير على شرطته أبا عبد الله الجدلي وأبا عمرة كيسان مولى عرينة، وأمر إبراهيم بن الأشتر بالتأهب للمسير إلى ابن زياد،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 36 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وأمره على الأجناد، فخرج إبراهيم يوم السبت لسبع خلون من المحرم سنة سبع وستين في ألفين من مذحج وأسد، وألفين من تميم وهمدان، وألف وخمس مائة من قبائل المدينة، وألف وخمس مائة من كندة وربيعة، وألفين من الحمراء (الفرس))).
9- دفاع الكنديين عن مصر
وقاتلت كندة بشجاعة دفاعا عن مصر مع محمد بن أبي بكر والي الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، حينما أراد عمرو بن العاص بأمر من معاوية احتلالها، وحضر المعركة من كندة ألفا رجل مع بشر بن كنانة، وكان محمد بن أبي بكر والي مصر قد كتب الى الإمام يطلب منه النجدة، قال ابن أبي الحديد:6/84 وما بعدها: ((كتب محمد بن أبي بكر الى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام : أما بعد، يا أمير المؤمنين، فإن العاصي ابن العاص، قد نزل أداني مصر واجتمع إليه من أهل البلد من كان يرى رأيهم، وهو في جيش جرار، وقد رأيت ممن قبلي بعض الفشل، فإن كان لك في أرض مصر حاجة فامددني بالأموال والرجال، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
فكتب إليه أمير المؤمنين عليه السلام : أما بعد، فقد أتاني رسولك بكتابك،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 37 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
تذكر أن ابن العاص، قد نزل في جيش جرار، وأن من كان على مثل رأيه قد خرج إليه. وخروج من كان يرى رأيه خير لك من إقامته عندك، وذكرت أنك قد رأيت ممن قبلك فشلا، فلا تفشل وإن فشلوا، حصن قريتك، واضمم إليك شيعتك، وأذك الحرس في عسكرك، واندب إلى القوم كنانة ابن بشر، المعروف بالنصيحة والتجربة والبأس، وأنا نادب إليك الناس على الصعب والذلول. فاصبر لعدوك وامض على بصيرتك، وقاتلهم على نيتك، وجاهدهم محتسبا لله سبحانه...))
وما أن وصلت الرسالة حتى قام محمد بن أبي بكر في الناس، ((فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، يا معاشر المؤمنين، فإن القوم الذين كانوا ينتهكون الحرمة، ويغشون الضلالة، ويستطيلون بالجبرية، قد نصبوا لكم العداوة، وساروا إليكم بالجنود، فمن أراد الجنة والمغفرة فليخرج إلى هؤلاء القوم فليجاهدهم في الله. انتدبوا رحمكم الله مع كنانة بن بشر. ثم ندب معه نحو ألفي رجل، وتخلف محمد في ألفين، واستقبل عمرو بن العاص كنانة وهو على مقدمة محمد، فلما دنا عمرو من كنانة سرح إليه الكتائب، كتيبة بعد كتيبة، فلم
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 38 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
تأته من كتائب الشام كتيبة إلا شد عليها بمن معه فيضربها حتى يلحقها بعمرو، ففعل ذلك مرارا. فلما رأى عمرو ذلك بعث إلى معاوية بن حديج، فأتاه في مثل الدهم. فلما رأى كنانة ذلك الجيش، نزل عن فرسه، ونزل معه أصحابه فضاربهم بسيفه، وهو يقول: ((وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً)) فلم يزل يضاربهم بالسيف حتى استشهد رحمه الله)).
8- ثورات كندة ضد الخلافة الأموية
بينا في فصل سابق إن كندة كانت أول قبيلة عربية عرفت الثورة ومارستها ضد الظلم والانحراف في تاريخ المسلمين، وقد دفعت في سبيل ذلك من التضحيات الآلاف من الشهداء، كما قام عدد من أبنائها بالثورة على الدولة الأموية، وإدانة الظلم الذي مارسه حكامها وولاتها ضد المسلمين، وهذه نماذج من تلك الثورات:
أ- ثورة عبد الرحمان ابن الأشعث
((في سنة 76 هـ ثار ملك الترك رتبيل في سجستان، وامتنع عن دفع الجزية وأعلن العصيان على عبد الملك بن مروان، وكانت
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 39 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
سجستان تابعة إداريا لحاكم العراق الحجاج بن يوسف الثقفي، فبعث الحجاج عبيد الله بن أبي بكرة لمقاتلة ملك الترك، لكن ملك الترك تمكن من محاصرة عبيد الله وأجبره على دفع الجزية له، فاضطر الحجاج الى توجيه عبد الرحمان بن محمد بن الأشعث لقتاله، وانتدب معه عشرين ألفا من أهل الكوفة، وعشرين ألفا من أهل البصرة من المشهود لهم بالإيمان والشجاعة والصبر والقراء حتى عرف ذلك الجيش بجيش الطواويس، وسار الجيش وفيه عدد كبير من كندة لا سيما قادته، إلا أنه كان فيه نية هذا الجيش إعلان التمرد والعصيان على الحجاج بسبب ظلمه وتجبره وحكمه بغير ما أنزل الله، فلم يكن يحتاج إلا قليلا من الإثارة ليتحقق العصيان، وقد تحقق لهم ذلك عندما عزل الحجاج بعض قادتهم، فبايعوا عبد الرحمان بن الأشعث على كتاب الله وسنة نبيه وخلع أئمة الضلال، وبعث الحجاج لمقاتلتهم، فكانت أول النزالات في تستر سنة 81 هـ، فكان النصر حليف الكندي فقتل من جيش الحجاج (1500)، وفي نهاية السنة المذكورة دخل ابن الأشعث البصرة فبايعه القراء والفقهاء وعامة الناس، فتضاعف جيشه لسخط الناس على السلطة الأموية فبلغ ستين ألفا، فتواقع الجيشان مرة أخرى
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 40 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
في 28 محرم سنة 82، وترك ابن الأشعث بعض جيشه يقاتل الحجاج ومضى هو الى الكوفة وطرد عامل الحجاج عليها، فترك الحجاج البصرة وعاد مسرعا نحو الكوفة فالتقى الجيشان في دير الجماجم واستمر القتال مائة يوم، وبعث عبد الملك جيشا من الشام لمساعدة الحجاج، فكانت الهزيمة على ابن الأشعث حيث انسحب الى الدجيل، وجرت هناك وقعة أخرى قتل فيها الكثير من أتباعه، فعاد الى سجستان وجيش الأمويين يلاحقه، فتآمروا مع ملك الترك رتبيل، فألقى القبض عليه وأرسله الى الحجاج فرماه من فوق القصر حتى مات)). (قبيلة كندة:108 - 129 مختصرا)
ب- ثورة طالب الحق في اليمن
هو عبد الله بن يحيى بن عمر بن الأسود الكندي الملقب بطالب الحق: إمام إباضي، من أهل اليمن. كان قاضيا بحضرموت. وخلع طاعة مروان بن محمد، وبويع له بالخلافة. واستولى على صنعاء ومكة بعد حروب. وعظم أمره، وتبعه أبو حمزة الشاري (المختار بن عوف)، فوجه إليهما مروان جيشا بقيادة عبد الملك بن محمد السعدي، فالتقى عبد الملك بأبي حمزة، في وادي القرى -من أعمال المدينة- فقتله، واستمر زاحفا
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 41 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
نحو اليمن، فأقبل إليه طالب الحق، فالتقيا على مقربة من صنعاء، فاقتتلا، فقتل طالب الحق وذلك سنة 130هـ، وأرسل رأسه إلى مروان بالشام. (المصدر السابق:4/144)
ت- ثورة الوليد بن عروة الصدفي في تونس
وثار عروة بن الوليد الصدفي الكندي على عامل الأمويين عبد الرحمان بن حبيب في تونس سنة 126هـ، فسيَّر إليه الأمويون جيشا خدعوا أهل تونس بأن أعطوهم الأمان، ثم هجموا عليهم على حين غرة، فاستولوا على المدينة، وقتلوا الوليد وهو في الحمام. (قبيلة كندة:141 مختصرا)
ث- ثورة كندة في حمص
وثار الكنديون في حمص بزعامة معاوية السكسكي عندما بويع مروان بن محمد بالخلافة سنة 127هـ، فجمع الخليفة الأموي أتباعه ودارت بين الطرفين معركتان شديدتان، قتل في الأخيرة ستمائة معظهم من كندة وفرَّ الباقون. (المصدر السابق:142 مختصرا)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 42 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ج- ثورة الكنديين في قنسرين
وفي نفس السنة ثار سليمان بن هشام في قنسرين على محمد بن مروان، ودعا معاوية السكسكي بالانضمام إليه، فجاءه في سبعة آلاف مقاتل من كندة، فوجه إليهم الخليفة الأموي جيشا فالتقوا في حمص أيضا، وجرح معاوية السكسكي أثناء القتال فأخذ أسيرا، وأحيط بأتباعه فقتل منهم الأمويون ستة آلاف رجل صبرا. (المصدر السابق:143 مختصرا)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 43 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفصل الخامس: أعلام الصحابة من كندة
1- حجر الخير بن عدي الكندي
وهو: حجر بن عدي بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين الكندي، الملقب بحجر الخير، ويكنَّى بابنه الأكبر عبد الرحمان.
أدرك الجاهلية، ثم أسلم ووفد على النبي صلى الله عليه وآله (الطبقات الكبرى: 6/217)، وكان من فضلاء الصحابة مع صغر سنه عن كبارهم (الاستيعاب:1/329)، وحمل راية النبي صلى الله عليه وآله في بعض غزواته، ويعدُّ من الرؤساء الزهَّاد، ومحبته وإخلاصه لأمير المؤمنين عليه السلام أشهر من أن تذكر. (الدرجات الرفيعة: علي خان مدني:428).
وكان حجر شريفا، أميرا مطاعا، أمَّارا بالمعروف، مُقدِما على الإنكار، ذا صلاح وتعبد (سير أعلام النبلاء: الذهبي:3/463)، وفي حقِّه شهادة من النبي صلى الله عليه وآله بالإيمان، فقد كان من العصابة التي وارت جسد أبي ذر الغفاري في الربذة. (الإصابة: 2/32)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 44 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
دور حجر في الجهاد
شهد حجر فتوح الشام وهو الذي فتح مرج عذراء -قرية بغوطة دمشق-، ثم انتقل الى العراق فكان قائدا للميسرة يوم القادسية، وحضر فتح المدائن، وجلولاء قائدا على الميمنة، وأغنى غناءا عظيما في فتح حلوان (قراءة جديدة للفتوحات:2/327)، وكان عطاؤه ألفين وخمسمائة (الطبقات الكبرى:2/217)، وهو عطاء خُصِّص لأهل البلاء والنجدة والشجاعة في المعارك.
ثم سكن الكوفة، وشهد الجمل مع الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أميرا على كندة وحضرموت وقضاعة ومهرة (أنساب الأشراف: البلاذري:236)، وحضر معه عليه السلام صفين أميرا على تلك القبائل (الغارات: 1/52)، كما حضر النهروان أميرا على الميمنة (أنساب الأشراف3/371). وكانت له في كل تلك الوقعات مواقف مشهودة، قال نصر بن مزاحم في وقعة صفين:243 ((أن أول فارسين التقيا في اليوم السابع من صفر، وكان من الأيام العظيمة في صفين، ذا أهوال شديدة، حجر الخير وحجر الشر -وهو حجر بن يزيد بن سلمة بن مرة الكندي كان الى جانب معاوية-. وذلك أن حجر الشر دعا حجر بن عدي إلى المبارزة، وكلاهما من كندة، فأجابه فاطعنا برمحيهما،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 45 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ثم حجز بينهما امرؤ من بني أسد، وكان مع معاوية، فضرب حجرا ضربة برمحه، وحمل أصحاب علي فقتلوا الأسدي، وأفلتهم حجر الشر هاربا)). ومن أراجيزه الحماسية يوم صفين:
يا ربنا سلم لنا عليا * سلم لنا المهذب النقيا
المؤمن المسترشد المرضيا * واجعله هادي أمة مهديا
لا أخطل الرأي ولا بغيا * وأحفظه ربي حفظك النبيا
فإنه كان له وليا * ثم ارتضاه بعده وصيا
(وقعة صفين: 381)
ومن مواقفه المشرفة في نصرة أمير المؤمنين عليه السلام موقفه في الاستجابة له عليه السلام يوم دعا أهل الكوفة لمواجهة الضحاك بن قيس حين أغار على القطقطانة، قال اليعقوبي في ج2 ص196: ((وأغار الضحاك بن قيس على القطقطانة، فبلغ عليا إقباله، وأنه قد قتل ابن عميش، فقام علي خطيبا، فقال: يا أهل الكوفة، اخرجوا إلى جيش لكم قد أصيب منه طرف، وإلى الرجل الصالح بن عميش، فامنعوا حريمكم، وقاتلوا عدوكم. فردوا ردا ضعيفا... فقام إليه حجر بن عدي الكندي فقال: يا أمير المؤمنين، لا قرب الله مني إلى الجنة من لا يحب قربك، عليك بعادة الله عندك، فإن الحق منصور، والشهادة أفضل الرياحين، اندب
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 46 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
معي الناس المناصحين، وكن لي فئة بكفايتك، والله فئة الإنسان وأهله، إن الشيطان لا يفارق قلوب أكثر الناس حتى تفارق أرواحهم أبدانهم. فتهلل عليه السلام وأثنى على حجر جميلا، وقال: لا حرمك الله الشهادة، فإني أعلم أنك من رجالها. وجلس علي في المسجد فندب الناس، وانتدب أربعة آلاف، فسار بهم في طلب القوم، وأغذ المسير حتى لقيهم بتدمر من عمل حمص، فقاتلهم فهزمهم، حتى انتهوا إلى الضحاك، وحجز بينهم الليل، فأدلج الضحاك على وجهه منصرفا، وشن حجر بن عدي ومن معه الغارة في تلك البلاد يومين وليلتين)).
حجر يقود المعارضة
وبعد أن استتبت أمور الكوفة لمعاوية شنَّ حملة شعواء لمطاردة كبار القادة من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ، كصعصعة بن صوحان، وعمرو بن الحمق، وحجر بن عدي وغيرهم، ومراقبة أقوالهم وأفعالهم، وطفق عمال معاوية وبأمر منه بسب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وشتمه على المنابر، وعلى مسامع أصحابه بهدف استفزازهم ليفعلوا شيئا تتذرع السلطات به في قتلهم وتشريدهم، ((وكان حجر بن عدي الكندي، وعمرو بن الحمق الخزاعي
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 47 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وأصحابهما من شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام ، إذا سمعوا المغيرة وغيره من أصحاب معاوية، وهم يلعنون عليا عليه السلام على المنبر، يقومون فيردُّون اللعن عليهم، ويتكلمون في ذلك.
فلما قدم زياد الكوفة خطب خطبة له مشهورة لم يحمد الله فيها، ولم يصل على محمد صلى الله عليه وآله ، وأرعد فيها وأبرق، وتوعد وتهدد...
وكانت بينه وبين حجر بن عدي مودة، فوجه إليه فأحضره، ثم قال له: يا حجر، أرأيت ما كنت عليه من المحبة والموالاة لعلي؟ قال: نعم! قال: فإن الله قد حول ذلك بغضة وعداوة. أو رأيت ما كنت عليه من البغضة والعداوة لمعاوية؟ قال: نعم! قال: فإن الله قد حول ذلك محبة وموالاة، فلا أعلمنك ما ذكرت عليا بخير ولا أمير المؤمنين معاوية بِشَرٍّ.
ثم بلغه أنهم يجتمعون فيتكلمون ويدبرون عليه وعلى معاوية، ويذكرون مساويهما، ويحرضون الناس، فوجه صاحب شرطه إليهم، فأخذ جماعة منهم فقتلوا، وهرب عمرو بن الحمق الخزاعي إلى الموصل وعدة معه، وأخذ زياد حجر بن عدي الكندي وثلاثة عشر رجلا من أصحابه فأشخصهم إلى معاوية، فكتب فيهم أنهم خالفوا الجماعة في
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 48 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
لعن أبي تراب، وزروا على الولاة، فخرجوا بذلك من الطاعة، وأنفذ شهادات قوم أولهم بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، فلما صاروا بمرج عذراء من دمشق على أميال، أمر معاوية بإيقافهم هناك، ثم وجه إليهم من يضرب أعناقهم، فكلمه قوم في ستة منهم، فوقف عنهم، وقتل سبعة: حجر بن عدي الكندي، وشريك بن شداد الحضرمي، وصيفي بن فسيل الشيباني، وقبيصة ابن ضبيعة العبسي، ومحرز بن شهاب التميمي، وكدام بن حيان العنزي.
ولما أراد قتلهم قال حجر بن عدي: دعوني حتى أصلي، فصلى ركعتين خفيفتين ثم أقبل عليهم، فقال: لولا أن تظنوا بي خلاف ما بي، لأحببت أن تكونا أطول مما هما، وإني لأول من رمى بسهم في هذا الموضع، وأول من هلك فيه....ثم ضربت عنقه وأعناق القوم، وكفنوا ودفنوا، وكان ذلك في سنة 52هـ)). (تاريخ اليعقوبي:2/231)
صيحات الاستنكار
استنكر هذه الجريمة النكراء بحق هؤلاء المؤمنين الأبرياء جملة من أعلام الأمة، وعلى رأسهم ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله أبي عبد الله الحسين عليه السلام فكتب رسالة الى معاوية، ومما قال فيها: ((ألست القاتل
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 49 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
حجر بن عدي أخا كندة، والمصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم ويستعظمون البدع، ولا يخافون في الله لومة لائم، ثم قتلتهم ظلما وعدوانا من بعد ما كنت أعطيتهم الأيمان المغلَّظة والمواثيق المؤكَّدة...)) (اختيار معرفة الرجال: الشيخ الطوسي:1/253)
كما استنكرت عائشة هذه الجريمة فقالت لمعاوية: ((أقتلت حجرا وأصحابه، فأين عزب حلمك عنهم؟ أما إني سمعت رسول الله يقول: يقتل بمرج عذراء نفر يغضب لهم أهل السماوات)). (تاريخ اليعقوبي:2/231)
وسئل ابن إسحاق: متى ذلَّ الناس، فقال: حيث مات الحسن بن علي عليه السلام ، وادَّعى معاوية زيادا، وقتل حجر (مقاتل الطالبيين:50). وقال الحسن البصري: ((ويل لمعاوية من حجر وأصحاب حجر)) (ينابيع المودة: القندوزي:2/27)
* * *
2- الحارث بن معاوية السكوني حليف بني هاشم: له صحبة، ومات بالكوفة وصلى عليه الإمام الحسن عليه السلام . (الثقات: ابن حبان:3 /77)
3- الحارث بن هانئ بن أبي شمر الكندي: وفد إلى النبي صلى الله عليه وآله ، وشهد يوم ساباط وهو يوم بالعراق لما سار سعد من القادسية إلى
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 50 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
المدائن فوصلوا ساباط، وقاتلوا فاستلحم يومئذ وأحاط به العدو فنادى يا حكر يا حكر بلغة أهل اليمن، يريد حجر بن عدي فعطف عليه حجر فاستنقذه، وكان في ألفين وخمسمائة من العطاء. (أسد الغابة: ابن الأثير:1/351)
4- حجر بن النعمان بن عمرو الكندي: وفد على رسول الله صلى الله عليه وآله . (الإصابة:2/34)
5- حجر بن يزيد بن سلمة الكندي: الملقب بحجر الشر، وفد على النبي صلى الله عليه وآله ، وكان من أمراء أمير المؤمنين عليه السلام يوم الجمل، ثم دفعه حب الدنيا الى الاتصال بمعاوية فشهد معه صفين، ثم ولاه أرمينيا. (أنظر: الإصابة:2 /34)
6- حجر بن يزيد بن معد يكرب الكندي: صاحب مرباع (ملك) بني هند، وفد هو وأخوه أبو الأسود على النبي صلى الله عليه وآله . (المصدر السابق:2/35)
7- سيف بن قيس بن معد يكرب: أخو الأشعث، وفد على النبي صلى الله عليه وآله ، فأمره أن يؤذِّن في قومه، فكان مؤذِّنهم حتى مات. (نسب معد واليمن:141)
8- شرحبيل بن عبد الله بن المطاع: ويعرف باسم زوجة سفيان بن معمر التي تبنته (شرحبيل بن حسنة)، كان حليفا لبني زهرة. أسلم وكان من
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 51 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
مهاجرة الحبشة (الاستيعاب:2/699)، وكان أول كاتب لرسول الله صلى الله عليه وآله يكتب له التوقيعات للملوك (مكاتيب الرسول:1/162)، اشترك في قيادة فتوح الشام باقتراح من خالد بن سعيد بن العاص (أعيان الشيعة:6/292)، ثم سكن الشام حتى مات في طاعون عمواس. (الاستيعاب:2/699)
9- شرحبيل بن مرة بن سلمة الكندي: الملقب بالمكدَّد، صحابي، روى عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي عليه السلام : ((أبشر فإن حياتك وموتك معي)) (الاستيعاب:2 /697)، وكان جوادا، شاعرا. (نسب معد واليمن:143)
10- شرحبيل بن معد يكرب بن معاوية بن جبلة: وفد على رسول الله صلى الله عليه وآله ، وشهد فتوح العراق، وكان عطاؤه في ألفين وخمسمائة، وكان قد حرَّم الخمر في الجاهلية فسمي عفيفا (المصدر السابق:140 )، وهو الذي روى أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله يصلي في الكعبة، وخلفه علي عليه السلام وخديجة عليها السلام ، فقال: يا ليتني كنت معهم رابعا. (الكامل في التاريخ:2/57)
11- عائذ بن قرط: صحابي، روى عن رسول الله: ((لا تمثِّلوا بشيءٍ من خلق الله)). (الإصابة:3 /495)
12- عدي بن همَّام بن مرة الكندي: أبو عائذ، وفد إلى النبي صلى الله عليه وآله
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 52 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
(أسد الغابة:3/398) وكان ابنه عائذ مع المختار الثقفي كما سيأتي.
13- لقيط بن أرطاة بن المنذر السكوني: صحابي، أثر عنه أنه قال: لقد قتلت مع رسول الله صلى الله عليه وآله تسعة وتسعين من المشركين، وما أحب أني قتلت مثلهم، وإني كشفت قناع مسلم. (المصدر السابق:1/59)
14- مازن بن خيثمة: أرسله معاذ بن جبل الى النبي صلى الله عليه وآله في نزاع وقع بين السكون والسكاسك، فأصلح بينهم. (المصدر السابق:4/269)
15- معد يكرب بن قيس: الملقب بالأشعث الكندي، ترأس وفد كندة الى النبي صلى الله عليه وآله (الاستيعاب:1/133)، ورفض تسليم الزكاة لأبي بكر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله ، ومبايعة أبي بكر؛ لاعتقاده أن سادات بني هاشم أولى بالخلافة، قال ابن أعثم في الفتوح: ج1 ص47 ، بعد أن ذكر تهديد زياد بن لبيد والي حضرموت لقبيلة كندة بأبيات من الشعر: ((فلما وردت هذه الأبيات من زياد بن لبيد غضبت أحياء كندة لذلك غضبا شديدا فأتت الأشعث بن قيس، فقال: خبروني عنكم يا معشر كندة إذ كنتم بايعتم على منع الزكاة وحرب أبي بكر، فهلا قتلتم زياد بن لبيد فكان الأمر في ذلك واحدا كائنا ما كان، ولكنكم أمسكتم عنه حتى أخذ زكاة أموالكم ثم رحل عنكم إلى صاحبه، وكتب إليكم
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 53 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
يهددكم بالقتل. فقال له رجل من بني عمه: صدقت والله يا أشعث! ما كان الرأي إلا قتل زياد بن لبيد وارتجاع ما دفع إليه من إبل الصدقة، والله ما نحن إلا كعبيد لقريش! مرة يوجهون إلينا أمية - لعله يقصد المهاجر بن أمية - فيأخذون من أموالنا ما يريدون، ومرة يولون علينا مثل زياد بن لبيد فيأخذ من أموالنا ويهددنا بالقتل، والله لا طمعت قريش في أموالنا أبدا!
ثم تكلم الأشعث بن قيس فقال: يا معشر كندة! إن كنتم على ما أرى فلتكن كلمتكم واحدة، وألزموا بلادكم وحوطوا حريمكم وامنعوا زكاة أموالكم، فإني أعلم أن العرب لا تقر بطاعة بني تيم بن مرة، وتدع سادات البطحاء من بني هاشم إلى غيرهم، فإنها لنا أجود ونحن لها أجرى وأصلح من غيرنا)).
ولكن بعد فشل هذه الثورة التي ذكرنا طرفا منها فيما سبق، حاول سياسيو قريش استمالة الأشعث ورشوته، فمال الى دنياهم، وترقى في المناصب بين أيديهم حتى أصبح واليا على أذربيجان زمن عثمان بن عفان.
ولما تولى أمير المؤمنين عليه السلام الخلافة أقرَّه على منصبه، وكان
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 54 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الإمام عليه السلام عارفا بأحواله النفسية بسلبياتها وإيجابياتها فكتب إليه بعد ظفره بأصحاب الجمل: ((أما بعد، فلولا هنَّات كن فيك كنت المقدَّم في هذا الأمر قبل الناس، ولعل أمرك يحمل بعضه بعضا إن اتقيت الله.... وإن عملك ليس لك بطعمة، ولكنه أمانة، وفي يديك مال من مال الله، وأنت من خزان الله عليه حتى تسلمه إلي، ولعلي ألا أكون شر ولاتك لك إن استقمت، ولا قوة إلا بالله.....))
إن مشكلة الأشعث حبُّه للمال والجاه، وقد استغلَّ معاوية ضعفه أمام الصفراء والبيضاء فاستماله أيام صفين، حتى غدا الأشعث رأس النفاق في الكوفة، وكان له دور غير مستور في اغتيال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام . (أنظر: ترجمة الأشعث في كتابنا: اغتيال الإمام علي عليه السلام ص41 وما بعدها).
16- هانئ بن عدي الكندي: أخو حجر، وفد مع أخيه على النبي صلى الله عليه وآله . (الطبقات الكبرى:6/217)
فهؤلاء أشهر الصحابة من كندة ممن وفدوا على النبي صلى الله عليه وآله .
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 55 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفصل السادس: الكنديون من أصحاب الإمام علي
1- أرقم بن عبد الله الكندي: تابعي من أهل الكوفة، كان من الذين عارضوا سياسة ولاة بني أمية في الكوفة، فقُدم به مع حجر بن عدي إلى مرج عذراء في اثني عشر رجلا، فشفع فيه وائل بن حجر إلى معاوية فأطلقه. (تاريخ دمشق: ابن عساكر:8/21)
2- الأسود بن عرفجة السكسكي: ذكره الشيخ الطوسي في رجاله ص57 في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ، قال: شامي، هرب من معاوية ولجأ إليه. وقال ابن أعثم في الفتوح:2/524: ((وجعل شرحبيل -بن السمط الكندي- لا يأتي مدينة من مدائن الشام إلا دعاهم إلى نصر معاوية، وحرضهم على قتال علي بن أبي طالب، حتى اجتمع إليه خلق كثير، فأقبل بهم إلى معاوية، فبايعوه على أنهم يقاتلون بين يديه ويموتون تحت ركابه. قال: فوثب رجل من أهل السكاسك، وكان مجتهدا فاضلا، وكان شاعرا واسمه الأسود بن عرفجة، فوقف بين يدي معاوية وأنشأ يقول أبياتا من الشعر:
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 56 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
كانت الشام قبل شرح وبيل * لعلي ظهرا له حدباء
وفي مواقف الشيعة:2/133 تكملة للأبيات منها:
ودعانا عميدنا شرحبيل * إلى فتنة بها صماء
فقتلنا الذي دعانا إليه * وثنينا أعنة البغضاء
غير أنا نحب أبا السبطين * إذ كان سيد الأوصياء
فاحذر اليوم صولة الأسد الورد * إذا جاء في رحى الهيجاء
قال: فقطع عليه معاوية كلامه، ثم قال: من هذا الأسد الورد؟ فقال: هذا والله علي بن أبي طالب، أخو رسول الله صلى الله عليه وآله وابن عمه، وزوج ابنته، وأبو سبطيه، الذي قتل جدك وعم أمك وأخاك وخالك يوم بدر، فأنت تطالبه في الإسلام بما فعل في قومك الكفرة الفجرة! فقال معاوية: خذوه، فوثب إليه غلامان من غلمان معاوية. وقام إليه شرحبيل، فقال: كف عنه يا معاوية، فإنه رجل من سادات قومه، فلا تؤذيه فانقض والله ما في عنقي من بيعتك. قال معاوية: فإني قد وهبته لك. قال: فهرب الرجل إلى مصر، ثم كتب إلى علي عليه السلام أبياتا من الشعر، مطلعها:
ألا أبلغ أبا حسن عليا * فكفي بالذي تهوى طويلة
أعدُّ مآثرا عظمت وطالت * وأخرى منك أذكرها جميلة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 57 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فسر بها معاوية بن صخر * وأيقن أنها ليست قليلة
وقال لشرحبيل منك هذا * فقال المرء من أعلى قبيلة
وأهل الشام يستمعون قولي * أجوز بالقلوب لها فضيلة
فكاشرني وكنت من أجرب * كذئب السوء في الشاة الأكيلة
أريهم ما أحب ويزلقوني * بأبصار على البغضاء دليلة
فأمست بعد سابقة بمصر * وكانت من مقالته جليلة
فأيقن أنني منها برئ * وأني منه منقطع الوسيلة
فلا تفرح معاوية بن حرب * فإن الشام عزتها ذليلة
3- جرير بن كليب الكندي: ذكره الشيخ الطوسي في الرجال ص 60 فيمن روى عن أمير المؤمنين عليه السلام .
4- جريش السكوني: من أصحاب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، شهد معه صفين، وكان شاعرا، قال نصر ابن مزاحم:401، ((فرح أهل الشام بمقتل هاشم -بن عتبة بن أبي وقاص أحد قادة الإمام في صفين-، فقال جريش السكوني مع علي عليه السلام :
معاوي ما أفلت إلا بجرعة * من الموت رعبا تحسب الشمس كوكبا
نجوت وقد أدميت بالسوط بطنه * أزوما على فأس اللجام مشذبا
فلا تكفرنه وأعلمن أن مثلها * إلى جنبها ما دارك الجري أو كبا
فإن تفخروا بابني بديل وهاشم * فنحن قتلنا ذا الكلاع وحوشبا
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 58 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وإنهما ممن قتلتم على الهدى * ثواء فكفوا القول ننسى التحوبا
فلما رأينا الأمر قد جد جده * وقد كان مما يترك الطفل أشيبا
صبرنا لهم تحت العجاج سيوفنا * وكان خلاف الصبر جدعا موعبا
فلم نلف فيها خاشعين أذلة * ولم يك فيها حبلنا متذبذبا
كسرنا القنا حتى إذا ذهب القنا * صبرنا وفللنا الصفيح المجربا
فلم نر في الجمعين صادف خده * ولا ثانيا من رهبة الموت منكبا
ولم نر إلا قحف رأس وهامة * وساقا طنونا أو ذراعا مخضبا
5- جميع بن جشم الكندي: من جملة الشهداء المعدودين في وقعة النهروان من أصحاب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام . (مناقب آل أبي طالب:2/99)
6 - حجر بن عدي: مرَّت ترجمته.
7- الحكم بن حنظلة الكندي: ممن شهد صفين مع الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، واستشهد مبارزة في المعركة. (أنظر: وقعة صفين:557)
8- خُديج بن الأسود بن سلمة: شهد النهروان مع أمير المؤمنين عليه السلام . (نسب معد واليمن:179)
9- زياد بن جعفر الكندي: من المقاتلين الأبطال الذين كان يعتمد عليهم أمير المؤمنين عليه السلام في صفين، قال نصر/195: ((وكان علي عليه السلام يخرج الأشتر مرة في خيله، وحجر بن عدي مرة، ... ومرة زياد
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 59 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بن جعفر الكندي...))
10- سعد بن عمرو البدي: ذكره نصر والطبري فيمن قتل في صفين مع الإمام أمير المؤمنين عليه السلام . (وقعة صفين:285 ، تاريخ الطبري:4/21)
11- سعيد بن الأسود بن جبلة: من بني شجرة بن معاوية، صلب الإيمان، رفض البيعة لمعاوية يوم بويع بالنخيلة بعد صلح الحسن عليه السلام ، قال: ((أنا أبايعك على كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وآله ، فقال له معاوية: لا شرط لك! فقال سعيد: وأنت لا بيعة لك)) (جمهرة أنساب العرب:427)
12- سلامة الكندي: ذكره الشيخ الطوسي في الرجال ص67 فيمن روى عن أمير المؤمنين عليه السلام .
13- شريح القاضي: وهو شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم. أدرك الجاهلية، ويعد في كبار التابعين، وكان قاضيا لعمر على الكوفة ثم لعثمان ثم لأمير المؤمنين علي عليه السلام ، فلم يزل قاضيا بها إلى زمن الحجاج... وتوفي سنة سبع وثمانين وهو ابن مائة سنة، وولى القضاء ستين سنة من زمن عمر إلى زمن عبد الملك بن مروان. (الاستيعاب، مختصرا:2/702)
روى عن أمير المؤمنين عليه السلام عدة روايات وخطبتين من خطب نهج البلاغة، ولم أعثر على توثيق له في كتبنا الرجالية، ووالى أغلب أولاده
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 60 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
آل البيت عليهم السلام كما ستأتي الإشارة الى ذلك.
14- شرحبيل بن امرئ القيس الكندي: عدَّه نصر بن مزاحم ص557 فيمن أصيب من أصحاب الإمام علي عليه السلام في وقعة صفين مبارزة.
15- عامر بن صخرة السكوني: الكوفي، ذكره الشيخ الطوسي ص71 فيمن روى عن أمير المؤمنين عليه السلام .
16- عبد الرحمان بن إياس بن سلمة بن حجر: استشهد هو وأخوه فروة بن إياس مع الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في صفين. (نسب معد واليمن:155)
17- عبد الرحمان بن الحارث: كان على شرطة أمير المؤمنين عليه السلام في الكوفة. (المصدر السابق:165)
18- عبد الرحيم بن محرز الكندي الطُّمَحي: وقع بهذا العنوان عند الشيخ الطوسي في الرجال ص77 فيمن روى عن أمير المؤمنين عليه السلام ، وعند الطبري، ونصر بن مزاحم: (عبد الرحمان)، قال الطبري4/21: ((خرج رجل من أهل الشام يدعو إلى المبارزة، فخرج إليه عبد الرحمن بن محرز الكندي ثم الطحمي، فتجاولا ساعة، ثم إن عبد الرحمن حمل على الشامي فطعنه في ثغرة نحره فصرعه، ثم نزل إليه
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 61 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فسلبه درعه وسلاحه))
19- عبد الله بن سلمة بن مرة: من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ولاه السواد. (نسب معد واليمن:152)
20- عبد الله بن هانئ بن علقمة: أبو الزعراء الفقيه، من بني بدا بن الحارث بن بدا، شهد صفين مع أمير المؤمنين عليه السلام . (المصدر السابق:179)
21- عمر أو عمرو بن نعجة السكوني: ممن روى عن أمير المؤمنين عليه السلام . (أنظر: مناقب آل أبي طالب:1/367)
22- عمرو بن يزيد الكندي: من بني ذهل بن معاوية، عدَّه نصر في وقعة صفين ص285 فيمن استشهد مع الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في صفين.
23- عمير بن يزيد الكندي: من بني هند، وكنيته أبو العَمَرَّطة، شيعي، صلب، شهد صفين مع أمير المؤمنين عليه السلام ، قال ابن الأثير في الكامل:3/306: ((وخرج قيس بن يزيد وهو ممن فر إلى معاوية، فخرج إليه أبو العمرَّطه بن يزيد، فتعارفا فتوافقا ثم انصرفا، وأخبر كل واحد منهما أنه لقي أخاه)).
وكان على مقدمة الإمام الحسن عليه السلام في مسكن عند خروجه الى
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 62 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
صفين، روى ابن عبد البر في الاستيعاب:1/386، عن أبي الغريف، قال: ((كنا في مقدمة الحسن بن علي عليه السلام اثنا عشر ألفا بمسكن، مستميتين تقطر أسيافنا من الجد والحرص على قتال أهل الشام، وعلينا أبو العمرطة)).
ومن أبرز مواقفه دفاعه عن حجر بن عدي ومقاتلة شرطة زياد الذين جاؤوا لإلقاء القبض على حجر وأصحابه، قال ابن الأثير في الكامل:3 /473 مختصرا: ((إن زيادا كان يسبُّ عليا عليه السلام على المنبر، فكان حجر يتصدى له ويردُّ عليه قوله، فأمر زياد صاحب شرطته شداد بن الهيثم الهلالي أن يبعث جماعة لحجر ففعل، فسبهم أصحاب حجر فرجعوا، وأخبروا زيادا فجمع أهل الكوفة، وقال: تشجون بيد وتأسون بأخرى أبدانكم معي وقلوبكم مع حجر الأحمق هذا، والله لتظهرن لي براءتكم أو لآتينكم بقوم أقيم بهم أودكم وصعركم! فقالوا: معاذ الله أن يكون لنا رأي إلا طاعتك وما فيه رضاك. قال: فليقم كل رجل منكم فليدع من عند حجر من عشيرته وأهله، ففعلوا وأقاموا أكثر أصحابه عنه، وقال زياد لصاحب شرطته: انطلق إلى حجر فإن تبعك فأتني به، وإلا فشدوا عليهم بالسيوف حتى تأتوني به.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 63 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فأتاه صاحب الشرطة يدعوه، فمنعه أصحابه من إجابته فحمل عليهم، فقال أبو العمرطة الكندي لحجر: إنه ليس معك من معه سيف غيري، وما يغني عنك سيفي! قم فالحق بأهلك يمنعك قومك، وغشيهم أصحاب زياد وضرب رجل من الحمراء رأس عمرو بن الحمق بعمود، فوقع وحمله أصحابه إلى الأزد فاختفى عندهم حتى خرج، وانحاز أصحاب حجر إلى أبواب كندة، وضرب بعض الشرطة يد عائذ بن حملة التميمي -أحد أصحاب حجر- وكسر نابه، وأخذ عمودا من بعض الشرط فقاتل به وحمى حجرا وأصحابه حتى خرجوا من أبواب كندة. وأتى حجر بغلته وقال له أبو العمرطة: اركب فقد قتلتنا ونفسك وحمله حتى أركبه، وركب أبو العمرطة فرسه ولحقه يزيد بن طريف المسلي -أحد شرطة ابن زياد- فضرب أبا العمرطة على فخده بالعمود، وأخذ أبو العمرطة سيفه فضرب به رأسه، وبعد مطاردة لحجر من حيٍّ الى حيٍّ ألقي القبض عليه.
أما أبو العمرطة فقد أصيب بجراحة وألقي القبض عليه، فشفع فيه أخوه قيس بن يزيد عند ابن زياد، فعذبه ابن زياد، ثم أطلق سراحه)).
24- قيس بن فهدان الكندي: فارس، شاعر، ومن فصحاء
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 64 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الكوفة، شهد مع الإمام عليه السلام صفين، وله أشعار كثيرة في رثاء حجر بن عدي، وكان أحد أصحابه في إنكاره على ولاة بني أمية، وكنيته: أبو الحر، مات سنة 51 هـ. (مختصر أخبار شعراء الشيعة: المرزباني:61)
ذكره الشيخ الطوسي ص80 فيمن روى عن أمير المؤمنين عليه السلام . وله مواقف مشهودة في صفين، قال نصر/277: ((وخرج رجل من عك -بطن من الأزد سكنوا الشام- يسأل المبارزة، فخرج إليه قيس بن فهدان الكندي، ثم البدي فما لبث العكِّي أن طعنه فقتله، فقال قيس:
لقد علمت عك بصفين أننا * ونحمل رايات القتال بحقها
إذا ما نلاقي الخيل نطعنها شزرا * فنوردها بيضا ونصدرها حمرا
وكان يخطب في أصحابه يحرِّضهم على القتال فيقول: ((إذا شددتم فشدوا جميعا، وغضوا الأبصار، وأقلوا الكلام واللغط، واعتوروا الأقران، ولا تؤتين من قبلكم العرب)). (وقعة صفين:285)
25- كنانة بن بشر بن عتاب بن عوف، التجيبي، السكوني: ثائر، من الفرسان الشجعان، والأذكياء المعدودين، والقادة العسكريين والاجتماعيين، تزعم الثوار المصريين في الثورة على عثمان بن عفان، فكان رئيس أهل مصر حسب تعبير البلاذري في أنساب الأشراف:6/174، وكان أبوه ملكا على قومه تجيب في الجاهلية.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 65 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
(نسب معد واليمن:185)
ولقد أبلى كنانة وقومه من كندة بلاءا حسنا في مواجهة عمرو بن العاص حين غزا مصر بأمر من معاوية، حتى استشهد رحمه الله كما مر ذلك.
26- ميسرة بن عزيز الكندي: ذكر ابن سعد في الطبقات:6/223 أنه يروي عن أمير المؤمنين عليه السلام .
27- نجي بن جابر الصدفي الكندي: نسبه ابن ماكولا، والنسائي في السنن الكبرى:5/142، وابن أبي شيبة في المصنف:8/633 الى حضرموت، وربما كانت هذه النسبة الى البلد، باعتبار أن بني الصدف من كندة كانت منازلهم حضرموت، كما نقلنا ذلك عن الهمداني.
وفي روضة الكافي:6/528 للكليني رحمه الله وقع بعنوان يحيى الكندي، وذكره السيد الخوئي في المعجم:1/108 بهذا العنوان، وقال: أنه كان صاحب مطهرة الإمام عليه السلام ، وأنه روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، ويعني ذلك أنه صحابي، وهو وعياله أصحاب تضحية في سبيل الدين، قال ابن ماكولا في إكمال الكمال:7/190: ((كان صاحب مطهرة علي عليه السلام ، وروى عنه، ويروي عنه ابنه عبد الله، وابنه عبد الله بن نجي: صحب عليا عليه السلام ، وروى عنه، وعن ابنه الحسين عليه السلام ، وعن عمار (بن ياسر). واخوته: مسلم، والحسين، وعمران، والأسقع واسمه عقبة،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 66 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ونعيم، وعلي، وحمزة بنو نجي، قتلوا كلهم مع علي عليه السلام بصفين، وهم سبعة)).
28- النعمان بن الصلت بن الحارث الكندي: من بني ذهل بن معاوية، كان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام . (نسب معد واليمن:167)
29- نهيك بن غرِّير بن هانئ بن حجر: من بني الحارث بن عدي، قتل مع الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يوم صفين. (المصدر السابق:147، وقعة صفين:285)
30- أبو قرة الكندي القاضي: ذكره الشيخ فيمن روى عن أمير المؤمنين عليه السلام في الرجال ص86. وهو سلمة بن معاوية بن وهب، وفي نسب معد واليمن ص153: أنه صحابي، وفد على رسول الله صلى الله عليه وآله .
31- رجل من كندة: شهد مع أمير المؤمنين عليه السلام مشاهده كلها وحدث بذلك عائشة، روى القاضي نعمان في شرح الأخبار:2/64: ((عن غالب الهمداني، قال: أخبرني رجل من كندة، قال: خرجت من الكوفة أريد الحج، فمررت بعائشة، فدخلت عليها. فقالت لي: ممن الرجل؟ قلت: رجل من أهل العراق. فقالت: إني أسألك عن أمر، ولا تقل بلغني ولا قيل لي، فإن ذلك قد ينسبه الكذب، ولا تخبرني إلا عما رأته عيناك وسمعته أذناك. قلت: سلي عما شئت يا أم المؤمنين، فإني
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 67 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
لا أخبرك إلا بما رأيت وسمعت. قالت: شهدت شيئا من حروب علي عليه السلام ؟ قلت: قد شهدت جميعا، فاسألي عما شئت. قالت: صف لي الموضع الذي أصيب فيه الخوارج؟ قلت: نعم، أصيبوا. بجانب نهر يقال لأسفله: النهروان، ولأعلاه: تأمر، أصبناهم بين أخافيق وأودية وطرق، بقرب بناء لبوران بنت كسرى، هنالك أصبناهم. قالت: فأصبتم فيهم ذا الثدية؟ قلت: نعم أصبناه، رجلا أسود له يد كثدي المرأة، إذا مديت امتدت، وإذا تركت تقلصت. قالت: فعل الله بعمرو بن العاص ما فعل به، فقد قال: إنه أصابه على نيل مصر. قلت: يا أماه، وما أردت بسؤلك عن ذلك؟ قالت: لخبر. قلت: فإني أسألك بحق رسول الله إلا أخبرتنيه. قالت: سبحان الله، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: هم شر الخلق والخليقة يقتلهم خير الخلق والخليقة، وأقربهم عند الله وسيلة يوم القيامة)).
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 68 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفصل السابع: كنديون خدموا قضايا آل البيت
ومن الكنديين الذين والوا آل البيت عليهم السلام وخدموا قضاياهم:
1- أبو الشعثاء الكندي: قال ابن الكلبي: هو زياد بن يزيد بن المظاهر بن النعمان بن سلمة بن الشجَّار، من بني بهدلة بن المِثْل بن معاوية الكندي. (نسب معد واليمن:159)
وعكس الطبري:4/73 اسمه فقال: ((هو يزيد بن زياد بن مهاصر، كان ممن خرج مع عمر بن سعد في كربلاء، فلما ردُّوا الشروط على الحسين عليه السلام ، مال إليه وصار معه، وكان راميا، فجثا على ركبتيه بين يدي الحسين عليه السلام ورمى مائة سهم والحسين عليه السلام ، يقول: اللهم سدد رميته، واجعل ثوابه الجنة. فلما نفدت سهامه قام وهو يقول: لقد تبيَّن لي أني قتلت منهم خمسة. ثم حمل على القوم فقتل منهم تسعة آخرين، ثم قتل رحمه الله)).
ويظهر من أبي مخنف في مقتله ص93 أنه كان مع الحسين عليه السلام من أول أمره، ولم يخرج في جيش ابن سعد، قال: ((...فدفع إلى الحر كتابا
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 69 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
من عبيد الله بن زياد فإذا فيه: أما بعد، فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابي ويقدم عليك رسولي، فلا تنزله إلا بالعراء في غير حصن وعلى غير ماء، وقد أمرت رسولي أن يلزمك ولا يفارقك حتى يأتيني بإنفاذك أمري والسلام. قال: فلما قرأ الكتاب قال لهم الحر: هذا كتاب الأمير عبيد الله بن زياد يأمرني فيه أن أجعجع بكم في المكان الذي يأتيني فيه كتابه وهذا رسوله، وقد أمره أن لا يفارقني حتى أنفذ رأيه وأمره، فنظر إلى رسول عبيد الله، يزيد بن زياد بن المهاصر أبو الشعثاء الكندي ثم النهدي فعن له، فقال: أمالك بن النسير البدي؟ قال: نعم، وكان أحد كندة، فقال له يزيد بن زياد: ثكلتك أمك ماذا جئت فيه؟ قال: وما جئت فيه، أطعت أمامي - يقصد ابن زياد - ووفيت ببيعتي! فقال له أبو الشعثاء: عصيت ربك وأطعت إمامك في هلاك نفسك، كسبت العار والنار، قال الله عز وجل: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ))، ثم ساق خبر قتاله بين يدي الحسين عليه السلام .
2- الأجلح بن عبد الله بن معاوية الكندي: أبو حجية، وقيل اسمه يحيى والأجلح لقب له (الأنساب: السمعاني:5/105). روى الكثير من فضائل أهل البيت عليهم السلام ، ولهذا السبب رماه الرجاليون العامة بعدم الضبط
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 70 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وقلب الأسانيد، إلا أن العجلي ذكره في الثقات:1/212. وقال ابن عدي في الكامل في الرجال:1/429: ((له أحاديث صالحة، يروي عنه الكوفيون وغيرهم، ولم أجد له شيئا منكرا مجاوز الحد لا إسنادا ولا متنا، وهو أرجو أنه لا بأس به، الا أنه يعد في شيعة الكوفة، وهو عندي مستقيم الحديث، صدوق))، وكان ابنه حجية من المبادرين الى مبايعة زيد بن علي بن الحسين عليه السلام . (تاريخ الكوفة: البراقي:385)
3- إسماعيل بن كثير: من بني هند، وهو وعبيدة بن عمرو أول من بايع المختار الثقفي في الكوفة على الطلب بثأر الحسين عليه السلام . (تاريخ الطبري:4/448)
4- الأسود بن ربيعة بن مالك بن ذي العينين البدي: كان مع التوابين، وتصدق عليهم بأمواله (اللباب في تهذيب الأنساب:1/129)، وقال ابن الكلبي/178: أن المتصدق هو: حجر بن عوضة بن حجر بن مالك بن ذي العينين.
5- الأسود بن جراد الكندي: أحد قادة ثورة المختار، وكان ممن شك في أمر المختار أولا، قال الطبري:4/492: ((وبعث المختار إلى أصحابه فأخذ يجمعهم في الدور حوله، وأراد أن يثب بالكوفة في المحرم، فجاء رجل من أصحابه من شبام، وكان عظيم الشرف يقال له
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 71 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عبد الرحمن ابن شريح، فلقى سعيد بن منقذ الثوري، وسعر بن أبي سعر الحنفي، والأسود بن جراد الكندي، وقدامة بن مالك الجشمي، فاجتمعوا في منزل سعر الحنفي: فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فان المختار يريد أن يخرج بنا وقد بايعناه ولا ندري أرسله إلينا ابن الحنفية أم لا، فانهضوا بنا إلى ابن الحنفية فلنخبره بما قدم علينا به وبما دعانا إليه، فإن رخص لنا في اتباعه اتبعناه، وإن نهانا عنه اجتنبناه، فوالله ما ينبغي أن يكون شيء من أمر الدنيا آثر عندنا من سلامة ديننا. فقالوا له: أرشدك الله فقد أصبت ووفقت...قال الأسود الكندي: قلنا لابن الحنفية إن لنا إليك حاجة؟ قال: فسرٌّ هي أم علانية؟ قال: قلنا لا بل سر. قال: فرويدا إذا. قال فمكث قليلا ثم تنحى جانبا فدعانا فقمنا إليه فبدأ عبد الرحمن بن شريح فتكلم... وكان مما قال: ... وقد قدم علينا المختار بن أبي عبيد يزعم لنا أنه قد جاءنا من تلقائكم، وقد دعانا إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله ، والطلب بدماء أهل البيت والدفع عن الضعفاء فبايعناه على ذلك، ثم إنا رأينا أن نأتيك فنذكر لك ما دعانا إليه وندبنا له، فإن أمرتنا باتباعه اتبعناه وإن نهيتنا عنه اجتنبناه. فأجاب ابن الحنفية بجواب طويل، ثم قال: وأما ما ذكرتم من دعاء
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 72 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
من دعاكم إلى الطلب بدمائنا، فوالله لوددت أن الله انتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه...، قال الأسود: فخرجنا من عنده ونحن نقول قد أذن لنا)).
وكان الأسود على ربع ربيعة وكندة في الجيش الذي أرسله المختار لقتال أهل الشام مع إبراهيم بن الأشتر. (الطبري:4/548)
6- حكيم بن منقذ الكندي: اشترك في ثورة التوابين، وكان مناديا لسيلمان بن صرد، يدور في أزقة الكوفة ومعه الوليد الكناني يناديان: يا لثارات الحسين، قال الطبري:4/452: ((وكانا أول خلق الله دعوا يا لثأرات الحسين)).
7- عبيدة بن عمرو البديِّ الكندي: وقيل: عبيد الله بن عمرو بن عزيز البدي. من خُلَّص الموالين والمحبين لآل البيت عليه السلام ، كان في مقدمة الإمام الحسن عليه السلام مع قيس بن سعد، وأصيب بجراحة بليغة على وجهه في بعض المناوشات مع أتباع معاوية (شرح نهج البلاغة:16/15)، ولما ورد مسلم بن عقيل الى الكوفة لأخذ بيعة أهلها للحسين عليه السلام ، عقد له مسلم لواءا على ربع كندة وربيعة (مقتل الحسين لأبي مخنف:42)، وبعد مقتل مسلم عليه السلام منعته الظروف الأمنية في الكوفة من الالتحاق بالإمام
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 73 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الحسين عليه السلام ، ثم خرج بعد ذلك طالبا بثأره مع المختار الثقفي.
وكان عبيدة أول من أتصل به المختار الثقفي ودعاه الى الخروج للطلب بثأر الحسين عليه السلام ، قال الطبري وهو يروي قصة دخول المختار الى الكوفة:4 /448: ((فأقبل حتى مر ببنى بداء، فوجد عبيدة بن عمرو البدي من كندة فسلم عليه، ثم قال: أبشر بالنصر واليسر والفلج، إنك أبا عمرو على رأى حسن، لن يدع الله لك معه مأثما إلا غفره ولا ذنبا إلا ستره. قال: وكان عبيدة من أشجع الناس وأشعرهم وأشدهم حبا لعلى عليه السلام ... فلما قال له المختار هذا القول قال له عبيدة: بشرك الله بخير إنك قد بشرتنا فهل أنت مفسر لنا، قال: نعم، فألقني في الرحل الليلة... وبلغ أهل مسجدكم هذا عني، أنهم قوم أخذ الله ميثاقهم على طاعته يقتلون المحلين، ويطلبون بدماء أولاد النبيين ويهديهم للنور المبين، ثم مضى فقال لي: كيف الطريق إلى بني هند؟
فقلت: له أنظرني أدلك، فدعوت بفرسي وقد أسرج لي فركبته ومضيت معه إلى بنى هند، فقال: دلني على منزل إسماعيل بن كثير. قال: فمضيت به إلى منزله فاستخرجته فحياه ورحب به وصافحه وبشره، وقال له: ألقنى أنت وأخوك نعيم بن كثير- الليلة وأبو عمرو،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 74 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فإني قد أتيتكم بكل ما تحبون)). قال أيضا:4/449: ((إن عبيدة بن عمرو، وإسماعيل بن كثير كانا أول خلق الله إجابة وضربا على يده وبايعاه)).
وكان عبيدة شاعرا كرَّس جهده الأدبي في نصرة قضايا آل البيت عليهم السلام ، فمما قاله في رثاء مسلم ابن عقيل عليه السلام وهجاء محمد بن الأشعث:
أسلمت عمك لم تقاتل دونه * فرقا ولولا أنت كان منيعا
وقتلت وافد آل بيت محمد * وسلبت أسيافا له ودروعا
لو كنت من أسد عرفت كرامتي * ورأيت لي بيت الحباب شفيعا
ويريد بقوله: أسلمت ابن عمك: حجر بن عدي. (أعيان الشيعة:4/586)
ومن شعره في رثاء الحسين عليه السلام وهجاء قاتليه:
صحا القلب بعد الشيب عن أم عامر * وأذهله عنها صروف الدوائر
ومقتل خير الآدميين والدا وجدا * إذا عدت مساعي المعاشر
دعاه الرجال الحائرون لنصره * فكلا رأيناه له غير ناصر
وجدناهم من بين ناكث بيعة * وساع به عند الإمام وغادر
فيا عين أذري الدمع منك وأسبلي * على خير باد في الأنام وحاضر
تداعت عليه من تميم عصابة * وأسرة سوء من كلاب وعامر
ومن حي وهبيل تداعت عصابة * عليه وأخرى أردفت من يحابر
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 75 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وخمسون شيخا من أبان بن دارم * تداعوا عليه كالليوث الخواطر
ومن كل حي قد تداعى لقتله * ذوو النكث والإفراط أهل التفاخر
شفى الله نفسي من سنان ومالك * ومن صاحب الفتيا لقيط بن ياسر
ومن مرة العبدي وابن مساحق * ومن فارس الشقراء كعب بن جابر
ومن أورق الصيدا وابن موزع * ومن بحر تيم اللات والمرء عامر
ومن نفر من حضر موت وتغلب * ومن مانعيه الماء في شهر ناجر
وخولى لا يقتلك ربي وهانئ * وثعلبة المستوه وابن تباحر
ولا سلم الله ابن أبجر ما دعت * حمامة أيك في غصون نواضر
ومن ذلك الفدم الاباني والذي * رماه بسهم ضيعة والمهاجر
ولا ابن رقاد لا نجا من حذاره * ولا ابن يزيد من حذار المحاذر
ومن رؤوس ضلال العراق وغيرهم * تميم ومن ذاك اللعين ابن زاجر
ولا الحنظليين الذين تتابعت * نبالهم في وجهه والخواصر
ولا نفر من آل سعد من مذحج * ولا عصبة من طي أحدقت به
ولا الخثعميين الذين تنازلوا * ولا شبث لا سلم الله نفسه
ولا الأبرص الجلف اللئيم العناصر * ولا نفر منا شرار السرائر
عليه ولا من زاره بالمناسر * ولا في ابن سعد حد أبيض باتر
(ترجمة الإمام الحسين من الطبقات:94 - 95)
8- عبد الله بن حجر بن عدي الكندي، وأخوه: عبد الرحمان بن حجر: كانا يتشيعان، وخرجا مع المختار، فقتلهما مصعب بن الزبير لما
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 76 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ظفر بالمختار. (جمهرة أنساب العرب:426 ، الغارات:2/813)
9- عبد الله بن عزيز الكندي: كان أحد المخلصين للإمام الحسن عليه السلام (صلح الحسن: السيد شرف الدين:94)، ثم اشترك في نهضة الحسين عليه السلام ، قال العلامة القرشي في حياة الحسين:2 /381 : ((إن مسلم بن عقيل جعله على ربع كندة))، ولم يوفق للشهادة مع الحسين عليه السلام ، ثم خرج مع التوابين فاستشهد في المعركة، قال الطبري:4 /496: ((وخرج عبد الله بن عزيز الكندي ومعه ابنه محمد غلام صغير، فقال: يا أهل الشام هل فيكم أحد من كندة؟ فخرج إليهم منهم رجال فقالوا: نعم نحن هؤلاء. فقال لهم: دونكم أخيكم فابعثوا به إلى قومكم بالكوفة، فأنا عبد الله بن عزيز الكندي. فقالوا له: أنت ابن عمنا فإنك آمن! فقال لهم: والله لا أرغب عن مصارع إخواني الذين كانوا للبلاد نورا وللأرض أوتادا، وبمثلهم كان الله يذكر. قال فأخذ ابنه يبكى في أثر أبيه فقال: يا بني لو أن شيئا كان آثر عندي من طاعة ربى إذا لكنت أنت. وناشده قومه الشاميون لما رأوا من جزع ابنه وبكاءه في أثره، وأروا الشاميون له ولابنه رقة شديدة حتى جزعوا وبكوا. ثم اعتزل الجانب الذي خرج إليه منه قومه فشد على صفهم
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 77 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عند المساء فقاتل حتى قتل)).
10- عبد الملك بن أشاءة الكندي: أحد أصحاب المختار الثقفي، وقاتل قتال الأبطال في خمسين رجلا من أصحابهم مع مالك بن عمرو النهدي، فتصدوا لقطعة من جيش مصعب بن الزبير يقودها محمد بن الأشعث (لعنه الله) فقتل محمد بن الأشعث وعامة أصحابه، وكان عبد الملك هو الذي تولى قتل ابن الأشعث. (أنظر: تاريخ الطبري:4/564)
11- عزيز بن سعد بن معد يكرب بن شراحيل: قتل يوم عين الوردة مع سليمان بن صرد في ثورة التوابين. وابنه عبد الله بن عزيز من أصحاب محمد بن الحنفية، حبسه عبد الله ابن الزبير معه في الشعب. (نسب معد واليمن:161)
12- عمر بن معاوية بن حيوة بن النعمان بن أبي شمر بن الحارث بن وهب: كان على شرطة البصرة، وكان مع عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (المصدر السابق:157)، الذي أعلن الثورة في الكوفة أيام مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين، فأجابه جماعة بها، وذلك في سنة سبع وعشرين ومائة، ثم خرج إلى فارس فنزل أصفهان ودعا إلى نفسه، فأجابه ناس كثير من العرب والعجم، واستولى على ارض فارس كلها وأصفهان وما والاها من البلاد.. الى أن قتل على يد
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 78 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أبي مسلم الخراساني. (أنظر: شرح الأخبار:3/122)
13- مزاحم بن مالك السكوني: كان حاملا لراية إبراهيم بن الأشتر النخعي في المعركة الخازر التي قتل فيها عبيد الله بن زياد.(تاريخ الطبري:4/552)
14- معاذ بن هانئ بن عدي: كان رئيسا لسبع كندة وحضرموت في الكوفة، وكان على شرطة المختار (نسب معد واليمن:143)، فلما استولى ابن الزبير على الكوفة هرب الى الشام ونجا بنفسه. (الإصابة:2/34)
15- همَّام بن حجر بن عدي: قتله معاوية مع أبيه في مرج عذراء. (الدرجات الرفيعة:428)
* * *
ومن كندة عدد كبير من الرجال الذين حفظوا تراث آل البيت عليهم السلام بالتتلمذ على الأئمة عليه السلام ، ورواية أحاديثهم، منهم:
إبراهيم بن يوسف الطحان: من أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام وثقه الشيخ النجاشي في كتابه فهرست مصنفي الشيعة المعروف برجال النجاشي ص23. وإبراهيم بن شريح الكندي: روى عنه الصدوق في علل الشرائع:ج2 ص494. وإبراهيم بن موسى الكندي: من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام . (المستدركات:1/215) وأحمد بن إبراهيم بن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 79 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
علي الكندي: أبو العباس، روى عن عبد الله بن أحمد بن عامر، عن أبيه عن الرضا عليه السلام . (المصدر السابق:1/243) وأحمد بن محمد بن أحمد بن طرخان الكاتب: قال النجاشي في الرجال ص87 : ((ثقة، صحيح السماع، وكان صديقنا)). وأحمد بن محمد بن الربيع الأقرع: ذكره الشيخ النجاشي ص79. وإسحاق بن إبراهيم الكندي: وقع في طريق الكليني في الكافي كتاب الديات ج 7 ص 373 . وإسحاق بن منصور السكوني: روى عن الباقر عليه السلام . (المستدركات:5 /585) والأسقع الكندي: من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام . (رجال الطوسي:166) وإسماعيل بن جعفر الكندي: من رواة أحاديث الإمام الصادق عليه السلام . (تهذيب الأحكام: الطوسي:10/295) وإسماعيل بن مسلم السكوني الشعيري: من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام (رجال الطوسي:160)، عامي إلا أن العلماء وثقوه وعملوا برواياته. (معجم رجال الحديث:4/24) وبدار بن راشد الكندي: من أصحاب الصادق عليه السلام . (رجال الطوسي:172) وبكروية الكندي: يروي عن الإمامين الباقر والصادق. (المصدر السابق:121،171) والشيخ بهاء الدين: أبو الحسن، علي بن المحسن الشريحي، نسبة الى شريح القاضي، من علمائنا، ذكره منتجب الدين في فهرسته ص89، وقال: صالح. وجارود بن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 80 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
المنذر الكندي النخاس: من أصحاب الصادق عليه السلام ، قال النجاشي ص130: ثقة، ثقة. وجعفر بن محمد بن عمارة الكندي: وقع في طريق الطبري في دلائل الإمامة ص 26. وجعفر بن نجيح الكندي: وقع في طريق الكليني في الكافي ج 1 ص 280.والحسن بن أبي العرندس الكندي: من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم. (المستدركات:2/339). والحسن بن الحسين الجحدري: قال الشيخ النجاشي ص46: عربي، ثقة، من أصحاب الصادق عليه السلام . والحسن بن الحسين السكوني: عربي، ثقة، ذكره النجاشي ص51. والحسن بن عتبة بن عبد الرحمان الكندي: يروي عنه الشيخ الطوسي في الأمالي ص248، ص253. والحسن بن محمد بن الحسن السكوني: يكنى أبا القاسم، روى عنه التلعكبري، وسمع منه في داره بالكوفة سنة 344 هـ. (رجال الطوسي:423) والحسن بن محمد بن سماعة: قال الشيخ النجاشي ص40 : ((أبو محمد الكندي الصيرفي، من شيوخ الواقفة، كثير الحديث، فقيه، ثقة)). والحسين بن سيف العدوي الكندي: كوفي، عده الشيخ الطوسي ص183 من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام . والحسين بن محمد السكوني: وله كتاب دلائل النبوة نقل
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 81 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
منه السيد بن طاووس (المستدركات:3/191)
ودلهم بن صالح الكندي: عده الشيخ الطوسي 134 فيمن روى عن الإمام الباقر عليه السلام . والربيع بن زيد الكندي البصري، أسند عن الإمام الصادق عليه السلام كما في رجال الطوسي ص203. وزائدة بن موسى الكندي الكوفي: عده الطوسي ص209 فيمن روى عن الصادق عليه السلام . وسالم بن أبي سلمة الكندي: قال النجاشي ص191: حديثه ليس بالنقي، وإن كنا لا نعرف منه إلا الخير. وشجاع بن الوليد بن قيس السكوني الحافظ: عده السيد الأمين في أعيان الشيعة:7 /333، مات ببغداد ما بين سنة 203 - 205 . والعباس بن عتبة اللهبي الكندي: عده الشيخ الطوسي ص248 في أصحاب الصادق عليه السلام . وعبد الحميد الكندي الكوفي: عده الشيخ الطوسي ص240من أصحاب الصادق عليه السلام . وعبد الله بن أمية السكوني الكوفي: من أصحاب الصادق عليه السلام . (المستدركات:4/486) وعبد الله بن عجلان السكوني: من أصحاب الإمام الباقر عليه السلام ، ومن خواص أصحاب الإمام الصادق عليه السلام . دعاء الصادق عليه السلام له: أنى ذهب ابن عجلان؟ لا عرفه الله قبيحا من عمله. (معجم رجال الحديث:11/269) وعبد الله بن
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 82 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الوليد الكندي: من أصحاب الصادق عليه السلام ، روى عنه في الكافي:8/81، قال: ((دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام في زمن مروان فقال: من أنتم؟ فقلنا: من أهل الكوفة، فقال: ما من بلدة من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة ولا سيما هذه العصابة، إن الله جل ذكره هداكم لأمر جهله الناس، وأحببتمونا وأبغضنا الناس واتبعتمونا وخالفنا الناس، وصدقتمونا وكذبنا الناس، فأحياكم الله محيانا وأماتكم مماتنا)).
وعبيد الله بن عدي الكندي الكوفي: عده الشيخ الطوسي ص235 من أصحاب الصادق عليه السلام . وعبيد الله بن محمد بن عبيد الله بن معاوية بن ميسرة الشريحي: ذكره النجاشي في ترجمة جده معاوية بن ميسرة ص410. والعلاء بن سعيد الكندي: من رواة الحديث. (المستدركات:5/262) وعلي بن إسحاق بن عمار الكندي: من أساتذة أبو العباس ابن عقدة. (المصدر السابق:5/306) وعلي بن صبيح الكندي: روى عنه المفيد في الأمالي ص70 . وعلي بن القاسم: روى عنه الصدوق في الأمالي ص564. وعلي بن محمد بن حبيبة الكندي: روى عنه الطوسي في أماليه ص332. وعمر بن شجرة الكندي:كوفي، عده الشيخ
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 83 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الطوسي ص253 فيمن روى عن الصادق عليه السلام . وعمرو بن جامع بن حرب: روى عنه النعماني في الغيبة ص74. وعمرو بن حماد بن موسى الكندي: كوفي، عده الشيخ الطوسي ص251 فيمن روى عن الإمام الصادق عليه السلام . وعمرو بن عثمان الكندي: روى عنه البرقي في المحاسن ج1 ص56. وعون بن محمد الكندي: روى عنه الصدوق في عيون أخبار الرضا في موضعين. والفضل بن إسماعيل: قال النجاشي ص306 : من أصحابنا، ثقة، له كتاب نوادر. والفضل بن الفضل بن العباس: أبو العباس الكندي، من أساتذة الشيخ الصدوق. (الهداية: الشيخ الصدوق:73) ومالك بن الحصين السكوني: عده الشيخ الطوسي ص30 من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام . ومجمع بن معتب الكندي: كوفي، عده الشيخ الطوسي ص309 من أصحاب الصادق عليه السلام . ومحبوب بن حسان السكوني: عده الطوسي ص310 من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام .
ومحمد بن حجر بن زائدة الكندي الكوفي الحضرمي التبعي: عده الطوسي ص280 من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام . ومحمد بن الحسن الكندي الكوفي: عده الشيخ الطوسي ص279 من أصحاب
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 84 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الصادق عليه السلام . ومحمد بن سالم بن أبي سلمة: له كتاب، ذكره النجاشي ص362. ومحمد بن سليمان المقرى الكندي : وقع في طريق المفيد في أماليه ص 188 في رواية شريفة، وأمالي الشيخ ج 1/122، وغيرها من الكتب. ومحمد بن شريح الكندي: كوفي، عده الطوسي ص313 من أصحاب الصادق عليه السلام . ومحمد بن شهاب الكندي الكوفي: عده الشيخ الطوسي ص286 من أصحاب الصادق عليه السلام . ومحمد بن عبد الله بن سعيد الكندي: عنه في إقبال الأعمال ص 581. ومحمد بن عمران الكندي: عده الطوسي ص290 من أصحاب الصادق عليه السلام . ومحمد بن عيسى الكندي: عده الطوسي ص290 من أصحاب الصادق عليه السلام . ومحمد بن مسلم بن يزيد السكوني: من أصحاب الصادق عليه السلام . (المستدركات:7/328) ومحمد بن علي بن مهدي الكندي العطار: روى عنه الطوسي في الأمالي ص625 . ومحمد بن عمارة الكندي: وقع في طريق الصدوق في الخصال باب 73. ومحمد بن موسى الكندي: كوفي، عده الطوسي ص294 من أصحاب الصادق عليه السلام . ومحمد بن ميسرة الكندي الكوفي: عده الطوسي ص295 من أصحاب الصادق عليه السلام . ومحمد بن يحيى الكندي البدي،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 85 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أخو زكريا، أسند عن الصادق عليه السلام . (المصدر السابق:298)
ومرزبان بن مسعود، وقيل : ابن مسروق، الكندي الكوفي: ذكره النجاشي في الرجال ص410 من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام . ومرة الكندي: كوفي، من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام . (رجال النجاشي:310) ومعاوية بن ميسرة بن شريح القاضي: من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام . (المصدر السابق:310)
ومعلى بن موسى الكندي: أخو إبراهيم المار ذكره، ثقة، عين، من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام . (المصدر السابق:418) والوليد بن شجاع السكوني: روى عنه الصدوق في الخصال ص184. ويحيى بن أبي الأشعث الكندي البصري: أسند عن الصادق عليه السلام . (رجال الطوسي:322) ويحيى بن زكريا بن شيبان العلاف: ثقة، صدوق، ذكره النجاشي ص442. ويحيى بن قيس الكندي: روى حديث الغدير كما في بشارة المصطفى ص421. ويعقوب بن سعيد الكندي: من أصحاب الرضا عليه السلام . (مستدركات رجال الحديث:8/274) ويونس بن أرقم الكندي: قال ابن حبان في الثقات:9/288: من أهل البصرة، كان يتشيَّع.
ومنهم: بنو هارون الطحان الكندي الكوفي: أسرة علمية، اشتغل
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 86 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الكثير منهم في رواية أحاديث آل البيت وحفظها، ذكر الشيخ الطوسي عددا منهم في الرجال في باب من لم يرو عن أحد من الأئمة عليهم السلام ، منهم: الحسن بن هارون الكندي، ومحمد بن الحسن بن هارون، محمد بن محمد بن الحسين بن هارون، محمد بن محمد بن الحسن بن هارون. وذكر النجاشي منهم: محمد بن هارون الكندي. ومنم: الأعرج الكندي: روي أن: ((علامة خروج المهدي ألوية تقبل من المغرب، عليها رجل أعرج من كندة )). (معجم أحاديث المهدي: الشيخ علي الكوراني:1/411)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 87 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفصل الثامن: ومن أعلام كندة
من الصعب إحصاء أعلام كندة لكثرتهم؛ لذا سنقتصر على بعض المشاهير منهم:
1- إسحاق بن إبراهيم بن معد يكرب الأعرج، كان عالما بالأنساب. (نسب معد واليمن:140)
2- أكيدر بن عبد الملك بن عبد الحي الكندي: ملك دومة الجندل (الجوف) في الجاهلية، جاء في التفسير المنسوب للإمام العسكري عليه السلام ص482، ومعجم البلدان: 2/487 ما ملخصه: ((إن المنافقين أرجفوا في المدينة أن الأكيدر يجمع الجيوش لغزو المدينة، فسار إليه النبي صلى الله عليه وآله وهو في طريقه الى تبوك، فدخل الأكيدر حصنه المسمى مارد وأغلق الأبواب ومعه ألف ومائتا مقاتل، فأمر النبي صلى الله عليه وآله بنصب كمين له، وكان الأكيدر مولعا بصيد الوحش، فبعث الله عز وجل غزلانا تجول على مقربة من باب الحصن، فطمع الأكيدر في صيدها في جوف الليل، فخرج يتبعها فوقع في كمين المسلمين، فأتوا به
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 88 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
النبي صلى الله عليه وآله فصالحه على جزية وردَّه الى ملكه)). وروي أنه أبى أن يدفع الزكاة الى أبي بكر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله ، واحتمل بأهله وأمواله الى عين تمر حيث بنى حصنا سماه دومة الجندل، فلما جاء خالد الى العراق سنة 12هـ، قتله بحجة الردة. ودومة الجندل هذه وقع فيها التحكيم بين أمير المؤمنين عليه السلام ومعاوية بعد صفين. (معجم البلدان:2/488)
3- امرئ القيس بن الحارث: أشهر شعراء العرب، وقد ذكرنا نبذة من أخباره في الفصل الثالث فراجع.
4- إياس بن أوس بن هانئ: كان عالما بنسب كندة، ومنه أخذ محمد بن السائب الكلبي نسب كندة. (نسب معد واليمن:142)
5- السري بن أحمد بن السري الكندي: أبو الحسن، الملقب بالسري الرفاء، شاعر، أديب من أهل الموصل. كان في صباه يرفو ويطرز الفرش والزوالي، فعرف بالرفاء.
عدَّه ابن شهر آشوب في معالم العلماء ص186من شعراء آل البيت عليهم السلام المتقين أي العاملين بالتقية، وذكره السيد الأمين في أعيان الشيعة: ج7 ص194، قصد سيف الدولة الحمداني في حلب، ومدح جماعة من الوزراء والأعيان ، وكان شاعرا مطبوعا، عذب الألفاظ،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 89 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
مليح المآخذ، كثير الافتنان في التشبيهات والأوصاف طالب لها.
6- عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي، الكوفي، الأشج: محدث، حافظ. توفي في ربيع الأول سنة 257 ه‍ وقد زاد على التسعين. من تصانيفه: التفسير. (معجم المؤلفين:6/58)
7- الشيخ محمد جواد بن كاظم ابن طاهر بن حسن بن بندر الكندي السوداني: شاعر عراقي من أسرة عريقة المحتد كانت إقامتها في لواء العمارة. ولد بها وانتقل مع أبيه إلى النجف وأصيب بالسل، فمات شابا سنة 1933م. له ديوان شعر سماه (النفثات) في 86 صفحة. (الأعلام:2/143)
8- علي بن المظفر بن إبراهيم الكندي الوداعي: ويقال له ابن عرفة، أديب متفنن شاعر، عارف بالحديث والقراءات. من أهل الإسكندرية. أقام بدمشق، وتوفي فيها. له كتاب (التذكرة الكندية) خمسون جزءا، أدب وأخبار وعلوم، وديوان شعر في ثلاثة مجلدات (المصدر السابق:5/23)، نقل السيد الأمين في أعيان الشيعة:8/346 ، أنه كان شيعيا متصلبا في التشيع، مات في دمشق سنة 716 هـ.
9- يعقوب بن إسحاق الكندي: فيلسوف العرب والإسلام في
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 90 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عصره، نشأ في البصرة، وانتقل إلى بغداد، فتعلم واشتهر بالطب والفلسفة والموسيقى والهندسة والفلك. وألف وترجم وشرح كتبا كثيرة، يزيد عددها على ثلاثمائة. ولقي في حياته ما يلقاه أمثاله من فلاسفة الأمم، فوشي به إلى المتوكل العباسي، فضرب وأخذت كتبه. (الأعلام:8/195)
وكان الكندي معاصرا للإمام الحسن العسكري عليه السلام ، وشرع في تأليف كتاب تناقض القرآن، فقال الإمام الحسن العسكري عليه السلام لبعض تلاميذه قل له حضرتني مسالة أسألك عنها: إن هذا المتكلم بهذا القرآن هل يجوز أن يكون مراده بما تكلم به غير المعاني التي قد ظننت أنك ذهبت إليها؟ فسيقول لك: إنه من الجائز؛ لأنه رجل يفهم. فقل له: فما يدريك لعله قد أراد غير الذي ذهبت أنت إليه! فقال له التلميذ ذلك، فقال: أعد علي. فأعاد عليه، ففكر في نفسه ورأى ذلك محتملا في اللغة، فقال: أقسمت عليك من أين لك هذا؟ قال شيء عرض بقلبي. قال: كلا، ما مثلك من اهتدى لهذا، فعرفني من أين لك هذا؟ فقال: أمرني به أبو محمد. فقال: الآن جئت به، وما كان ليخرج مثل هذا إلا من ذلك البيت، وأحرق جميع ما كان ألفه. (أعيان الشيعة:1/103)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 91 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفصل التاسع: مشاهير موالي كندة وحلفائهم
1- المقداد بن عمرو الكندي: صحابي معروف، ومن خلَّص أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ، قال ابن حجر في الإصابة: ج6ص160مختصرا: ((وكان أبوه عمرو بن ثعلبة بن مالك أصاب دما في قومه بهراء من قضاعة فهرب الى كندة وحالفهم، وتزوج منهم فولدت له الكندية المقداد، فلما كبر ضرب رجل أبي شمر الكندي بالسيف وهرب الى مكة فحالف الأسود بن عبد يغوث الزهري، فتبناه الأسود فسمي به. أسلم قديما وتزوج ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ابنة عم النبي صلى الله عليه وآله ، وهاجر الهجرتين، وكان أول من قاتل على فرس في سبيل الله. شهد بدرا وأحدا وبقية مشاهد رسول الله صلى الله عليه وآله ، كما شهد فتح مصر. وفضائله كثيرة منها ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: إن الله عز وجل أمرني بحب أربعة، وأخبرني أنه يحبهم: علي عليه السلام والمقداد وأبو ذر وسلمان)).
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ((الجنة تشتاق إليك،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 92 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وإلى عمار، وسلمان، وأبي ذر، والمقداد)) (الخصال:303)
وعن الإمام الكاظم عليه السلام : ((إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين حواري محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وآله، الذي لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان، والمقداد، وأبو ذر)) (الاختصاص للمفيد:61)
وكان المقداد من جملة اثني عشر صحابيا أنكروا على أبي بكر تقدمه على أمير المؤمنين عليه السلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله ، قال الصدوق في الخصال ص464: ((ثم قام المقداد بن الأسود رحمه الله فقال: يا أبا بكر إربع على نفسك، وقس شبرك بفترك، وألزم بيتك، وابك على خطيئتك، فإن ذلك أسلم لك في حياتك ومماتك، وردَّ هذا الأمر إلى حيث جعله الله عز وجل ورسوله، ولا تركن إلى الدنيا، ولا يغرنَّك من قد ترى من أوغادها، فعما قليل تضمحل عنك دنياك، ثم تصير إلى ربك فيجزيك بعملك، وقد علمت أن هذا الأمر لعلي عليه السلام ، وهو صاحبه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ، وقد نصحتك إن قبلت نصحي)).
وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام ، قال: ((جاء المهاجرون والأنصار وغيرهم بعد ذلك إلى علي عليه السلام ، فقالوا له: أنت والله أمير المؤمنين، وأنت والله أحق الناس وأولاهم بالنبي، هلم يدك نبايعك، فوالله
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 93 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
لنموتن قدامك. فقال علي عليه السلام : إن كنتم صادقين فاغدوا غدا عليَّ محلقين. فحلق أمير المؤمنين عليه السلام ، وحلق سلمان، وحلق مقداد، وحلق أبو ذر، ولم يحلق غيرهم)) (اختيار معرفة الرجال:1/39)، مات المقداد رحمه الله سنة 33 هـ في المدينة ودفن بها زمن خلافة عثمان.
2- أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي: مولى السكون، ثقة، جليل القدر، روى عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام ، وعن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام ، وعن الإمام الجواد عليه السلام (رجال الطوسي:332،351،373) وكان عظيم المنزلة عنده وعند أبيه. (معجم رجال الحديث:3/17)، مات سنة 221 هـ، وهو من أسرة علمية تعرف بآل مهران، منهم: إسماعيل بن مهران بن أبي نصر: ثقة معتمد عليه، من أصحاب الرضا عليه السلام ، والحسين بن مهران روى عن الإمامين الكاظم والرضا، وأحمد بن رباح بن أبي نصر، وعمرو بن أبي نصر، ومهران بن محمد بن أبي نصر، وقد ذكر هؤلاء الشيخ النجاشي في فهرست مصنفي الشيعة، ومنهم: محمد بن محمد بن أبي نصر، ومحمد بن سعيد بن أبي نصر وغيرهم.
3- أثير بن عمرو بن هانئ السكوني: يعرف بابن عمريا، طبيب صاحب كرسي يعالج الجراحات، وكان من الأربعين غلاما الذين كان
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 94 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
خالد بن الوليد أصابهم في عين التمر فسباهم، وكان من أبصر الأطباء في جرح أمير المؤمنين عليه السلام ، قال ابن أبي الحديد:6 /119، ((جمع الأطباء لعلي بن أبي طالب عليه السلام ، لما ضربه ابن ملجم لعنه الله تعالى، وكان أبصرهم بالطب أثير، فأخذ أثير رئة شاة حارة فتتبع عرقا فيها فاستخرجه وأدخله في جراحة علي عليه السلام ، ثم نفخ العرق واستخرجه فإذا عليه بياض الدماغ وإذا الضربة قد وصلت إلى أم رأسه فقال: يا أمير المؤمنين اعهد عهدك فإنك ميت)). وإليه تنسب صحراء أثير في الكوفة.
4- الحكم بن عتيبة: أبو محمد الكوفي، مولى الشموس بن عمرو الكندي، فقيه، زيدي المذهب: من أصحاب الإمام السجاد والصادق والباقر عليهم السلام (رجال الطوسي: 112- 131- 184). وروى النجاشي ص360 عن محمد بن عذافر، قال: ((وكان أبو جعفر عليه السلام له مكرما))، ونقل الذهبي في سير أعلام النبلاء: ج5 ص209 عن الشاذكوني: ((كان الحكم يفضل عليا على أبي بكر وعمر))، مات الحكم في الكوفة سنة 115 هـ.
5- السيدة طوعة: كانت أم ولد للأشعث بن قيس الكندي، وقيل
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 95 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
لمحمد بن الأشعث، فأعتقها وزوجها أسيد الحضرمي، فولدت له بلالا. (مناقب آل أبي طالب:3/244)
وكانت امرأة صالحة حازت شرف التاريخ، إذ عرفت قيمة الفضيلة، حينما ضيع الرجال هذا الشرف الخالد وغرتهم المطامع، فهذه السيدة الكريمة هي التي آوت مسلم بن عقيل عليه السلام إلى منزلها بمجرد أن عرفت اسمه، دون أن تبدي أي حذر مما قد تجر عليها استضافته عندها من متاعب، وقد أخفته وهي تعلم بأنه مطلوب من السلطة. وربما لم يعاقبها ابن زياد لشفاعة ابن الأشعث فيها، ولم يرد لها ذكر بعد هذا في الكتب المعتبرة.
6- هشام بن الحكم: المتكلم المعروف، كان مولى لكندة، ويسكن أحياء بني شيبان في الكوفة، وقد ترجمنا له في كتاب بني شيبان فراجع.
تم الكتاب بحمد لله في الحادي عشر من محرم سنة 1332 هجرية على مهاجرها آلاف التحية والسلام.
---------------
1 ) كان سبب هذا الإجراء منه‘ وجود وفرة في بعض أموال الصدقة في منطقة وفقدانها في أخرى، فأراد‘ أن يعطي أهل الإبل صدقتهم لأهل الغنم، وصدقة أهل الغنم لأهل الإبل وهكذا.